• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

التحذير الشديد من آفة التقليد (خطبة)

التحذير الشديد من آفة التقليد (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2023 ميلادي - 12/6/1445 هجري

الزيارات: 11204

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التَّحذِيرُ الشَّدِيد من آفَةِ التَّقْلِيد


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالتَّقْلِيدُ: هُوَ أَنْ يَتْبَعَ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ فِيمَا يَقُولُ أَوْ يَفْعَلُ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ فِي الدَّلِيلِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُتَّبِعَ جَعَلَ قَوْلَ الْغَيْرِ أَوْ فِعْلَهُ قِلَادَةً فِي عُنُقِهِ. فَالتَّقْلِيدُ: هُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِلَا حُجَّةٍ، وَلَا دَلِيلٍ.

 

وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشْرَعْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِقَوْلِ أَحَدٍ - يُوجِبُ مَا يُوجِبُهُ، وَيُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُهُ، وَيُبِيحُ مَا يُبِيحُهُ - غَيْرَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ، وَالْتِزَامِ قَوْلِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَتَصْدِيقِ خَبَرِهِ، وَأَمَّا سِوَاهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، وَلَا يُجْعَلُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى دِينِ اللَّهِ؛ إِذِ الْحُجَّةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَلِذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أُنَاسًا قَلَّدُوا آبَاءَهُمْ وَزُعَمَاءَهُمْ وَسَادَتَهُمْ دُونَ حُجَّةٍ وَدَلِيلٍ: فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 170]، وَهَذِهِ عَادَةٌ لَمْ تَشِذَّ عَنْهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ: ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 22-23].

 

وَقَالَ تَعَالَى – فِي ذَمِّ اتِّبَاعِ الرُّؤَسَاءِ وَالْكُبَرَاءِ وَتَقْلِيدِهِمْ بِلَا حُجَّةٍ، وَلَا بُرْهَانٍ: ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَاْ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 66-68]. وَالْآيَاتُ وَإِنْ كَانَتْ فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ؛ إِلَّا أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى ذَمِّ التَّقْلِيدِ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَهَذِهِ الْآيَاتُ وَغَيْرُهَا مِمَّا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ ‌نَاعِيَةً ‌عَلَى ‌الْمُقَلِّدِينَ مَا هُمْ فِيهِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَ تَنْزِيلُهَا فِي الْكُفَّارِ، لَكِنَّهُ قَدْ صَحَّ تَأْوِيلُهَا فِي الْمُقَلِّدِينَ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا).

 

فَأَقْوَالُ الْآبَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لَا تُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا تُقَيَّدُ بِالشَّرْعِ؛ إِذِ الْمَعْصُومُ الَّذِي تُؤْخَذُ أَقْوَالُهُ عَلَى إِطْلَاقِهَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 59]؛ فَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ عَلَى إِطْلَاقِهَا، وَقَيَّدَ طَاعَةَ وُلَاةِ الْأَمْرِ – وَهُمُ الْعُلَمَاءُ وَالْأُمَرَاءُ – بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا هُوَ سِرُّ عَدَمِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ: "أَطِيعُوا" مَعَ وُلَاةِ الْأَمْرِ.

 

وَمِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الذَّامَّةُ لِلتَّقْلِيدِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ:

1- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَلَا ‌لَا ‌يُقَلِّدَنَّ ‌رَجُلٌ ‌رَجُلًا دِينَهُ، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ، وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ).

 

2- وَقَالَ مُعَاوِيَةُ - لَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (‌أَنْتَ ‌عَلَى ‌مِلَّةِ ‌عَلِيٍّ؟ قَالَ: لَا، وَلَا عَلَى مِلَّةِ عُثْمَانَ، وَلَكِنِّي عَلَى مِلَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَأَمَّا أَقْوَالُ أَهْلُ الْعِلْمِ - مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ - فَكَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى، وَمِنْ ذَلِكَ:

1- قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌التَّقْلِيدَ ‌لَا ‌يَحِلُّ ‌الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا التَّقْلِيدُ أَخْذُ الْمَرْءِ قَوْلَ مَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ لَمْ يَأْمُرْنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِاتِّبَاعِهِ قَطُّ، وَلَا يَأْخُذُ قَوْلَهُ؛ بَلْ حَرَّمَ عَلَيْنَا ذَلِكَ، وَنَهَانَا عَنْهُ).

 

2- وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‌تَقْلِيدُ ‌شَخْصٍ ‌بِعَيْنِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْتِزَامُ مَذْهَبِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا يُوجِبُهُ وَيُخْبِرُ بِهِ؛ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَالتَّقْلِيدُ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ أُوجِدَتْ بَعْدَ الْقُرُونِ الْمُفَضَّلَةِ: اسْتَدْرَجَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِئَةً عَظِيمَةً مِنَ الْأُمَّةِ، وَجَرَفَهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اتِّبَاعِ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ، وَأَنْزَلَ أَقْوَالَهُمْ مَنْزِلَةَ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ؛ حَيْثُ تُعَظَّمُ أَقْوَالُهُمْ وَتَقَدَّسُ، وَيُدَافَعُ عَنْهَا، وَيُبْغَضُ لِأَجْلِهَا وَيُحَبُّ!

 

وَمَا حَدَثَ التَّقْلِيدُ إِلَّا حِينَ ضَعُفَ الْعِلْمُ، وَتَمَسَّكَ بِهِ الْجُهَّالُ وَالْعَوَامُّ: وَعَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ فِي الْأَنَامِ، وَالَّذِي تَوَلَّى أَمْرَ التَّقْلِيدِ هُمُ الْجُهَّالُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَلَا يُقَلِّدُونَ؛ إِذِ التَّقْلِيدُ لَيْسَ عِلْمًا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ النَّاسَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمَعْرِفَةُ الْحَاصِلَةُ عَنِ الدَّلِيلِ، وَأَمَّا بِدُونِ الدَّلِيلِ ‌فَإِنَّمَا ‌هُوَ ‌تَقْلِيدٌ... وَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ وَرَثَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَجْهَدُ وَيَكْدَحُ فِي رَدِّ مَا جَاءَ بِهِ إِلَى قَوْلِ مُقَلِّدِهِ وَمَتْبُوعِهِ، وَيُضَيِّعُ سَاعَاتِ عُمْرِهِ فِي التَّعَصُّبِ وَالْهَوَى، وَلَا يَشْعُرُ بِتَضْيِيعِهِ؟ تَاللَّهِ إِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ، وَرَمَتِ الْقُلُوبَ فَأَصْمَتْ، رَبَا عَلَيْهَا الصَّغِيرُ، وَهَرِمَ فِيهَا الْكَبِيرُ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ الْأَخْذَ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الْحَقُّ الْعَاصِمُ مِنَ الزَّيْغِ: وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مَهْمَا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ، فَنَحْنُ مُتَعَبِّدُونَ بِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا بِأَقْوَالِ الْبَشَرِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ التَّقْلِيدُ مَزْلَقًا مِنَ الْمَزَالِقِ الَّتِي تَحْرِفُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْمَنْهَجِ الْحَقِّ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَإِنَّمَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ ‌وَتَفَاقَمَ ‌أَمْرُهُ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ فَرَّقُوا الدِّينَ وَصَيَّرُوا أَهْلَهُ شِيَعًا، كُلُّ فِرْقَةٍ تَنْصُرُ مَتْبُوعَهَا، وَتَدْعُو إِلَيْهِ، وَتَذُمُّ مَنْ خَالَفَهَا، وَلَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ مِلَّةٌ أُخْرَى سِوَاهُمْ، يَدْأَبُونَ وَيَكْدَحُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَيَقُولُونَ: "كُتُبُهُمْ، وَكُتُبُنَا، وَأَئِمَّتُهُمْ وَأَئِمَّتُنَا، وَمَذْهَبُهُمْ وَمَذْهَبُنَا").

 

وَلَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الطَّعْنُ فِي أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَائِهِ الْأَجِلَّاءِ: وَاحْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاءُ أَقْوَالِهِمْ، وَخَاصَّةً الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ؛ فَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالْأَئِمَّةُ يُجَلُّونَ وَيُقَدَّرُونَ وَيُعْرَفُ لَهُمْ فَضْلُهُمْ وَمَكَانَتُهُمْ وَأَمَانَتُهُمْ، فَقَدْ كَانُوا نَاصِحِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ، وَحَرَصُوا عَلَى إِبْلَاغِهِ لِلنَّاسِ.

 

فَأَقْوَالُهُمْ مَوْضِعُ الِاحْتِرَامِ وَالتَّقْدِيرِ، يُسْتَعَانُ بِفَهْمِهِمْ، وَيُسْتَضَاءُ بِنُورِ عِلْمِهِمْ؛ لِبَيَانِ مَعْنَى النُّصُوصِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهَا مَا وَافَقَ الدَّلِيلَ، وَيُرَدُّ مَا خَالَفَهُ، فَلَا تُهْدَرُ كُلُّ أَقْوَالِهِمْ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ كُلُّهَا؛ فَهُمْ بَشَرٌ يُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ، وَهُمْ مَعْذُورُونَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ؛ بَلْ مَأْجُورُونَ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ، وَسَعَوْا إِلَيْهِ، وَاجْتَهَدُوا فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يَعْنِي هَذَا قَبُولَ كُلِّ مَا قَالُوهُ، فَقَدْ يَقَعُ مِنْهُمُ الْخَطَأُ وَالْهَفْوَةُ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ ‌نَهَى ‌الْأَئِمَّةُ ‌الْأَرْبَعَةُ ‌عَنْ تَقْلِيدِهِمْ، وَذَمُّوا مَنْ أَخَذَ أَقْوَالَهُمْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تُجْعَلُ أَصْلًا تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ؛ بَلْ هِيَ تَابِعَةٌ لَا مَتْبُوعَةٌ: وَمِنَ الْخَلَلِ فِي الْمَنْهَجِ أَنْ تُعَظَّمَ تِلْكَ الْأَقْوَالُ، وَيُتَعَدَّى بِهَا مَقَامُهَا، وَتُسَخَّرَ النُّصُوصُ لِخِدْمَتِهَا؛ بَلْ تُلْوَى أَعْنَاقُهَا لِتَصُبَّ فِي مَصَبِّهَا، دَعْكَ مِنَ التَّبْرِيرَاتِ وَالتَّأْوِيلَاتِ الْبَارِدَةِ، وَتَعْظُمُ الْمُصِيبَةُ إِذَا كَانَ الْمُبَرِّرُ لِقَوْلِهِ مِنَ الْمُنَظِّرِينَ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ مِنَ الْمُتَرَبِّعِينَ عَلَى قِمَمِ الْجَمَاعَاتِ الْمُنْتَسِبَةِ لِلْإِسْلَامِ، أَوِ الْأَحْزَابِ الَّتِي ضَجَّ مِنْهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَالَّتِي شَوَّهَتْ جَمَالَهُ، وَذَهَبَتْ بِبَهَائِهِ، وَالَّتِي دَفَعَتْ فِئَةً عَظِيمَةً مِنْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَى الِانْحِرَافِ عَنِ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ، وَتَنَكُّبِ سُلُوكِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آفة التقليد الأعمى (خطبة)
  • والله الغني وأنتم الفقراء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التحذير من كتابي: التحذير من فتنة التكفير، وصيحة نذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من التقليد الأعمى(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التحذير من تدخين التبغ وكافة استعمالاته (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • خطبة المسجد النبوي 4/3/1433 هـ - التحذير من ضياع الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من آفة الانتحار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في التحذير من تقليد أعداء الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التقليد في الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التقليد والانفلات آفتا العصر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ملخص كتاب: المجملات النافعات في مسائل العلم والتقليد والإفتاء والاختلافات الثالث: التقليد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب صلة الرحم وفضلها والتحذير الشديد من قطعها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب