• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

عرش الرحمن سبحانه (خطبة)

عرش الرحمن سبحانه (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2023 ميلادي - 22/12/1444 هجري

الزيارات: 18330

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرش الرحمن سبحانه


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ؛ ذِي الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، وَالْحَبْلِ الشَّدِيدِ، وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ دَلَّ بِخَلْقِهِ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَبِتَدْبِيرِهِ عَلَى حِكْمَتِهِ، وَبِقَدَرِهِ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ، وَبِآيَاتِهِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ؛ فَهُوَ الرَّبُّ الْمَعْبُودُ، وَمَا سِوَاهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ دَائِمَ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالتَّذْكِيرِ بِقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَانَ يَقُومُ لَهُ قَانِتًا حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَلَا تَعُوجُوا، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِهِ وَلَا تَفَلَّتُوا، وَخُذُوا بِأَمْرِهِ وَلَا تَتْرُكُوا، وَقِفُوا عِنْدَ حُدُودِهِ وَلَا تَعْتَدُوا؛ فَإِنَّكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ رَاجِعُونَ، وَعَلَى أَعْمَالِكُمْ مُحَاسَبُونَ؛ ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 102- 103].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: عَظَمَةُ الْمَخْلُوقِ دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَةِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ، وَأَعْظَمُ مَخْلُوقٍ عَرْشُ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ. وَإِذَا كَانَ الْكُرْسِيُّ وَهُوَ دُونَ الْعَرْشِ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 255]، فَكَيْفَ إِذَنْ بِالْعَرْشِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُرْسِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَالْعَرْشُ لَا يُقَدِّرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ». وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَالْعَرْشُ مَخْلُوقٌ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، بَلْ قِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَالْعَرْشُ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: «فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ أَعْلَى الْمَخْلُوقَاتِ وَسَقْفُهَا، وَأَنَّهُ مُقَبَّبٌ».

 

وَلِلْعَرْشِ قَوَائِمُ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَالْعَرْشُ أَثْقَلُ مَخْلُوقٍ؛ وَدَلِيلُ ذَلِكَ التَّسْبِيحُ الْمُضَاعَفُ الْمَأْثُورُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: «فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ زِنَةَ الْعَرْشِ أَثْقَلُ الْأَوْزَانِ».

 

وَوَرَدَ ذِكْرُ الْعَرْشِ فِي الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، وَوُصِفَ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [النَّمْلِ: 26]. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ. وَوُصِفَ بِأَنَّهُ كَرِيمٌ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَوْفَى الْفَضَائِلَ اللَّائِقَةَ بِهِ ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 116]. وَوُصِفَ بِأَنَّهُ مَجِيدٌ فِي إِحْدَى الْقِرَاءَاتِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ) [الْبُرُوجِ: 15]؛ وَذَلِكَ لِجَلَالَتِهِ وَعِظَمِ قَدْرِهِ.

 

وَالْعَرْشُ مَحْمُولٌ يَحْمِلُهُ مَلَائِكَةٌ مُقَرَّبُونَ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الْحَاقَّةِ: 17]، وَهُمْ مَلَائِكَةٌ عِظَامُ الْخَلْقِ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ خَلْقِهِمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى؛ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَهُمْ أَفْضَلُ الْمَلَائِكَةِ وَأَقْرَبُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا قَضَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمْرًا سَبَّحُوا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «...رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ، إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: «فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ أَفْضَلُ الْمَلَائِكَةِ وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً». وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ يُحِبُّونَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَدْعُونَ لَهُمْ، وَهَذَا مِنْ شَرَفِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [غَافِرٍ: 7].

 

وَمِنْ شَرَفِ الْعَرْشِ أَنَّ الشَّمْسَ تَسْجُدُ تَحْتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: «أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [يس: 38]» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاقْدُرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَاعْبُدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ عَظِيمٌ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَخَلْقِهِ وَأَفْعَالِهِ ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [يُونُسَ: 3].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَعْظَمُ شَرَفٍ لِلْعَرْشِ اسْتِوَاءُ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِ اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَالِاسْتِوَاءُ هُوَ الْعُلُوُّ وَالِارْتِفَاعُ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ بِذَاتِهِ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ خَلْقِهِ. وَكُرِّرَ ذِكْرُ اسْتِوَائِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْقُرْآنِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، عَدَا مَا فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [السَّجْدَةِ: 4]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، وَأَجْمَعَ سَلَفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْأَخْذِ بِظَاهِرِ هَذِهِ النُّصُوصِ، وَالْإِقْرَارِ بِاسْتِوَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، دُونَ الْبَحْثِ فِي الْكَيْفِيَّةِ، وَنَقَلَ هَذَا الْإِجْمَاعَ عَدَدٌ مِنْهُمْ، قَالَ الْإِمَامُ الْأَوْزَاعِيُّ: «كُنَّا وَالتَّابِعُونَ مُتَوَافِرُونَ نَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَنُؤْمِنُ بِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ». وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ: «إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ اسْتَوَى، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ».

 

وَهَذَا مُعْتَقَدُ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «نُقِرُّ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ»، وَقِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ: «كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ مَالِكٌ: اسْتِوَاؤُهُ مَعْقُولٌ، وَكَيْفِيَّتُهُ مَجْهُولَةٌ، وَسُؤَالُكَ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ، وَأَرَاكَ رَجُلَ سُوءٍ»، وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: «الْقَوْلُ فِي السُّنَّةِ الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا الَّذِينَ رَأَيْتُهُمْ مِثْلَ سُفْيَانَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا: الْإِقْرَارُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ فِي سَمَائِهِ يَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ شَاءَ، وَيَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَيْفَ شَاءَ». وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «وَقَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ: الْكُرْسِيَّ وَالْعَرْشَ وَاللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ...». فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَقِيدَةِ مَنْ سَلَفَ، وَلَا يَلْتَفِتَ لِبِدَعِ الْخَلَفِ، الَّذِينَ يُنْكِرُونَ اسْتِوَاءَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، وَيُحَرِّفُونَ مَعَانِيَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ. نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، وَأَنْ يَرُدَّ كَيْدَهُمْ إِلَى نُحُورِهِمْ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ما جاء في ذكر عرش الرحمن
  • اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ
  • فائدة في أوصاف عرش الرحمن

مختارات من الشبكة

  • علو الله فوق العرش ( للأطفال )(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • سلسلة الأسماء والصفات (الرحمن على العرش استوى)(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الرحمن على العرش استوى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (الرحمن على العرش استوى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهل المساجد في ظل عرش الرحمن (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرحمن على العرش استوى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون حديثا في علو الله العلي الأعلى على خلقه واستواءه على عرشه، ويليه نقل عن 100 من علماء السلف في إثبات علو الله على خلقه واستواءه على عرشه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غيرة هدهد أطاحت بمملكة كفران فحولتها إلى عرش توحيد وإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب