• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع
علامة باركود

خيار التدليس

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2015 ميلادي - 7/8/1436 هجري

الزيارات: 65587

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خيار التدليس

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


قوله: الرابع: خيار التدليس، فيثبت بما يزيد به الثمن، وخيار التدليس على التراخي؛ إلاَّ المُصَرَّاة، فيخير ثلاثة أيام منذ علم بين إمساك بلا أرْش، ورد مع صاع تمر سليم إن حَلَبها... إلى آخره[1].


قال في «المقنع»: «ولا يحل للبائع تدليس سلعته ولا كتمان عيبها، فإن فعل فالبيع صحيح، وقال أبو بكر: إن دلَّس العيب فالبيعُ باطل، قيل له: فما تقول في التَّصْرِية؟ فلم يذكر جواباً»[2].


وقال في «الإفصاح»: «واتفقوا على أنه لا يجوز تَصْرية الإبل والبقر والغنم للبيع تدليساً على المشتري[3].


ثم اختلفوا فيما إذا فعل ذلك أحدٌ ثم باع المُصرَّاة، فهل يثبت الفسخ للمشتري بذلك؟

فقال مالك[4] والشافعي[5] وأحمد[6]: يثبت له الفسخ، ويجب عليه رد صاع من تمر عوضاً عمَّا احتلبه من لَبَنِها.


وقال أبو حنيفة[7]: لا يثبت له الفسخ»[8].

وقال الشيخ ابن سعدي: «القاعدة الثالثة: بيع التغرير والخداع، وهذا مُحرَّم على المخادع بالكتاب والسُّنة والإجماع، وفي الحديث الصحيح: (من غشَّنا فليس مِنَّا)[9]، فهذا عام في الغش في المعاملات كلها من التجارة والإجارة والمشاركة وكل شيء، فإنه يجب في المعاملات الصدق والبيان ويحرم فيها الغش والتدليس والكتمان.


والغش: إما أن يظهر أن المبيع على صفة حسنة هو خال منها، وهو الذي يسمونه بخيار التدليس، كتصرية اللبن في الضَّرْع، وتسويد شعر العجوز، وجمع ماء الرَّحى وإرسالها وقت عرضها للبيع.


ومن هذا: أن يريه بعض المبيع وهو أحسن ما يكون في البيع، ويوهمه أن الباقي مثل الذي رأى، كأن يزيّن وجه الصُّبْرة وينقيها، أو يبيعها بالأُنموذج ويريه أحسن مما باعه، والضابط لهذا النوع ما قالوا: أن يدلس المبيع بما يزيد به الثمن، وإما أن يكون فيه عيب فيكتمه ولا يبيّنه، وإما أن يغبنه بنَجْش أو إخبار أنه أُعطي في السلعة كذا وهو كاذب، أو تلقّى الركُّبان ليشتري منهم أو يبيعهم أو يخدع من لا يحسن المُماكَسة، أو نحو ذلك فالغارُّ في هذه الأشياء آثم، وللآخر المخدوع الخيار إن شاء أمسك وإن شاء ردّ وأخذ ما دفع.


وأما الأرش في هذه المسائل فإن كان قد تعذَّر الردّ وجب للمخدوع الأرش، وإن لم يتعذَّر الردّ فالمشهور في المذهب[10]: أن المغرور مخيَّر إن شاء أمسك بالأرش في العيب وإن شاء ردَّ، وفي الغبن والتدليس لا أرش مع الإمساك، والصحيح أن الأرش معاوضة جديدة تتوقف على رضا المتعاقدين إن اتفقا عليها فذاك، وإن لم يخترها الغارُّ بل اختار التراجع لم يُجبر على الأرش، وهو اختيار الشيخ، وهو الموافق للقاعدة؛ لأنه لا يلزم الإنسان شيئاً لم يلتزمه ولا تسبب في تغريمه.


ومثل التغرير في المبيع: التغرير في العين المؤجرة غبناً وتدليساً وكتم عيب، إلا أن الأصحاب في الإجارة لم يخيروا الأجير بين الإمساك مع الأرش والرد، بل بين الإمساك والرد فقط، ولا فرق بين البابين كما قاله بعض الأصحاب.


ومما يدخل في هذه القاعدة: من غرَّ غيره فأخبره أنه عبدُ زيدٍ وهو كاذب فاشتراه منه، أو أخبره أن المال ماله فاشتراه، أو أخبره بصفة مقصودة في المبيع لغيره فاغترَّ واشتراه ووجد الأمر على خلاف ما قال؛ فإنه يرجع على مَن غرَّه كما قاله صاحب «الفروع»[11] وغيره، وهو الموافق للقاعدة الشرعية، وإن كان المتأخرون من الأصحاب رحمهم الله لا يرون رجوعه عليه فإنه قول ضعيف جدّاً مخالف لقولهم في مواضع؛ ولهذا قالوا: يرجع بالغرم على مَن تسبب له؛ ولهذا لو كذب عليه عند ولي الأمر فأخذ ماله، أو دلَّ سارقاً، أو من يأخذ ماله فهو ضامن.


والقاعدة: أن المُباشِرَ والمُتسبِّبَ كلاهما ضامن، لكن إذا اجتمعا قُدِّم تضمين المُباشِر، فإن تعذَّر تضمينه فعلى المُتسبِّب.


ومن هذا الباب: رجوع الزوج المغرور بزوجة معيبة أو مجنونة على من غرَّه من ولي وزوجه عاقلة وأجنبي.


ومما يدخل في هذه القاعدة: الأيدي المترتبة على يد الغاصب، فإن العين إذا انتقلت من الغاصب إلى من لا يعلم الحال فهو مغرور بالاتفاق أن قرار الضامن على الغاصب إلا ما دخل على أنه مضمون عليه، ولكن هل يملك المالك مطالبة من حصل التلف للعين أو منافعها بيده كما هو المشهور والمذهب[12]، ألو لا يملك لأنه معذور كما هو اختيار الشيخ تقي الدين[13]؟ الثاني أصح دليلاً.


ومن هذا الباب: تضمين الكفيل إذا لم يفِ بما عليه، وضمان المعرفة إن قلنا به.


ومن هذا الباب: إطلاق الرهن في عُرْف النجديين، وصورة ذلك: أن يكون لزيدٍ على عمروٍ مثلاً ألف درهم قد رهن فيها ملكه فيريد أن يستدين عَمرو من خالد ألفاً أو نحوها ليوفي بها زيداً ويُطْلِق زيد لخالد رهنه في الملك المذكور رغبة منه في قبض الألف التي استدانها من خالد، وخالد لا يرغب أن يدين عَمراً إلا على هذا الوجه، وقصدهم بذلك: أن الرهن متى بيَّن عدم صحته بأن يكون غصباً أو سبق فيه رهن آخر أن يستعيد خالد من زيد الدراهم التي قبضها زيد من عمرو؛ لأنه ديَّنه بهذا الشرط وهو جار عندهم وفي عُرفهم مجرى الضمان، فإذا تبيَّن في الرهن المذكور تبعة رجع خالد على زيد بالدراهم التي قبضها؛ ولهذا إذا أراد زيد أن يحترز عن هذا الضمان قال: لا أطلق لك الرهن، ولكن أقر أنه ليس لي حقٌّ في هذا الرهن، فلا يصير ضامناً للرهن، والله تعالى أعلم بالصواب»[14].


وقال البخاري: «(باب: النهي للبائع ألا يُحَفِّل الإبل والبقر والغنم وكلَّ مُحَفَّلَة، والمُصَرَّاة التي صُرِّيَ لبنها وحُقِنَ فيه، وجُمِع فلم يُحلَب أيَّاماً).


وأصل التَّصْرِية: حبس الماء، يقال منه: صرَّيت الماء إذا حبسته.


حدثنا ابن بُكير، حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، قال أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُصرُّوا الإبل والغنم، فمَن ابتاعها بعدُ فإنه بخير النَّظَرَين بعد[15] أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردَّها وصاع تمر).


ويُذكر عن أبي صالحٍ ومجاهد والوليد بن رباح وموسى بن يَسار، عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: (صاع تمر).

وقال بعضهم، عن ابن سيرين: (صاعاً من طعام، وهو بالخيار ثلاثاً).

وقال بعضهم، عن ابن سيرين: (صاعاً من تمر)، ولم يَذكُر ثلاثاً، والتَّمر أكثر[16].


حدثنا مُسدد، حدثنا مُعتمر، قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو عثمان، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: من اشترى شاة مُحَفَّلةً فردَّها، فليرُدَّ معها صاعاً [من تمر][17]، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُلقَّى البيوع[18].


تحدثنا عبد الله بن يُوسُف، أخبرنا مالك، عن أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه [364أ]: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَان، ولا يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبيع حاضر لباد، ولا تُصَرُّوا الغنم، ومن ابتاعها فهو بخير النَّظَرَيْن بعد أن يَحْتَلِبَها إن رَضِيَها أمسكها، وإن سَخِطَها رَدَّها وصاعاً من تمر)[19]».


قوله: «باب: النهي للبائع ألّا يُحَفِّلَ الإبل والبقر والغنم)، قال الحافظ: وقيَّد النهيَ بالبائع إشارة إلى أنَّ المالك لو حفَّل فجمع اللبن للولد أو لعياله أو لضيفه لم يحرم، وهذا هو الراجح، وذَكَرَ البقرَ في الترجمة وإن لم يُذكر في الحديث إشارة إلى أنها في معنى الإبل [والغنم في الحكم خلافاً لداود، وإنما اقتصر عليهما لغلبتهما عندهم، والتحفيل بالمهملة والفاء: التجميع، قال أبو عبيد: سميت][20] بذلك؛ لأن اللبن يكثر في ضرعها[21].


قوله: (وكُلَّ) بالنصب عطفاً على المفعول وهو من عطف العام على الخاص؛ إشارة إلى أن إلحاق غير النعم من مأكول اللحم بالنعم للجامع بينهما وهو تغرير المشتري.

وقال الحنابلة[22] وبعض الشافعية[23]: يختص ذلك بالنعم.


واختلفوا في غير المأكول كالأتان والجارية فالأصح لا يرد للبن عوضاً، وبه قال الحنابلة[24] في الأتان دون الجارية.


قوله: (فمن ابتاعها بعد)، أي: من اشتراها بعد التحفيل، زاد عبيد الله بن عمر، عن أبي الزناد: (فهو بالخيار ثلاثة أيام)، أخرجه الطحاوي[25]، وابتداء هذه المدة من وقت بيان التَّصْرِية، وهو قول الحنابلة[26].


وعند الشافعية[27]: أنها من حين العقد.

وقيل: من التفرق، ويلزم عليه أن يكون الغَرَر أوسع من الثلاث في بعض الصور، وهو ما إذا تأخر ظهور التَّصْرِية إلى آخر الثلاث، ويلزم عليه أيضاً أن تحسب المدة قبل التمكن من الفسخ، وذلك يفوت مقصود التوسع بالمدة.

قوله: (بخير النظرين)، أي: الرأيين.


قوله: (إن يحتلبها) كذا في الأصل، وهو بكسر (إن) على أنها شرطية، وجزم يحتلبها، ولابن خزيمة والإسماعيلي من طريق أسيد بن موسى، عن الليث: (بعد أن يحتلبها).


وظاهر الحديث: أن الخيار لا يثبت إلا بعد الحلب، والجمهور على أنه إذا علم بالتَّصْرِية ثبت له الخيار ولو لم يحلب[28]، لكن لما كانت التَّصْرِية [364ب] لا تُعرف غالباً إلا بعد الحلب ذكر قيداً في ثبوت الخيار، فلو ظهرت التَّصْرِية بغير الحلب فالخيار ثابت.


قوله: (إن شاء أمسك)، في رواية مالك عن أبي الزناد في آخر الباب: (إن رضيها أمسكها)، أي: أبقاها على ملكه، وهو يقتضي صحة بيع المُصَرَّاة وإثبات الخيار للمشتري، فلو اطلع على عيب عبد الرضا بالتَّصْرِية، فردَّها هل يلزم الصاع؟ فيه خلاف، والأصح عند الشافعية[29]: وجوب الرد، ونقلوا نص الشافعي[30] على أنه لا يرد، وعند المالكية[31] قولان.


قوله: (وإن شاء ردّها)، في رواية مالك: (وإن سخطها ردّها)، وظاهره: اشتراط الفور وقياساً على سائر العيوب، لكن الرواية التي فيها أن له الخيار ثلاثة أيام مقدمة على هذا الإطلاق، ونقل أبو حامد والروياني فيه نص الشافعي، وهو قول الأكثر.


وأجاب من صحَّح الأول: بأن هذه الرواية محمولة على ما إذا لم يعلم أنها مُصَرَّاة إلا في الثلاث؛ لكون الغالب أنها لا تُعلم فيما دون ذلك.


قال ابن دقيق العيد[32]: والثاني أرجح؛ لأن حكم التَّصْرِية قد خالف القياس في أصل الحكم لأجل النص، فيطرد ذلك، ويتبع في جميع موارده.


قال الحافظ: ويؤيده أن في بعض روايات أحمد والطحاوي من طريق ابن سيرين، عن أبي هريرة: (فهو بأحد النَّظَرين بالخيار إلى أن يحوزها أو يردها)[33].


قوله: (وصاع تمر)، في رواية مالك: (وصاعاً من تمر)، والواو عاطفة للصاع على الضمير في ردها، ويجوز أن تكون الواو بمعنى: مع، ويُستفاد منه فورية الصاع مع الرد، واستدل به على وجوب رد الصاع مع الشاة إذا اختار فسخ البيع، فلو كان اللبن باقياً ولم يتغير فأراد رده هل يلزم البائع قبوله؟ فيه وجهان، أصحهما: لا؛ لذهاب طراوته ولاختلاطه بما تجدد عند المبتاع، والتنصيص على التمر يقتضي تعيينه...


إلى أن قال: وقد أخذ بظاهر هذا الحديث جمهور أهل العلم، وأفتى به ابن مسعود[34] وأبو هريرة[35] ولا مخالف لهم من الصحابة [365أ]، وقال به من التابعين ومن بعدهم من لا يُحصى عددهم، ولا يفرقوا بين أن يكون اللبن الذي احتلب قليلاً أو كثيراً، ولا بين أن يكون التمر قوت تلك البلد أم لا، وخالف في أصل المسألة أكثر الحنفية، وفي فروعها آخرون.


أما الحنفية[36] فقالوا: لا يرد بعيب التَّصْرِية، ولا يجب ردّ صاع من التمر، وخالفهم زُفَر[37] فقال بقول الجمهور، إلا أنه قال: يتخير بين صاع تمر أو نصف صاع بُرّ، وكذا قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف[38] في رواية، إلا أنهما قالا: لا يتعين صاع التمر بل قيمته، وفي رواية عن مالك[39] وبعض الشافعية[40] كذلك لكن قالوا: يتعيَّن قوت البلد قياساً على زكاة الفِطر.


وحكى البغوي أن لا خلاف في المذهب[41] أنهما لو تراضيا بغير التمر من قوت أو غيره كفى، وأثبت ابن كَجَ الخلاف في ذلك، وحكى الماوردي وجهين فما إذا عَجَزَ عن التمر هل تلزمه قيمته ببلده أو بأقرب البلاد التي فيها التمر إليه؟


وبالثاني قال الحنابلة[42]، واعتذر الحنفية عن الأخذ بحديث المُصَرَّاة بأعذار شتى، فمنهم من طعن في الحديث؛ لكونه من رواية أبي هريرة، ولم يكن كابن مسعود وغيره من فقهاء الصحابة، فلا يؤخذ بما رواه مخالفاً للقياس الجلي، وهو كلامٌ آذى قائلُهُ به نفسَه، وفي حكايته غِنىً عن تكلُّف الردِّ عليه، وقد ترك أبو حنفية القياسَ الجليَّ لرواية أبي هريرة وأمثاله كما في الوضوء بنبيذ التمر، ومن القهقهة في الصلاة وغير ذلك، وأظن أن لهذه النكتة أورد البخاري حديث ابن مسعود عقب حديث أبي هريرة؛ إشارة منه إلى أن ابن مسعود قد أفتى بوفق حديث أبي هريرة، فلولا أن خبر أبي هريرة في ذلك ثابت لما خالف ابن مسعود القياس الجلي في ذلك.


وقال ابن السمعاني في «الاصطلام»[43]: التعرُّض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله، بل هو بدعة وضلالة، وقد اختص أبو هريرة بمزيد الحفظ لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له – يعني: المتقدم في كتاب العلم وفي أول البيوع أيضاً – وفيه قوله: إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وكنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا... الحديث[44].


ثم مع ذلك لم ينفرد أبو هريرة برواية هذا الأصل، فقد أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر[45]، وأبو يعلى من حديث أنس[46]، وأخرجه البيهقي في «الخلافيات» من حديث [365ب] عمرو بن عوف المزني.


وقال ابن عبد البر[47]: هذا حديث مُجمَع على صحته وثبوته من جهة النقل، واعتلَّ مَن لم يأخذ به بأشياء لا حقيقة لها، ومنهم من قال: هو حديث مضطرب لذِكر التمر فيه تارة،،القمح أخرى، واللبن أخرى واعتباره بالصاع تارة، وبالمِثل أو المِثلين تارة، وبالإناء أخرى.


والجواب: أن الطُّوق الصحيحة لا اختلاف فيها، والضعيف لا يُعل به الصحيح، ومنهم من قال: هو معارض لعموم القرآن، كقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ ﴾ [النحل: 126].

وأُجيب: بأنه من ضمان المُتلَفات لا العقوبات، والمُتلَفات تَضمن بالمِثل وبغير المِثل، ومنهم من قال: هو منسوخ.


وتُعُقِّب: لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، ولا دلالة على النسخ مع مدَّعيه؛ لأنهم اختلفوا في الناسخ:

فقيل: حديث النهي عن بيع الدَّين بالدَّين، وهو حديث أخرجه ابن ماجه وغيره من حديث ابن عمر[48].


ووجه الدلالة منه: أن لبن المُصَرَّاة يصير دَيناً في ذمة المشتري، فإذا أُلزم بصاع من تمر نسيئة صار دَيناً بدَين، وهذا جواب الطحاوي[49].


وتُعُقِّبَ: بأن الحديث ضعيف باتفاق المُحدِّثين، وعلى التنزل فالتمر إنما شُرع في مقابل الحلب، سواء كان اللبن موجوداً أو غير موجود، فلم يتعيَّن في كونه من الدَّين بالدَّين.


وقيل: ناسخه حديث: (الخراجُ بالضمان) وهو حديث أخرجه أصحاب «السنن» عن عائشة[50].

ووجه الدلالة منه: أن اللَّبَن فَضْلة من فضلات الشاة، ولو هلكت لكان من ضمان المشتري، فكذلك فضلاتها تكون له، فكيف يَغرَم بدلها للبائع؟

حكاه الطحاوي[51] أيضاً.


وتُعُقِّبَ: بأن حديث المُصَرَّاة أصح منه باتفاق، فكيف يقدَّم المرجوح على الراجح؟ ودعوى كونه بعده لا دليل عليها، وعلى التنزل فالمشتري لم يؤمر بغرامة ما حدث في ملكه بل بغرامة اللبن الذي ورد عليه العقد، فليس بين الحديثين على هذا تعارض.


وقيل: ناسخه الأحاديث الواردة في رفع العقوبة بالمال، وقد كانت مشروعة قبل ذلك، كما في حديث بهز [366أ] بن حكيم، عن أبيه، عن جده في مانع الزكاة: (فإنا آخذوها وشطَر مالِهِ)[52]، وحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في الذي يسرق من الجَرين يغرم مثليه[53] وكلاهما في «السنن»، وهذا جواب عيسى بن أبان، فحديث المُصَرَّاة من هذا القبيل وهي كلها منسوخة.


وتعقَّبه الطحاوي[54] بأن التَّصْرِية إنما وجدت من البائع، فلو كانت من ذلك الباب للزمه التغريم، والفرض أن حديث المُصَرَّاة يقتضي تغريم المشتري فافترقا.


ومنهم من قال: ناسخه حديث: (البيَّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا)[55]، وهذا جواب محمد بن شجاع، ووجه الدلالة منه: أن الفرقة تقطع الخيار فثبت أن لا خيار بعدها إلا لمن استثناه الشارع بقوله: (إلا بيع الخيار)[56].


وتعقَّبه الطحاوي[57]: بأن الخيار الذي في المُصَرَّاة من خيار الردّ بالعيب، وخيار الردّ بالعيب لا تقطعه الفُرقة.

ومن الغريب أنهم لا يقولون بخيار المجلس ثم يحتجون به فيما لم يرد فيه.


ومنهم من قال: هو خبر واحد لا يُفيد إلا الظن وهو مخالف لقياس الأصول المقطوع به، فلا يلزم العمل به.

وتُعُقِّب: بأن التوقف في خبر الواحد إنما هو في مخالفة الأصول لا في مخالفة قياس الأصول، وهذا الخبر إنما خالف قياس الأصول بدليل أن الأصول: الكتاب، والسُّنة، والإجماع، والقياس.


والكتاب والسُّنة في الحقيقة هما الأصل، والآخران مردودان إليهما، فالسُّنة أصل، والقياس فرع، فكيف يُرَدُّ الأصل بالفرع!


بل الحديث الصحيح أصلٌ بنفسه، فكيف يُقال: إن الأصل يخالف نفسه؟!

وعلى تقدير التسليم يكون قياس الأصول يُفيد القطع، وخبر الواحد لا يُفيد إلا الظن، فتناول الأصل لا يخالف هذا الخبر الواحد غير مقطوع به لجواز استثناء محلّه عن ذلك الأصل.

قال ابن دقيق العيد[58]: وهذا أقوى متمسك به في الرد على هذا المقام.


وقال ابن السمعاني[59]: متى ثبت الخبر صار أصلاً من الأصول، ولا يحتاج إلى عرضه على أصلٍ آخر؛ لأنه إن وافقه فذاك، وإن خالفه فلا يجوز رَدُّ أحدهما؛ لأنه رد للخبر بالقياس وهو مردود باتفاق، فإن السنة مقدمة على القياس بلا خلاف...


إلى أن قال: والأولى عندي في هذه المسألة تسليم الأقيسة لكنها ليست لازمة؛ لأن السُّنة [366ب] الثابتة مقدمة عليها والله تعالى أعلم وعلى تقدير التنزُّل فلا نسلم أنه مخالف لقياس الأصول؛ لأن الذي ادعوه عليه من المخالفة بيَّنوها بأوجه:

أحدها: أن المعلوم من الأصول أن ضمان المثليات بالمِثل والمتقومات بالقيمة، وهاهُنا إن كان اللبن مِثليّاً فليضمن باللبن، وإن كان متقوماً [بالمِثل][60] فليُضمن بأحد النقدين، وقد وقع هنا مضموناً بالتمر فخالف الأصل.

والجواب: مَنْعُ الحصر، فإن الحُرَّ يُضمن في دِيته بالإبل وليست مِثلاً ولا قيمة، وأيضاً فضمان المِثل بالمِثل ليس مطرداً، فقد يَضمن المِثل بالقيمة إذا تعذَّرت المماثلة، كمَن أتلفَ شاة لبوناً كان عليه قيمتها، ولا يجعل بإزاء لبنها آخر؛ لتعذُّر المماثلة.


ثانياً: أن القواعد تقتضي أن يكون المضمون مقدر الضمان بقدر التالف وذلك مختلف، وقد قُدِّر هنا بمقدار واحد وهو الصاع فخرج عن القياس.

والجواب: مَنْعُ التعميم في المضمونات كالموضحة فأرشها مقدَّر مع اختلافها بالكبر والصغر، والغُرَّة مقدرة في الجنين مع اختلافه، والحِكمة في ذلك: أن كل ما يقع فيه التنازع فليقدر بشيء معين لقطع التشاجر، وتقدم هذه المصلحة على تلك القاعدة، فإن اللبن الحادث بعد العقد اختلط باللبن الموجود وقت العقد، فلم يُعرف مقداره حتى يوجب نظيره على المشتري، ولو عرف مقداره فوكل إلى تقديرهما، أو تقدير أحدهما؛ لأفضى إلى النزاع والخصام، فقطع الشارع النِّزاع والخصام، وقدَّره بحدٍّ لا يتعديانه فصلاً للخصومة، وكان تقديره بالتمر أقرب الأشياء إلى اللبن، فإنه كان قُوتَهم إذ ذاك كاللبن، وهو مكيل كاللبن ومقتات فاشتركا في كون كل واحدٍ منهما مطعوماً مقتاتاً مكيلاً، واشتركا أيضاً في أن كلاً منهما يُقتات به بغير صنعة ولا علاج.


ثالثها: أن اللبن التالف إن كان موجوداً عند العقد فقد ذهب جزء من المعقود عليه من أصل الخلقة، وذلك مانع من الرَّدِّ فقد حدث على [367أ] ملك المشتري فلا يضمنه، وإن كان مختلطاً فما كان منه موجوداً [عند العقد][61] وما كان حادثاً لم يجب ضمانه.

والجواب: أن يقال: إنما يمتنع الرد بالنقص إذا لم يكن لاستعلام العيب، وإلا فلا يمتنع وهنا كذلك.


رابعها: أنه خالف الأصول في جعل الخيار فيه ثلاثاً مع أن خيار العيب لا يقدر بالثلاث، وكذا خيار المجلس عند من يقول به، وخيار الرؤية عند من يثبته.

والجواب: بأن حكم المُصَرَّاة انفرد بأصله عن مماثلة فلا يُستغرب أن ينفرد بوصفٍ زائدٍ على غيره، والحكمة فيه، أن هذه المدة هي التي يتبين بها لبن الخلقة من اللبن المجتمع بالتدليس غالباً، فشرعت لاستعلام العيب، بخلاف خيار الرؤية والعيب، فلا يُتوقف على مُدَّة، وأما خيار المجلس فليس لاستعلام العيب، فظهر الفراق بين الخيار في المُصَرَّاة وغيرها.


خامسها: أنه يلزم من الأخذ به الجمع بين العوض والمعوض فيما إذا كانت قيمة الشاة صاعاً من تمر؛ فإنها ترجع إليه من الصاع الذي هو مقدار ثمنها.

والجواب: أن التمر عِوَض عن اللبن لا عن الشاة [فلا يلزم ما ذكروه][62].


سادسها: أنه مخالف لقاعدة الربا فيما إذا اشترى شاة بصاعٍ، فإذا اسْتردَّ معها صاعاً فقد استرجع الصاع الذي هو الثمن، فيكون قد باع شاة وصاعاً بصاع.

والجواب: أن الربا إنما يُعتبر في العقود لا الفسوخ، بدليل أنهما لو تبايعا ذهباً بفضة لم يجز أن يتفرَّقا قبل القبض، فلو تقايلا في هذا العقد بعينه جاز التفرُّق قبل القبض.


سابعها: أنه يلزم منه[63] ضمان الأعيان مع بقائها فيما إذا كان اللبن موجوداً والأعيان لا تُضمن بالبدل إلا مع فواتها كالمغصوب.

والجواب: أن اللبن وإن كان موجوداً لكنه تعذَّر ردّه؛ لاختلاطه باللبن الحادث بعد العقد وتعذر تمييزه فأشبه الآبق بعد الغصب، فإنه يضمن قيمته مع بقاء عينه لتعذّر الردِّ.


ثامنها: أنه يلزم منه إثبات الردّ بغير عيب ولا شرط، أما الشرط فلم يوجد، وأما العيب فنقصان اللبن لو كان عيباً به الرد من غير تَصرِية.

والجواب: أن الخيار يثبت بالتدليس كمن باع رحىً دائرة بما قد جمعه لها [367ب] بغير علم المشتري، فإذا اطلع عليه المشتري كان له الردُّ.


وأيضاً: فالمشتري لما رأى ضرعاً مملوءاً لبناً ظنَّ أنه عادة لها، فكأن البائع شرط له ذلك؛ فتبين الأمر بخلافه؛ فثبت له الرد؛ لفقد الشرط المعنوي؛ لأن البائع يُظهر صفة المبيع تارة بقوله وتارة بفعله، فإذا أظهر المشتريَ على صفة فبان الأمر بخلافها كان قد دلَّس عليه فشرع له الخيار، وهذا هو محض القياس ومقتضى العدل، فإن المشتري إنما بذل ماله بناءً على الصفة التي أظهرها له البائع، وقد أثبت الشارع الخيار للركبان إذا تُلُقُّوا واشتُرِي منهم قبل أن يهبطوا إلى السوق، ويعلموا السعرَ، وليس هناك عيب ولا خُلف في شرط، ولكن لما فيه من الغش والتدليس.


ومنهم من قال: الحديث صحيح لا اضطراب فيه، ولا عِلَّة، ولا نسخ، وإنما هو محمول على صورة مخصوصة، وهو ما إذا اشترى شاة بشرط أنها تحلب - مثلاً - خمسة أرطال، وشرط فيها الخيار فالشرط فاسد، فإن اتفقا على إسقاطه في مدة الخيار صح العقد، وإن لم يتفقا بَطَلَ العقد ووجب رد الصاع من التمر؛ لأنه كان قيمة اللبن يومئذٍ.


وتُعقِّب: بأن الحديث ظاهر في تعليق الحكم بالتَّصْرِية، وما ذكره هذا القائل يقتضي تعليقه بفساد الشرط، سواء وُجدت التَّصْرِية أم لا، فهو تأويل متعسف.


وأيضاً: فلفظ الحديث لفظ عموم، وما ادعوه على تقدير تسليمه فرد من أفراد ذلك العموم فيحتاج من ادَّعى العموم عليه الدليل على ذلك ولا وجود له.


قال ابن عبدالبر[64]: هذا الحديث أصلٌ في النهي عن الغش.

وأصلٌ في ثبوت الخيار لمن دلَّس عليه بعيب.

وأصلٌ في أنه لا يفسد أصل البيع.

وأصلٌ في أن مدة الخيار ثلاثة أيام.


وأصلٌ في تحريم التَّصْرية وثبوت الخيار بها، وقد روى احمد وابن ماجه، عن ابن مسعود مرفوعاً: (بيع المحفَّلات خِلابة، ولا تحل الخِلابة لمسلم)، وفي إسناده ضعف[65]، وقد رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق موقوفاً بإسناد صحيح[66]، وروى ابن أبي شيبة من طريق قيس بن أبي حازم قال: كان يقال: التَّصْرِية خلابة، وإسناده صحيح[67] [368أ].


واختلف القائلون به في أشياء:

منها: لو كان عالماً بالتَّصْرِية هل يثبت له الخيار؟ فيه وجه للشافعية[68]، ويرجح: أنه لا يثبت رواية عكرمة، عن أبي هريرة في هذا الحديث عند الطحاوي؛ فإن لفظه: (مَن اشترى مُصَرَّاة ولم يعلم أنها مُصَرَّاة...) الحديث[69].


ولو ضار لبن المُصَرَّاة عادة واستمر على كثرته، هل له الردُّ؟ فيه وجهٌ لهم أيضاً[70] خلافاً للحنابلة[71] في المسألتين.


ومنها: لو تحفَّلت بنفسها أو صرَّاها المالك لنفسه ثم بدا له فباعها، هل يثبت ذلك الحكم؟

فيه خلاف:

فمن نظر إلى المعنى أثبته؛ لأن العيب مُثبِت للخيار، ولا يُشترط فيه تدليس للبائع.

ومن نظر إلى أن حكم التَّصْرِية خارج عن القياس خصَّه بمورده وهو حالة العمد؛ فإن النهي إنما تناولها فقط.


ومنها: لو كان الضرع مملوءاً لحماً وظنَّه المشتري لَبَناً فاشتراها على ذلك ثم ظهر له أنه لحم، هل يثبت له الخيار؟ فيه وجهان حكاهما بعض المالكية[72].


ومنها: لو اشترى غير مُصَرَّاة ثم اطلع على عيبٍ بها بعد حلبها، فقد نصّ الشافعي[73] على جواز الرد مجاناً؛ لأنه قليل غير معتنىً بجمعه.


وقيل: يرد بدل اللبن كالمُصرَّاة، وقال البغوي[74]: يرد صاعاً من تمر»[75].


وقال البخاري أيضاً: «(باب إن شاء رد المُصَرَّاة وفي حَلْبَتِها صاع من تمر).


حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا المكي، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني زياد أن ثابتاً – مولى عبد الرحمن بن زيد – أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اشترى غنماً مُصَرَّاة فاحتلبها، فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر)[76]».


قال الحافظ: «وظاهره أن التمر مقابل للحَلْبة، وزعم ابن حزم[77] أن التمر في مقابلة الحلب لا في مقابلة اللبن؛ لأن الحلبة حقيقة في الحلب مجاز في اللبن، والحمل على الحقيقة أولى؛ فلذلك قال: يجب رد التمر واللبن معاً، وشذَّ بذلك عن الجمهور.


قوله: (من اشترى غنماً مُصَرَّاة فاحتلبها) ظاهره: أن صاع التمر متوقف على الحلب.


قوله: (ففي حلبتها صاع من تمر) ظاهره: أن صاع التمر في مقابل المُصَرَّاة، سواء كانت واحدة أو أكثر؛ لقوله: (من اشترى غنماً) ثم قال: (ففي حلبتها صاع من تمر) [368ب]، ونَقَلَه ابن عبد البَرّ[78] عمن استعمل الحديث، وابن بطَّال[79] عن أكثر العلماء، وابن قُدامة عن الشافعية[80] والحنابلة[81]، وعن أكثر المالكية[82]: يرد عن كل واحدة صاعاً، حتى قال المازَري: من المستبشع أن يَغرم مُتلف لبن ألف شاة كما يَغرم لبن شاة واحدة.


وأُجيب: بأن ذلك مُغْتَفر بالنسبة إلى ما تقدم من أن الحكمة في اعتبار الصاع قطع النزاع فجعل حداً يُرجع إليه عند التخاصم فاستوى القليل والكثير، ومن المعلوم أن لبن الشاة الواحدة أو الناقة الواحدة يختلف اختلافاً متبايناً، ومع ذلك فالمعتبر الصاع سواء قلَّ اللبن أو كَثُر، فكذلك هو معتبر سواء قلّت المُصَرَّاة أو كثرت، والله تعالى أعلم»[83].



[1] الروض المربع ص248.

[2] المقنع 2/ 44.

[3] فتح القدير 5/ 184، وحاشية ابن عابدين 5/ 46، والشرح الصغير 2/ 56، وحاشية الدسوقي 3/ 115، وتحفة المحتاج 4/ 389، ونهاية المحتاج 4/ 71، وشرح منتهى الإرادات 3/ 199، وكشاف القناع 7/ 438.

[4] الشرح الصغير 2/ 57، وحاشية الدسوقي 3/ 115.

[5] تحفة المحتاج 4/ 390، ونهاية المحتاج 4/ 72.

[6] شرح منتهى الإرادات 3/ 200، وكشاف القناع 7/ 438.

[7] فتح القدير 5/ 184، وحاشية ابن عابدين 5/ 46.

[8] الإفصاح 2/ 111 – 114.

[9] أخرجه مسلم (101)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[10] شرح منتهى الإرادات 3/ 200، وكشاف القناع 7/ 438.

[11] 4/ 512.

[12] شرح منتهى الإرادات 4/ 146 – 147، وكشاف القناع 9/ 269.

[13] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 15/ 236 – 237، والاختيارات ص163.

[14] الإرشاد ص494 – 496.

[15] ليست في الأصل، واستدركت من «صحيح البخاري».

[16] البخاري (2148).

[17] ما بين المعقوفين ليس في الأصل، واستدرك من «صحيح البخاري».

[18] البخاري (2149).

[19] البخاري (2150).

[20] ما بين المعقوفين ليس في الأصل، واستدرك من الفتح.

[21] غريب الحديث 2/ 242.

[22] شرح منتهى الإرادات 3/ 201، وكشاف القناع 7/ 438.

[23] تحفة المحتاج 4/ 391، ونهاية المحتاج 4/ 74.

[24] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 11/ 363.

[25] شرح معاني الآثار 4/ 18.

[26] شرح منتهى الإرادات 3/ 200، وكشاف القناع 7/ 441.

[27] تحفة المحتاج 4/ 389، ونهاية المحتاج 4/ 72.

[28] الشرح الصغير 2/ 57، وحاشية الدسوقي 3/ 117. وتحفة المحتاج 4/ 389، ونهاية المحتاج 4/ 72. وشرح منتهى الإرادات 3/ 200، وكشاف القناع 7/ 441.

[29] تحفة المحتاج 4/ 390، ونهاية المحتاج 4/ 72.

[30] الأم 8/ 665.

[31] الشرح الصغير 2/ 57، وحاشية الدسوقي 3/ 117.

[32] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 2/ 116.

[33] أحمد 2/ 259، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 17.

[34] أخرجه البخاري (2149).

[35] أخرجه عبد الرزاق 8/ 197 (14859).

[36] فتح القدير 5/ 184، وحاشية ابن عابدين 5/ 46.

[37] فتح القدير 5/ 184.

[38] فتح القدير 5/ 184، وحاشية ابن عابدين 5/ 46.

[39] الشرح الصغير 2/ 56، وحاشية الدسوقي 3/ 116.

[40] تحفة المحتاج 4/ 390، ونهاية المحتاج 4/ 73.

[41] تحفة المحتاج 4/ 390، ونهاية المحتاج 4/ 73.

[42] شرح منتهى الإرادات 3/ 200، وكشاف القناع 7/ 440.

[43] الاصطلام 3/ 143.

[44] البخاري (118و 2047)، ومسلم (2492).

[45] أبو داود (3446).

قال ابن حجر في «التلخيص الحبير» 3/ 23: ضعَّفه البيهقي بجميع بن عمير، وهو مختلف فيه.

[46] أبو يعلى 5/ 154 (2767).

قال الهيثمي في «المجمع» 4/ 81: رواه أبو يعلى وفيه: إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.

[47] التمهيد 18/ 208.

[48] لم أقف عليه عند ابن ماجه، وأخرجه عبدالرزاق 8/ 90 (14440)، والطحاوي 4/ 21، وابن عدي 8/ 47، والدارقطني 3/ 71و 72.

قال الشافعي: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث.

وقال أحمد: ليس في هذا حديث صحيح، وإنما إجماع الناس على أنه لا يجوز دين بدين. انظر: التلخيص الحبير 3/ 26و 27.

[49] شرح معاني الآثار 4/ 21.

[50] أخرجه أبو داود (3508و 3509)، والترمذي (1285)، والنسائي 7/ 254، وابن ماجه (2242)، وأحمد 6/ 49و 161و 208و 237، من طرق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن مخلد بن خُفَاف الغِفَاري.

وأخرجه أبو داود (3510)، والترمذي (1286)، وابن ماجه (2243)، وأحمد 6/ 80و 116، من طريق (مسلم بن خالد الزنجي، وعُمر بن علي المقدمي) عن هشام ابن عروة.

كلاهما (مخلد بن خُفَاف، وهشام بن عروة)، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، به.

وضعف هذا الحديث: الإمام أحمد، والبخاري، وأبو حاتم الرازي، والعقيلي، وأبو عوانة، وابن حزم، وابن الجوزي.

انظر: العلل الكبير للترمذي 1/ 191، والتاريخ الكبير 1/ 143، والعلل المتناهية 2/ 107، والمحلى 5/ 250. والتلخيص الحبير 3/ 23.

وصححه: الترمذي، والحاكم، وابن القطان، والمنذري. انظر: مختصر سنن أبي داود 5/ 161.

وقال الذهبي في السير 14/ 123: هذا حديث حسن غريب.

وقال الألباني في الإرواء 5/ 158 (1315) عن الإسناد الأول: رجاله كلهم ثقات، رجال الشيخين، غير مخلد هذا، وثَّقه ابن وضاح وابن حبان، وقال البخاري: فيه نظر، وقال الحافظ في التقريب: مقبول.

قلت: يعني عند المتابعة، وقد توبع في هذا الحديث، فقال مسلم بن خالد الزنجي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها، به... والزنجي وإن كان فقيهاً صدوقاً فإنه كثير الأوهام، كمان قال الحافظ في التقريب. والذهبي نفسه قد ترجمه في الميزان وساق له أحاديث مما أنكر عليه ثم ختم ذلك بقوله: فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل ويضعف.

قلت: وقد تابعه على المرفوع منه عمر بن علي المقدمي عن هشام بن عروة، به...

قلت: والمقدمي هذا ثقة لكنه كان يدلس تدليساً سيئاً كما هو مذكور في ترجمته فمن الجائز أن يكون تلقَّاه عن الزنجي ثم دلَّسه. فلا يتقوَّى الحديث بمتابعته، وإنما يتقوَّى بالطريق التي قبله، لا سيما وقد تلقَّاه العلماء بالقَبول.

[51] شرح معاني الآثار 4/ 22.

[52] أخرجه أبو داود (1575)، والنسائي 5/ 15، وأحمد 5/ 2و 4.

قال ابن حجر في التلخيص الحبير 2/ 160و 161: قال يحيى بن معين في هذه الترجمة: إسناد صحيح إذا كان من دون بهز ثقة، وقال أبو حاتم: هو شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الشافعي: ليس بحجة، وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث ولو ثبت لقلنا به، وكان قال به في القديم، وسئل عنه أحمد، فقال: ما أدري ما وجهه، فسئل عن إسناده، فقال: صالح الإسناد، وقال ابن حبان كان يخطئ كثيراً ولولا هذا الحديث لأدخلته في الثقات، وهو ممن أستخير الله فيه، وقال ابن عدي: لم أر له حديثاً منكراً، وقال ابن الطلاع في أوائل الأحكام: بهز مجهول، وقال ابن حزم: غير مشهور بالعدالة، وهو خطأ منهما فقد وثَّقه خلق من الأئمة. وحسَّنه الألباني في الإرواء (791).

[53] أخرجه أبو داود (4390)، والترمذي (1289) مختصراً، والنسائي 8/ 85، وابن ماجه (2596).

قال الترمذي: حديث حسن.

وقال إسحاق بن راهويه: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر. انظر: نصب الراية 3/ 362.

[54] شرح معاني الآثار 4/ 21 – 22.

[55] البخاري (2079)، ومسلم (1532)، من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.

[56] البخاري (2113)، ومسلم (1531)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

[57] شرح معاني الآثار 4/ 21 – 22.

[58] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 2/ 11.

[59] الاصطلام 3/ 145.

[60] كذا في الأصل، وليست في الفتح.

[61] ما بين المعقوفين ليس في الأصل، واستدرك من الفتح.

[62] في الأصل: «فلا يلزم ذكره»، والمثبت من الفتح.

[63] ليست في الأصل، واستدركت من الفتح.

[64] التمهيد 18/ 205.

[65] أحمد 1/ 433، وابن ماجه (2241).

قال البوصيري في الزوائد 3/ 28 (597): هذا إسناد فيه جابر الجُعفي، وقد اتهموه.

[66] ابن أبي شيبة 6/ 214، وعبدالرزاق 8/ 198 (14865).

[67] ابن أبي شيبة 6/ 215.

[68] المجموع 11/ 228.

[69] شرح معاني الآثار 4/ 18.

[70] تحفة المحتاج 4/ 389، ونهاية المحتاج 4/ 71.

[71] شرح منتهى الإرادات 3/ 201، وكشاف القناع 7/ 441.

[72] الشرح الصغير 2/ 57، وحاشية الدسوقي 3/ 117.

[73] مغني المحتاج 2/ 64، وأسنى المطالب 2/ 62.

[74] تحفة المحتاج 4/ 390، ونهاية المحتاج 4/ 73.

[75] فتح الباري 4/ 361 – 368.

[76] البخاري (2151).

[77] المحلى 9/ 70 (1572).

[78] الاستذكار 6/ 537.

[79] شرح صحيح البخاري 11/ 293.

[80] تحفة المحتاج 4/ 390، ونهاية المحتاج 4/ 73.

[81] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 11/ 355.

[82] الشرح الكبير 2/ 56، وحاشية الدسوقي 3/ 116.

[83] «فتح الباري» 4/ 368و 369.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خيار المجلس
  • خيار الشرط
  • مدة خيار الشرط
  • خيار العيب
  • خيار البيع بتخيير الثمن
  • الحديث المدلس: تعريفه وأنواعه وأمثلة عليه
  • التدليس والمدلسون (1)

مختارات من الشبكة

  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح حديث أبي هريرة: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خيار من خيار(مقالة - ملفات خاصة)
  • الضوابط الفقهية في خيار المجلس والشرط والتدليس والغبن جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعوة السلفية في السودان: خيارات الوحدة وخيار الانفصال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • التدليس والمدلسون (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التدليس والمدلسون (4)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب