الغرور في القرآن الكريم

ملخص الرسالة

الغرور في القرآن الكريم

بدأتُ دراستي هذه في الفصل الأول بالتعريف بلفظ (الغرور) في اللغة والاصطلاح والمصطلح القرآني، وتحدثت فيه عن الفرق بين الثقة والغرور، والصلة بينهما.

ثم تناولت أصناف المغرورين في الفصل الثاني، وعرضت من خلالها بعض النماذج القرآنية لِشخصيات ابتليت بالغرور.

وفي الفصل الثالث انتقلت للحديث عن الأسباب المؤدية إلى الوقوع في الغرور، والغرق في بحره المظلم.

وفي الفصل الرابع تحدثت عن علامات ومظاهر الغرور، والأمور التي من خلالها يتم الكشف عن وجود هذا المرض الفتاك لدى الشخص المبتلى به.

أما في الفصل الخامس فقد تناولت عاقبة المغرورين، واستحقاقهم لسخط الله تعالى في الدارين وما أعده الله لهم من عقاب، كما كانت عاقبة أسلافهم، أمثال قارون وفرعون وإبليس اللعين.

وفي الفصل السادس والأخير بينت طرق الحماية والعلاج من هذا المرض، وكيفية الوقاية منه والنجاة من الخوض في ظلماته.

وفي الخاتمة عرضت أبرز النتائج وأهم التوصيات.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

تحدث القرآن الكريم عن الكثير من المواضيع التي لا حصر لها في شتى أمور الحياة، وذلك لحاجة الإنسان الماسة إلى التعرف على هذه المواضيع، ولأهميتها في شتى أمور الحياة، ومن هذه المواضيع موضوع الغرور.

والغرور هو أحد الأخلاق الذميمة التي يبتلى بها المرء، ولأن هذا الموضوع ذات صلة كبيرة بحياة الإنسان، إذ أنه هو السبب الحقيقي للمساوئ الأخلاقية كلها، كالظلم، وطول الأمل، والعصيان، كان لابد من دراسته دراسة تفصيلية، لمعرفة أنواعه وأسباب الوقوع فيه، فيحذره الإنسان، ويفهمه فهمًا عميقًا يبعده عن الانزلاق فيه.

قال - جلّ في علاه -: ﴿ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [الحديد: 14].

أسباب اختيار موضوع البحث:

1) موضوع الغرور تناوله القرآن الكريم والسنة النبوية؛ ففي القرآن الكريم سبعة وعشرون آية تتحدث عن موضوع الغرور؛ وذلك لخطره وشدة تأثيره على سلوك المسلم، وانعكاسه على أعماله وصفاته، ومن هنا جاء اختياري للموضوع بالدرجة الأولى.

2) خدمة للقرآن الكريم والسنة المطهرة.

3) انتشار هذا المرض الفتاك الذي إن أصاب فردًا ما زال به حتى يقذفه في النار.

4) إلقاء الضوء على مخاطر هذا المرض.

5) إثراء المكتبة الإسلامية بدراسة متكاملة عن موضوع الغرور في ضوء القرآن الكريم.

الدراسات السابقة:

من خلال اطلاعي وتتبعي للموضوع وتجميعي للمادة العلمية، لم تقع عيني على عنوان رسالة في هذا الموضوع، بل وجدت أن موضوع الغرور مباحث مبعثرة بين كتب التفسير، والحديث واللغة، والأخلاق، والرقائق، سوى بعض الكتيبات والكتب القصيرة في هذا الموضوع.

ومن هذه الكتب:

1) الغزالي، أبو حامد محمد الغزالي الطوسي الشافعي: إحياء علوم الدين[1].

أسهب الغزالي الحديث فيه عن ذم الغرور، وبيان حقيقته، وأمثلته، وإظهار أصناف المغرورين، وأقسام كل صنف منهم.

2) ابن قدامه، أحمد بن علي بن قدامه المقدسي: مختصر منهاج القاصدين[2].

تناول فيه الكاتب موضوع الغرور، أقسامه، ودرجاته، وقدم فيه ما يستعان به للتخلص من هذا المرض.

3) الغزالي، أبو حامد محمد الغزالي الطوسي الشافعي: أصناف المغرورين[3].

سلط فيه المؤلف الضوء على موضوع الغرور من جوانب شتى منطلقًا من تعريف الغرور ومن ثم عرج على أصنافهم من مؤمن وكافر، وتوسع في الحديث عن غرور المؤمن.

4) بوبشيت، إبراهيم بن مبارك: وقفات مع الغرور[4].

تحدث فيه المؤلف عن الغرور ثم تعرض لمظاهره وأسبابه وطرق علاجه.

5) ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي: صيد الخاطر[5].

تحدث فيه الكاتب عن الغرور في العلم ومساوئه ونعته بأنه أشد أنواع الغرور.

6) القنوجي، صديق بن حسن بن علي: يقظة أولي الاعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار[6]، تحقيق: د. أحمد حجازي السقا.

تحدث فيه مؤلفه عن الغرور بشكل عام، ثم فصل فيه الحديث عن غرور أرباب العبادات والأعمال.

دراستي: تناولت في دراستي هذه ما يخص (الغرور في القرآن الكريم)، من تعريف وتوضيح وبيان في ضوء القرآن الكريم؛ حيث قمت بجمع الآيات القرآنية التي تتعلق بموضوع الغرور.

ومن خلالها استخلصت أسبابه، وطرق علاجه، والوقاية منه، واستنتجت آثاره وأضراره على الفرد والمجتمع، وبيان موقف المسلم منه.

ثم ذكرت نماذج قرآنيه على هذا الخلق الذميم؛ للعبرة والعظة، مع مراعاة المنهجية العلمية الصحيحة في ترتيب البحث وتبويبه، وذلك ليسهل على القارئ القراءة والاستفادة.

أهداف البحث:

1) بيان مفهوم الغرور في القرآن الكريم.

2) تحذير المسلم من هذا الخلق المذموم

3) الخروج من براثن العجز والسلبية والهزيمة النفسية

4) بيان موقف المؤمن من هذا الخلق الفاسد.

5) ترغيب المسلم بالتواضع وإتباع السلوك القويم.

مشكلة البحث:

تحاول هذه الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية:

1) ما المقصود بالغرور والإعجاب بالنفس؟

2) هل زيادة الثقة بالنفس تؤدي إلى الغرور؟

3) إلى ماذا يؤدي الغرور؟

فرضيات البحث:

1) أتوقع أن القرآن الكريم والسنة النبوية تناولا موضوع الغرور بشكل كبير لما لهذا المرض الفتاك من خطر على الأمم والأفراد.

2) أتوقع أن القرآن الكريم بين أسباب الغرور وفصلها تفصيلًا كاملًا.

3) أتوقع أن القرآن الكريم والسنة النبوية بينا آثار هذا المرض الفتاك ومخاطره.

4) أتوقع أن القرآن الكريم والسنة النبوية تحدثا عن طرق الوقاية منه ومن ثم طرق علاجه واجتثاثه من النفوس.

منهجية البحث:

تتبع هذه الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي الوصفي وذلك وفق الخطوات التالية:

1) جمع الآيات القرآنية ذات الصلة بهذا الموضوع.

2) جمع الأحاديث النبوية ذات الصلة بهذا الموضوع.

3) دراسة الآيات القرآنية ذات العلاقة بالموضوع من خلال كتب التفسير القديمة والحديثة.

4) ذكر اسم راو كل حديث في الرسالة، وتخريج الأحاديث وذلك بعزوها إلى مواضعها في كتب الحديث؛ بذكر الكتاب والباب والجزء والصفحة.

5) تقديم الكتب التسعة: الصحيحين والسنن الأربعة ومسند أحمد وموطأ مالك وسنن الدارمي في التخريج على غيرها من الكتب.

6) اعتمدت حكم الترمذي على الحديث في غير الصحيحين، وعلى الشيخ الألباني في سنن أبي داود وابن ماجه والّنسائي.

7) الترجمة للأعلام الواردين في الرسالة من الصحابة والتابعين وأئمة التفسير واللغة وغيرهم.

8) الاطلاع على الكتب التي تناولت بين طياتها هذا الموضوع والاستفادة مما كتبة بعض المعاصرين في هذا المجال.

9) اتباع المنهج العلمي الصحيح في التوثيق.

خطة البحث:

الفصل الأول: مفهوم الغرور، وفيه خمسة مباحث:

المبحث الأول: الغرور لغة واصطلاحا.

المبحث الثاني: المعاني التي ورد عليها لفظ الغرور في القرآن الكريم.

الغرور بمعنى:

1) الباطل

2) الحمق

3) متاع الحياة الدنيا

4) الخدعة في صورة النصيحة

المبحث الثالث: الأشباه والنظائر لكلمة الغرور في القرآن.

1) الكبر

2) الخيلاء

3) العجب

المبحث الرابع: الفرق بين الثقة والغرور.

المبحث الخامس: الغرور في ضوء السياق القرآني.

الفصل الثاني: أصناف المغرورين، وفيه أربعة مباحث

المبحث الأول: غرور الكافر

المبحث الثاني: غرور عصاة المؤمنين.

المبحث الثالث: غرور العلماء.

المبحث الرابع: الغرور بالمال والولد

الفصل الثالث: أسباب الغرور، وفيه ستة مباحث.

المبحث الأول: طول الأمل.

المبحث الثاني: وساوس الشيطان.

المبحث الثالث: تزيين قرناء السوء للمعاصي.

المبحث الرابع: الركون إلى الدنيا وزخارفها.

المبحث الخامس: غلبة الرجاء.

المبحث السادس: الكفر.

الفصل الرابع: علامات الغرور، وفيه خمسة مباحث.

المبحث الأول: التفاخر في الأولاد والأموال.

المبحث الثاني: عدم قبول النصيحة.

المبحث الثالث: الاستهزاء بآيات الله تعالى.

المبحث الرابع: البغي والاستكبار.

الفصل الخامس: عاقبة الغرور، وفيه خمسة مباحث.

المبحث الأول: نسيان الله لهم.

المبحث الثاني: استحقاق العقاب من الله تعالى.

المبحث الثالث: استحقاق العداوة والبغضاء.

المبحث الرابع: تسليط الصالحين عليهم.

المبحث الخامس: الاستدراج

الفصل السادس: طرق حماية النفس من الغرور، وفيه تسعة مباحث.

المبحث الأول: تذكر الآيات الكريمة التي تحذر من الاغترار بعفو الله.

المبحث الثاني: تذكر الآيات الكريمة والأحاديث النبوية التي تحذر من الاغترار بالدنيا وزخارفها.

المبحث الثالث: معرفة العدو الأصلي للإنسان؛ وهو الشيطان.

المبحث الرابع: التقوى والاستقامة على شرع الله.

المبحث الخامس: ملازمة العلماء والصالحين.

المبحث السادس: الخوف من الله تعالى.

المبحث السابع: تذكر الموت.

المبحث الثامن: تذكر ثواب من نهى نفسه عن الغرور.

المبحث التاسع: التفكير في مصارع الأمم المتبعة للغرور.

الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.

الخاتمة:

الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحا ت، وبالإخلاص لوجهه تؤتي أكلها وتتنامى خيراتها، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

في ختام هذا الموضوع كلي أمل بأن يكون هذا الموضوع قد أدى الغاية التي من أجلها كان هذا العنوان " الغرور في القرآن الكريم ".

وهنا أود أن أوضح أهم النتائج والتوصيات، وأبرز الحقائق التي توصلت إليها وهي:

• أن مسألة الغرور كانت من العوامل الأصلية للفساد والانحراف والكفر منذ بدء البشرية إلى يومنا هذا.

• أن المغرورين أصناف، وقد يقع في هذا المرض غير الكافر، مثل غرور عصاة المؤمنين، وغرور العلماء، وأرباب الأموال والأولاد.

• أن للغرور أسباب عديدة منوعه، منها طول الأمل والابتداع في دين الله.

• إن المغرورين يتصفون بصفات يعرفون بها، قد بينها القرآن الكريم وحذر منها، ومن صفات المغرورين: التفاخر بالأولاد والأموال، وحب الدنيا، والبغي والاستكبار.

• لما كان خطر الغرور كبيرًا، كان لابد من التماس الطريق الصحيح للوقاية والعلاج من هذا المرض الخطير، ومن هذه السبل: تذكر الآيات التي تحذر من الغرور ومن الدنيا ومن الشيطان الرجيم.

• أبرز القرآن الكريم عواقب وخيمة للغرور، من أهمها: نسيان الله لهم والعذاب الأليم في نار جهنم وغيرها.

• إن الغرور يوقع الإنسان في دوامة من التخيلات والأوهام التي تدفع به إلى تخيل النجاة من جميع الذنوب، ويتحرك في حياته الدنيا بكامل الحرية بسبب هذا الغرور، أو أنه يكون قد تخيل لنفسه امتيازًا عند الله تعالى وبه سينجو وينال رضا الله تعالى.

• من أبرز مساوئ الغرور أّنه يلقي حجابًا حاجزًا بين العقل وواقع الإنسان، فلا يتبين آنذاك نقائصه ومساوئه، من جشع، وحرص، وتكالب على الحياة، مما يسبب نقصه وذمه.

• إن الغرور يشقي أربابه، ويدفعهم إلى معاناة الحياة، ومصارعتها، دون اقتناع بالكفاف، أو نظر لزوالها المحتوم، مما يضنيهم ويشقيهم.

• الغرور بعد هذا وذاك، من أقوى الصوارف والملهيات عن التأهب للآخرة والتزود من الأعمال الصالحة، الموجبة للسعادة الأخروية، ونعيمها الخالد.

• إن الغرور هو أساس كل رذيلة وفساد، وهو منبع كل شقاء وزلل.

وفي الختام أدعو الله أن تكون دراستي خالصة لوجهه الكريم، فإن أحسنت فمن توفيق الكريم المنان، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

فهرس المحتويات