• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)

عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/12/2025 ميلادي - 26/6/1447 هجري

الزيارات: 1771

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عقوبة مَنْ أساء بين الشريعة والافتراء

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ وَلَا تَزَالُ مَحَلَّ جَدَلٍ وَاسِعٍ فِي الْمَجَالِ التَّرْبَوِيِّ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَلَا سِيَّمَا الْعُقُوبَةَ الْبَدَنِيَّةَ، وَلَا يَخْلُو الْحَدِيثُ عَنْهَا مِنْ غُلُوٍّ يَتَمَثَّلُ فِي الرَّفْضِ الْمُطْلَقِ لَهَا، وَاعْتِبَارِهَا انْتِهَاكًا لِكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ، وَيُقَابِلُهُ غُلُوٌّ آخَرُ يَسْتَنِدُ إِلَى النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ، وَكَأَنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ أَمَرَتْ بِهَا، وَحَثَّتْ عَلَيْهَا، وَأَثْنَتْ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ أَيَّ انْتِقَادٍ لَهَا هُوَ انْتِقَادٌ لِلشَّرِيعَةِ!

 

وَالْمُتَأَمِّلُ فِي هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ يَجِدُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ الْبَدَنِيَّةَ جَاءَتْ فِي سِيَاقَيْنِ:

الْأَوَّلُ: الْحُدُودُ وَالتَّعْزِيرَاتُ الشَّرْعِيَّةُ.

وَالْآخَرُ: التَّأْدِيبُ وَالتَّرْبِيَةُ.

 

وَقَدْ نَصَّ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى اسْتِخْدَامِ الضَّرْبِ وَسِيلَةً لِإِصْلَاحِ نُشُوزِ الزَّوْجَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 34].

 

وَحِينَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَبَيَّنَ حُقُوقَ النِّسَاءِ؛ أَذِنَ فِي ضَرْبِهِنَّ لِلتَّأْدِيبِ، وَجَاءَ ذَلِكَ مَقْرُونًا بِالْوَصَاةِ بِهِنَّ، وَالْأَمْرِ بِالتَّقْوَى، كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ؛ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ[1] عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ؛ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

فَنُلَاحِظُ؛ أَنَّ الضَّرْبَ لَمْ يَأْتِ عَلَى إِطْلَاقِهِ؛ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ: الْأَوَّلُ: فِي حَالِ أَوْطَأَتِ الزَّوْجَةُ فِرَاشَ زَوْجِهَا مَنْ يَكْرَهُ. وَالْآخَرُ: أَنَّهَا أَتَتْ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ.

 

وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ، فَحِينَمَا سُئِلَ: مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ[2]، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَالضَّرْبُ جَاءَ رُخْصَةً بَعْدَ أَنْ نُهِيَ عَنْهُ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ»، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذَئِرْنَ[3] النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الَّذِينَ يَضْرِبُونَ لَيْسُوا هُمُ الْخِيَارَ، مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ رُخْصَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ احْتَاجُوا إِلَيْهِ، وَلَمْ يَجِدُوا مِنْهُ بُدًّا.

 

وَيَنْبَغِي عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يَحْتَمِلُوا الْقُصُورَ الطَّبِيعِيَّ فِي النِّسَاءِ، وَلَا يُحَاسِبُوهَنَّ وِفْقَ صُورَةٍ مِثَالِيَّةٍ لَا تَتَنَاسَبُ مَعَ طَبِيعَةِ الْمَرْأَةِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ؛ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالسِّمَاتُ السَّلْبِيَّةُ - الَّتِي يَرَاهَا الزَّوْجُ فِي زَوْجَتِهِ - تُقَابِلُهَا سِمَاتٌ إِيجَابِيَّةٌ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَضْرِبْ بِيَدِهِ قَطُّ، وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ فَضِيلَةً لَمْ يَتْرُكْهُ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ؛ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنَ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ ضَرْبُ الْأَوْلَادِ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ؛ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا؛ وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ عَطِيَّةُ سَالِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَيُعَوَّدُ الصَّبِيُّ عَلَى الصَّلَاةِ مِنَ السَّابِعَةِ إِلَى الْعَاشِرَةِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ؛ بِالتَّرْغِيبِ وَبِالتَّرْهِيبِ، وَبِإِعْطَاءِ الْحَلْوَى وَالْهَدَايَا، وَصُحْبَتِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ، ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ، فَإِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَةَ، فَإِنْ كَانَ خَيِّرًا طَيِّبًا نَقِيًّا؛ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا لَهُ فِي أَنْ يَرْتَادَ الْمَسْجِدَ وَحْدَهُ، وَإِلَّا ضُرِبَ ضَرْبَ تَأْدِيبٍ لَا ضَرْبَ تَشَفٍّ، فَإِذَا رُوِّضَ مِنَ السَّابِعَةِ إِلَى الْعَاشِرَةِ، ثُمَّ أُلْزِمَ وَضُرِبَ مِنَ الْعَاشِرَةِ إِلَى الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ؛ فَلَا يَجْرِي الْقَلَمُ عَلَيْهِ إِلَّا وَقَدْ أَصْبَحَتِ الصَّلَاةُ جُزْءًا مِنْ دَمِهِ وَلَحْمِهِ)[4].

 

وَمِنَ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ الْهَجْرُ: فَقَدْ هَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي وَاقِعَةٍ مَشْهُورَةٍ[5]. وَهَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَاتِهِ شَهْرًا[6]، وَهَجَرَ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ذَا الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمَ، وَبَعْضَ صَفَرٍ[7].

 

وَمِنَ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ الْإِغْلَاظُ فِي الْقَوْلِ عَلَى مَنِ ارْتَكَبَ خَطَأً: فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا غَشِينَاهُ[8] قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا، بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

وَانْتَهَرَ زَوْجَتَهُ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ فَعَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ - عِنْدَ حَفْصَةَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا» قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْتَهَرَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا[9] ﴾ [مَرْيَمَ: 72]» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

 

وَمِنَ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ؛ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ خَالَفَ ‌الْحُكْمَ ‌الشَّرْعِيَّ ‌بِلَا ‌عُذْرٍ: فَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ؛ أَنَّ رَجُلًا نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَجَدْتَ؛ إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لَا اسْتَطَعْتَ»، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ، قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَفِي الْحَدِيثِ: جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ خَالَفَ ‌الْحُكْمَ ‌الشَّرْعِيَّ ‌بِلَا ‌عُذْرٍ، وَفِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى فِي حَالِ الْأَكْلِ، وَاسْتِحْبَابُ تَعْلِيمِ الْآكِلِ آدَابَ الْأَكْلِ إِذَا خَالَفَهُ)[10].

 

وَيَنْبَغِي أَلَّا تُؤَدِّيَ الْعُقُوبَةُ إِلَى مَفْسَدَةٍ، وَإِعَانَةٍ لِلشَّيْطَانِ عَلَى الْمُعَاقَبِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ، وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ، أَخْزَاهُ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَأَخِيرًا؛ فَمَنْ تَأَمَّلَ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةَ، وَتَفَاوُتَهَا، وَتَدَرُّجَهَا؛ أَدْرَكَ أَنَّهَا تَهْدِفُ إِلَى إِصْلَاحِ النَّفْسِ وَتَهْذِيبِهَا، فَهِيَ مُرْتَبِطَةٌ بِتَحَقُّقِ الْهَدَفِ مِنْهَا؛ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ، وَلَيْسَتْ مَقْصُودَةً لِذَاتِهَا، وَلِذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَسْوَةِ فِي الْعُقُوبَةِ.



[1] عَوَانٌ: جمع عانية، وهي الأَسيرة، فالمرأة عند الرجل بمثابة الأسير؛ وذلك أنها محبوسة لِحَقِّ الزوج، وله التصرف فيها. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (3/ 314)؛ فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب، للفيومي (8/ 650).

[2] وَلَا تُقَبِّحْ: أي: لا تُسمعها المكروه، ولا تشتمها، ولا تقل: قبَّحَكِ اللهُ، ونحو ذلك.

[3] ذَئِرْنَ: أَيْ ‌نَشَزْنَ عَلَيْهِمْ وَاجْتَرَأْنَ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 151).

[4] شرح الأربعين النووية، (49/ 8).

[5] رواه البخاري، (ح4418)؛ ومسلم، (ح2769).

[6] رواه البخاري، (ح1910)؛ ومسلم، (ح1085).

[7] حسن لغيره – رواه أبو داود، (ح4602)؛ وأحمد، (ح24481).

[8] غَشِينَاهُ: أي: أتيناه. انظر: المصباح المنير، (2/ 447).

[9]﴿ جِثِيًّا ﴾: ‌جَمْعُ ‌جَاثٍ، وَهُوَ الَّذِي يَجْلس عَلَى رُكْبَتَيْه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 239).

[10] شرح النووي على مسلم، (13/ 192).





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فقه الأولويات في القصص القرآني (خطبة)
  • أدب التثبت في الأخبار (خطبة)
  • من ترك شيئا لله عوضه خيرا منه (خطبة)
  • حفظ الأسرار خلق الأبرار (خطبة)
  • فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
  • ورزق ربك خير وأبقى (خطبة)
  • من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
  • الصاحب الأمين.. قامع المرتدين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة والقانون لعبد الملك بن عبد الرحمن السعدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {ليس عليكم جناح}: رفع الحرج وتيسير الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأحكام الفقهية للممارسات الجنسية الممنوعة في الشريعة الإسلامية (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • مجالات التيسير والسماحة في الشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مرتكزات منهج التيسير في الشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضرب الأطفال في ميزان الشريعة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزينة في الصلاة أدب مع الله وهيبة في الوقوف بين يديه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/7/1447هـ - الساعة: 16:52
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب