أثر دلالة السياق القرآني في توجيه معنى المتشابه اللفظي في القصص القرآني

ملخص الرسالة

أثر دلالة السياق القرآني في توجيه معنى المتشابه اللفظي في القصص القرآني

دراسة نظرية تطبيقية على آيات قصص نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام

مقدمة البحث:

الحمد لله الداعي إلى بابه، الموفق من شاء لصوابه، أنْعمَ بإنزال كتابه، يتكلم سبحانه بكلامٍ يَجلُّ أن يشابه كلام المخلوقين ويَبعُد، فهو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وهو الذّكْر الحكيم، والنور المبين، أحْمده على الهدى وتيسير أسبابِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من عقابه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أكمل الناس عِلمًا وعملًا في ذهابه وإيابه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، أما بعد:

فإن من أعظم الخير أن يَسعد المسلم بخدمة كتاب الله، فينعم بتلاوته وتأمّله وتذوق أسلوبه، وهذا خيرُ ما يَبذل فيه المسلم وقته وجهده، ويصرفُ إليه همّته، ويجولُ فيه فِكْره وقلمه، فإن كتابَ الله منبع العلوم، أودع الله فيه علم كل شيء، فاستمد منه أصحاب كل علمٍ علمهم، واجتهد العلماء في تفسيره وبيانه وتوضيحه، فهو كتابُ الله المعجَز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزّلت آياته على العرب وفيهم الشعراء والخطباء وهم أهل الفصاحة والبيان، فآمن منهم من كان يبتغي الحقَّ، إذ تيقَّن أن هذا ليس بكلام بشر، وأما من أخذته العزة بالإثم فقد بقي على كفره وأصرّ على ضلاله، ومع ذلك فقد كتب الله لدينه أن ينتشر، ولكلامه أن يخالط القلوب وينير الدروب، ويُذهل ببلاغته أرباب البلاغة، ويُدهش بفصاحته أساطين الفصاحة، وإنَّ من أعظم مظاهر إعجازه البياني ذلك التشابه العجيب بين كثير من آياته، فقد تتشابه الآيتان أو الثلاث، أو أكثر من ذلك في بعض ألفاظها، وتختلف نظمًا بتقديم وتأخير، أو بإفراد وجمع، أو بذكر وحذف، وغير ذلك، فيشبه بعضه بعضًا في الصدق والإعجاز، وإقامة الحجة على المعاندين.

ثم إن من توفيق الله أن جعلني إحدى المشتغلات بعلم من علوم القرآن وفنٍّ من فنونه وهو علم المتشابه اللفظي، والذي دعاني لاختياره أسباب عدَّة:

أولًا: أني عندما كنت أحفظ القرآن الكريم كانت تمر بي آيات متشابهة في اللفظ، مختلفة في كلمة أو أكثر، مما كان يؤدي بي إلى الخلْط وعدم الفصل بين الآيات المتشابهات، وكلما زاد عدد الأجزاء والسور التي أحفظها كلما زاد هذا الخلط، ولم أستطع إتقان الحفظ إلا بعمل موازنة بسيطة بين الآيات كتبتها لنفسي وأنا في المرحلة المتوسطة، وكنت أبحث عن سبب هذه الفروقات الدقيقة بين الآيات في كتب التفسير فحصلت على بعض الإجابات، ثم شاء الله لي أثناء دراستي للسَّنَة المنهجية أن علمت بتقدم الأستاذ فهد الشتوي برسالة عالج فيها المتشابه في آيات قصة موسى عليه السلام، فأحببت الموضوع على الفور ورغبت بشدة في التسجيل فيه وعرضت الفكرة على أستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور عبد العزيز عزت قبل أن يصبح مشرفًا لي على الرسالة فشجعني وحرص على تسجيل الموضوع لي.

ثانيًا: أن لهذا الموضوع أهمية في الرد على أعداء الإسلام الذين اتخذوا من تشابه الآيات وتكرارها مدخلا ملتويا للطعن والتشهير بكتاب الله، فهو قامع لشبهات الذين أُظلمت قلوبهم وأغلقت عقولهم، يرد باطلهم، ويبيّن جهلهم وزيغهم.

ثالثًا: جمعُ ما تناثر، وضمُّ ما تفرق في باب المتشابه اللفظي في قصص أنبياء الله نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام من كتب المتشابه اللفظي، والوجوه والنظائر، وعلوم القرآن ومعانيه، وإعرابه، وتفسيره، وكتب اللغة والمعاجم والشعر.

رابعًا: أنَّ هذا الموضوع معين على التدبُّرِ في كتاب الله وتأَمُّل آياتِه ومعانيه، فكتاب الله نزل ليُتدبَّر ويُعمل به، ولم ينزل للقراءة فقط.

وقد كانت رسالتي في قصص نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام لما فيها من العبر والمواعظ والتي ثنيت بسببها في القرآن مرارًا، ولما فيها من وفرة المتشابه مع تعدُّد ذلك في سور وسياقات مختلفة.

ولقد واجهتني صعوبات في هذا البحث ترجع إلى أسبابٍ عدَّة:

أولًا: طبيعة البحث لكونه فنٌّ دقيقٌ من فنون التفسير.

ثانيًا: أن المتشابه يحتاج في توجيهه ومعرفة أسبابه النظر إلى علوم عديدة كأصول الدين والنحو والبلاغة وغيرها، مما يحتِّم على الباحث فيه أن يطلع على هذه العلوم، وهنا تكمن الصعوبة.

ثالثًا: أن كتب توجيه المتشابه قليلة جدًا، وهي مع قلتها لم تتناول جميع المتشابه في القصص التي درستها، إضافة إلى أن بعض توجيهات هذه الكتب كانت توجيهات ضعيفة غير مرضية لي.

مما دعاني إلى محاولة بذل الجهد والسعي في جمْعِ شتات المسائل من مظانّها ومن غير مظانّها من متفرقات المصنفات، وهذا مما أضاف إلى صعوبة الموضوع، ولولا هداية الله وتوفيقه لما اهتديت لشيء أبدًا.

وعنوان هذه الرسالة: "أثر دلالة السياق القرآني في توجيه معنى المتشابه اللفظي في قصص نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام، دراسة نظرية تطبيقية".

وتشمل خطة هذه الرسالة على ما يلي: مقدمة وقسمين وخاتمة.

وهذه هي المقدمة، أما القسمان:

فالأول: الدراسة النظرية: علم المتشابه اللفظي في القرآن الكريم، وأثر السياق في توجيهه، وتنقسم إلى فصلين:

الفصل الأول: المتشابه اللفظي في القرآن.

وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تعريف المتشابه، والمتشابه اللفظي، ومعناه والمراد به في القرآن الكريم.

وتحته ثلاث مطالب:

المطلب الأول: تعريف المتشابه لغة، واصطلاحا، ومعناه والمراد به في القرآن الكريم.

المطلب الثاني: أنواع المتشابه في القرآن الكريم.

المطلب الثالث: أنواع المتشابه اللفظي في القرآن الكريم.

المبحث الثاني: أهمية المتشابه وفوائده.

وتحته مطلبان:

المطلب الأول: أهمية علم المتشابه اللفظي.

المطلب الثاني: فوائد علم المتشابه اللفظي.

الفصل الثاني: السياق،

وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: تعريف السياق لغة واصطلاحا، ودلالته:

وتحته ثلاث مطالب:

المطلب الأول: السياق لغة.

المطلب الثاني: السياق اصطلاحًا.

المطلب الثالث: دلالة السياق.

المبحث الثاني: أصل القول بالسياق من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الصحابة رضي الله عنهم.

وتحته مطلبان:

المطلب الأول: أصل القول بالسياق من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

المطلب الثاني: ما ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم من اعتبار السياق.

المبحث الثالث: عناية العلماء بالسياق وأهميته.

وتحته مطلبان:

المطلب الأول: عناية العلماء بالسياق.

المطلب الثاني: أهمية السياق.

المبحث الرابع: أركان السياق وأنواعه:

وتحته مطلبان:

المطلب الأول: أركان السياق.

المطلب الثاني: أنواع السياق.

القسم الثاني: الدراسة التطبيقية:

وتشتمل على:

قصة نوح - عليه السلام -.

وقصة هود - عليه السلام -.

وقصة صالح - عليه السلام -.

وقصة شعيب - عليه السلام -.

وتشتمل على: موازنة بين القصص السابقة في المتشابه اللفظي.

الخاتمة: وفيها أهم النتائج.

الفهارس: ذيّلت البحث بكشافات للآيات المتشابهات، والآيات المستشهد بها، والأحاديث، والآثار، والأعلام، والأماكن، والأشعار، ودليل للمراجع، وآخر للموضوعات.

منهجي في البحث:

1) عزوت الآيات بالأرقام إلى سورها، واعتمدت الرسم العثماني في كتابة جميع الآيات، المتشابه منها، والمستشهد بها، والمنقول من المصادر.

2) خرجت الأحاديث النبوية.

3) عرفت الأعلام الذين وردت أسماؤهم في المتن، بدون أن أشير إلى مَن سبقت ترجمته، مُكتفية بكشاف الأعلام.

4) عند حذف شيء من النص لا يقتضيه المقام وضعت مكانه نقاطًا "....." ، وعند إضافة توضيحٍ للنص وضعته بين قوسين ( ).

5) ما نقلته من كلام غيري وضعته بين علامتي تنصيص " "، وقد أضعه بين هاتين العلامتين في أثناء كلامي دون الإشارة إلى أنه منقول من غيري حتى لا يختل سبك الكلام، ثم أشير إلى قائله في الحاشية.

6) عند نقل نص بالتلخيص أو بالمفهوم أكتب في الحاشية كلمة: (ينظر).

7) كتبت المراجع في الحاشية بلا تفصيل، بل ذكرت تفاصيلها في دليل المراجع.

8) قدمت بمقدمة في افتتاح الدراسة التطبيقية تبين منهجي فيها، لأن وجوده هناك أنسب فهو كالمفتاح الذي يفتح بابها.

وأخيرا فإني أتقدم بالشكر الوافر بعد شكر الله عز وجل لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد العزيز عزت عبد الحكيم محمود، الأستاذ بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى، والذي كان لي مشرفا كريما وأستاذا فاضلا، فقد كان نعم المشرف، أعطاني من وقته الكثير، ولم يبخل عليّ بعلمه وتوجيهه، فأشكره على ما قام به من توجيه ومتابعة وتقويم، وجزاه الله عني وعن طلاب العلم خير الجزاء.

كما أشكر كل من ساعدني في هذا البحث برأي أو تقويم أو توجيه أو دلالة على كتاب أو غير ذلك، من أساتذة أو أخوات عزيزات قدمن لي العون عندما كنت في حاجة إليه، وأخص منهم فضيلة الدكتور الشيخ مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار، الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض، جامعة الملك سعود، والدكتورة فائقة الحسني، الأستاذة بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى، على إفادتها لي في هذا الموضوع من مشورةٍ وإعارةٍ لكتب، فجزاهما الله خير الجزاء.

وقد كان من تيسير الله أن هيأ لهذا البحث مناقشَين فاضلين من كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى هما الأستاذ الدكتور محمد بن عمر بازمول، والأستاذ الدكتور عبد القيوم بن عبد الغفور السندي حفظهما الله، فلهما جزيل الشكر على تفضلهما بقراءة الرسالة وموافقتهما على مناقشتي فيها.

كما أود أن أقدم شكرًا خاصًا لزوجي الأستاذ أحمد بن عمر باحويرث، الذي قدّم لي دعمًا كاملًا، ومكّنني من التفرغ لدراستي، وكان لي نِعْم المعين بعد الله عز وجل، فله بالغ شكري وعظيم امتناني.

وبعد:

فإني أرجو أن أكون قد وفّيت هذا الموضوع بعض حقه، هذا وإن عمل ابن آدم لا يخلو من الخطأ والزلل، فما كان في هذا البحث من صواب فهو من فضل الله وله الحمد أولًا وآخرا، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي، أسأل الله أن لا يحرمني أجر المجتهدين، والحمد لله رب العالمين.

ملخص الرسالة

عنوان الرسالة: أثر دلالة السياق القرآني في توجيه المتشابه اللفظي في قصص نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام، دراسة نظرية تطبيقية.

خطة البحث: تضمن البحثُ مقدمة وقسمين وخاتمة، أما المقدمة فقد احتوت على أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، والصعوبات التي واجهتني فيه، وخطة الموضوع.

وأما القسم الأول: فقد اشتمل على فصلين، الفصل الأول: تحدثت فيه عن المتشابه اللفظي في القرآن، واشتمل على مبحثين، المبحث الأول: اشتمل على تعريف المتشابه اللفظي، لغة واصطلاحا، ومعناه والمراد به في القرآن، والمبحث الثاني: اشتمل على أهمية علم المتشابه اللفظي وفوائده، والفصل الثاني: تحدثت فيه عن السياق واشتمل على أربعة مباحث، المبحث الأول: اشتمل على تعريف السياق لغة واصطلاحا،ومعنى دلالة السياق، والمبحث الثاني: اشتمل على أصل القول بالسياق من سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم، والمبحث الثالث: اشتمل على عناية العلماء بالسياق وأهميته، والمبحث الرابع: اشتمل على أركان السياق وأنواعه، أما القسم الثاني من البحث فقد اشتمل على:

المتشابه اللفظي في قصة نوح عليه السلام، والمتشابه اللفظي في قصة هود عليه السلام، والمتشابه اللفظي في قصة صالح - عليه السلام - والمتشابه اللفظي في قصة شعيب - عليه السلام -، كما اشتمل على موازنة للمتشابه اللفظي في القصص الأربعة السابقة.

وأما الخاتمة فقد توصَّلت فيها إلى نتائج، أهمها:

1- أن السياق القرآني أحد أعمدة الترجيح الأساسية في منهجية التفسير، وهو يضبط فهم المُتلقي.

2- من فوائد السياق توجيه المتشابه اللفظي وبيان الفروق الدقيقة بين الآيات.

3- أن المتشابه اللفظي من أعظم دلائل إعجاز القرآن، فالتشابه بين كلمات القرآن قد أبرز أسرارًا عظيمة وحِكمًا عجيبة.

4- عناية علماء المتشابه بالسياق، فربطوا الآيات بما سبقها ولحقها، وكثيرًا ما نظروا إلى سياق السورة لتوجيه المتشابه.

5- تبين لي من خلال الدراسة التطبيقية أهمية التأصيل الصحيح لمسائل العلم.

وصلى اله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اسم الطالبة: تهاني بنت سالم بن أحمد باحويرث - المرحلة: الماجستير