الدراسات اللغوية في الأردن في النصف الثاني من القرن العشرين

ملخص الرسالة

الدراسات اللغوية في الأردن

في النصف الثاني من القرن العشرين

المقدِّمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فتسعى هذه الدراسة الى تناول الدراسات اللغوية في الأردن حصرًا وتعريفًا وتقويمًا وبيانًا بأعلامها وأثرها وموقعها في مسيرة البحث اللغوي منذ نشأتها وحتى نهايات هذا القرن.

إذ شهد القرن العشرين نشوء دولة الأردن الحديثة، وقد واجهت هذه الدولة الفتية في النصف الأول من القرن كثيرًا من التحديات والصعوبات، وهذا أدى الى عرقلة المسيرة الثقافية في الأردن وتأخرها لتبدأ فعليًا في النصف الثاني من القرن العشرين، وبتأسيس الجامعة الأردنية عام 1962 بدأ العمل الأكاديمي في كثير من فروع العلوم والمعرفة، ومن ضمنها الدراسات اللغوية والادبية. وقد ارتقى الدرس اللغوي مع تأسيس مجمع اللغة العربية الأردني عام 1976، فكان أن نشط الدرس اللغوي في الأردن وكثر النتاج العلمي في علومه المختلفة.

تهدف هذه الدراسة الى النظر في جهود الدارسين اللغويين الأردنيين المتناثرة في تضاعيف الكتب والرسائل الجامعية المختلفة على امتداد هذا القرن، ومن ثم دراستها دراسة تاريخية، وقد رأيت بعد أن شارف هذا القرن على الانتهاء، أن أنظر في شتات هذا المتناثر فأصنفه في سبيل دراسته، إذ أقدم صورة واضحة كاملة لهذه الدراسات حصرًا وتعريفًا وتقويمًا وبيانًا بأعلامها وأثرها وموقعها في مسيرة البحث اللغوي العربي، منذ نشأتها حتى نهايات هذا القرن، شاملةً بذلك جهود الجامعات الأردنية ومنجزاتها، والمجمع اللغوي الأردني، وما تم نشره من كتب ورسائل ومقالات وبحوث في دوريات محكمة مثل دراسات ( الأردنية )، وأبحاث ( اليرموك )، وبحوث ( مؤتة )، والمجلات مثل ( أفكار )، والمجلة الثقافية.

وهذا البحث يتناول ما كتبه اللغويون المحدثون في الأردن، لذا يسعى في نظراته النقدية الى ما يرسم الملامح العامة للمناهج التي تم توظيفها في الدرس اللغوي، ولا تدخل الدراسات النحوية في نطاق اهتمامه، أو الدراسات البلاغية أو أساليب تدريس العربية أو اللغة العربية للناطقين بغيرها، بل هو يضم الدراسات اللغوية الخالصة للدارسين الأردنيين في الأردن.

وتنبع أهمية هذه الدراسة ومسوغات تحقيقها من عدة أمور أهمها:

1. ضرورة حصر الجهود اللغوية وتقويمها في الأردن خلال القرن المنصرم.

2. تقديم العون الكافي للباحث المهتم بالدراسات اللغوية في الأردن، وذلك ببيان ما سبقه من دراسات والتعريف بها.

3. تقديم الفائدة للباحث المتخصص بجانب من جوانب اللغة.

4. تقديم حصر حقيقي - لطالب الدراسات العليا - وبيان وتعريف بالمجالات التي طرقها الباحثون في دراساتهم.

5. محاولة رسم خارطة بينة المعالم للميادين اللغوية المختلفة وقد تساعد في حفز مؤسساتنا وجامعاتنا للتخطيط للمرحلة المقبلة في ضوء ما أنجز.

6. تسليط الضوء على القضايا الأكثر بروزًا التي طرقها دارسو اللغة في الأردن وتبيين مناهج هذه الدراسات.

وقد اقتضت طبيعة الدراسة ومنهجيتها تكوين جريدة تضم جميع الدراسات اللغوية في الأردن وتحصر الجهود الأردنية في هذا المجال فضلًا عما نشر من كتب ورسائل وبحوث في الدوريات معتمدين في ذلك على فهارس مكتبات الجامعات الأردنية والبحث الببلوغرافي لما يحويه مركز إيداع الرسائل الجامعية من بحوث تختص بهذه الدراسات. فضلًا عن كشافات المجلات، والإحصاء الخاص بالمكتبة الوطنية للإيداع. ثم تم تصنيف هذه الدراسات على وفق موضوعها بحيث تنتظم في مجموعات تحوي كل مجموعة منها علمًا لغويًا فيكون منها مجموعة الدراسات الصوتية - وقد شكلت الفصل الأول من الأطروحة وقد احتوى هذا الفصل على لمحة موجزة عن الدراسات الصوتية عند علماء العرب القدماء، ثم دراسة الأصوات اللغوية في العصر الحديث، ثم الحديث عن الصوت اللغوي وجوانب درسه في الأردن ومناهج البحث فيه أما مجموعة الدراسات الصرفية - فقد شكلت الفصل الثاني من الأطروحة وقد تناولت فيه مفهوم الصرف عند علماء العربية القدماء ومفهومه عند علماء اللغة والدراسة الصرفية الحديثة ثم الدرس الصرفي الحديث في الأردن واتجاهاته وجاء الفصل الثالث في الدراسات الدلالية والمعجمية وقد تحدثت فيه عن علم الدلالة قديمًا وحديثًا واتجاهات العمل المعجمي في الوطن العربي وفي الأردن، وقد ألحق هذا الفصل بمبحث يتحدث عن دور مجمع اللغة العربية الأردني في تعريب المصطلحات، إذ يعد هذا المجال من أبرز اهتمامات المجمع منذ تأسيسه إلى يومنا هذا. أما الفصل الرابع فقد كان في الدراسات التي تخلط المسائل اللغوية أو ما تسمى بالدراسات اللغوية العامة وهو أصغر هذه الفصول نظرًا إلى أن اتجاه الدراسات لم يكن تقليديًا إنما غلب عليه التأثر بعلم اللغة الحديث فجاء هذا النوع من الدراسات قليلًا.

وقد ارتأيت أن أقسم هذه الدراسات على أربعة محاور ضم الأول منها الكتب التي وضعت وفق منهج وخطة معينين وذلك لغايات تعليمية، والثاني ضم الكتب التي احتوت دراسات لغوية عامة لمختلف جوانب الدرس اللغوي، وما يسمى باللسانيات أو علم اللغة وخصائصها، فضلًا عن دراسات لغوية لبعض اللهجات، أما المحور الثالث فقد ضم كتبًا محققة جاءت موضوعات اللغة فيها مختلطة، أما المحور الأخير فقد ضم الكتب التي مثلت اتجاهًا جديدًا نحو توصيف اللغة العربية في ضوء اللسانيات الحاسوبية.

بعد ذلك تم قراءة هذه الدراسات وتمثلها ومن ثم وصفها والتعريف بها والتحدث عن أهم ما تناولته من قضايا ومسائل لغوية ثم التعليق على ما ارتأيت أنه يستحق الإشارة من هذه الدراسات عمومًا وما لم أعلق عليه فذلك يعني أني لا أعترض على ما جاء به من آراء لغوية قد تكون معروفة لذوي الاختصاص، وقد أطلت الحديث عن بعض الدراسات وذلك لأهميتها وقيمتها العلمية في الدرس اللغوي ثم حاولت استخلاص الملامح العامة للمناهج والاتجاهات التي تم توظيفها في الدرس اللغوي في الأردن وبيان المؤثرات قديمها وحديثها فيها ثم الخروج بنتائج وتوصيات.

وقد كنت في كثير من الأحيان أذكر اسم المصدر كاملًا سواء أكان بحثًا أم كتابًا أم رسالةً جامعية، وغايتي من ذلك تنبع من هدف هذه الأطروحة وهو التعريف بالمؤلفات اللغوية وأعلامها ودور المؤسسات التعليمية في دعمها وتنشيطها وبيان أني تناولتها تاريخيًا.

وأخيرًا أود التنويه أنه لم تقم دراسة علمية جامعية بحتة بمجهود علمي لجمع الدراسات اللغوية في الأردن وتصنيفها وبيان ملامحها وأسسها وقد توخيت الإحاطة والشمول في إحصاء هذه الدراسات والتعامل معها وفق المنهج المذكور لكن يبقى هذا العمل من جهد البشر وما الكمال إلا لله عز وجل إنه نعم المولى ونعم النصير.

الخاتمة

لقد شغل الدرس اللغوي في الأردن حيزًا في تاريخ الحركة الثقافية الأردنية لم يلتفت اليه من قبل، وقد تمكن الباحث في دراسته محاولة تحديد ملامح واتجاهات الدرس اللغوي في الأردن ومناهجه، بعد أن قام بإحصاء هذه الدراسات المتناثرة في الكتب والدوريات والرسائل الجامعية.

واتضح من خلال هذا الاحصاء وبعد دراسته. أن الدراسات اللغوية الأردنية قدمت إسهامًا ومشاركة ميزتها نوعًا ما في القضايا المعاصرة للغة العربية ومواكبتها للحضارة، وتنمية اللغة العربية.

وتعد دعوة الأمير عبد الله (في عهد الإمارة) لانشاء أول مجمع علمي في المنطقة تعد بحق أولى اللبنات في نشوء الدراسات اللغوية في الأردن ناهيك عن شخصيته وثقافته الأدبية واللغوية ومجالسه التي كان يعقدها ويدعو لها من أعلام اللغة والأدب في الوطن العربي وما لها من أثر في تشجيع ودعم البحث اللغوي والاهتمام باللغة العربية.

وبعد هذا البحث والاستقصاء في جمع الرسائل اللغوية في الأردن وتصنيفها ودراستها وتحديد مناهجها والتحدث عن أهم ما تناولته من قضايا ومسائل لغوية توصل الباحث إلى جملة من النتائج ذكر بعضها وفيما يأتي بعضها الآخر:

♦ أن ما تم تحقيقه من تطور منذ نشوء الدراسات اللغوية في الأردن حتى وقتنا الحاضر يعد إنجازًا ومساهمة على قدر كبير من الأهمية في الدراسات اللغوية عمومًا والصوتية والمعجمية خصوصًا قياسًا إلى عمر الدولة الأردنية.

♦ قلة المختصين بالدراسات الصوتية في الأردن وفي الوطن العربي عمومًا ممن أتقنوا ما لدى أجدادنا من تراث وانطلقوا بعده للاطلاع على نتاج الغرب في مجال الدراسات الصوتية لذلك فقد جاء الكثير من الدراسات الصوتية في الوطن العربي مجرد ترديدات لمقولات صوتية قد وردت في كتب الرواد الأوائل إذا استثنينا ما طرأ عليها في الربع الأخير من القرن العشرين ( أخص بالحديث الدرس الصوتي في الأردن إذ جاءت الدراسات الصوتية الاتباعية قليلة ) من نقلة نوعية بفضل استخدام المنهج الوصفي التحليلي المعتمد على الأجهزة العلمية وما خرجت به الدراسات الحديثة من نتائج.

♦ اقتصرت جهود الأردنيين الأولى في مجال الدراسات التصريفية على لم شتات المادة الصرفية من مظانها المختلفة وإضافة أمثلة أخرى إلى الأمثلة الموجودة في تلك المظان. وقد كانت الدراسات في جلها معيارية باستثناء ما ظهر في الحقبة الأخيرة من اتجاه في دراسات صرفية اعتمدت المنهج التاريخي المقارن وأصبحت هذه الدراسات هي المميزة للدرس الصرفي في الأردن إذ ظهر عدد غير قليل من البحوث الصرفية المعتمدة على المنهج التاريخي المقارن متكئة في الوقت نفسه على معطيات الدرس الصوتي في توضيح الكثير من المسائل.

♦ أن الباحثين الأردنيين لم يتفقوا في تفسير بعض القضايا الصرفية كما هو الحال عند العلماء العرب القدامى.

♦ يلاحظ قصور واضح في مجال الدراسات الدلالية في الأردن ويعود ذلك إلى صعوبة وعمق مثل هذه الدراسات.

♦ أن لمجمع اللغة العربية الأردني دور رائد على مستوى الوطن العربي في اهتمامه باللغة العربية وقضاياها المعاصرة وخصوصًا قضية تعريب التعليم والمصطلحات.

♦ أن قضية تعريب التعليم عمومًا ليست بالأمر الصعب أو المستحيل فجهود مجمع اللغة العربية الأردني في هذا المجال ضربت أروع الأمثلة على هذه الامكانية، لكن الأمر يحتاج بالضرورة إلى قرار سياسي إلى جانب هذا الجهد المبذول لنرى تعريب التعليم حقيقة وواقع.

♦ أن الدراسات اللغوية في الأردن قد تأثرت بشكل كبير بمعطيات الدرس اللغوي الغربي وتطبيقاته ومناهج علم اللغة الحديث وطرائقه الأمر الذي أدى إلى هذا التجدد والتنوع في الدراسات وخصوصًا الصوتية والصرفية سعيًا من لغويي الأردن إلى إغناء اللغة وترقيتها.

♦ يمكن للمطلع على هذه الدراسة التعرف على أعلام الدراسات اللغوية في الأردن والتعرف على المجالات التي طرقها الدرس اللغوي في الأردن، إذ أن هذه الدراسة تفتح المجال للباحث المهتم بجانب من جوانب الدرس اللغوي في الأردن لدراسة أي من موضوعاته.

التوصيات:

♦ ضرورة أن تعمل المؤسسات التعليمية مجتمعة على تشجيع التأليف اللغوي والعمل على نشره لا أن يبقى مخطوطًا على شكل رسائل جامعية ليتسنى للجميع في الداخل والخارج الاطلاع على نتاج الدرس اللغوي في الأردن.

♦ ضرورة التوجه إلى تحقيق التراث اللغوي من المخطوطات الموجودة في المكتبات الأردنية، إذ أن الجهود المبذولة في هذا المجال والدعم الموجه لها، وما تم تحقيقه منها ليس بالمستوى المنشود.

♦ وجوب توجيه الطلاب لدراسة الموضوعات الدلالية التي تزخر بها كتب التراث العربي من لغوية وأصولية.

♦ ضرورة الاطلاع على ما توصل اليه الغربيون في مجال الدراسات اللغوية والصوتية خصوصًا والاستفادة من تجاربهم في هذا المجال.

♦ ضرورة تكثيف الجهود من أجل وضع معجم لساني شامل يسد حاجة الباحثين إلى مثله، وهذا ما يقوم به الدكتور سمير ستيتية منذ سنوات إذ جمع له لغاية الآن ما يقارب ستة آلاف مصطلح.

♦ يجب علينا العدول عن المسميات الاجنبية لمصطلحات علم الأصوات وغيره من علوم اللغة في مؤلفاتنا والاستعاضة عنها بالمصطلح العربي لأن لغتنا كما هو معلوم قادرة على استيعاب التطورات والتغيرات في العلوم على اختلافها، فلا داعي لأن نبقى متمسكين بالمصطلح الأجنبي.

♦ إمكانية تخزين هذه الجهود من رسائل جامعية وكتب وبحوث على الإنترنت ليتعرف الباحث والمهتم على الجوانب التي غطاها وشغلها الدرس اللغوي في الأردن.

♦ ضرورة أن يهتم الباحث قبل الخوض بدراسة موضوع بالمنهج الذي سيتبعه في دراسته لهذا الموضوع.

Linguistic studies in Jordan

in the second half of 20th century

This study aims to view the scattering efforts of the Jordanian linguistic scholars in books and different universal thesis, during this century, then to study these works a historical study in order to present a comprehensive clear idea about these studies by counting them, defining them, evaluating them, giving full a count of and their influence on and their position in the pursuit of Arabic linguistic research, from their arising up to the ends of this century, concluding, by this, the efforts of Jordanian Universities and their achievements, and the efforts of the Jordanian linguistics assembly, and what are edited such as books, thesis, and researches in periodicals such as: studies of Al-uradinya, Al-Yarmuuk researches, Muata researches and the magazines like: Afkar and Al-Majala Al-Thakafiya.

The ongoing research deals with what is written by modern linguists in Jordan. Thus it aims, by its critical views, to draw the general features of the approaches that are functioned in linguistic lesson. The syntactic studies are excluded from the domain of the research, so are the rhetoric and syntactic studies that are related to the science of elucidation and the prophet sayings, and the methods of teaching Arabic language or Arabic language for non-Arabic speakers, but the research concludes the pure linguistic studies for Jordanian scholars in Jordan.

I depended on the statistic that is related to the linguistic studies in the national library for reservation in addition to the indexes of the libraries of Jordanian Universities, and Biographical research to what the center of university thesis contains, such as researches deals with these studies, and by looking at the indexes of the well-judged magazines.

I was not satisfied by that, but I met the Jordanian linguists personally in order to inquire about their works and about their colleges of linguists and their Jordanian professors.

By this collection, I found a good amount of linguistic studies that stand on the classic approach. There are explanations and investigations of heritage linguistic books, in addition to the appearance of an orientation to the modern linguistic lesson with its various approaches, and the participation of Jordanian studies in the contemporary issues of Arabic language and its contemporaries to culture.

The nature of the study entails the formation of a news paper that concludes the linguistic studies in Jordan, and includes the Jordanian efforts in this field, in addition to what is edited of books, thesis and researches in periodicals and magazines. And then classifying and sectioning these studies according to their topic in order to be arranged in groups, each one contains a linguistic science, thus there would be a group of phonetic studies which form the first chapter of the thesis, and the group of morphological studies which form the second chapter of the thesis and the group of semantics and lexical studies which form the third chapter and finally, the group of the studies that mix the linguistic questions.

The studying and absorbing of these studies are done, and then describing defining and discussing the most important linguistic issues and questions, and then commenting on what I thought to be note worthy out of these studies in general, and what is left un commented on means that I do not object to what it presents of linguistic views that might be known to those who are specialists and concluding the general features of approaches and orientations that are functioned in the linguistic lesson in Jordan, as much as possible in Jordan and showing the old and modern influences. And then concluding the results and recommendations that can stimulate our institutions and universities to plan for the next future stage in the light of what is achieved and knowing the most prominent linguistic issues that are trodden by the scholars of language in Jordan.

فهرس المحتويات