ابن البطال وآراؤه الكلامية في شرح صحيح البخاري

ملخص الرسالة

ابن البطال وآراؤه الكلامية في شرح صحيح البخاري

مقدمة البحث

أحمد الله الذي لا تنتهي محامده، وأصلي وأسلم على الأنبياء الذين سمت في ميادين الخير مقاصدهم، ورضي الله عن منارات الهدى ومعالم الرشاد من آل بيته وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد.

وبعد:

فإن من الأمور المتفق عليها أن شرف العلم إنما هو بشرف موضوعه وما يبحث فيه، وإذا كان الأمر كذلك فمما لا ريب فيه أن الموضوع الذي يبحث في الذات الإلهية وكذا الرسل والأنبياء وما يجب في حقهم وما يجوز وما يمتنع يعد من الأمور المهمة والرئيسة بين العلوم الشرعية كافة؛ لذا كان هذا الموضوع هو من أشرف الموضوعات، وبالتالي فإن العلم الباحث في هذه الموضوعات هو من أشرف العلوم، بل هو أصل العلوم كلها ومنه تُستمد العلوم جميعًا. ومن هنا كان اختياري لهذا العلم أمرًا ضروريًّا، وتتجلى هذه الضرورة من خلال شخصية علمية متخصصة بعلم الحديث والمتمثلة في شخصية (ابن بطال) من خلال شرحه لأهم مدونات السنة الصحاح وهو شرحه لصحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ولعل من المهم بمكان القول بأن ابن بطال استطاع من خلال شرحه لهذا الكتاب الوقوف على جملة من الآراء الكلامية التي كان يلهج بذكرها المتكلمون من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، ثم استطاع شرح تلك الآراء وتلخيصها ونقدها بأسلوب بياني فريد من نوعه مضافًا إلى ذلك الخلفية الحديثية التي كان يتمتع بها ابن بطال.

وكان من العسير على الباحث في خضم الظروف المأساوية التي يمر بها بلدنا العزيز استقراء المجلدات العشرة لابن بطال وربما كان بمقدوري أن أكتفي بمجلد أو اثنين في بيان الفكرة التي أود عرضها للقارىء الكريم؛ لكنني ارتأيت غير ذلك؛ فقمت باستقراء الآراء الكلامية في المجلدات العشرة كاملة ووضعت تلك الآراء تحت أبوابها المعروفة في كتب المتكلمين؛ خشيةً مني على القارىء أن يقع في الالتباس الذي ربما ينجم نتيجة المسائل المتفرعة والكثيرة والمبعثرة في ثنايا هذا الكتاب.

وقد استطعت رسم صورة واضحة المعالم للمذهب العقدي لابن بطال كما استطعت رسم صورة أوضح للمنهج الذي سار عليه في كتابه وهو منهج اتسم في الكثير الغالب بالموضوعية والحيادية الأمر الذي ربما يجعلنا نقول من غير لبس ولا غموض أن ابن بطال شن حملة شعواء على المتكلمين وأرباب الكلام.

وقد اقتضى منهج البحث أن يكون في مقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة:

أما المقدمة: فقد ذكرت فيها أهمية الموضوع، وسبب اختياري له، ومنهجي في البحث.

وأما الفصل الأول: فقد استعرضت فيه حياة ابن بطال، وعصره، وقد تضمن الكلام على اسمه ونسبه وحياته العلمية والاجتماعية والحالة السياسية التي مر بها هذا العالم الجليل.

وأما الفصل الثاني: فقد خصصته للتعريف بأهل الحديث وبعض آرائهم الكلامية، وجاء الكلام فيه على مباحث منها: منهج المحدثين في أصول الدين، وموقف المحدثين من النصوص الموهمة للتشبيه. وقد قدمت له بتمهيد عرفت فيه بعلم الكلام وبأهل الحديث.

وأما الفصل الثالث: فقد كان فيه عرض للآراء الكلامية لابن بطال وقد تناولت فيه عدة مسائل كلامية وبينت رأي ابن بطال فيها.

وأما الخاتمة: فقد استعرضت فيها أهم النتائج المستخلصة في هذه الرحلة المباركة مع المؤلِّف والمؤلَّف.

والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم وأن يتقبله مني، وأن يغفر لي زلتي فيه.

الخاتمة

الحمد لله الذي منَّ عليَّ ووفقني لإتمام هذا البحث، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.

وبعد:

فقد امتنَّ الله عليَّ بإتمام هذا البحث، وقد عشتُ طوال مدة إعداده وكتابته مع عالم جليل، هو ابن بطال وشرحه لصحيح البخاري. وقد أفادني الله تعالى بهذا البحث فوائد جمة وخرجت منه نتائج كثيرة، أثبت فيما يأتي أهمَّها:

1- لقد سلك ابن بطال في إثبات وتقرير أغلب مسائل العقيدة مسلك أئمة الأشاعرة.

2- قرر ابن بطال الكثير من اختيارات الأشاعرة على طريقة المحدثين في تقرير ومناقشة مسائل العقيدة.

3- يرى ابن بطال أن أسماء الله سبحانه توقيفية؛ فلا يجوز إثبات اسم له سبحانه لم يرد فيه نصٌّ من الكتاب أو صحيح السُّنَّة. وقد تكلـم على معاني بعض أسماء الله الحسنى في شرحه على البخاري.

4- خالف ابن بطال الأشاعرة في مسألة خروج الأعمال من الإيمان؛ فهو يرى أن الأعمال داخلة في مُسمَّى الإيمان.

5- يرى ابن بطال أن كل فعل وردت نسبته إلى الله عز وجل في الكتاب والسُّنة ولا يليق به فعله فإنه في الحقيقة منسوب إلى الملك المرسل به.

هذه هي أبرز النتائج التي خرجت بها من هذا البحث، وأسأل الله أن ينفعني في يوم لا ينفع العبدَ إلا خالصُ عمله الصالح.

والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات...

فهرست المحتويات