الشيخ خالد الأزهري وجهوده النحوية

الشيخ خالد الأزهري وجهوده النحوية

بسم الله الرحمن الرحيم

ربنا أفتح علينا بالتُّقى والصلاح والعلم

إنَّك على كلِّ شيء قدير

الحمدُ لله حَمْدَ الشَّاكرين على نِعَمِهِ وآلائه، والصَّلاة والسَّلام على أشرف وأكرم المخلوقين، خاتم النبيِّين وصحابته أجمعين.

وبعدُ:

فموضوع الرسالة هو: (الشيخ خالد الأزهري وجهوده النحوية).

وقد اقتضَتْ هذه الدِّراسة إبرازَ الشيخ خالد الأزهري إنسانًا ومؤلفًا أولاً، ثم دراسة منهجه النَّحوي عن طريق مُؤلَّفاته التي قُمتُ باستِقراء المطبوع الذي وصلَنِي منها.

أمَّا المخطوط الذي أشَرتُ إليه في الفصل الأوَّل من الباب الأوَّل فقد حاوَلتُ الحصول عليها من الجهات المشار إليها، ولكنَّ الظروف والنُّظُم حالت دُون وصولها لي.

هذا، وقد اعتمدتُ على تلك المؤلفات المطبوعة اعتمادًا كليًّا في معرفة جهود الشيخ خالد النحويَّة، وموقفه من قَضايا النحو الأصوليَّة السماع والقياس، وأيضًا في معرفة مَذهَبِه النحوي وآرائه واتِّجاهاته.

فما تلك المصنَّفات إلا صورة للشيخ العَلَمِ الذي خدَم التراث العربي بتأليفه عيون الكتب النحويَّة في القرن التاسع، فكان لها نصيبٌ في نقْل جهود السابقين إلى الأجيال الحاضرة، فهو شخصيَّة نحويَّة جديرة بالتقصِّي والدِّراسة.

وبالرغم من ذلك لم يتناول أحدٌ كشفَ جُهود هذا الشيخ، اللهمَّ إلا ما وجدته مُتَناثرًا في كتب التراجم عن حَياته، ووفاته، وشيوخه، وبعض امتداحات لم تُوفِّه حقَّه.

فمن هنا كانت دراسة الشيخ خالد وإظهار جُهوده في النحو هدفنا لتحقيق الغرض؛ وهو خِدمة التُّراث العربي والإسلامي.

وقد أدَّت طبيعةُ البحث في هذا الموضوع أنْ يأتي في بابين اثنين يَسبِقهما تمهيدٌ ويَتلُوهما خاتمةٌ ونتائج تنتهي به فهارس الرسالة.

التمهيد:

تحدثت بإيجاز واختصارٍ شديدٍ عن العصر المملوكي الذي عاش فيه الشيخ خالد الأزهري، مقتصرةً على استجلاء أهمِّ خَصائص ومميزات هذا العصر من النَّواحي السياسيَّة وإجمال العناصر البشريَّة التي يتكوَّن منها المجتمع في ذلك العصر، وذِكر أهمِّ الموارد الاقتصاديَّة التي يعتَمِدُ عليها السُّكَّان.

كما رسمت صُورةً صادقةً عن التطوُّر الثقافي الذي كان فيه، وسجَّلت أهمَّ أسبابه وعوامله.

وأمَّا الجانب الآخَر من التمهيد فقد كتبتُ فيه لمحةً تاريخيَّة مشتملةً على سِيرَته.

تحدَّثت فيها عن اسمه، وانحدار لقب الأزهري إليه، وعن سنة مولده ونشأته، وعن إمامته، وصفاته وأخلاقه، ومكانته العلمية، ومهنته، وثقافته، وشيوخه وتلاميذه، ثم وفاته.

الباب الأول:

قسمت الباب الأول إلى فصلين:

تحدثت في الأول عن مصنَّفاته، ومنهجه فيها، وقدَّمت دراسةً عنها تُثبِت عن يقينٍ حقيقة هذه المؤلَّفات، وما فيها من دِراسات نحويَّة ولغويَّة خصبة تكشفُ عن أثَر هذا الشيخ في مجال الدِّراسات النحويَّة، ودعَّمت كلَّ ما أشرت إليه بنماذج تُبيِّن نُضوج عقليَّته.

وفي الثاني:

أوضحت المعالم الرئيسة للاستِدلال النحوي عندَه واتِّجاهه المذهبي فيه، وجهوده المبذولة في دِراسة الشاهد النحوي شعرًا ونثرًا وإنْ لم يأتِ بجديدٍ مُبتَكَر.

الباب الثاني:

ويشتمل على فصلين:

ذهبت في الفصل الأول إلى معرفة مذهبه النحوي، وإيراد نماذج تُساعِدُ على الكشف عنه، وتحديد موقفه من المدارس النحوية والاستناد في جميع ذلك إلى نماذج.

وفي الفصل الثاني:

تتبَّعت الكثير من آرائه النحويَّة والصرفيَّة باعتبار أنَّ شيئًا منها قد مرَّ في فُصولٍ سابقة من الرسالة، واقتصرتُ هنا على كتاب "التصريح"؛ لكونه موسوعةً نحويَّة تُبرِزُ جهوده التي يُعزِّزها أحيانًا ببعض آراء يُبدِيها عند المناقشة والشرح.

مصادر البحث:

يحتاجُ هذا البحث إلى الكثير من مَصادِر النحو العربي القديمة ومؤلَّفات النحويين؛ حتى يستوفي حقَّه من الدِّراسة؛ وذلك أنَّ مصنَّفات الشيخ خالد موضوع الرسالة حافلةٌ بكتب النحو ومَصادِره وآراء لعلماء وخلافاتهم.

ولا شكَّ إنَّ جميع هذا يتطلَّب توثيقًا بالرُّجوع إلى مؤلَّفات صاحب كلِّ رأي ورَد أو قول نقَلَه شيخُنا في المسائل المتناوَلة في كتبه وما أشبَه ذلك، ولستُ بأكثر منه، فقد وضَعتُ يدي لتوثيق ما ورَد في أبواب الرسالة وفصولها من آراء وشواهد وأقوال حسَب استطاعتي وتمكُّني من الحصول على ما رجعت إليه من مراجع النحو وغيرها.

وبعدُ، فأنَّني أتقدَّم بالشُّكر الجزيل والعِرفان بالجميل لكلِّ مَن ساعدني وبذَل جهدًا معي في سبيل تَذلِيل بعض العقبات حتى خرَج البحث، فجزاه الله خيرَ الجزاء.

وأخيرًا أُقدِّم هذا الجهد المتواضع وإنْ قصرت في إيفاء حقِّه، فما زلت أطلب العلم، ولا ننسى أنَّه من عمل البشر، والكمال لله وحدَه.

ثم أسأَلُ الله أنْ يتولَّى الجميع بالحِفظ والرِّعاية، إنَّه على كلِّ شيء قدير.

••••

الخاتمة

تشمل على:

أولاً: المعالم البارزة:

موضوعُ هذا البحث هو: الشيخ خالد الأزهري وجهوده النحوية..

أمَّا منهجه فقد ارتأيت أنْ يكون على النحو التالي:

تمهيد، وبابان، وخاتمة.

أمَّا التمهيد:

فقد تحدثت فيه عن العصر الذي كان يعيشُ فيه الشيخ خالد، وكان يحكُم مصر في هذا العصر المماليك الجركسيَّة (784 - 923هـ) فذكرت الأحوال السياسيَّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة لهذا العصر.

والذي دَعاني إلى ذلك اعتقادي بأنَّ الإنسان "ابن بيئته" كما يقولون، وأنَّه لا يمكن رسم مَلامِح واضحة لأيَّة شخصيَّة علميَّة إلا تحت أضواء البيئة التي يعيشُ فيها، وما يجري فيها من مختلف الأحوال والأوضاع.

ولقد أوليت الناحية الثقافيَّة التي كانت تَسُود البلاد آنئذٍ عنايةً خاصَّة تلك الناحية التي كان أبرز معالمها مشاركة العلماء من جهات مُتعدِّدة من مشارق العالم الإسلامي ومَغارِبه في النَّهضة العلميَّة، وفصَّلت الحديث عن هذه النهضة اعتمادًا على ما كتَبَه العلامة ابن خلدون في "مقدمته".

ثم تحدَّثت عن موقف السَّلاطين من العلم، وتشجيعهم للعُلَماء والأُدَباء، وعِنايتهم بمرافق التعليم، وأثر ذلك على الحركة العلميَّة التي تزعَّمت مصرُ سِيرتها بعد النكبات التي حلَّت بالعواصم الثقافيَّة في العالم الإسلامي، فهبَّ العلماء لإعادة بناء مجدهم المفقود بعد القَضاء على دور العلم وخَزائن الكتب وإتلافها.

ومن الطبعي في ظروفٍ كهذه أنْ يلجأ الناس إلى الله بالابتهال كردِّ فعلٍ لما حدَث، فأثمرت الدراسات الدينيَّة والعربيَّة خيرَ ثمار.

ولَمَّا كان النحو أهمَّ علوم العربيَّة لأنَّه مِيزانها وقوامها، لقي اهتمامًا كبيرًا من العُلَماء والدارسين في تلك الفترة.

ثم ذكرتُ بعضَ أعلام تلك الفترة الذين برَزُوا في مختلف العلوم.

ثم انتقلتُ بعدَ ذلك إلى التعريف بالشيخ خالد، فذكرت اسمه ولقبه وكُنيته، وتعرَّضت لاختِلاف المترجمين له في سبب تلقيبه بالأزهري، ورجَّحت رأي الدكتور محمد الفاحم - رحمه الله - القائل بأنَّ لقب "الأزهري" كان شائعًا في عصر الشيخ خالد، وأنَّه لُقِّبَ به عددٌ كبيرٌ من العلماء.

وتعرَّضت بعدَ ذلك لمولده، ونشأته، ووسَّعت الكلام عن ثقافته المتعدِّدة التي كانت طابع ذلك العصر، فأبرَزْتُ معالم شخصيَّته كعالم من كبار علماء عصره تتَلمَذ على أفاضل علماء المدرِّسين في الجامع الأزهر، وتتَلمَذ عليه نوابغُ الطُّلاب، ويَكفِيه فخرًا أنْ يكون من بين هؤلاء الطلاب شهاب الدين القسطلاني.

وأمَّا الباب الأول: فيشتمل على فصلين:

الفصل الأول: مصنفاته.

وفي هذا الفصل حصرت جميع مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة، أمَّا المخطوطة فلم أتعرَّض لها بالدِّراسة؛ لعدَم إمكان الحصول عليها بعد أنْ بذَلتُ في ذلك جُهودًا كبيرة.

وأمَّا المطبوعة فقد تحدَّثت عن كلِّ كتابٍ منها، وتعرَّضت لموضوعه ومنهجه، وطريقته في مُعالَجة المسائل والقَضايا، ودعَّمت كلَّ هذا بنصوصٍ مختلفةٍ منه، ولم أنسَ أنْ أذكُر مَكانَ طبعه وزمانه، ثم أجملتُ في نهاية الفصل الخصائص المنهجيَّة المشتركة بين جميع هذه الكتب.

الفصل الثاني: موقفه من القضايا الأصولية.

(السماع، والقياس، والتعليل).

قدَّمت لهذا الفصل بمقدمة عرَّفت فيها المقصود من كلِّ واحدٍ من هذه الأصول الثلاثة.

أمَّا السَّماع فقد فصَّلت القولَ عن جُهود الشيخ خالد في الشواهد النثريَّة (القرآن والحديث والأمثال) اعتمادًا على ما جاء في كتاب "التصريح" غالبًا.

ثم انتقلتُ بعد ذلك إلى الحديث عن الشِّعر كمصدرٍ من أهمِّ مصادر الاستِشهاد في النحو العربي، فتناوَلتُ بإيجازٍ تحديدَ عُصور الاحتجاج ومنهج كلٍّ من البصريين والكوفيِّين في ذلك، ثم الاتِّجاه النحوي في الشِّعر العربي عند المتقدِّمين والمتأخِّرين.

وبعدَ ذلك تكلَّمت على موقف الشيخ خالد من تحديد زمن الاستشهاد وبيَّنت أنَّه ملتزمٌ في ذلك بمنهج البَصريين، وإنْ كان نُقِلَ عن بعض المتأخِّرين كابن مالك وابن هشام شواهدُ لا يصحُّ الاحتجاج بها، إلا أنَّ ندرة ذلك في مؤلفاته جعلني أعدُّه من المحافظين.

ثم حصرتُ الشعراء الذين استشهد بشِعرهم الشيخُ خالد في كتاب "التصريح" ورتَّبتهم حسب العصور الأدبيَّة المعروفة، وذكرت الشَّواهد التي استَشهَدَ بها لكلٍّ منهم، كما أنِّي أثبتُّ الأبيات المجهولة التي استَشهَدَ بها على حِدَةٍ، ورأيت أنْ أُجمِلَ كلَّ ذلك في ملحق بالرسالة مع شواهد القُرآن الكريم والأمثال وأقوال العرب السائرة.

وبعدَ ذلك فصَّلت الكَلام على مَوقِفه من الشَّواهد الشعريَّة من خِلال مؤلَّفاته المشروحة، وذكرت أنَّه لم يُضِفْ جديدًا في هذه الناحية إلى الدِّراسات النحويَّة، وإنما كان مُتَّبعًا لمن سبَقَه من النُّحاة، وكان أكثر اعتِمادي في هذا على كتابه "التصريح".

ثم انتقلت إلى القياس عند الشيخ خالد، فبدأت بتعريف القياس وموقف كلٍّ من البصريين والكوفيين منه.

ثم تحدَّثت عن أنواع القياس التي وردت في مصنفات الشيخ خالد وهي: قياس الشبه والنظير، والطرد، والحلة.

ووضَّحت موقفه من القياس على المسموع عن العرب.

ثم بيَّنت اتجاهه بالنسبة للضرورة الشعريَّة.

ثم ذكرت نماذج للقياس العملي عنده وبعض قياسات صرفيَّة، وأخرى أنفرد بها.

وختمت هذا الفصل بالحديث عن التعليل عند الشيخ خالد وأوضحت فيه أنَّه كان مهتمًّا به؛ لأنَّه عاش في عصرٍ يتَّسم بالفلسفة والتعليل المنطقي.

أمَّا الباب الثاني:

فيشتمل على فصلين:

الفصل الأول: "مذهبه النحوي".

وفي هذا الفصل ذكرت أنَّه كان بغداديَّ المذهب، ينحاز نحو البصريين في كثير من المسائل، شأنه شأن علماء عصره في هذا الاتجاه.

وقد بنيت هذا الحكم بعد أنِ اخترتُ عشْر مسائل من كتاب "الإنصاف"؛ لابن الأنباري وقابلتُها بنظائرها في كتاب "التصريح".

وقد دعَّمت رأيي هذا بذِكر العديد من النماذج والآراء من كتبه والمقابلة بينها وبين اتِّجاهات المدارس النحويَّة المختلفة، لأُؤَكِّد بذلك أنَّه كان بغداديَّ المذهب، يميلُ إلى الاختيار والانتخاب.

الفصل الثاني: "آراؤه وتحقيقاته".

وقد جمعتُ في هذا الفصل كثيرًا من آرائه وتحقيقاته في كتاب "التصريح" مرتِّبة إياها على حسب ترتيب أبواب النحو في "ألفية ابن مالك"، وتبيَّن لي أنَّه قد خالَف النحاة في كثيرٍ من المسائل، فكانت له شخصيَّته المميزة؛ لأنَّه كثيرًا ما كان يقول: "وعندي كذا"، أو "والأصحُّ كذا"، أو "والصحيح كذا"، أو "والأرجح كذا"، أو "والراجح كذا".

وأثبتُّ من هذا أنَّه ذا قدمٍ راسخة في النحو، وأنَّه لم يكن يأخُذ المسائل على علاتها، وإنما كان ينقد ويناقش ويُرجِّح.

أمَّا الخاتمة:

فهي تشتمل على فقرتين:

الفقرة الأولى: لخَّصت فيها أبواب الرسالة وفصولها.

والفقرة الثانية: ذكرت فيها النتائج التي استطعت أنْ أخرج بها من هذه الدراسة.

ثانيًا: النتائج والمقترحات:

ومن خِلال هذه الدراسة التي عايشت فيها الشيخ خالدًا وصحبتُه في جميع مراحل حَياته، أستطيع أنْ أخرُج منها بالنتائج التالية:

وكان لاهتمام السلاطين بالعلم وعنايتهم بمرافق التعليم وتشجيعهم له الأثَر الفعَّال في نشاط أهل العلم آنَذاك، ورفع مكانة العلماء حتى كانوا في الطبقة التي تَلِي الحكام والرُّؤساء، وكانوا يُستَشارون في مختلف شؤون الدولة وينزل الحكام على آرائهم وتوجيهاتهم.

2- أنَّ أبرز معالم التأليف في علم النحو في القرنين الثامن والتاسع الهجريَّين كانت تتلخص فيما يلي:

أ- معالجة مسائل النحو بأكبر رصيدٍ ثقافي في المادَّة النحويَّة واللغويَّة وما يتَّصل بهما، وكان مصدر ذلك كله ما جاء من تراثٍ نحوي هائل في كتب المتقدِّمين.

ب- جمع آراء العلماء وتوجيهها، وحشو تلك التوجيهات بالعلل والافتراضات والمناقشات، وقلَّما نجد في مؤلفات هذه الفترة ابتكارًا جديدًا.

جـ- خلط النحو بالمنطق والفلسفة، والاستكثار من التعليلات والتفصيلات وربط أحكام النحو بالعلوم الأخرى؛ كأصول الفقه مثلاً.

د- غلبة الشرح والتحشية على مؤلفات ذلك العصر؛ إذ كانت معظم هذه المؤلفات شروحًا أو حواشيَ يصبُّ فيها الشارح أو المحشِّي خُلاصَةَ ما تعلَّمَه من علوم في عدَّة فروع؛ لأنَّ التخصُّص لم يكن قد برز إلي الوجود في هذه الفترة، ولا سيَّما في العلوم الشرعيَّة واللغويَّة.

هـ- ظُهور مؤلفات مستقلَّة في الإعراب والألغاز النحويَّة؛ وما ذاك إلا نتيجة لتعمُّق العلماء في أسرار المادة اللغوية والوقوف على حَقائقها.

3- طبعت مؤلفات الشيخ خالد في الظاهر العام بالطابع التقليدي السائد في تلك الفترة، فقامت دِراسته النحويَّة في الغالب في الموازنة بين آراء كبار النُّحاة دون الاهتمام بأفضليَّة واحدٍ منهم؛ لتكوين رأي يَراه صحيحًا مبنيًّا على أسس وقواعد النحو.

4- أنَّ طلب العلم لا يرتبط بسنٍّ معيَّنة، وإنما على الناس أنْ يطلبوه من المهد إلى اللحد، وقد أشار إلى ذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّه بقدر إخلاص الإنسان في طلب العلم يتعلَّم وينبغ فيه.

وأكبر مثلٍ على ذلك الشيخُ خالد؛ حيث بدأ طلب العلم في سنٍّ متأخِّرة، ولكن حبه للعلم شحَذ عزيمته، فسار في هذا الطريق حتى وصَل إلى مكانةٍ مرموقة بين علماء عصره، وأصبح من النُّحاة المشهورين، وصارت كتبه التي تركها لنا كتبًا موثوقًا بها، تُدرس في المعاهد العلميَّة بمختلف مَراحلها، ويعتَمِدُ عليها الشارحون والدارِسون والمحقِّقون اعتمادًا يَكادُ يكونُ كليًّا، من حيث جمْع آراء العُلَماء وتحقيقها.

أمَّا المقترحات التي أراها في نهاية هذا البحث فهي:

1- أنْ يُحقَّق كتاب التصريح تحقيقًا علميًّا يُحرِّر عبارته، ويخلصه من شوائب التصحيف والتحريف التي لاحظتها عليه، ويُخرِّج شواهده الشعريَّة والنثريَّة من مصادرها الأصليَّة، وتعمل له فهارس متنوِّعة تُيسِّر الانتفاعَ به وتستخرج خَباياه، وتطبع معه حاشية الشيخ يس؛ لأنَّ هذا الكتاب يشتمل على أربعة كتب من أشهر كتب المتأخِّرين وأعظمها فائدة وهي: ألفية ابن مالك، والتوضيح لابن هشام، والتصريح للشيخ خالد، وحاشية يس.

2- أنْ تُوفِّر الكلية المخطوطات التي تتَّصل بدارسة المتخصِّصين وتجلبها لهم من أنحاء العالم؛ حتى تكون هذه الدِّراسات دراسات علميَّة قائمة على الاستقراء والاستقصاء.

وأنا أعتقدُ أنَّه لو أُتِيحت لي الكتب الخطيَّة للشيخ خالد لأفادت البحث أكثر ممَّا هو عليه الآن، وأنَّ هذا الأمر ليُؤسفني جدًّا، ولكنَّ عذري أنَّني حاولت، وحاولت معي الكلية مشكورةً، ولكن بدون جَدوَى، وفي نيتي - إنْ شاء الله - أنْ أحاول مرَّات أخرى الحصول على هذه المخطوطات.

3- أنْ يقوم بعض الباحثين المتخصِّصين في النحو العربي أو المحقِّقين بعمل فهارس لبعض الكتب المهمَّة في كتب النحو مثل: "الكامل في اللغة والأدب"؛ للمبرد، "معاني القرآن"؛ للفراء، "البحر المحيط"؛ لأبي حيان.

فلقد قاسيت كثيرًا من الرُّجوع إلى هذه الكتب كما قاسى عشراتٌ غيري من الباحثين؛ لعدم وُجود فهارس لهذه الكتب.

وأخيرًا فإنَّني أحمَدُ الله - سُبحانه وتعالى - الذي ألهمني دراسةَ هذه الشخصيَّة العلميَّة دراسةً تكادُ تكون مستوفية، وبذلك أكونُ قد أسهمتُ بنصيبٍ في توضيح معالم شخصيَّة الشيخ خالد ودراسة مصنَّفاته.

وهي أوَّل دراسة وافية تُقدَّم عنه.

وأدعو الله - جلَّت قدرته - أنْ يعينني على دِراسات أخرى حول الشيخ خالد - رحمه الله.

والحمد لله الذي هَدانا لهذا، وصلَّى الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه.

فهرس الموضوعات