• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط / الخطب المنبرية
علامة باركود

خطبة المسجد الحرام 1/7/1432هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة

الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2013 ميلادي - 4/1/1435 هجري

الزيارات: 21705

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة


ألقى فضيلة الشيخ أسامة بن عبدالله خياط - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الاعتصام بالكتاب والسنة سبيل النجاة"، والتي تحدَّث فيها عن أن اتباع أوامر الله وأوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي السبيل الوحيد لنجاة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة، وأن المخالف لذلك فقد خسِر خسرانًا مبينًا.

 

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، أحمده - سبحانه - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحكمُ الحاكمين وأسرعُ الحاسبين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله خاتمُ النبيين وإمام المرسلين وقائد الغُرِّ المُحجَّلين، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الغُرِّ الميامين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله -؛ فإن المرء لا يزالُ بخيرٍ ما اتقى الله وخالفَ نفسَه وهواه، ولم تُشغِله دنياه عن أُخراه.


أيها المسلمون:

حياةُ القلب وطُمأنينة النفس وسُمُوُّ الروح مطمحُ كل عاقلٍ، ومقصدُ كل لبيبٍ، ومُبتغَى كل أوَّاب، ومُنتهى أمل كل راغبٍ في حيازةِ الخير لنفسه، ساعٍ إلى خلاصها من أغلال الشقاء، واستنقاذها من ظلمات الحَيرة ومسالك الخيبة وأسباب الهلاك.


وإذا كان لكل امرئٍ في بلوغ ذلك وجهةٌ هو مُولِّيها وجادَّةٌ يسلُكها؛ فإن المُوفَّقين من أُولي الألباب الذين يسيرون في حياتهم على هُدًى من ربهم، واقتفاءٍ لأثر نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لا يملِكون إلا أن يذكروا - وهم يلعقون الجراح، ويتجرَّعون مرارة الفُرقة، وغُصَص التباغُض والتقاتُل - لا يملِكون إلا أن يذكروا آياتِ الكتاب الحكيم وهي تدلُّهم على الطريق، وتقودُهم إلى النجاة.


حين تُذكِّرُهم بتاريخ هذه الأمة المُشرقِ الوضِيء، وتُبيِّنُ لهم كيف سمَت وعلَت وتألَّق نجمُها وأضاء منارُها، وكيف كان الرَّعيلُ الأول منها مُستضعفًا مهيبَ الجناح، تعصِفُ به أعاصيرُ الباطل، وترميه الناسُ عن قوسٍ واحدة، فآواه الله ونصرَه نصرًا عزيزًا مُؤزَّرًا، وأسبغَ عليه نعَمَه، وأفاضَ عليه البركات، ورزقَه من الطيبات، ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26].


إنه إيواءٌ إلهي، وتأييدٌ ربَّاني من الله القوي القادر القاهر الغالب على أمره، تأييدٌ مُحقِّقٌ وعده الذي لا يتخلَّفُ لهذه الأمة بالاستخلاف في الأرض، والتمكين تبديل خوفها أمنًا إن هي آمنت بالله، وعمِلت الصالحات، ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].


ولا غَروَ أن يبلغ ذلك الرعيلُ الأول من التقدُّم والرُّقِيّ مبلغًا لم يسبِقه إليه ولم يلحق به أحدٌ عاش على هذه الأرض؛ لأن الإيمان دليلُه، ولأن الإسلام قائدُه، ولأن الشريعة المُباركة منهجه ونظامُ حياته، فاستحقَّ الخيرية التي كتبَها الله لمن آمنَ به واتبع هُداه، وتبوَّأ مقام الشهادة على الناس يوم القيامة، ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].


وإن آيات الكتاب الحكيم لتُذكِّرهم أيضًا أن الاستقامة على منهج الله واتباعَ رضوانه وتحكيم شرعه لا يكون أثرُه مُقتصرًا على الحَظوة بالسعادة في الآخرة ونزول جنات النعيم فيها فحسب؛ بل يضمنُ كذلك التمتُّع بالحياة الطيبة في الدنيا، وتلك سنةٌ من سُنن الله في عباده لا تتخلَّفُ ولا تتبدَّل، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وقال - سبحانه -: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 1- 3].


فحين تكون حَيدةُ الخلق عن دين الله، والجَفوة بينهم وبين ربِّهم بالإعراض عن منهجه؛ هنالك يقع الخلل، ويثور الاضطرابُ المُفضِي إلى فسادٍ وشرٍّ عظيم عانَت من ويلاته الأمم من قبلنا، فحلَّ الخِصامُ بينهم، واضطرَمت نارُ العداوة والبغضاء بعدما كانت المحبةُ والأُلفةُ تُظلُّهم بظِلالها، ﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 14].


وهو خللٌ يتجاوز فسادُه وتتسعُ دائرتُه فتشمل الأرضَ والبيئةَ كلها، ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].


ذلك أن الصلة وثيقةٌ بين الكون وبين ما نأتي وما نذَر من أعمال، فإن مشَت على سَنَنٍ قويم وطريقٍ مستقيم بإدراك الغاية من خلق الإنسان، وتحقيق العبودية لله رب العالمين، والمُسارعة إلى مرضاته، والاستقامة على منهجه؛ فإن الله يُفيضُ عليهم من خزائن رحمته، ويُنزِّلُ عليهم بركاتٍ من السماء، ويُفيئُ عليهم خيرات الأرض، كما عبَّر عن ذلك نوحٌ - عليه السلام - في دعوته لقومه وحثِّه لهم على الإيمان بربهم والاستغفار لذنوبهم: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10- 12].


وقال - عزَّ اسمُه - في شأن المُعذَّبين من أهل القرى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].


وتلك مساكنُ وآثار الذين ظلموا أنفسَهم بنبذ كتاب الله وراءهم ظِهريًّا، واتخاذهم أهواءهم آلهةً من دون الله، واتباعهم ما أسخط اللهَ، وكراهتهم رضوانه؛ فكانت تلك الديار مشاهِد عِظةٍ وذكرى لأولي الألباب، ﴿ فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ﴾ [الحج: 45].


ولذا فإن أُولي النُّهى لا يملكون - وهم يسمعون نداء الله يُتلى عليهم في كتابه - إلا أن يُصيخوا ويستجيبوا لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ هي دعوةٌ تحيا بالاستجابة لها القلوب، القلوب التي لا حياة لها إلا بالإقبال على الله تعالى وتحقيق العبودية له، ومحبته وطاعته، والحذر من أسباب غضبه، وبمحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - واتباع سنته، والاهتداء بهديه، وتحكيم شرعه، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24].


فإنه - سبحانه - يحُول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان - كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - أي: فلا يستطيع أن يُؤمن ولا يكفر إلا بإذنه - عز وجل.


كما جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد في "مسنده"، والنسائي وابن ماجه في "سننهما" بإسناد صحيح عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - أنه قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من قلبٍ إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن رب العالمين، إذا شاء أن يُقيمَه أقامَه، وإذا شاء أن يُزيغَه أزاغَه»، وكان يقول: «يا مُقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك»، قال: «والميزانُ بيد الرحمن يخفِضه ويرفعه».


فاتقوا الله - عباد الله -، واستجيبوا لله وللرسول، واذكروا أن ربكم قد ضمِن لمن اتبع هُداه وسار على منهجه أن يُؤتِيَه المجدَ ويُبلِّغه الرِّفعةَ التي تصبُو إليها نفسُه، فقال - عزَّ اسمُه -: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44]، وقال - سبحانه -: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10]؛ أي: شرفكم، ومجدكم، ومكارم أخلاقكم، ومحاسن أعمالكم، وفوزكم في الدنيا والآخرة.


نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد، فيا عباد الله:

إن المؤمن حين يقفُ على مُفترق طرقٍ، وحين تُعرضُ عليه شتَّى المناهج؛ لا تعتريه حيرةٌ، ولا يُخالِجه شكٌّ في أن منهج ربِّه الأعلى وطريقه هو سبيل النجاة وطريق السعادة في حياته الدنيا ويوم يقوم الناس لرب العالمين.


وفي آيات الكتاب الحكيم مما قصَّ الله علينا نبأه في شأن أبينا آدم - عليه السلام - حين أُهبِط من الجنة بتأثير إغواء الشيطان وتزيين المعصية له أوضح الأدلة على ذلك، فأما المُتِّبعُ هُدى ربِّه فهو السعيدُ حقًّا، ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]، وأما المُعرِض عن ذكر ربه بمخالفة أمره وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وبالأخذ من غيره فعاقبةُ أمره خُسره، ومعيشة ضنكًا، ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124- 126].


إنها معيشةٌ يُصوِّر واقعَها الإمام الحافظُ ابن كثيرٍ - رحمه الله - بقوله: "أي: ضنكًا في الدنيا؛ فلا طمأنينة له، ولا انشراحَ لصدره؛ بل صدرُه ضيِّقٌ حرِجٌ لضلاله وإن تنعَّم ظاهرُه، ولبِسَ ما شاء، وأكل ما شاء، وسكنَ حيث شاء؛ فإن قلبه ما لم يخلُص إلى اليقين والهُدى فهو في قلقٍ وحيرةٍ وشكٍّ، فلا يزالُ في ريبه يتردَّد، فهذا من ضنك المعيشة". اهـ.


أعاذنا الله منها، ومن العمى بعد الهدى، وجعلنا ممن أنابَ إلى ربه وتابَ إليه فهدى.


فاتقوا الله - عباد الله -، واتخذوا مما جاءكم من ربكم من البينات والهُدى خيرَ عُدَّةٍ تبلغُون بها سعادةَ الآخرة والأولى.


وصلُّوا وسلِّموا على خير الورى؛ فقد أمركم بذلك الربُّ - جل وعلا -؛ فقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآل والصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا خير من تجاوزَ وعفا.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزة الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطغاة والمُفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفهم، وأصلِح قادتَهم، واجمع كلمتَهم على الحق يا رب العالمين.


اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين.


اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانة الصالحة، ووفِّقه لما تحب وترضى يا سميع الدعاء، اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، يا من إليه المرجع يوم التناد.


اللهم اكفِنا أعداءَك وأعداءنا بما شئتَ يا رب العالمين، اللهم إنا نجعلك في نحور أعدائك وأعدائنا، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.


اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.


اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموتَ راحةً لنا من كل شر.


اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبَّ المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردتَ بقومٍ فتنةً فاقبِضنا إليك غير مفتونين.


اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميعَ سخطك.


اللهم احفظ المسلمين في جميع ديارهم، اللهم احفظهم في سوريا وفي ليبيا وفي اليمن، وفي جميع ديارهم وأمصارهم يا رب العالمين، وقِهم شر الفتن، اللهم قِهم شر الفتن، اللهم قِهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطَن، واحقن دماءهم، وألِّف بين قلوبهم يا رب العالمين.


﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتصام من الفتن ( خطبة )
  • الاعتصام بالكتاب والسنة
  • الاعتصام بالسنة
  • الاعتصام بالسنة وسبيل السلف الصالح

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 17/6/1432هـ - السعادة في الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 16 / 10 /1434 هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتصام بالكتاب والسنة، ووجوب طاعة ولاة الأمور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خطبة الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب الاعتصام بالقرآن والسنة وذم التفرق والبدع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الاعتصام بالله تعالى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة في الاعتصام بالله من الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح البخاري في يوم علمي(مقالة - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • الاعتصام بالكتاب والسنة أصل السعادة في الدنيا والآخرة ونجاة من مضلات الفتن (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب