• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لكل مقام مقال (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
  •  
    ما لا يسع القارئ جهله في التجويد: الكتاب الثالث ...
    د. عبدالجواد أحمد السيوطي
  •  
    تمام المنة في شرح أصول السنة للإمام أحمد رواية ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: العلم والدعوة والصبر
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ثلاثة الأصول - فهم معناه والعمل بمقتضاها
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فتاوى الحج والعمرة (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    اسم الله تعالى الشافي وآثار الإيمان به في ترسيخ ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    متفرقات - و (WORD)
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    سفر الأربعين في آداب حملة القرآن المبين (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الأساس في الفقه القديم والمعاصر (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    المسائل العقدية المتعلقة بإسلام النجاشي رحمه الله ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

المسؤولية العقدية للمحكم (دراسة مقارنة)

عبدالرحمن بن عبدالله بن سليمان العجلان

نوع الدراسة: Masters
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الكلية: المعهد العالي للقضاء
التخصص: السياسة الشرعية
المشرف: أ.د. زيد بن عبدالكريم الزيد
العام: ١٤٢٨ - 1429هـ

تاريخ الإضافة: 23/5/2015 ميلادي - 4/8/1436 هجري

الزيارات: 27090

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

المسؤولية العقدية للمحكَّم

(دراسة مقارنة)


 

بسم لله الرحمن الرحيم

المقدمة:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالإنسان مدنيٌّ بطبعه، يجتمع بغيره، ويتعامل معه، ومن طبيعة الحياة حصول المنازعات والخصام بين الناس فيها، في علاقاتهم وتعاملاتهم؛ مِن أجل ذلك وُجد القضاءُ الذي يهدف إلى الفصل في هذه الخصوماتِ، ومنعِ الظلم، وإيصال الحقوق لأصحابها، وبجانب القضاء شُرع التحكيمُ، وهو قضاءٌ من نوع خاص، وهذا النوع يعدُّ من أقدم الوسائل التي عرفَتها البشريةُ في فضِّ المنازعات إلى جانب القضاء والصلح، وقد تطور التحكيمُ بمرور الزمنِ إلى أن أصبح ظاهرةً من ظواهر عصرِنا الحديث، ولقد عمدَت الدولُ إلى تنظيم هذه الوسيلة كجزء من التنظيم القضائي العامِّ فيها، ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية، والتي عرفته مذ تأسيسها انطلاقًا من مشروعيته في الإسلام؛ حيث نص على ذلك أقدمُ نظامٍ تجاري سعودي، وهو نظام المحكمة التجارية، الصادر في سنة ١٣٥٠ هـ، إلى أَنْ صدرَ نظامُ التحكيم في المملكة العربية السعودية في عام ١٤٠٣ هـ، كما صدرت اللائحةُ التنفيذية في سنة ١٤٠٥ هـ، ومن ذلك الوقت ازدادت الحاجةُ إلى التحكيم؛ نظرًا للتطور السريع الذي مرَّت به الدولةُ، ولكثرة التعاملاتِ، وتعقُّدها، وسعيِ أطراف النِّزاع فيها إلى إنهاءِ خلافاتهم بأسرعِ وقتٍ وشكل يحفظ أسرارهم، وعلى يد متخصصين يملكون الخبرةَ في طبيعة النِّزاع، ويتَّسمون بالعدالة والنزاهة؛ ولذلك يعتبر المحكَّم هو حجر الأساس في نظام التحكيم، وهو مِحور العملية التحكيمية، ويُناط به جملةٌ من الشروط والالتزامات تجاهَ أطرافِ النِّزاع؛ حتى يحقِّق الهدفَ المرجوَّ منه بكل حياديَّة، وأمانة، وموضوعية.

 

ونظرًا إلى ما قد يَصدرُ من المحكَّم - أثناء قيامه بواجباته وأعماله - تجاه أطراف النزاع من أخطاء وتصرفاتٍ قد تلحقُ الضرر بأحد أطراف النِّزاع، الأمر الذي يترتب عليه قيامُ مُنازعاتٍ ومناقشاتٍ تصلُ إلى القضاء للفَصل فيها، وهنا يثُور لدى كثيرٍ من المهتمين تساؤلات عن كيفية قيامِ مسؤولية المحكَّم عن الأخطاء التي ارتكبها، وما هي آثارُ قيام هذه المسؤولية، وماذا يترتب عليها.

 

وهذه القضية على أهميتها ودقتها لم أَجد دراسةً فقهيَّة نظامية خاصة تناولَت جزئياتها بالبحث والدراسة، وقامَت بإجلاء كل مُشكل وغامضٍ فيها، والإجابة على كلِّ التساؤلات المطروحة؛ ولذا أحببتُ أن تكونَ هذه المسألةُ هي موضوعَ بحثي التَّكميلي الذي أقدِّمه، استكمالاً لمتطلبات مرحلة الماجستير في قسم السياسة الشرعية.

 

التعريف بالموضوع:

المحكَّم هو حجر الزاوية في عمليَّة التحكيم، وبقدر تحرِّي الدقة في اختيار المحكَّم، وبقدر قيامِه بأداء مهمَّته على أكملِ وجهٍ، تكونُ سلامة التحكيم وعدالته، وهذا الموضوع - مسؤولية المحكم - يمتلئ بالتساؤلاتِ التي تبحثُ عن إجابة شافيةٍ، وللأسف فإن نظام التحكيم ولائحتَه التنفيذية لم يجيبا عن الكثير منها، بل وعندما تصدَّى للإجابة وجدتُ أن المعالجة تتَّسم بالقصور وعدمِ الإحاطة بكافَّة جوانب المشكلة، ومن المعلوم أن طبيعةَ التحكيم المتميِّزة قد أعطَت للمحكَّم اختصاصات واسعة، ومجالاً رحبًا لإعمالِ رأيِه والعملِ بما يراه مناسبًا وصولاً لحلِّ النزاع، وعندئذٍ ففَرْض مبدأ حصانة المحكَّم المطلَقة، وعدمُ تقرير مسؤوليته عن الأفعال التي يرتكبها بسوء نيةٍ - أمرٌ يضر بالأطراف، ويؤثرُ على مراكزهم الماليَّة، خصوصًا في حالة انعدامِ الضمير، وجموح الدوافع الداخلية للمحكَّم كإنسان، بالإضافة إلى أن المحكَّم تُعرض عليه منازعاتٌ ماليةٌ كبيرة ومهمة، أطرافُها الأشخاصُ والدولُ؛ لأجل ذلك، ونظرًا للتطوراتِ، وكثرةِ المعاملات التجارية الهائلة، وازديادِ اللجوء إلى التحكيم - أصبح من الضروريِّ التصدي لإيجاد كِيانٍ متوازن وعادلٍ لأحكام وقواعد مسؤولية المحكَّم، فإذا كانت مختلف الأنظمة قد قررَت مسؤوليةَ أربابِ المِهَن؛ كالطبيبِ والمهندس والمحامي وغيرهم، فإن مهمة المحكَّم لا تقلُّ أهميةً وخطورة عن المهمة التي يمارسها هؤلاء جميعًا.

 

ولذلك؛ فإن البحث في هذا الموضوع يقتضي اقتحامَ مجالٍ يتَّسم بالغموض الشديد، ويتطلب طرحَ عدةِ تساؤلاتٍ: من هو المحكَّم؟ وما هي طبيعةُ عَلاقته بأطراف النِّزاع؟ وما حدود السلطات التي يتمتع بها؟ وهل يتمتع بالحصانات؟ وما الالتزامات التي يتحمَّلها المحكَّم؟ وما هي حقوقه؟ ثم كيفية تقرير مسؤوليته إذا أَخلَّ بالالتزامات الملقاةِ على عاتِقه وترتب على ذلك الإضرار بأحد طرفَي النزاع؟ وما نوع هذه المسؤولية؟ وما شروط وأركان قيامها؟ وما آثارها؟ الأمر الذي يقتضي وضعَ تنظيمٍ تفصيليٍّ يحدد بدقة طبيعةَ مسؤولية المحكم، وتحديد قواعدها، وشروط قيامها، والآثار المترتبة عليها؛ لأن قيام هذه المسؤولية بشكلٍ واضح مِن شأنه أن يدعم فاعليةَ نظام التحكيم، ويكسب ثقةَ أطراف النزاع فيه.

 

وكلُّ ذلك سيتناولُه البحثُ؛ من الناحية الفقهية، والنظامية على حدٍّ سواء، إن شاء الله تعالى.

 

يتلخص هذا البحث كما يلي:

فيما يتعلَّق بالتمهيد: فقد تحدثتُ فيه عن المسؤوليَّة العَقدية، وعن التحكيم والمحكَّم؛ وجُملةُ القولِ فيه تتجلَّى في النقاط التالية:

١- المسؤولية العَقْدية: وهي لغةً تَعني المطالبةَ، والمحاسبةَ، والمجازاة.

أما في الاصطلاح، فهو على شِقَّين:

الشق الأول: الاصطلاح الفقهي؛ وهو على نوعين:

النوع الأول: تعريفُ الفقهاء المتقدمين: وجاء تعريفهم لها بأنها: "ضمانُ البائع الثمنَ للمشتري عند المطالبة والمؤاخذة، أو هي: التزامٌ بردِّ الثمن، أو عوضِه".

النوع الثاني: تعريف الفقهاء المتأخرين: وجاء تعريفُهم لها بأنها: "شَغل الذِّمة بحقٍّ ماليٍّ للغير، جَبرًا للضرر الناشئِ عن عدم تنفيذ العَقْد، أو الإخلالِ بشروطه".

 

الشق الثاني: الاصطلاح النِّظامي: حيث تعرف بأنها: "جزاءُ الإخلالِ بتنفيذ التزامٍ ناشئٍ عن العقد أيًّا كانت صورةُ هذا الجزاء".

 

٢- التحكيم؛ وهو في الاصطلاح له جانبان:

الجانب الأول: الجانب الفقهي؛ حيث يعرف بأنه: "توليةُ الخصمين حاكمًا يحكم بينهما".

الجانب الثاني: الجانب النظامي: "مُكنة الأطراف في إقصاء منازعاتهم عن قضاء الدولة، واختيار الخصوم لقاضيهم"، والتحكيم جائز في جميع الحقوق التي يملك الأفرادُ التصرفَ فيها كالحقوق الخاصة من بيعٍ ونحوِه؛ لأنه حقٌّ شُرع لمصلحته، وله الخيار في إنشائه، أو إسقاطِه.

 

٣- المحكَّم: ويعرف بأنه: الحاكم الذي يتَّخذه الخصمان حاكمًا برضاهما؛ للفصل في خصوماتهما ودعواهما على الوجه الشرعي.

 

أما فيما يتعلق بالفصل الأول، فقد بينت فيه الأحكامَ المتعلقةَ بالمحكَّم، وجاء الكلام فيه على النحو التالي:

١- طبيعة عَلاقة المحكَّم بالخصوم.

التكييف الراجح لطبيعة علاقة المحكَّم بالخصوم من ناحية فقهيةٍ هي كما يلي:

أ- إذا تم تعيين المحكَّم من قِبَل القاضي، فيرى الفقهاءُ رحمهم الله أن المحكَّم في هذه الحالة يعتبر نائبًا عن القاضي في فصل الخصومة؛ لأن تدخل القاضي في تولية الحَكم يُضفِي على الحكم سلطةً، لا يكتسبها بمجرد التحكيم؛ وإنما يكتسبُها من قِبل الإمام.

 

ب- أما إذا تم تعيين المحكَّم من قِبَل الخصوم، فأرجحُ التكييفات الفقهيَّة هو تكيِيفه على أنه عقد جعَالَة؛ وذلك لأن عمل المحكَّم فيه جهالةٌ، وهي تصحُّ مع الجهالة بالعمل، ولا يلزمُ تحديد مدةٍ معلومة له، والجهالةُ واللزوم متنافيان لا يجتمعان، كما أن العقدَ المطلَق غير المحدد بوقت لا يكون لازمًا، وكل هذه الأحكام المتحققة في عَقد الجعالة تتناسبُ وطبيعةَ عَقد التحكيم.

 

أما التكييف الراجحُ لطبيعة عَلاقة المحكَّم بالخصوم في النظام، فهو تكييفه على أنه عقدٌ من نوعٍ خاصٍّ يتميزُ عن سائر العقود، وهذه العَلاقة وإن كانت تَخضع للقواعد التي تنطبق على سائر العقودِ إلا أن ذلك لا ينفي أن لِعقد التحكيم سِماته الخاصةَ المستمَدة من طبيعته، ويخضع لقواعدَ خاصة به وضعها المنظِّم في نظام التَّحكيم، ولا حاجةَ لمسايرة ما هو شائعٌ، والانضمام إلى محاولات تكييف العَلاقة بقواعد تخص عقدًا آخر كعقدِ الوَكالة أو العمل، أو نحوِ ذلك، فهو عقدٌ مسمى من عقود القانون الخاص، يستفيد من القواعدِ المنظِّمة للعقود في مراحلِ تكوينِه، كما أنه يستفيد من قواعد التقاضي أثناء العملية التحكيمية.

 

٢- التزامات المحكَّم: يلتزم المحكَّمُ بجملةٍ من الالتزامات؛ وهي كالتالي:

أولاً: التزامات قبل الشروع في مهمة التحكيم؛ وهي كما يلي:

أ- الالتزام بالكشف عن الظروف التي تُثير شكوكًا في استقلاله.

ب- الالتزام بتوثيق التحكيم؛ وهو ما يعرف في النظام بالالتزام بقَبول التحكيم كتابةً.

 

ثانيًا: التزامات عند مباشَرة مهمة التحكيم؛ وهي كالتالي:

أ- الالتزام بالنِّطاق الموضوعيِّ للتحكيم، وذكرتُ أن للفقهاء في هذه المسألة اتجاهين:

الاتجاه الأول: يَرى جوازَ التحكيم في كل شيء، وهو مذهبُ الحنابلة وبعضِ الشافعية.

 

والاتجاه الثاني: يرى جوازَ التحكيم في الأموال، وما في معناها مما يجوز بذْلُه والعفو عنه والصلح عليه، ومنعوه في العقوبات مطلقًا، وهو قولٌ لبعضِ الحنفية، والمذهب عند المالكية، ووقع الاختلافُ بين أصحاب هذا الاتجاه فيما عدا ذلك؛ كالنكاح، والطلاق، والنسب، واللعان، فمنعه المالكيَّة وبعض الشافعية، وأجازه بعضُ الحنفية، وذكر بعضُ العلماء ضابطًا في مسألة الاختصاص؛ ألا وهو: كلُّ حقٍّ اختص به الخَصمان، جاز التحكيمُ فيه، ونفذ حكم المحكَّم به.

 

ب- الالتزام بالفَصل في النزاع القائمِ بين طرفَي النزاع فقط.

 

ج- الالتزام بإدارة القضية وَفقًا لأصول التقاضي.

 

د- الالتزام بعدم تفويضِ التحكيم، أو السلطة المخولة له إلى الغَير، وإذا فَوَّض المحكَّم غيره بدون رضا الخصمين ابتداءً، ورضِي الخصمان بعد ذلك، جاز ذلك؛ لأن الإجازةَ اللاحقةَ هي بحُكم الوَكالة السابقة.

 

ثالثًا: التزامات في مرحلة إصدار الحكم؛ وهي كالتالي:

أ- الالتزام بإصدار الحُكم، خلالَ المدة المحدَّدة.

ب- الالتزام بتسبيب الحكم، وإصداره، وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.

ج- الالتزام بتوثيق الحكم وإيداعه، وتصحيح ما وقع فيه من أخطاء مادِّية.

 

رابعًا: التزامات عامَّة؛ وهي كما يلي:

أ- الالتزام بالسرية.

ب- الالتزام بالمحافظة على ما تحت يدِه من مستنداتٍ تخصُّ الخصومَ، وتتعلق بموضوع النزاع.

ج- التنحِّي عن القضية عند حصول موجبه.

 

٣- سلطاتُ المحكَّم: يتمتع المحكَّم بجملةٍ من السلطات؛ وهي كما يلي:

أولاً: في الفقه: يتمتع المحكَّم بجملة من السلطات؛ ومن أهمها: سلطة سماعِ كامل الدعوَى، وله أن يطلب من الخصوم تحريرَها، كما أن له استجوابَ الخصوم عن كلِّ ما يكتنفه الغُموض، كما أن له رد شهادة مَن لم تَثبت عنده شهادته، وله القضاء بالنكول والإقرار، وقد اختلف الفقهاءُ في بعض السلطات: كسلطة إحضارِ الخصوم، إلا أن الرأيَ الراجح هو رأي الجمهور؛ والذي يقضي بعدم جواز إجبارِ الخصوم على الحضور، منعًا لخرق أبهة الولاية، أو الافتيات على الإمام، كما اختلفوا أيضًا في سلطته في تأديب مَن أساءَ في مجلِسه، والرأي الراجح جمعًا بين القولين: أن للحَكم تأديب من أساء في مجلسه باللومِ والتوبيخ فقط، أما ما زاد عن ذلك فليس له ذلك؛ منعًا لمضاهاةِ القاضي، واختلفوا في الحُكم بعلمِه، والرأي الراجح هو القول بعدم الجواز.

 

ثانيًا: في النظام: يتمتع المحكَّمُ بجملةٍ من السلطات التي نصَّ عليها النظامُ؛ وهي كالتالي:

أ- سلطة تحديد ميعاد الجلسات، وسلطة طلب حضور الخصوم.

 

ب- سلطة ضبطِ الجلسة وإدارتها، وتوجيه الأسئلة إلى المحتكِمين أو الشهود، وإخراج من يُخِل بنظام الجلسة.

 

ج- للمحكَّم سلطة إلزام الخصوم بتقديم ما تحت أيديهم من مستنداتٍ منتجةٍ في الدعوَى، وهذه السلطة ليست مطلقةً؛ بل مقيدة بشروطٍ نصَّ عليها النظامُ.

 

د- للمحكَّم سلطةٌ في اتِّخاذ وسائل التحقيق المناسبة، والتي يرى أن لها تأثيرًا في سَير الدعوَى، كما أن له سلطة في الاستعانة بالخُبراء، وله أيضًا سلطةٌ في تحديد ميعادِ صدورِ الحكم، وإعادة فتح باب المرافعة بعد قفلِه إذا اقتضى الأمرُ ذلك.

 

٤- رد المحكَّم: يرد المحكَّم للأسباب ذاتها التي يردُّ بها القاضي، فلا يجوز حكم المحكَّم بما فيه تهمة.

 

٥- رقابة القضاء على أعمال المحكَّم: لقد تمَّ إقرارُ مبدأ الرقابة على أعمال المحكَّم، لكن اختلف الفقهُ عن النظام في آليَّةِ التطبيق؛ حيث إن الفقهَ الإسلاميَّ يقرُّ بمبدأ الرقابة اللاحقة، والتي تتعلق بالحكم من ناحيةٍ موضوعيةٍ، ومن ناحيةٍ إجرائية، أما النظام فإنه يقول بمبدَأ الرقابة السابقة واللاحقة على أعمال المحكَّم.

 

٦- الخلاف حول تقريرِ مسؤولية المحكَّم: الذي يترجَّح في مسألة مسؤولية المحكَّم هو القولُ بإقرار مسؤولية المحكَّم، وعدم حَصانته ضد دعاوى المسؤولية، وهذا الرأي يتوافَقُ وطبيعةَ عمل المحكَّم، ويساعده على الانضباط أثناء القيامِ بعمله، وعليه فإن شرطَ الإعفاء من المسؤولية يعد شرطًا باطلاً.

 

وفيما يتعلق بالفصل الثاني: فقد تحدثتُ فيه عن أركان مسؤولية المحكَّم، وقد جاء الكلامُ فيها على النحو التالي:

١- ركن الخطأ: المعيارُ الراجح في قياس خطأِ المحكَّم؛ هو المعيارُ الموضوعيُّ القائم على طبيعة الفعل ذاتِه، وهو الفعل غير المعتاد؛ وذلك لأنه أكثر سهولة من حيث التطبيق من المعيار الشخصي، كما أن درجة خطأ المحكَّم هي إقرارُ مسؤوليته عن جميع الأخطاء التي قد تقع منه كفردٍ عاديٍّ؛ لأنه لا محل لاشتراط جسامة معينة في خطأ المحكَّم، طالما يُشكل فعلُه انحرافًا عن السُّلوك المألوف، وهذا الخطأُ يأخذ صورًا عدَّة، ووَفق أيِّ مرحلة من مراحل التحكيم، ويقع عبءُ إثباته على المدَّعي، وله إثبات ذلك بكافَّة وسائل الإثبات.

 

٢- ركن الضرر: يتمثل ضرر المحكَّم بالغير، بالضرر الماديِّ؛ والذي يَمس مصلحةً مالية مشروعة للمتضرر، وبالضرر المعنوي؛ والذي يحدث في حالة إفشاء المحكَّم لأسرار الخصوم، كما يُعد من قبيل الضرر المعنوي الشعورُ بالألم والإحباطِ جراء خَسارة القضية بسبب خطأ المحكَّم، كما يعدُّ تفويت الفرصة ضررًا، متى ما ثَبت أن فقدان المال كان بسبب ضياعِ الفُرصة، وتم التأكُّد من أن الفرصة كانت مؤكدةً لكسب المتضرر للمال، لولا ضياعها بسبب خطأِ المحكَّم، ويشترط في ضرر المحكَّم أن يكون ضررًا شخصيًّا، وأن يكون ناتجًا عن المسَاس بمصلحةٍ مشروعةٍ للمتضرر، وأن يكون مؤكدًا ومحققًا، ويقع عبءُ إثباته على المدعِي.

 

٣- ركن العَلاقة السببية: لا بدَّ من توافر العَلاقة السببية بين خطأ المحكَّم والضرر، فإذا توافرت رابطةُ السببية بين خطأ المحكَّم والضرر الناتج عنه، فإنه يكون مسؤولاً، وتنشغل ذمته بالضمان، أما إذا انقطعَت رابطةُ السببية؛ بأن تكون هناك قوةٌ قاهرة، أو خطأ المتضرر، أو خطأ الغير، أو كان السبب غير منتِج، أو غير مباشر، فإن المحكَّم لا يكون مسؤولاً والحالة هذه.

 

وللمحكَّم نفيُ عَلاقة السببية استنادًا للسبب الأجنبي؛ وهو القوةُ القاهرة، أو الحادث المفاجئ، أو خطأ المتضرر، ويقع عليه عبء إثباتِ السبب الأجنبي.

 

وفيما يتعلَّق بالفصل الثالث: فقد تحدثتُ فيه عن آثار مسؤولية المحكَّم، وجاء الكلام فيها على النَّحو التالي:

١- آثار مسؤولية المحكَّم في الفقه: يترتبُ على قيام مسؤولية المحكَّم في الفقه الجزاءاتُ التالية:

أ- زجرُ المحكَّم ونهيُه عن العود لمثل ذلك.

ب- تأديب المحكَّم بما يراه الحاكم.

ج- النظر في مدى إنفاذ الحكمِ من عدمِه.

د- تضمينُ المحكَّم من مالِه بسبب أخطائه.

 

٢- آثار مسؤولية المحكَّم في النظام: يترتبُ على قيام مسؤولية المحكَّم في النظام الجزاءات التالية:

أ- التعويض.

ب- ردُّ المحكَّم وعزله.

ج- إنهاء مهمة التحكيم.

د- الحرمان من الأتعاب.

 

٣- الخلاف حول حَصانة المحكَّم: فيما يتعلق بحصانة المحكَّم فإن الرأيَ الراجحَ هو: عدمُ حصانة المحكَّم من المسؤولية؛ وذلك لما يلي:

أ- أن قياس المحكَّم على القاضي قياسٌ مع الفارِق؛ ذلك أن القاضيَ يَخضع للمسؤولية المدنية وَفق قواعد خاصة، فقد رسمت حالات يسأل فيها القاضي مدنيًّا، على خلاف الفرد العادي، وأيضًا رسمت إجراءات معيَّنة لخصومةٍ قضائيةٍ لا تخضع لكل القواعد العامة تسمى بدعوَى المخاصمة، إضافةً إلى أن مسؤولية القاضي هي مسؤوليةٌ شخصية تقع على عاتق القاضي في مواجهة الخصمِ الذي أصابه ضررٌ، ويجوزُ اختصام الدولة باعتبار القاضي تابعًا لها في نفس دعوى المخاصمة، وكل هذه القواعد والضمانات لا يستفيد منها المحكَّم.

 

ب- ليس من العدل أن يترك المحكَّم ينعم بالمبالغ الباهظةِ التي تقاضاها كأتعابٍ في مقابل التحكيم، والتي تفرض عليه بحُكم الواقع مسلكًا حريصًا، ومراعاة الثقة الشخصية التي أَوْلاها له الخصومُ، مما يعزِّز عدمَ مَنح الحصانة للمحكَّم من دعوى المسؤولية عن الضرر الذي يَلحق بالأطراف، ويؤكد فكرةَ المسؤولية للمحكَّم كجزاءٍ واقعيٍّ يعبِّر عن ضرورة احترام القِيم الأخلاقية، ويستجيب لنداء العدالة، ويضمن سلامةَ مسلك المحكَّم.

 

ج- مما هو معلوم أن المحكَّم يتمتعُ بسلطات واسعةٍ في خصومة التحكيم، تفوقُ تلك التي يتمتع بها القاضي، قوامها ثقة الأطراف في عَدله ونزاهتِه، وبمنح الحصانة لا يكون هناك ما يَضمن عدالةَ المحكَّم، أو يحولُ دون استبداده، ولا سيما أنَّ تدخُّل السلطة القضائية لرقابة عملية التحكيم لا يتم إلا في نطاقٍ محدود؛ مراعاة للطابع الرضائي واحترامًا للسريَّة التي يتميز بها نظام التحكيم، مما يعزِّز القول برفض فِكرة الحصانة للمحكَّم، الأمر الذي يعزز العدالة الإجرائية، ويحدُّ من فوضى التسيُّب في العملية التحكيمية.

 

٤- المحكمة المختصة بنظر دعوى مسؤولية المحكَّم: تختص المحاكمُ العامة بالنظر في دعوى مسؤولية المحكَّم؛ لأن مضمون الدعوى هو المطالبةُ بحقٍّ مدني، مما يؤيد القولَ باختصاص المحاكم العامة بنظر الدعوى.

 

٥- الجزاءات القابلة للتطبيق على المحكَّم، دون رفع دعوى المسؤولية: بالإمكان تطبيق بعض العقوبات على المحكَّم، دونَ الحاجة لرفع دعوى بذلك؛ ومن هذه العقوبات: رد المحكَّم، وعزلُه، وإنهاء مهمته، وحرمانه من الأتعاب.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • أنواع المسؤولية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحمل المسؤولية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع المسؤولية في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسؤولية وتعريفاتها عند أهل اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف المسؤولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل الاجتماعي والقطاع الأهلي: تحقيق المسؤولية الاجتماعية(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • شعور المسؤولية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ماذا نعني بالمسؤولية الاجتماعية؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهداف المسؤولية التي كلفها الله تعالى عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص بحث بعنوان: المسؤولية الجنائية في الجرائم الإعلامية تجاه القضاء: دراسة مقارنة (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- آثار مسئولية المحكم
احلام امين عبد اللطيف . محامي - السودان 15-12-2016 08:09 PM

إذا اكتشفنا خطأ المحكم عند نهاية الإجراءات فكيف تكون مطالبه بالتعويض وهل تتخذ إجراءات دعوى تعويض أمام المحكمة المختصة?
بحث جميل وغاية في الروعة والترتيب وموضوع التحكيم موضوع هام ويشدني جدا وأرغب في عمل ماجستير في التحكيم في عقود الفيديك .. وتقبل مراسلاتي ومعاونتي..
لكم الشكر

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب