قبسات من الحرم (18)

قبسات من الحرم (18)

﴿ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ ﴾

فائدة 400:

قال ابن الجوزي:

المرء يَجِدُّ ويجتهد في طلب بعض الحاجات، ويتأفف ويحزن إذا لم يتحقق مطلوبة، وهو لا يدري أن حصول ذلك أو بعضه ربما اشتمل على محن وشدائد وانشغال قلبه.

لذلك قال المحققون: إن المنع أحيانًا عطاءً؛ لذلك فليعلم العاقل أنه لا سبيل إلى حصول مراد تام، قال تعالى: ﴿ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ ﴾ [البقرة:٢٦٧]، ومتى استكثر المراد فإنما يستكثر من شغل قلبه ورقة دينه.

•  •  •  •

الخير والشر

فائدة 401:

كلمة (خير) تأتي مقابل كلمة (شر)، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾  [الزلزلة: 7،8].

وتأتي بمعنى: أفضل، يعني: أن الأمر الآخر فيه خير، قال - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير".

قال صاحب الألفية:

وربما أغناهم خيرٌ وشر عن قولهم أخير منه وأشر

•  •  •  •

الأخبار لا تنسخ

فائدة 402:

قال العلماء:

الأخبار لا تنسخ إلا إذا ورد فيها أحكام شرعية؛ فإن الأحكام الشرعية تنسخ، ومثَّلَ بقوله جل وعلا: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [النحل: 67]، والشاهد هو قوله تعالى: ﴿ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا ﴾، وهو خبر منسوخ.

•  •  •  •

نسخ الخبر

فائدة 403:

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:

إن الخبر لا يجوز نسخه بإجماع المسلمين.

•  •  •  •

لا يزني الزاني

فائدة 404:

يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق..."، قال علماء السنة: إنه لا يكون مرتدًا عن الإسلام، ولا كافرًا خارجًا من الملة؛ لأنه لا يعامل معاملة المرتد، ولا معاملة الكفار، وإنما يأخذ الحد الذي لا ينطبق إلا على المسلمين، وعلى هذا: فيكون النفي في الحديث هو نفي الإيمان الكامل.

•  •  •  •

حديث: "لا يزني الزاني"

فائدة 405:

قال الدكتور سليمان العودة:

إن حديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن..."، قال: إن معناه: أنه في حالة هيجان الشهوة يغيب عنه شعوره باطلاع الله ورقابته.

قلت: والمعنى: أنه في تلك اللحظة ضعف إيمانه حتى أنه صار لا يمنعه من فعل ذلك المنكر.

•  •  •  •

﴿ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾

فائدة 406:

قال الشيخ الشعراوي في تفسير قوله تعالى: ﴿ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 9]:

ذمة كل شخص قابلة للانصهار بالذهب، لكن الخلاف في الكميات، فالبعض بعشر، والآخر بمائة، والبعض بألف، والنادر بمليون أو ملايين.

يعني الشيخ: أن بعض النفوس تشتريها بالرشوة، ولكن تتفاوت قيمة هذه الرشوة من شخص لآخر، نسأل الله العافية.

•  •  •  •

دخول الجنة

فائدة 407:

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن):

قال تعالى: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]، ومعلوم أن النزل هو ما يعد للضيف إكرامًا له، وليس جزاءً أو أجرة له على عمله.

وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته".

وفي كثير من آيات القرآن: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾  [النحل:٣٢]، وفي مواضع: ﴿ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الواقعة: 24]، وهذا يعارض الحديث والآية التي تنص على النُّزُل.

قال الشيخ الأمين:

التحقيق: أن دخول الجنة إنما يكون بسبب الأعمال الصالحة إذا قبلها الله برحمته، فصار بذلك العمل المقبول هو جزاؤه الجنة.

والعمل الصالح المقبول هو ما تحقق فيه شرطان: الإخلاص لله، وأن يكون مطابقًا لسنة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

والذي تحقق فيه الشرطان من العمل صاحبه يتغمده الله برحمته فيقبل عمله ويدخله الجنة جزاءً.

ومذهب أهل السنة: أن الباء في قوله: "لن يدخل أحد الجنة بعمله": هي باء العوض، مثل: اشتريت هذا القلم بريال، والباء في قوله جل وعلا: ﴿ .... بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32]، باء السببية، أي: بسبب أعمالكم المقبولة.

قلت: وأظنُّ: أن هذا وذاك مرجعهما رَحْمَةُ الله.

•  •  •  •

عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -

فائدة 408

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسير (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن)، عند تفسير قوله جل وعلا: ﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [يونس: 94] ، قال:

هذه الآية مع قوله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، وقوله: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22]، وقوله:  ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ﴾ [هود: 109]، وقوله: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [آل عمران: 60]، وقوله: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 24].

قال: معلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل شيئًا من ذلك البتة، ولا يخطر بباله؛ لأنه معصوم عما هو أقل من ذلك، لكنه يُؤْمَرُ ويُنْهَى لِيُشَرِّعَ على لسانه لأمته.

قال: وأوضح مثال لذلك، قوله جل وعلا في الوالدين: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، وهذا موجَّهُ له شخصيًّا، بدليل قوله بعد ذلك: ﴿ ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 39]، ومعلوم أن والديه كليهما ليسا لهما وجود وقت الرسالة؛ حيث ماتا كليهما وعمره أقل من عشر سنوات.

•  •  •  •

ترك المستحب لتأليف القلوب

فائدة 409:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن من المستحب ترك المستحب مؤقتًا لتأليف القلوب.

•  •  •  •

نقل القول الباطل

فائدة 410:

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رئيس القضاء في المملكة: لا يجوز أن يحكي إنسان القول الباطل؛ إلا إذا وَضَّحَ بطلانه.

•  •  •  •

خليفة الأرض

فائدة 411:

فتوى رقم (3014)، لجنة البحوث العلمية والإفتاء، برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز، نقلًا عن مجلة البحوث العدد (31):

سؤال: وُجد في بعض الكتب عبارة: (وأنتم أيها المسلمون خلفاء الله في أرضه)، فما حكم ذلك؟

فأجابت اللجنة: هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه؛ لأن الله هو الخالق لكل شيء المالك له، ولم يغب عن خلقه وملكه حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه، وإنما جعل بعض الناس يخلف بعضًا في الأرض، فكلما هلك شخص أو جماعة أو أمة جَعَلَ غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض، كما قال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165]، وقال موسى عليه السلام: ﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 129].

وقال جل وعلا: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، أي: نوعًا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته.

قلت: لم أكتب هذه الفتوى إلا من أجل تفسير اللجنة للآية الأخيرة؛ لأن كثيرًا من المفسرين يقولون: إن الله خلق آدم للخلافة عنه في الأرض.

وأظن أنا: أن قصدهم: لِيُنَفِّذَ أحكامه فيها؛ لأن الله لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يغيب حتى يخلفه أحد.

•  •  •  •

أقسام النفاق

فائدة 412:

قال الشيخ عبد العزيز بن باز في برنامج نور على الدرب بتاريخ: 13/7/1418هـ:

النفاق قسمان: اعتقادي، وعلمي:

فالأول: الاعتقادي: كفر أكبر مخرج من الملة.

والثاني: لا يخرج من الملة، ومنه: الكذب، وخلف الموعد، ونحو ذلك.

•  •  •  •

سب الصحابة

فائدة 413:

قال الإمام أحمد:

إذا رأيت أحدًا ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتهمه على الإسلام.

وقال أبو زرعة:

إذا رأيت أحدًا يسب أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق.

•  •  •  •

عدم العمل بالعلم

فائدة 414:

قال ابن الجوزي:

المسكين من ضاع عمره في تعلم علم لم يعمل به، فضاعت عليه لذَّات الدنيا والآخرة.

•  •  •  •

دعاء الكرب

فائدة 415:

دعاء الكرب هو الوارد في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: - وفي رواية - إذا حزبه أمر: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم".

•  •  •  •

تفسير قوله تعالى

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

فائدة 416:

قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30] ، قال المفسرون: هو دين الإسلام.

•  •  •  •

محبة الآباء للأبناء

فائدة 417:

قال أبو إسحاق الحويني:

وصى الله الأبناء بالآباء قريبًا من عشر مرات، ولم يوصِّ الله الآباء بالأبناء إلا في الميراث فقط: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11]، قال: لأن محبة الآباء للأبناء طبعٌ، ومحبة الأبناء لآبائهم تكلف.

•  •  •  •

تكليم الله

فائدة 418:

قال الشيخ محمود وجدي:

من أراد أن يكلم الله فبالصلاة، ومن أراد أن يكلمه الله فبقراءة القرآن.

•  •  •  •

القرآن أدق ترجمة

فائدة 419:

قال الدكتور فاضل السامرائي:

إن القرآن هو أدق ترجمة لِما ذُكِرَ فيه من مجادلة الأنبياء لأممهم على مختلف لغاتهم، وهو مصوغ صياغة معجزة لما دار بين الأنبياء وأممهم، وما دار بين نبي الله سليمان والهدهد، وما دار بين النملة والنمل في سورة النمل، وأشياء أخرى في القرآن، مثل: ما دار بين الأنبياء وربهم، وجميع أحداث الماضي.

•  •  •  •

الثقة بالنفس

فائدة 420:

سُئِل الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله:

ما حكم الثقة بالنفس؟

فقال: لا تجوز الثقة بالنفس؛ بل تجب الثقة بالله تعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ولا تكلني إلى نفسي".

وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه.

فيجب الثقة بالله والاعتماد عليه والاستعانة به، ومراقبة النفس والخوف الدائم عليها من الزلل أو التحول.

وقال ابن الجوزي: من اعتمد على نفسه نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه.

وأظن أن قوله رحمه الله: نزعت منه العصمة، أي: نزع منه توفيق الله ومعونته وتسديده.

•  •  •  •

العزم والمجاهدة

فائدة 421:

قال ابن الجوزي: ليس في سياق التأديب أنفع من العزم والمجاهدة.

•  •  •  •

أحسن حكمة

فائدة 422:

أحسن حكمة سمعتها هذا العام:

(لا يملك المرء أن يمنع جميع الأحداث المؤلمة، لكنه يستطيع أن يتحكم في انفعالاته نحوها).

•  •  •  •

آية الميثاق

فائدة 423:

قال جل وعلا: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]:

قالوا: من ظهر آدم، وقال الجمهور: وأخذ ذريتهم بلسان الحال والمقال، وقال آخرون - منهم ابن تيمية وابن القيم وعلماء من السلف آخرون - قالوا: أخذهم بلسان المقال.

وهذه الآية تسمى: آية الميثاق.

•  •  •  •

تفسير قوله تعالى

﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾.

فائدة 424:

كان يومًا الشيخ محمد متولي الشعراوي يفسر قوله جل وعلا: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، قال:

إن كل شخص منا أصله جزء حي منذ أن نُفخت في آدم الروح، فكل واحد منا نحن الأحياء تنقل أصله هذا حيًّا في أصلاب آبائه، حتى انتقل حيوانًا منويًا إلى رحم أمه، وهذا هو الذي أخذ عليه العهد، وهذا هو الذي لم يَجْرِ عليه موت منذ أن أحيا الله آدم.

وقد وجدت أنا في مجلة البحوث الإسلامية في العدد رقم (31) الصادر في عام (1411)هـ فتوىً صادرة من اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رقمها (612):

سؤال: هل نفهم من نفخ الروح في الجنين بعد أربعة أشهر أن الحيوان المنوي المتحد ببيضة المرأة واللذين يتكون منهما الجنين أن لا أرواح فيهما، أم ماذا؟

جواب: لكل من الحيوان المنوي وبويضة المرأة حياةٌ تناسبه إذا سلم من الآفات، وتهيأ كل منهما بإذن الله وتقديره للاتحاد بالآخر، ويتكون الجنين منهما بمشيئة الله، ويكون حيًّا أيضًا حياة تناسبه، حياة النمو والتنقل في الأطوار المعروفة، فإذا نفخ فيه الروح سرت فيه حياة أخرى هي الحياة التي يخرج بها من رحم أمه.