• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سبعون أدبا في الصحبة والسفر والعلم (PDF)
    د. عدنان بن سليمان الجابري
  •  
    شرح كتاب: فصول الآداب ومكارم الأخلاق المشروعة ...
    عيسى بن سالم بن سدحان العازمي
  •  
    كفى بالموت واعظا
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أحكام المخابز (PDF)
    أبو جعفر عبدالغني
  •  
    "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله ...
    محمد السيد محمد
  •  
    صفحات من حياة علامة القصيم عبد الرحمن السعدي رحمه ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الأساس في أصول الفقه (PDF)
    د. عبدالله إسماعيل عبدالله هادي
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الأربعون حديثا في تحريم وخطر الربا (PDF)
    طاهر بن نجم الدين بن نصر المحسي
  •  
    الله (اسم الله الأعظم)
    ياسر عبدالله محمد الحوري
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    تربية الحيوانات (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / الرسائل العلمية / رسائل ماجستير
علامة باركود

ابن الجوزي بين التأويل والتفويض

أحمد عطية الزهراني

نوع الدراسة: PHD
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة
الكلية: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
التخصص: العقيدة
المشرف: أ.د. عوض الله جاد حجازي
العام: 1396هـ/ 1976م

تاريخ الإضافة: 21/10/2012 ميلادي - 5/12/1433 هجري

الزيارات: 36577

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

مقدمة


الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

 

أمَّا بعد:

فإنَّ من نعمِ الله - تعالى - وتوفيقه أن التحقتُ بقسمِ الدراسات العليا بكليةِ الشريعة والدراسات الإسلامية، بجامعةِ الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة، لإكمالِ دراستي التخصصية في "العقيدة الإسلامية"؛ وذلك لِمَا للعقيدةِ من أهميةٍ عظمى في السُّلوك الإنساني؛ فهي التي تُبنَى عليها جميعُ الأعمالِ الشرعية، فما لم يؤمن الإنسان ويعتَقد بوجودِ إلهٍ قادر حكيمٍ عليم، وأنه سيحاسبُ الإنسان في الآخرةِ على ما قدَّم من عمل، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ - لو لم يعتقد في الله وفي الجزاءِ، ما قام بعملِ الشرائع؛ من صلاةٍ وزكاة وحج وغيرِها، وما لم يؤمن العبدُ بيومِ الجزاء والحساب، ما أحسن معاملتَه للآخرين؛ من إحسانٍ إلى الجار، وبرٍّ بالوالدين، وصدقٍ في المعاملةِ، وغيرِ ذلك.

 

ولَمَّا كانت العقيدةُ السليمة لها هذه الأهمية؛ مكث الرسولُ - عليه الصلاة والسلام - في مكَّةَ يدعو أهلَها إلى تصحيحِ عقيدتهم، وتركِ عبادةِ الأوثان، وإخلاص العبادة لله الواحد الدَّيان مدة ثلاثة عشر عامًا.

 

وكان الأساسُ الذي تقومُ عليه دعوة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يدور على ثلاثةِ محاور أو ثلاثة اتجاهات؛ هي:

الاتجاه الأول:

دعوة المنكرين لوجودِ الله - تعالى - الذين يرون الموتَ والحياة، وما يجري لهم من مصائب الدُّنيا إنما هي من فعلِ الدهر، وأثر الزمان، وتعاقُب الأيام، كما أخبرنا الله - تعالى - عن اعتقادِهم هذا بقوله - تعالى -: ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ﴾ [الجاثية: 24]، أخذ يدعو هؤلاء إلى الإيمانِ بالله - تعالى - والتصديق بوجودِه، ولم تكن هذه الدعوةُ لتتوقَّفَ عند هذا الحد، وإنما كانت مقدمةً لدعوتِهم إلى توحيدِ الله - تعالى - في العبادة، ذلك التوحيد الذي جاءت جميعُ الرسلِ من أجل الدعوة إليه، وهو إخلاص العبادة لله - تعالى - ونفي الشريكِ عنه - جلَّ جلالُه.

 

الاتجاه الثاني:

دعوة أولئك الذين آمَنوا بوجودِ الله - تعالى - وأنه هو الذي يتصرَّفُ في الكون، ويُحْيِي ويُمِيت، وآمنوا كذلك بالبعثِ والجزاء، ولكنَّهم مع ذلك جعلوا معه شركاءَ يتقرَّبون إليهم بأنواعِ العبادةِ التي لا يستحقُّها غير الله - تعالى - وحده؛ من ذبحٍ ونذر ودعاء وغيرِ ذلك؛ يقول - تعالى - مخبرًا عنهم: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزمر: 3].

 

الاتجاه الثالث:

دعوة الذين يؤمنون بالله - تعالى - ولكنَّهم ينكرون البعثَ والجزاء بعد الموت؛ يقول الله - تعالى - مخبرًا عنهم: ﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ [يس: 78]، وقال - تعالى -: ﴿ وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾ [الإسراء: 49]، ودعوة هؤلاء إلى الإيمانِ بالبعثِ والجزاء، وإلى توحيدِ الله - تعالى - وعدم إشراكِ غيره معه في العبادة.

 

وليس كلامُنا مع هؤلاء جميعًا؛ وإنما بحثُنا سيتناول موضوعَ توحيدِ الأسماء والصِّفات، وهذا الموضوع لم يوجد البحث فيه في عصرِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا في عصر الخلفاءِ الراشدين؛ لأنَّ الصَّحابةَ - رضوان الله عليهم - عندما كان ينزل القرآنُ عليهم، يصِفُ اللهَ - تعالى - بأيِّ صفة، لم يناقشوها؛ لأنَّ لغتَهم العربية، وسليقتهم السليمة، كانتْ تُعَاوِنُهم على فهمِ نصوص القرآنِ الكريم وآياته.

 

ومن هنا؛ لم يحصل نزاعٌ ولا خلاف في عهدِهم في موضوعِ الأسماء والصِّفات، ولكن لما كثرت الفتوحاتُ الإسلامية، في الشامِ والعراق ومصر، واختلط العربُ بغيرِهم من الأجانبِ من الفرس والروم، بدأ الخلافُ يظهرُ في موضوعِ الصِّفات؛ لعواملَ فكرية وسياسية جدَّتْ بعد عصر الخلفاء الراشدين، ولما كان موضوع الأسماء والصِّفات من الموضوعاتِ المهمة في مسائل العقيدة، والتي كثر الخلافُ فيها، والكلام حولها بين العلماء، رأيتُ أن يكونَ بحثي - لنيلِ درجة الماجستير - في هذا الموضوعِ، وعند عالِمٍ من أشهرِ علماء الحنابلة، وهو "أبو الفرج بن الجوزي"، وقد كان اختياري بحث هذا الموضوعِ عند ابن الجوزي قائمًا على أسبابٍ، منها:

أولاً: لقد حصل خلافٌ بين كثيرٍ من العلماءِ حول تحديد موقف ابن الجوزي من الصِّفات الخبرية، فبعضُ العلماء[1] يرى أنه مؤوِّل، قد سلك طريقَ المتكلِّمين في الصِّفات الخبرية، وبناءً على هذا فأقوالُ ابنِ الجوزي وآراؤه في الصِّفاتِ الخبرية محلُّ نظر، بينما يرى بعضُهم أن ابن الجوزي حنبلي سلفي الاتجاه، لا سيَّما وأنَّ ابن الجوزي قد ذكر أنه يعبر عن رأي الإمام أحمد ويدافع عنه، ويري فريقٌ ثالث أنَّ ابنَ الجوزي مضطربٌ في آرائه المتعلقة بالصِّفات الخبرية[2].

 

غير أنني أرى أن معظمَ هذه الأقوال عن موقفِ ابن الجوزي في الصِّفات لا تستندُ على بحثٍ علمي؛ فقد كان أصحابُها يعتمدون في أقوالِهم هذه على كتابِ ابن الجوزي "دفع شُبَه التشبيه"، فكلٌّ يحتجُّ به في الجانبِ الذي يرى أنه هو الصواب.

 

ثانيًا: أن ابن الجوزي نفسَه ذكر في بعضِ مؤلفاته أنه يعبِّرُ عن رأي الإمام أحمد ويدافع عنه، وبسببِ هذا الخلاف القائم بين العلماءِ حول تحديد موقف ابن الجوزي من الصِّفات الخبرية من جهة، ودعوى ابن الجوزي أنه يقولُ برأي الإمام أحمد ويدافع عنه من جهةٍ أخرى - رأيتُ أن أدرسَ هذا الموضوعَ؛ كي نتبيِّن حقيقةَ رأي ابن الجوزي في الصِّفات، ومقدار عَلاقته برأي الإمام أحمد، وأن يكونَ هذا الموضوعُ هو البحث الذي أتقدَّمُ به لنيلِ درجة الماجستير في (العقيدة) بعنوان: "ابن الجوزي بين التأويلِ والتفويض".

 

وبعد اختياري الموضوع، وموافقة مجلسِ قسم الدراسات العليا عليه، حاولتُ التخطيطَ له، ورَسم المنهج والطريق الذي سأسلكُه في الوصولِ إلى الهدفِ من الموضوع، فكان أن قسَّمتُ الموضوعَ إلى مقدمة، وبابين، وخاتمة.

 

أمَّا المقدِّمة:

فقد بينتُ فيها الدوافعَ والأسباب لاختيارِ الموضوع، وبيَّنتُ الخطةَ والمنهج الذي سرتُ عليه في كتابةِ هذا البحث.

 

وأما الباب الأول:

فقد جعلتُه للتعريفِ بابن الجوزي، وهو يتكون من فصلين:

الفصل الأول:

عن عصرِ ابن الجوزي؛ ويشتملُ على دراسةِ النواحي الآتية:

أ- الحياة السياسية.

ب- الحياة الاجتماعية.

ج- الحياة العلمية.

 

الفصل الثاني: حياة ابن الجوزي:

أولاً:

أ- نسبه.

ب- لقبه.

ج- مولده.

د- وفاته.

 

ثانيًا: نشأته العلمية.

 

ثالثًا: مشايخه الذين تلقَّى عليهم العلم، ونبذة قصيرة عن أشهرِهم.

 

رابعًا: مؤلفات ابن الجوزي.

 

وأمَّا الباب الثاني:

فكان لبيانِ موقف ابن الجوزي من قضيةِ التأويل؛ ويتكوَّنُ من أربعةِ فصول:

الفصل الأول: كان لبيانِ معنى المحكمِ والمتشابه، والتأويل والتفويض، وآراء العلماء في ذلك، ويتكوَّنُ هذا الفصل من خمسةِ مباحث:

المبحث الأول: ورود ألفاظِ المحكم والمتشابه في القرآنِ الكريم.

 

المبحث الثاني: معنى المحكمِ والمتشابه في اللغة، ثم في اصطلاحِ العلماء.

 

المبحث الثالث: مناقشة الآراء وبيان الرَّاجحِ منها.

 

المبحث الرابع: في (التأويل)، ويتناول الكلام فيه ما يأتي:

أولاً: ورود لفظ (التأويل) في القرآنِ الكريم، والمعنى المراد به.

 

ثانيًا: معنى (التأويل) في اللغة، وفي اصطلاحِ العلماء.

 

المبحث الخامس: في (التفويض)، وبيان المقصود به عند العلماء.

 

ويعتبر هذا الفصلُ بمثابةِ التأسيس للفصولِ التي جاءتْ بعده.

 

أما الفصل الثاني، فقد كان لبيان آراء العلماء في مشكلةِ الصِّفات بوجه عام، وبيان رأي ابن الجوزي فيها.

 

أما الفصل الثالث، فقد كان لبيانِ الصِّفات الخبرية ورأي ابن الجوزي فيها، ومقدار صلته بآراء الفِرَقِ الإسلامية، وكذلك برأي السَّلف.

 

وأمَّا الفصل الرابع، فقد كان للمقارنةِ بين رأي ابن الجوزي في الصِّفات الخبرية، ورأي الإمام أحمد - رضي الله عنه - فيها.

 

وأما الخاتمة، فقد ذكرتُ فيها النتائجَ التي توصلتُ إليها في هذا البحث.

 

هذا، ولقد واجهتْني صعوباتٌ كثيرة في إعدادِ هذا البحث وكتابته، منها:

• أن ابن الجوزي ترك مؤلفاتٍ كثيرةً ومتعددة، أغلبها مخطوط، لم يحظَ بالطبع ولا بالتخريج؛ مما اضطرني إلى التردُّدِ على كثيرٍ من المكتبات العامَّةِ والخاصة في القاهرة، والرِّياض، ومكتبة جامعة الملك عبدالعزيز بمكةَ وجُدَّة.

 

• ومنها: اختلاف آراء ابن الجوزي وتعدُّد أقوالِه في المسألةِ الواحدة؛ مما يضطر الباحثُ معه أن يقرأَ له أكثر من كتابٍ في هذه المسألة، ويحاول أن يبينَ أي الرأيين أسبق، وأي الكتابين كان أولاً، وهو عملٌ شاقٌّ يحتاج إلى معرفةِ زمن التأليف ومقارنة الأسلوب.

 

وإنني إذ أتقدَّمُ برسالتي هذه إلى قسمِ الدراسات العليا في كلية الشريعةِ والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة، وإلى أعضاء لجنة الحكم المحترمين - أرجو أن أكونَ قد وفِّقتُ إلى الغايةِ التي أنشدُها من خلال هذا البحث، وهي معرفة حقيقة رأي ابن الجوزي في موضوعِ الصِّفات، وأن أكون قد وصلتُ إلى الحق فيه.

 

واللهَ نسألُ أن يكونَ عملُنا هذا خالصًا لوجهه الكريم، إنه سميعٌ مجيب، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على أشرفِ الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الخاتمة

تبيَّن لنا من هذه الدراسةِ أنَّ البحثَ يتكوَّن من بابين، تحت كلٍّ منهما فصول، واتضح أنَّ البابَ الأول كان للتعريفِ بابن الجوزي، وقد تناول في فصلِه الأول دراسةَ عصرِ ابن الجوزي من النَّاحيةِ السياسية، والعلمية، والاجتماعية؛ حيث بيَّنا بإيجازٍ كيف كانتْ تسودُ بغدادَ آنذاك الفوضى والاضطرابات؛ نتيجةً للحروبِ القائمةِ بين المسلمين من أهلِ الحكم، ولكن هذا لم يكن له أثرٌ معاكِس على الحياةِ العلمية، فقد كان التعليمُ قائمًا على قدمٍ وساق، فالعلماءُ كانوا يقومون بواجبِهم في التدريسِ والتعليم والوعظ، كما وصف لنا ذلك الرَّحالةُ ابن جُبَير في رحلتِه إلى بغداد.

 

وأمَّا الحياة الاجتماعية، فقد كانتْ تسودُها الفوضى في المعاملة، وسوء السلوك في الأخلاق، كما وصف لنا ذلك ابنُ الجوزي نفسه وابن جبير، وقد كان لانحرافِ المجتمعِ الأثرُ البالغ على ابنِ الجوزي في بحوثه، يظهر ذلك من خلالِ نقده الشديد، وعباراته اللاذعة التي وصفَ بها مجتمعَ بغداد؛ حيث لا يكاد يسلمُ من نقدِه أحدٌ، كما كانتْ تمرُّ بالمجتمعِ فتراتٌ من ضيقِ المعيشة؛ نتيجة للحصارِ الذي كان يُضرب على بغداد، وقد عوَّدتْ هذه الحالةُ ابنَ الجوزي على حياةِ التقشف؛ حيث اكتفى بما وَرِثه عن والدِه من أن يتعرَّض للخلفاءِ أو السَّلاطين في طلبِ الرزق.

 

كما درسنا حياةَ ابن الجوزي منذ ولادته ونشأته، وتكلمتُ عن بعضِ مشايخه الذين تلقَّى عنهم العلمَ، وذكرتُ بعضَ مؤلفاته، وقد رأينا كيف أنه أكثرَ من التصنيف والتأليف في أنواعِ العلوم المختلفة؛ من تفسير، وحديث، ووعظ، وعقيدة، وغيرها، ولكن معظم هذه المؤلفات لا يزال مخطوطًا؛ إذ لم تلق عنايةً من العلماء لنشرِها.

 

كما تحدَّثنا في هذا البحثِ عن المحكمِ والمتشابه، والتأويل والتفويض، وبيَّنا آراءَ العلماء في ذلك، وتطرَّقنا لبحثِ التأويل بتفصيلٍ أكثر؛ حيث بيَّنا ورود لفظ (التأويل) في القرآنِ الكريم، والمعنى المقصود منه في القرآنِ الكريم، وفي اللغةِ وفي اصطلاحِ العلماء، وقد توصَّلْنا من ذلك إلى نتيجةٍ هامة ومفيدة، وهي:

1- أن المتشابهَ الوارد في سورةِ آل عمران، إنما هو تشابهٌ نسبي إضافي؛ إذا خفي على بعضِ العلماء، علِمَهُ آخرون.

 

2- أن التأويلَ يُطلقُ ويراد به ثلاثة معانٍ:

الأول: التأويل؛ بمعنى: (التفسير).

 

الثاني: التأويل؛ بمعنى: (الحقيقة، والمآل، والمرجع، والمصير).

 

الثالث: التأويل؛ بمعنى: (صرف اللفظ عن ظاهره).

 

3- أنَّ المعنيَيْن الأول والثاني من معاني التأويل، هما اللذان ورد استعمالُهما في القرآنِ، والسنة النبوية، واللغة، وفي أقوالِ الصحابة والتابعين.

 

أمَّا المعنى الثالث، فلم يكن معروفًا في العصورِ الأولى، وإنما شاع استعمالُه في القرونِ المتأخرة في ظروفٍ فكرية وسياسية غامضة، ولم يورد أصحابُه عليه دليلاً من اللغة.

 

4- أن قولَ الله - تعالى - في سورةِ آل عمران: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ [آل عمران: 7]؛ قد ورد عن ابنِ عباس - رضي الله عنهما - وغيره الوقفُ على لفظِ الجلالة من قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ﴾، والوقف على قوله - تعالى -: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ من نفسِ الآية: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾.

 

وجمعًا بين الأقوال، وبين القراءتين في الآية، فقد رجَّحنا ما قاله بعضُ العلماءِ وذهب إليه من الجمعِ بين القولَيْن، مبينًا أن الوقفَ على لفظِ الجلالة يُراد به أنَّ معرفة الحقيقة والمآل والمرجع مما يختصُّ به الله - جل شأنه - وهذا هو أحدُ المعاني الواردة في القرآنِ الكريم واللغة لكلمة (تأويل).

 

أمَّا الوصل والوقف على قولِه - تعالى -: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾، فيُراد به (التفسير والمعنى)؛ فالعُلماء يعلمون ذلك ولا يخفى على جميعِهم، وقد ارتضينا هذا القولَ؛ خروجًا من الخلافِ، وجمعًا بين الأقوال.

 

كما بحثنا موضوعَ الصِّفاتِ بوجه عام، وتوصلنا إلى أن ابنَ الجوزي لا يخالفُ في إثباتِ صفات المعاني لله - تعالى - على أنَّها صفات زائدة على الذات.

 

أمَّا موضوع الصِّفات الخبرية، فقد بيَّنا فيه آراءَ ابن الجوزي، بعد عرضِنا لآراءِ الفرقِ الأخرى، وتوصَّلنا من هذا البحث إلى أن ابن الجوزي قد اضطربَ رأيُه في الصفاتِ الخبرية، وأنه لا يستقرُّ على رأي، وقد علمنا نتيجة لذلك أن الآراء التي سبق ذكرُها حول تحديد موقف ابن الجوزي من الصفات الخبرية، والتي اعتمد أصحابُها على كتابِه "دفع شبه التشبيه"؛ حيث قال بعضُهم: إنه مؤوِّل، وقال آخرون: إنه سلفي المذهب؛ لأنه صرَّح بأنه يتكلمُ برأي الإمامِ أحمد - أقول: لقد نتجَ عن هذا البحثِ حقيقةٌ لا ينبغي لكل طالب حق وكل منصف أن يغفلَها؛ وهي: أن القول المنفرد، أو السلوك الواحد المشاهد في حادثةٍ معينة من شخص ما، لا يمكنُ أن يكون - بأي حالٍ من الأحوال - معبرًا عن فكرِه أو سلوكه، فلا بد إذًا من أجلِ معرفة الحقيقة، والإنصاف في القول - أن نتتبعَ أقوالَ الشخصِ المرادِ معرفةُ آرائه، وذلك من خلالِ ما كتب؛ لنُصدِرَ بعد ذلك الحكمَ له أو عليه عن بحثٍ ودراية؛ لئلاَّ نقع فيما وقع فيه هؤلاء الذين أرادوا أن يحدِّدوا موقفَ ابن الجوزي من الصِّفات الخبرية من خلالِ كتابه "دفع شبه التشبيه"، ولئلاَّ نقع كذلك فيما وقع فيه ابنُ الجوزي من اعتمادِه في نسبةِ التأويلِ إلى الإمامِ أحمد على روايةٍ واحدة منقولة عن الإمامِ أحمد، دون أن يتثبتَ من صحتِها، ويتتبع أقواله الأخرى المنقولة عنه من غير تلك الطريق.

 

كما بيَّنا في بحثِنا هذا، القولَ الذي اعتمد عليه ابن الجوزي في نسبةِ التأويل إلى الإمامِ أحمد، وأثبتنا بالدليلِ أن تلك الرواية ضعيفة، وقد ذكرنا ما يناقضُها من أقوالِ الإمام أحمد، وتوصَّلْنا من هذا البحثِ إلى أن العَلاقةَ بين منهجِ ابن الجوزي ومنهج الإمام أحمد في موضوعِ الصِّفات الخبرية - تكادُ تكون منتفية، بل لا عَلاقة أصلاً؛ حيث ذهب الأولُ إلى التأويلِ أحيانًا كثيرة، بينما التزم الإمامُ أحمد مذهبَ السَّلفِ فيها، وهو الإيمان بها بلا تأويل ولا تشبيه.

 

والحمدُ لله أولاً وآخرًا على نعمِه الكثيرة، وما توصلنا إليه من توفيقٍ وهداية، وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومَن اهتدى بهَدْيِه إلى يوم الدِّين، والحمد لله ربِّ العالمين.

 

الفهرس

الموضوع

الصفحة

المقدمة

1

الباب الأول

 

التعريف بابن الجوزي

9

الفصل الأول: عصر ابن الجوزي

9

أ- الحياة السياسية

10

ب- الحياة الاجتماعية

15

ج- الحياة العلمية

19

الفصل الثاني: حياة ابن الجوزي

25

أولاً: أ- نسبه

ب- لقبه

26

ج- مولده

27

د- وفاته

28

ثانيًا: نشأته العلمية

29

ثالثًا: مشايخه

31

رابعًا: مؤلفات ابن الجوزي

39

الباب الثاني: موقف ابن الجوزي من قضية التأويل

47

الفصل الأول: المحكم والمتشابه، والتأويل والتفويض وآراء العلماء في ذلك

47

المبحث الأول: ورود ألفاظ المحكم والمتشابه في القرآن الكريم

48

أولاً: القرآن كله محكم

48

ثانيًا: القرآن كله متشابه

50

ثالثًا: القرآن بعضه محكم وبعضه متشابه

51

المبحث الثاني: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي اصطلاح العلماء

52

معنى المحكم في اللغة

52

معنى المتشابه في اللغة

53

أقوال السلف في المحكم والمتشابه

54

أقوال الأشاعرة في المحكم والمتشابه

60

أقوال المعتزلة في المحكم والمتشابه

64

المبحث الثالث: مناقشة الآراء وبيان الراجح منها

66

المبحث الرابع: في التأويل

75

أولاً: ورود لفظ التأويل في القرآن الكريم

75

ثانيًا: معنى التأويل في اللغة وفي اصطلاح العلماء

80

سبب نزول آية آل عمران

92

الخلاف في الوقف في آية آل عمران

95

بيان الراجح من أقوال العلماء في المحكم والمتشابه

97

المبحث الخامس: التفويض

99

الفصل الثاني: في الصفات بوجه عام

101

الجهمية والمعتزلة

102

الفلاسفة

104

الأشاعرة

105

الكَرَّامية

106

رأي ابن الجوزي في صفات المعاني

106

الفصل الثالث في الصِّفات الخبرية

109

الفلاسفة والمعتزلة

111

الأشاعرة

112

الكَرَّامية

118

موقف ابن الجوزي من الصِّفات الخبرية

119

الفصل الرابع: مقارنة منهج ابن الجوزي بمنهج الإمام أحمد - رضي الله عنه - في الصِّفات الخبرية

137

الخاتمة

152

المراجع

156

 


[1] مثل إسحاق بن غانم العلثي.

[2] مثل ابن تيمية، وابن رجب.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • ابن الجوزي والصاحب وسبط ابن الجوزي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن الجزري لا ابن الجوزي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مجموع فيه: مختصر مجموع المنقور لابن سلوم، ويليه منتخب المنتخب لابن الجوزي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يا معشر قريش، احفظوني في أصحابي وأبنائهم وأبناء أبنائهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • التأويل النحوي عند ابن هشام الأنصاري(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- i need this book
محمد ود نواى - Sudan 25-08-2013 11:07 AM

هذا الكتاب مهم جداً ونتمنى أن ينشر بكثرة ونتمنى أن يكون التنزيل سهلا حتى تعم الفائدة
وشكراً

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب