• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات
علامة باركود

مواقع الإنترنت الربحية

مواقع الإنترنت الربحية
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/1/2017 ميلادي - 9/4/1438 هجري

الزيارات: 10386

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ ملخص السؤال:

شاب يعمل في المواقع الربحيَّة على الإنترنت، وأشكلَت عليه بعض الأمور المتعلِّقة بأرباح هذه المواقع.

 

♦ تفاصيل السؤال:

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ أعمل في مواقع ربحية عبر الإنترنت، وتقابلني بعض المشكلات المتعلقة بهذا الربح؛ فمثلًا بعض المواقع تطلب مقالًا مفيدًا، ولصاحبه نسبة مِن الإعلانات التي تظهر مع المقال، والمشكلة أن صاحب المقال لا يتحكَّم في نوع الإعلانات وقد تكون فيها مخالفات شرعية!


وبعض المواقع تعطيني الربح على كل إعلان أتصفَّحه، وقد تظهَر في هذه الإعلانات نساء، لكنهنَّ لسنَ عاريات، وقد يكون في بعضها موسيقا!


بعض المواقع أحمِّل عليها المقاطع المرئية والبرامج المفيدة وبعض الكتب أو الألعاب، وتعطيني ربحًا عن كل فيديو أو برنامج أحمِّله، وتعطيني مبلغًا معينًا عن كل فيديو أو برنامج يتم تحميله مِن الملفَّات التي قمتُ برفعها، وأحيانًا أدعو أصدقائي لتحميل ما عندهم لآخُذ نسبة من الأرباح مِن غير أن ينقص ذلك مِن أربحاهم، مع تحذيري إياهم مِن رفع وتحميل الملفات المخالفة للشريعة كالأغاني والأفلام، ولا أدري ما موقفي إذا خالفوا كلامي أو ظهر إعلان مخالف للشريعة على الموقع؟


كذلك بعض المواقع تكون وسيطًا بين مَن يبحث عن عُمال، ومن يبحث عن عمل، وأنا أقوم بعملٍ مقابل مبلغ معيَّن؛ كالتسجيل في موقع، والإعجاب بصفحات الفيس بوك، أو تحميل البرامج، وأتجنَّب مَن يضع أمورًا سيئة تَحتوي على أشياء غير لائقة، وأيضًا أستطيع الرِّبح عن طريق دعوة الأصدقاء للعمل في هذه المواقع، مع تَحذيري إياهم من القيام بالأعمال السيئة، ولا أدري ما موقفي إذا خالَفوا كلامي، وقاموا بأعمال سيئة؟!


هذه كلها أمور تشكل عليَّ، ولا أدري ما الموقف الصحيح منها؟


وفي الختام أرجو منكم إعطاء لمحة عن خطورة أكل المال الحرام

الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فأهلًا ومرحبًا بك أيها الابن الكريم، ويُسعدنا في شبكة الألوكة الجواب عما أشكلَ عليك، وهذا شيء يُسعدنا أن نتعاون معك على البرِّ والتقوى، وأحيِّيك أيها ابن العزيز على أسئلتك الدالَّة على حساسيتك المُرهَفة، والحذر مِن أن تقع فيما نهى الله عنه، وتحرُّجك أن تلمَّ بمحظور ولو مِن بعيد، فثبت الله على الخير أقدامك، وأدعوك للاستمرار على هذا بنيَّ الكريم، فكلُّ ما حاك في صدرك فاتركه.


أما عمَلك على الإنترنت فأخذ الأُجرة التي تحصل عليها من مواقع التدوين جائزة لأنها مُباحة، حتى وإن حصل ما تذكرُه، وكذلك أخذ نسبة مِن الإعلانات التي تظهَر على مقالتِك؛ لأنَّ العقد أصلًا وقَع على منفعة مُباحة وأنت لست مسؤولًا عن ظهور بعض الإعلانات المحرَّمة.


أما مَواقع الضغط على الإعلانات وأخْذ أُجرة على ذلك فيُشترط أن تكون الإعلانات لأشياء مُباحة، وأن يكون الإعلان ذاته ليس فيه مخالفة شرعيَّة؛ كوجود صور للنساء المتبرِّجات، ولا يُشترط في الحُرمة أن تكون الصورة عاريَة، فيَكفي في الحُرمة أن تكون متبرِّجة فقط، وأن يكون عقد الإجارة على الإعلان خاليًا أيضًا من المُخالفات الشرعيَّة؛ كالجهالة والغرر؛ ففي هذه الحالة لا حرَجَ في هذه الإعلانات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].


فإن كانتْ عُمولة الإحالة مقابل اشتراكات أعضاء جدُدُ، فرسوم الاشتراك يدخلها الرِّبا والمَيسر، فكلُّ ما يترتَّب عليها فهو محرَّم.


وكذلك فإنَّ المنفعة المستأجَر عليها مُعتبرة شرعًا، وهي مجرَّد تصفُّح الإعلانات، فيَخشى أن يكون ذلك مِن الغشِّ والخداع لبعض الشركات الراغبة في الإعلان في هذا الموقع بإيهامها بكثرة زوَّاره، وأخذ مالٍ بسبب عمل المحالين دون مقابل، فالمال الذي يدفع لك ليس في مقابل منفعة معتبرة شرعًا.


أما مَواقع تحميل الملفات، فالإجارة كما عرَّفها أهل العلم هي: عقدٌ على المنافع بعِوَض، ويُشترط لصحَّتها ما يُشترط لصحَّة البيع، بأن تكون الأجرة معلومة طاهرة مُنتفعًا بها مقدورًا على تسلُّمها، وأن تكون المنفعة كذلك، وتحميل الملفات ليس منفعة شرعيَّة معتبرة إلا لمن يَستفيد منها، وأنت إنما تُحمِّلها لترويج الموقِع فلا تُعتبَر مصلحة، بل لمجرَّد الدخول على مَواقع، فإذا حرم هذا فيَحرم أيضًا دعوة أحدٍ للعمل معكَ، وكذلك الحال في السؤال الرابع الظاهر أنه لا يَجوز لنفس العلَّة التي حرَّمْنا فيها الصورة السابقة.


وأما أكلُ الأموال بالباطل فقد حرَّم الشارع الحكيم جميع المُعاملات المالية المحرَّمة؛ كالسَّرِقة، والرِّبا، والغشِّ، والاحتيال، والرشوة، والقمار، وما جرى مجرى ذلك من سائر صنوف الحيل، واحتكار الضروريات، وحرَّم كذلك المال المكتسب من عقود الإجارة المحرَّمة، وهي المشتملة على الجهالة أو الغرر أو الإعانة على الحرام، وغيرها كثير؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188]، فعمَّ الله كل مالٍ باطل من أنواع المكاسب غير الشرعية؛ قال البغَوي في تفسيره (1 / 210): "وأصل الباطل: الشيء الذاهب، والأكل بالباطل أنواع، قد يكون بطريق الغصب والنهب، وقد يكون بطريق اللَّهو كالقمار وأُجرة المغني ونحوهما، وقد يكون بطريق الرشوة والخيانة".


وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، فأجاز سبحانه وتعالى العمليات التجارية التي تتمُّ عن تراضٍ بين البائع والمشتري، وأما أضرار ومَصائب الكسب الحرام الدنيوية والأُخرويَّة، فأكثر مِن الإحاطة بها ها هنا، وإنما نُشير إليها إشارةً:

• فمنها عدم استجابة الدعوة ومحْق البركة، وفي الآخرة دخول النار إن لم يتجاوزِ الله عنه؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إنَّ الله طيِّب لا يقبَل إلا طيبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمَرَ به المُرسَلين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكَرَ الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبر، يمدُّ يدَيه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبَسُه حَرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟))، فجعَل النبيُّ من موانع استجابة الدعاء أكل المال الحرام.


• ومنها تحذيرُ النبي صلى الله عليه وسلم من أكْل المال الحرام؛ ففي سُنن الترمذيِّ عن أبي برزة الأسلميِّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمِه فيمَ فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفَقه، وعن جسمِه فيمَ أبلاه)).


• ومنها ما في الصحيحَين عن أبي هُريرة، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، فلم نغنَم ذهبًا ولا فضَّةً، إلا الأموال والثياب والمتاع، فأهدى رجلٌ من بني الضبيب، يُقال له: رفاعة بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلامًا، يقال له: مِدْعَم، فوجَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وادي القُرى، حتَّى إذا كان بِوادي القرى، بينما مِدعَمٌ يحطُّ رحلًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سهم عائرٌ فقتَله، فقال الناس: هنيئًا له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلا، والذي نفسي بيدِه، إنَّ الشَّملة التي أخَذَها يوم خيبر من المغانم، لم تُصبْها المقاسم، لتَشتعل عليه نارًا))، فلما سمعَ ذلك الناسُ جاء رجلٌ بشراك - أو شراكين - إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((شراكٌ مِن نار))، أو: ((شِراكان من نار)).


الابن الكريم، أختِمُ كلامي معك بتلك المَقطوعة الأدبيَّة الرائقة لأديب الإسلام الأستاذ سيِّد قطب، فتأمَّل كلامه عن طبيعة هذا الدِّين العظيم وهو يطوف حول قوله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136]:

"إنَّ المتقين في أعلى مراتب المؤمنين، ولكن سَماحة هذا الدِّين ورحمته بالبشر تسلُك في عداد المتَّقين ﴿ الَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِم ﴾، والفاحشة أبشع الذنوب وأكبرها، ولكن سماحة هذا الدِّين لا تطرد من يَهْوون إليها من رحمة الله، ولا تجعلهم في ذيل القافلة، قافلة المؤمنين، إنما تَرتفع بهم إلى أعلى مرتبة، مرتبةِ المتَّقين، على شرط واحد، شرط يكشف عن طبيعة هذا الدِّين ووجهته، أن يَذكروا الله فيَستغفروا لذنوبهم، وألا يُصرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون أنه الخطيئة، وألا يتبجَّحوا بالمعصية في غير تحرُّج ولا حياء، وبعبارة أخرى: أن يكونوا في إطار العبودية لله، والاستِسلام له في النهاية، فيظلُّوا في كنَف الله وفي محيط عفْوه ورحمته وفضله.


إنَّ هذا الدِّين ليُدرك ضعف هذا المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحيانًا إلى درك الفاحِشة، وتهيج به فورة اللحم والدم فيَنزو نزوة الحيوان في حمى الشهوة، وتدفعه نزواته وشهواته وأطماعه ورغباته إلى المخالفة عن أمر الله في حمى الاندفاع، يُدرك ضعفَه هذا فلا يَقسو عليه، ولا يُبادر إلى طردِه من رحمة الله حين يَظلم نفسَه حين يَرتكِبُ الفاحشةَ.. المعصية الكبيرة، وحسبُه أنَّ شعلة الإيمان ما تَزال في روحه لم تنطفئ، وأن نَداوة الإيمان ما تزال في قلبه لم تجفَّ، وأن صلته بالله ما تزال حية لم تذبل، وأنه يعرف أنه عبدٌ يُخطئ، وأن له ربًّا يغفر، وإذًا فما يزال هذا المخلوق الضعيف الخاطئ المذنب بخير، إنه سائر في الدَّرب لم ينقطع به الطريق، مُمسك بالعروة لم ينقطع به الحبل، فليَعثر ما شاء له ضعفه أن يعثر، فهو واصلٌ في النهاية ما دامت الشُّعلة معه، والحبل في يده، ما دام يذكر الله ولا يَنساه، ويَستغفره ويقرُّ بالعبودية له، ولا يتبجَّح بمعصيته.


إنه لا يُغلِق في وجه هذا المخلوق الضَّعيف الضالِّ باب التوبة، ولا يُلقيه منبوذًا حائرًا في التِّيه! ولا يدعه مطرودًا خائفًا من المآب، إنه يُطمعه في المغفرة، ويدلُّه على الطريق، ويأخُذ بيده المُرتعشة، ويُسند خطوته المتعثِّرة، ويُنير له الطريق، ليَفيء إلى الحمى الآمن، ويثوب إلى الكنَف الأمين.


شيء واحد يَتطلَّبه: ألا يجفَّ قلبُه، وتُظلِمَ رُوحُه فيَنسى الله، وما دام يذكر الله، ما دام في رُوحه ذلك المشعل الهادئ، ما دام في ضميره ذلك الهاتف الحادي، ما دام في قلبه ذلك الندى البليل، فسيَطلع النور في رُوحه من جديد، وسيَؤوب إلى الحمى الآمن مِن جديد، وستَنبت البذرة الهامِدة من جديد.


إنَّ طفلك الذي يُخطئ ويَعرف أن السَّوط - لا سواه - في الدار، سيَروح آبقًا شاردًا لا يَثوب إلى الدار أبدًا، فأما إذا كان يعلم أنَّ إلى جانب السوط يدًا حانيَة تُربِّت على ضعفِه حين يَعتذِر من الذنب، وتقبل عُذره حين يَستغفِر مِن الخطيئة، فإنه سيَعود! وهكذا يأخذ الإسلام هذا المَخلوق البشريَّ الضَّعيف في لحظات ضعفِه، فإنه يَعلم أن فيه بجانب الضَّعف قوة، وبجانب الثِّقلة رفرفة، وبجانب النَّزوة الحيوانيَّة أشواقًا ربانيَّة، فهو يَعطف عليه في لحظة الضَّعف ليأخذ بيده إلى مراقي الصُّعود، ويُربِّت عليه في لحظة العثرة ليُحلِّق به إلى الأُفق من جديد، ما دام يَذكر الله ولا يَنساه، ولا يصرُّ على الخطيئة وهو يعلم أنها الخطيئة! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما أصرَّ من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرَّة))، والإسلام لا يدعو بهذا إلى الترخُّص، ولا يُمجِّد العاثر الهابط، ولا يهتفُ له بجَمال المستنقع، كما تهتف "الواقعيَّة"! إنما هو يُقيل عثرة الضَّعف، ليَستجيش في النفس الإنسانيَّة الرجاء، كما يَستجيش فيها الحياء، فالمغفرة من الله - ومَن يغفر الذنوب إلا الله؟ - تُخجِل ولا تُطمِّع، وتُثير الاستغفار ولا تثير الاستِهتار.


فأمَّا الذين يَستهتِرون ويصرُّون، فهم هنالك خارج الأسوار، موصدة في وجوههم الأسوار، وهكذا يجمع الإسلام بين الهتاف للبشريَّة إلى الآفاق العُلى، والرحمة بهذه البشريَّة التي يعلم طاقتها، ويفتح أمامها باب الرجاء أبدًا، ويأخذ بيدِها إلى أقصى طاقتها، هؤلاء المتقون" اهـ من ظلال القرآن (1 / 476، 477).


ثبتنا الله وإياك على صراطِه المستقيم





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطيبي وراتب عملي
  • عمل ممل!
  • عمل القانوني التجاري
  • لا أتقن عملي، فماذا أفعل؟
  • هل يمكنني تزوير شهادة خبرة لأعمل؟!
  • هل يجوز الكذب على العملاء في هذه الحالة؟!
  • استغلال أوقات الفراغ في العمل
  • هل أصلي في المسجد مع الجماعة، وأترك العمل؟
  • الخلوة في مكان العمل المختلط
  • العمل في مدرسة تقدم الأفكار النصرانية للطلاب
  • الخلوة في العمل
  • حكم خرق شروط استخدام مواقع الإنترنت

مختارات من الشبكة

  • صدر حديثاً كتاب (مواقع العلوم في مواقع النجوم) لجلال الدين البلقيني(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • التقييم الكمّي لمواقع الويب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أصناف الناس مع مواقع الإنترنت (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • أخلاقيات التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخذ المال مقابل العمل في مواقع الإنترنت(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • إعلان نتائج محور مواقع الإنترنت الداعمة للوسطية باللغات العالمية(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • شروط ونماذج المشاركة في محور مواقع الإنترنت (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • الأبعاد الإعلامية لاستخدام مواقع الإنترنت الجديدة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعريف بأهم مواقع التفسير على الانترنت.(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • مناقشة رسالة دكتوراه عن (القرآن الكريم في مواقع الإنترنت العربية: دراسة تحليلية نقدية)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب