• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم
علامة باركود

تفسير سورة الفاتحة (20)

الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2011 ميلادي - 11/4/1432 هجري

الزيارات: 12831

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنافسة العامة في الإسلام:

إن الضراعة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى بـ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ تستلزم المنافسة العامة بين عباد الله فيما يصلح دنياهم وآخراهم، يتنافسون في نيل الدرجات العلا في الحياتين، يتنافسون أولا: بتلاوة القرآن حق تلاوته بحفظ ألفاظه وتدبر معانيه، ويتنافسون في فهمه من جميع النواحي، ثم يتنافسون في الانطباع به والتأثر حتى يتشرب في قلوبهم، ويتغلغل ذلك في شرايينهم، ويتنافسون في الاقتداء بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ثم يتنافسون في حمل الرسالة بالدعوة والتبليغ، وتوزيع هداية الله وتصدير أنواره في مشارق الأرض ومغاربها، وتعميم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، وكل ما يقتضيه موجب التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

 

وهذا التنافس في هذه الميادين يحملهم على مزاولة الأعمال الحرة من جميع ضروب الاكتساب، فكل منهم يتوجه إلى حرفة ملائمة له فيتقنها ويتفنن فيها، ليصون وجهه عن الحاجة إلى غيره من جهة، ولا يكون مرتبطا بمن يعوقه عن التنافس في أمر دينه، فضلاً عمن يخرسه عن النطق بالحق، أو يقعده عن حمل رسالات ربه من جهة أخرى، فلا يسترخص نفسه بنيل وظيفة تجره إلى هذه الحالات أبداً، ولا يقبل الوظيفة قطعاً إلا إذا رأى أنه يكون فيها ركيزة صادقة للمسلمين أو يرى فيها معونة صحيحة على التنافس الواجب نحو الله - جل وعلا - فيكون معاكساً للمخطط الماسوني اليهودي الماكر بالناس عامة، والمسلمين خاصة.

 

والتنافس في الأعمال الحرة يرفع الرءوس، ويحرر النفوس ويكسبها العزة والكرامة، كما يرفع من شأن البلاد ويجعلها عامرة مزدهرة، مصدرة لا مستوردة؛ لأن مدلول هذه الآية الكريمة يوجب حسن المعاملة للخالق - سبحانه - وللمخلوق، فيكون الضارع بها صادقاً ناصحاً في معاملته، مخلصاً أمينا في عمله، مجتنباً الغش والتدليس والبخس والكذب والتلبيس، وبذلك يكون المسلم مثلاً أعلى مرغوباً على غيره، مفضلاً عمن سواه؛ لحسن معاملته وجودة صنعته.

 

ومن جهة أخرى ينشط في حرفته أيّاً كانت؛ ليظهر أثر عمله ويزداد إنتاجه ويبدع في الاختراعات، واستثمار القوى والطاقات، بدافع التنافس الذي يفرضه عليه دينه، ويمليه عليه وجدانه حسب قوته في تنفيذ مدلول ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ فيتوسع عمله ويشتد عضده بأنواع المشاركات الشرعية من شركة عنان وشركة وجوه وأبدان، وشركة مضاربة ومفاوضة ومساهمات على وفق المشروع، كل هذا لتحقيق هدفه الرباني في هذه الحياة.

 

وكما أن تنافسه في طاعة ربه وحمل رسالته يحفزه على التنافس في الأعمال الحرة المدنية من سائر أنواع الاتجار والتصنيع فإنها تحمله - أيضاً - على التنافس في القوتين الحربيتين: القوة الحسية المادية والقوة المعنوية الروحية؛ لأن تصميمه على التنافس في حمل رسالة ربه وتوزيع هدايته يدفعه أعظم دفع إلى الاستعداد التام بجميع المستطاع من قوة رادعة وقامعة لعدوه الذي يحول بينه وبين ما أوجب الله عليه في الأرض.

 

وقيامه بهذا الاستعداد يحمله على التنافس - أي: على منافسة أعدائه بما عندهم وبما يقومون به من استعداد - حتى يحصل له التفوق عليهم ولا يدع لهم فرصة ولا مجالاً، بل ينافسهم جداً على تسخير واستثمار ما بثه الله في هذه الأرض مما على وجهها أو في جوفها أو أجوائها من دابة أو مادة، قاصداً بذلك وجه الله لإعلاء كلمته وتنفيذ شريعته في الأرض، ثم يستعين بالله سبحانه وتعالى على ما يعجز عنه، ويجبره بزيادة القوة الروحية التي لا يغلبها غالب.

 

فإن التنافس الصحيح في القوة ليس مقصوراً على الحديد كما يتصوره العصريون الماديون، وإنما هو بمعناه الشامل يعني: القوة الحضارية قوة السلاح والمعدات اللازمة للحرب، وكل ما يتطلبه المجهود الحربي من سائر اللوازم والحاجيات، وقوة العلم النافع الموصل إلى الله كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28] وقوة الأخلاق والأدب، وقوة الجيش بالروح المعنوية الدينية والتدريب العسكري الذي يتطلبه الوقت، وقوة العقيدة الروحية التي تحصل بها وحدة الصف، وحسن البلاء، وصدق الإيثار، والتساند الكامل.

 

فالتنافس مفروض على أبناء الأمة الإسلامية بجميع هذه المعاني لدعم كيانها في الداخل، وجعله مرهوباً، ثم لتفجير طاقاتهم للغزو الخارجي المتواصل، وذلك لحمل رسالة الله وإعلاء كلمته، ونشر حكمه الديني في الأرض، والذي لا يتنافس في هذه الأمور السابقة المهمة يعتوره الضعف من الداخل فلا يتأهل لما أوجب الله عليه من الزحف المقدس، بل تصيبه الذلة والاستكانة ويطمع فيه كل طامع، ويكون مزحوفاً عليه بدلاً من كونه زاحفاً برسالته، ويكون مسخوطاً عليه من ربه؛ لعصيانه إياه في تنكبه عن سنن الحياة التي سنها لخلقه من كونية وشرعية، ولكونه قد ألقى بنفسه في التهلكة لتركه لذلك وعدم عزمه وتصميمه على الجهاد.

 

وبالجملة: فالصدق مع الله بتحقيق الضراعة إليه بـ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ يحمل المسلم المؤمن على القيام بجميع أنواع المنافسة الدينية والدنيوية، فيتنافس المسلمون المؤمنون بالقيام بأنواع المعاملات الحرة، وينشطون بالاتجار والضرب في الأرض لذلك مقروناً بحمل الرسالة وإظهار الدين، وينشطون في الاستيراد والتصدير مجتنبين ما يضر المجتمع مما حرم الله استيراده أو تصديره، أو مزاولته بأي نوع، كما ينشطون بتفنن في كل صنعة وتأسيس الشركات وتدشين المصانع المختلفة لهذا الغرض الذي يغنيهم عن الاستيراد من عدوهم أو من غيره، ويجعلهم أمة التصدير للإنتاجات الصناعية، كما أنهم أمة التصدير للهداية الروحية بين البشر، بل هدفهم الكامل بالتصدير الأول هو تحصيل التصدير الثاني.

 

وهذه المنافسة في جميع المعاملات الحرة تنعش الأمة وتجلب لها الرخاء بكثرة الاستيراد والإنتاج، فترخص أسعار جميع الحاجيات الضرورية والكمالية، ولا يكون للمحتكر مجال أبداً؛لأن المنافسين يضربونه ذات اليمين وذات الشمال؛ لأن ما قلناه يستلزم المنافسة في الأسعار فينقطع دابر الاحتكار والاستغلال الذي يتعلل به المغرضون من ذوي المذاهب الهدامة والمنخدعون بدعاياتهم، وهذا شيء معلوم بالضرورة، واستقراء أحوال كل من البلاد الحرة في الأعمال، والبلاد التي ابتليت بالتأميمات والقضاء على حرية التجارة والتصنيع مما هو في الحقيقة تحريم لما أحل الله من ضروب الاكتساب، ورفض لما حض الله عليه من المنافسة فيه، مع مراعاة حسن القصد في هذه المنافسة، وذلك بأن تكون مقاصد المسلمين منحصرة في ابتغاء الحلال من الرزق دون غش أو كذب أو غبن أو إنفاق للسلع بالأيمان الكاذبة، أو قمار أو ربا، أو ترويج ما يضر بالمجتمع من مطعوم أو مشروب من مسكر ونحوه.

 

وأن يكون هدفهم في ذلك الاستعانة على طاعة الله وحمل رسالته، وصيانة الوجوه عن التسول أو التسكع، وأن يتنافسوا غاية الإمكان في حمل الرسالة، وتوزيع الهداية، والسخاء في سبيل الله، وأن يتنافسوا في إنفاق المال في وجوه الخير لسد حاجة كل ذي حاجة من الناس والأمة، كما يتنافسون في تحصيل القوى الحربية بجميع أنواع القوة حسبما يتطلبه الوقت لا يقتصرون على قوة الحديد بل يتنافسون بجميع أنواع القوة كما أسلفناه.

 

ويتنافسون في كل لحظة من لحظات نفوسهم بطاعة الله وابتغاء مرضاته من أخذ القرآن بقوة بجميع أنواع القوة اللفظية والمعنوية والعملية، فيتنافسون في تلاوته بحسن تدبره وفهمه، ثم بالانقطاع والتأثر به، ثم بالعمل بأوامر الله فيه ووصاياه، واجتناب ما نهى الله عنه،كما يتنافسون في حفظه عن ظهر قلب، ويدفعون الجوائز السخية لأولادهم وأولاد فقرائهم على حفظه، ويتنافسون في الخشوع والبكاء عند تلاوته، ثم يتنافسون في حمل رسالته وتوزيع هدايته في ربوع الأرض بكل جد ونشاط، وكل بذل وسخاء وكل تخطيط يتطلبه الوقت لهذه الغايه النبيلة التي هي وظيفة عباد الله الصالحين من أنبيائه وأتباعهم

 

في الأرض إلى يوم الدين.

 

هذا ما يقتضيه مدلول ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4) ﴾ من التنافس الصحيح في الحياة ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) ﴾ [المطففين: 26].

 

النجاة من الانحطاط:

إن تحقيق بني الإنسان صدقهم في ضراعتهم إلى الله بـ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4) ﴾ يقيهم من الانحطاط عن مستوى الإنسانية الحقيقي، ويكسبهم مقامهم اللائق في الحياة وذلك لأمور:

 

أحدها: إن الإنسان – بل النوع الإنساني – ضائع في هذا الوجود إذا أضاع المعنى الأصيل الذي أوجده الله من أجله؛ لأن الله اختاره في الأرض خليفة، فلا بد له من ارتباطه بموجده سبحانه وتعالى ارتباط المربوب بالرب، ارتباطاً يجعله حاصراً للتأله به وإليه بجميع معانيه ومبانيه؛ ليكون خاضعاً لسلطانه منفذاً لأحكامه على نفسه أولاً وعلى من يلي أمرهم ثانياً، وإلا فما قيمة الخليفة؟ بل ماهو المعنى لوجوده؟ زيادةً عن تسخير الله له كل شيء وتمليك الله له جميع الأشياء، ولهذا كان الكافر لايستحق ذلك بل يئول حكم الله فيه إلى الاسترقاق والصغار، وتكون جميع الأشياء ملكاً لعباد الله الصادقين الصالحين، كما قال _تعالى_ في الآية (105) من سورة الأنبياء.

 

ثانيها: إنه يعجز عن تكوين العلاقات الصحيحة المطردة بينه وبين محيطه فضلاً عن مجاوريه، بل يكون مهزوماً في نفسه الداخلية في جميع حالاته.

 

ثالثها: إن العقيدة الدينية هي الضابطة لنوازع النوع الإنساني المجبول عليها كمتحرك بإرادته وقدرته، فمهما استبدل بها غيرها من النظريات الشيطانية فإنه لا يقدر على ضبط نزعاته التي تسيء إليه وإلى غيره، مع أن تلك النظريات تحرمه من التحليق في الكون الفسيح وتحرمه من تعميق علاقاته بذلك قاصرة نظره على إقليمه أو عشيرته، أو على نفعيته، والعقيدة الدينية المحمدية الصحيحة هي التي تعمق علاقاته بجميع الكون وتوثقها به، وترهف شعوره بمسؤليته عن جميع هذا الكون وما يصدر فيه، ولهذا خاطب بعض قواد المسلمين (البحر الأطلسي) قائلاً: لو نعلم أن وراءك أيها البحر قوماً؛لعبرناك إليهم. ولا يوجد هذا قطعاً في أهل أي عقيدة أو نظرية غير ما جاء به الإسلام مما هو منحصرٌ في آية العبودية العظيمة المعاني، فهي التي تشمل الكون كله وتحيط بالزمن على طول مداه.

 

رابعاً: إن بني الإنسان إذا اختلت عقيدتهم بالله فضلاً عن تلاشيها اختلت جميع أمورهم، وكانوا في جهة مستعبدين للهوى والشهوات، ومن جهة ثانية مستعبدين لبعضهم بعضاً، ومن جهة ثالثة تمرح عقولهم بما يغزوها من دجل المغرضين وأوهام المبطلين، وهنالك تفسد تصوراتهم في كل ميدان من ميادين الحياة كما نرى حالتهم في الميدان السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي ﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) ﴾ [الروم: 32] فيكونون على أسوأ حالة من الانحطاط في كل شيء.

 

ففي الميدان السياسي تجد انحطاطهم بارزاً في تقديس الأشخاص واحتلالهم منهم مكانة في القلوب لا يحظى بها الله رب العزة والجلال، وخشيتهم والخوف منهم وتعليق الآمال عليهم وتقبل ما يصدر منهم، وإسلام الوجه لهم كاملاً من دون الله وتصديقهم حتى فيما تسخر منه العقول السليمة البدائية، وهم قد عرفوا من علم المعقول وتثقفوا بالثقافات العصرية التي فرحوا بها واطمأنوا إليها؛ بل يتبجحون بها وهم يصفقون لكل دجال على ما تنزه هذا التفسير المبارك عن ذكره، مما لو سجل في تاريخ تقرؤه الأجيال المقبلة لكان مضحكاً أو معدوداً من ضروب الفكاهة والخزعبلات، ولا يزالون سائرين وراء سرابهم، مع انكشاف إفلاس مبادئهم ومذاهبهم، وانكشاف خزيهم في هزائمهم أمام اليهود.

 

أما في الميدان الاقتصادي فهم ينتقلون من إقطاع واستغلال في كل ثورة وانقلاب إلى إقطاع من نوع جديد واستغلال أفظع من سابقه، فكما أنهم ينتقلون من حكم ملك واحد إلى حكم ملوك كثيرة، بل إلى سيطرة وبطش من هم أظلم وأفسد من كل ملك عرفه التاريخ، وتلك الملوك تتمثل في الضباط الحربيين، ومن هم في صف ضباط، وفي القواد ونائبي القواد ومن على شاكلتهم ممن يفترسون الحكم، فكذلك يلعبون في اقتصاديات الشعوب ومقدراتهم، ويحاطون بهالة التعظيم وتضفى على ألاعيبهم أثواب القداسة، ويكممون الأفواه عن النقد؛ بل يجعلون من لم يخضع لألاعيبهم خائناً وعميلاً، أو رجعياً من بقايا الحكم البائد.

 

وهكذا يوزعون الألقاب حسبما يريدون، وتكون الطبقة المفترسة للحكم هي طبقة الأحرار، وهي المتصرفة المطلقة التي لا تسأل عما تفعل، ومن عداها فهو ممقوت مخذول إلا الذي يسترخص نفسه لهم، ويخدم رغباتهم، ويحمدهم في كل ما يفعلون، فذلك هو المواطن المتحرر في مصطلح توزيعاتهم للألقاب، فأعظم به من انحطاط مروع، بل سقوط مفجع!!

 

وأما في الميدان الثقافي فهو انحطاط لا تقبله الطبيعة الحيوانية التي فطرها الله عليها، فإن أي حيوان حتى من الحشرات لو صرفته عن وجهته التي يريدها وأزحته عنها ثم تركت له السبيل ولاحظته لوجدته يعود إلى هدفه ولا ينساه، ولكن على العكس نجد أغلب البشرية اليوم قد لعبت به الأفكار اليهودية، وأصبح سائراً فيما تهواه هي لا فيما يهواه هو، وذلك لأسباب:

 

أحدها: أن الذي يضل عن سبيل الله أو يشرد عنه، تستهويه شياطين الإنس الذين تكون فتنتهم أعظم بكثير من فتنة شياطين الجن؛ لما يملكونه من وسائل الإعلام والإغراء كما هي سنة الله فيمن تنكب عن سبيله.

 

ثانيها: الغزو الفكري المتنوع الذي تفاقم شره في ميدان الثقافة وأصبح بأيدي من أبرزتهم الأيدي الخفية التي تعمل في الظلام؛ لتنشر الثقافة الغربية المرتكزة بجميع معانيها ومبانيها على المادة، والتي أحدثت- وستحدث- خواء روحياً تخدم به الشيوعية واليهودية العالميتين.

 

ثالثها: فقدان الوعي الصحيح والوجدان بسبب انحصار ما يبث في ميدان التربية والتعليم، وما ينشر في وسائل الإعلام على مقاصد وأغراض كل فئة حاكمة للأمة، أو الشعب الذي تسعى في تربيته وحشو مسامعه فيما تريده منه وتسيره إليه، وعلى هذا فمن أين يحصل الوعي أو يدب الوجدان؟! أمن التربية التي خططتها الفئة الحاكمة لتصنع أولاد رعاياها على عينها لا على أعينهم؟ أم من الصحف وسائر وسائل الإعلام المؤممة والمستعملة في قلب الحقائق تارة، وتارة في كتمانها؟

 

لا جرم أن الوعي مستحيل؛ لأن النظر مقصور على بصيص إلى ناحية واحدة هي الناحية التي يريدها الحكام المشار إليهم ممن افترسوا الحكم حسب المخطط الآنف الذكر، فلا عجب أن تبلغ البشرية في انحطاطها مستوى دون مستوى الحيوان أو الحشرات؛ لأنهم بسبب ما قدمنا أصبحوا فاقدي الهدف بالكلية أو جاهلين به، متجهين اتجاهاً عكسياً كما تريده الشيوعية واليهودية العالميتان، ومع هذا ففيهم نفخة غرور جعلتهم يتبجحون بالوعي وهم عنه في مكان قد امتلأ سراباً.

 

وأما انحطاطهم في الشئون الاجتماعية فحدث عنه ولا حرج، ذلك لفساد تصوراتهم بما أحدثوه في الميدان الثقافي والإعلامي من حشائش الأباطيل التي تبلورت بها أدمغتهم حتى صاروا يستحسنون القبيح، فأصبح المنكر عندهم معروفاً والمعروف منكراً فجنوا على العقول والصدور بما أباحوه من المسكرات التي حرمها الله الحكيم لحفظها، وبث جميع أنواع الميوعة المذهبة للشهامة والقاتلة للرجولة، والعمل الدائب على إفساد الأخلاق والتحلل من الفضيلة بإنشاء المسارح والمراقص والبلاجات الخليعة وحانات الخمور، والاختلاط في العمل والتدريس بين الجنسين، وإرخاص الأعراض بإباحة الزنا حالة الرضا، وتشريع الأنظمة الديوثية المعفية للزناة عن إقامة حدود الله، والإغراء على الفواحش بإباحة التبرج وإظهار الزينة بل إظهار المفاتن، مما يعتبر تشجيعاً للفسقة وفتنة لغيرهم إلى غير ذلك مما هو انحطاط؛ بل سقوط وتسفل بالإنسانية إلى مستوى البهيمية وشرود عن تزكيتها المحققة للفلاح بجميع معانيها، ورغبة ملحة في الخيبة العامة في جميع شئون الحياة، كما قال الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) ﴾ [الشمس: 9، 10].

 

فتزكية الإنسانية وتحقيق شرفها ورفقها هي بتطبيق هذه الآية الكريمة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ الموجبة رعاية أمانة الله، والوفاء بعهده في تحقيق الجهاد النفسي الداخلي والخارجي الحربي، وحمل رسالة الله وتوزيع هدايته، ليكون أهل هذه الآية هم أهل القوامة على الأرض؛ فيشمخوا عالياً عن كل تسفل تريده لهم اليهودية العالمية؛ فيحصلوا على الوعي الصحيح الذي يقيهم من كل انحطاط، وبالله التوفيق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة الفاتحة (1)
  • تفسير سورة الفاتحة (2)
  • تفسير سورة الفاتحة (3)
  • تفسير سورة الفاتحة (4)
  • تفسير سورة الفاتحة (5)
  • تفسير سورة الفاتحة (6)
  • تفسير سورة الفاتحة (7)
  • تفسير سورة الفاتحة (8)
  • تفسير سورة الفاتحة (9)
  • تفسير سورة الفاتحة (10)
  • تفسير سورة الفاتحة (11)
  • تفسير سورة الفاتحة (12)
  • تفسير سورة الفاتحة (13)
  • تفسير سورة الفاتحة (14)
  • تفسير سورة الفاتحة (15)
  • تفسير سورة الفاتحة (16)
  • تفسير سورة الفاتحة (17)
  • تفسير سورة الفاتحة (18)
  • تفسير سورة الفاتحة (19)
  • الفاتحة (السبع المثاني والقرآن العظيم)
  • تفسير سورة الفاتحة (21)
  • تفسير سورة الفاتحة (22)
  • تفسير سورة الفاتحة (23)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (1 : 16)
  • التبيان من تفسير كلام الرحمن - الفاتحة
  • تفسير سورة الفاتحة

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (1) سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التنبيه على أن " اليسير من تفسير السعدي " ليس من تفسيره(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب