• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

عناية الإسلام بكبار السن (خطبة)

عبدالله الغرناطى المغربى
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2024 ميلادي - 24/10/1445 هجري

الزيارات: 8146

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عِنايَةُ الإسلامِ بِكبارِ السِّن


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الرُّومِ: 54]. لَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اللَّهِ فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يَمُرَّ بِمَرَاحِلَ مُتَعَدِّدَةٍ فِي الدُّنْيَا؛ فَيَبْدَأُ وَلِيدًا ضَعِيفًا، ثُمَّ شَابًّا قَوِيًّا، وَأَخِيرًا شَيْخًا ضَعِيفًا؛ وَلِذَا حَرِصَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْعِنَايَةِ بِمَرْحَلَةِ الشَّيْخُوخَةِ، وَجَعَلَهَا مَحَطَّةَ تَكْرِيمٍ وَعِنَايَةٍ خَاصَّةٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَتَّصِفُ بِالضَّعْفِ، وَيَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَخْدِمُهُ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ الْحَرِجَةِ، وَيَقُومُ بِشُئُونِهِ.

 

وَمِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْهَرَمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَيَقُولُ أَيْضًا: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَأَمَّا اسْتِعَاذَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْهَرَمِ، فَالْمُرَادُ بِهِ: ‌الِاسْتِعَاذَةُ مِنَ الرَّدِّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنَ الْخَرَفِ، وَاخْتِلَالِ الْعَقْلِ، وَالْحَوَاسِّ، وَالضَّبْطِ، وَالْفَهْمِ، وَتَشْوِيهِ بَعْضِ الْمَنْظِرِ، وَالْعَجْزِ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَالتَّسَاهُلِ فِي بَعْضِهَا).

 

وَكَبِيرُ السِّنِّ خَيْرُ النَّاسِ - إِذَا حَسُنَ عَمَلُهُ؛ فَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ». قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَسَاءَ عَمَلُهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِتَسْبِيحِهِ، وَتَكْبِيرِهِ، وَتَهْلِيلِهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ أَيْضًا: «خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا، وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالًا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌الْأَوْقَاتِ ‌وَالسَّاعَاتِ كَرَأْسِ الْمَالِ لِلتَّاجِرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّجِرَ فِيمَا يَرْبَحُ فِيهِ، وَكُلَّمَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِ كَثِيرًا كَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ، فَمَنِ انْتَفَعَ مِنْ عُمُرِهِ - بِأَنْ حَسُنَ عَمَلُهُ؛ فَقَدْ فَازَ وَأَفْلَحَ، وَمَنْ أَضَاعَ رَأْسَ مَالِهِ لَمْ يَرْبَحْ، وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا).

 

وَالْإِسْلَامُ يَدْعُو إِلَى احْتِرَامِ الْكِبَارِ وَتَوْقِيرِهِمْ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. فَعَدَّ ذَلِكَ مِنْ إِجْلَالِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَتَعْظِيمِهِ لَهُ؛ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْكَبِيرِ عِنْدَ اللَّهِ؛ وَلِمَا لَهُ مِنَ السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ؛ وَلِمَا لَهُ مِنَ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ.

 

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا؛ فَلَيْسَ مِنَّا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَكَانَ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَعْرِفُونَ لِكِبَارِ السِّنِّ قَدْرَهُمْ؛ قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: (خَرَجَ عُمَرُ لَيْلَةً فِي سَوَادِ اللَّيْلِ فَدَخَلَ بَيْتًا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَهَبْتُ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ، فَإِذَا عَجُوزٌ ‌عَمْيَاءُ ‌مُقْعَدَةٌ. فَقُلْتُ لَهَا: مَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ يَأْتِيكِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ يَتَعَاهَدُنِي مُدَّةَ كَذَا وَكَذَا، يَأْتِينِي بِمَا يُصْلِحُنِي، وَيُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى).

 

وَمِثْلُ هَذِهِ الصُّوَرِ الْمُشَرِّفَةِ فِي مُعَامَلَةِ كِبَارِ السِّنِّ، وَرِعَايَةِ الْمُسِنِّينَ تَأْتِي لِتُبَيِّنَ عَوَارَ الْمُجْتَمَعَاتِ غَيْرِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ حَيْثُ تُطَالِعُنَا الْأَخْبَارُ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ عَمَّا يَحْدُثُ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُسِنِّينَ هُنَاكَ، وَمَدَى الْعُزْلَةِ الَّتِي يَعِيشُونَ فِيهَا، وَالْإِهْمَالِ الْمُجْتَمَعِيِّ تِجَاهَهُمْ.

 

وَسِيرَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَلِيئَةٌ بِتَقْدِيرِ كِبَارِ السِّنِّ؛ فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُبَادِرَ لِلذَّهَابِ إِلَيْهِمْ، وَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ فَاتِحًا، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ؛ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ يَعُودُهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَلَّا تَرَكْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا آتِيهِ فِيهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَمْشِيَ إِلَيْكَ مِنْ أَنْ تَمْشِيَ أَنْتَ إِلَيْهِ. قَالَ: فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ» فَأَسْلَمَ. حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْسِنُ اسْتِقَبَالَهُمْ؛ فَقَدْ أَتَتْهُ عَجُوزٌ - كَانَتْ صَدِيقَةً لِخَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ لَهَا: «كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟» قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ‌تُقْبِلُ ‌عَلَى ‌هَذِهِ ‌الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ! فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الْحَاكِمُ.

 

وَيُمَازِحُهُمْ أَحْيَانًا؛ فَعِنْدَمَا أَتَتْهُ عَجُوزٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ. قَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ، إِنَّ الْجَنَّةَ ‌لَا ‌تَدْخُلُهَا ‌عَجُوزٌ» فَوَلَّتْ تَبْكِي. فَقَالَ: «أَخْبِرُوهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا وَهِيَ عَجُوزٌ؛ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 35-37]» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي "الشَّمَائِلِ".

 

وَيُذَكِّرُهُمْ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُقَنِّطُهُمْ مِنْهَا؛ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، يَدَّعِمُ عَلَى عَصًا لَهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي غَدَرَاتٍ وَفَجَرَاتٍ [جَمْعُ غَدْرَةٍ وَفَجْرَةٍ، وَالْغَدْرُ ضِدُّ الْوَفَاءِ]، فَهَلْ يُغْفَرُ لِي؟ قَالَ: «أَلَسْتَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ: بَلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ غَدَرَاتُكَ وَفَجَرَاتُكَ» صَحِيحٌ بِشَوَاهِدِهِ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي رِوَايَةٍ: فَانْطَلَقَ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ كِبَارَ السِّنِّ يُقَدَّمُونَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ؛ فَيُقَدَّمُونَ فِي الْكَلَامِ، وَيُقَدَّمُونَ فِي الْإِمَامَةِ، وَيُقَدَّمُونَ فِي الْبَدْءِ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَيُقَدَّمُونَ فِي الْإِعْطَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

 

وَتُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ؛ كَالِاسْتِنَابَةِ عَنِ الْكَبِيرِ فِي الْحَجِّ – إِذَا ضَعُفَ عَنِ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ، وَإِعْفَائِهِ مِنَ الصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَةِ لِضَعْفِهِ، وَالِانْتِقَالِ إِلَى الْإِطْعَامِ، وَتُخَفَّفُ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ؛ مُرَاعَاةً لِكِبَارِ السِّنِّ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ، وَالسَّقِيمَ، وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ؛ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِنْ عِنَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِبَارِ السِّنِّ: أَنْ حَذَّرَهُمْ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى الْحَيَاةِ، وَجَمْعِ الْمَالِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ: حُبِّ الْعَيْشِ، وَالْمَالِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ: طُولُ الْحَيَاةِ، وَحُبُّ الْمَالِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ قَلْبَ الشَّيْخِ كَامِلُ الْحُبِّ لِلْمَالِ، مُحْتَكِمٌ فِي ذَلِكَ ‌كَاحْتِكَامِ ‌قُوَّةِ الشَّابِّ فِي شَبَابِهِ. وَمِصْدَاقُهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ، وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَكَانَ يُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ لِقُرْبِ أَجَلِهِمْ؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. يُقَالُ: أَعْذَرَ إِلَيْهِ؛ إِذَا ‌بَلَّغَهُ ‌أَقْصَى ‌الْغَايَةِ فِي الْعُذْرِ، وَمَكَّنَهُ مِنْهُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اعْتِذَارٌ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَيْ: أَعْذَرَ إِلَيْهِ ‌غَايَةَ ‌الْإِعْذَارِ، ‌الَّذِي لَا إِعْذَارَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ السِّتِّينَ قَرِيبٌ مِنْ مُعْتَرَكِ الْمَنَايَا، وَهُوَ سِنُّ الْإِنَابَةِ، وَالْخُشُوعِ، وَالِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَتَرَقُّبِ الْمَنِيَّةِ، وَلِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى).

 

وَلِذَا كَانَ الذَّنْبُ مِنَ الطَّاعِنِ فِي السِّنِّ أَعْظَمَ مِنْ غَيْرِهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَسَبَبُ الْوَعِيدِ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ ‌الْتَزَمَ ‌الْمَعْصِيَةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ بُعْدِهَا مِنْهُ، وَعَدَمِ ضَرُورَتِهِ إِلَيْهَا، وَضَعْفِ دَوَاعِيهَا عِنْدَهُ - وَإِنْ كَانَ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي ضَرُورَةٌ مُزْعِجَةٌ، وَلَا دَوَاعٍ مُعْتَادَةٌ؛ أَشْبَهَ إِقْدَامُهُمْ عَلَيْهَا الْمُعَانَدَةَ، وَالِاسْتِخْفَافَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَصْدَ مَعْصِيَتِهِ، لَا لِحَاجَةٍ غَيْرِهَا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: عناية الإسلام بكبار السن
  • واجبنا تجاه كبار السن في ضوء تعاليم الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • عناية الإسلام بالفقراء (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: عناية الإسلام بالأسرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من صور عناية الإسلام بالإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية الإسلام بالنشء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية الإسلام بالمرأة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العناية بالصحة في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • عناية الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عناية الحكام والمسؤولين بالقرآن الكريم منذ فجر الإسلام وحتى العصر الحاضر (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كتاب إعلام الأنام بعناية الطفل في الإسلام لأحمد البوعلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عناية الإسلام بصحة الإنسان (PDF)(كتاب - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب