• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   الملف الصحفي   مواد مترجمة   كتب   صوتيات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملف تفاعلي لكل بيت مسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالقرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: أذكار الصباح والمساء
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    بطاقة: الرقية بالسنة النبوية
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    تيسير السيرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم السلام ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    القيادة الإدارية من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل المعتمر (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    خلق المسلم (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    أخلاقيات الإدارة من المنظور الإسلامي والإداري ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية الموجزة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية المتوسطة
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    دليل الحاج، ويليه: دليل الحاج المصور (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    ورد اليوم والليلة (PDF)
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الجريسي: سيرة ومسيرة عبدالرحمن بن علي الجريسي ...
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
  •  
    الرقية الشرعية من القرآن الكريم
    د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الاحتجاج على المعاصي بالقدر

الاحتجاج على المعاصي بالقدر
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2025 ميلادي - 17/10/1446 هجري

الزيارات: 6822

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاحتجاج على المعاصي بالقدر


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ؛ أَحْصَى مَا خَلَقَ عَدًّا وَكَمًّا وَقَدْرًا، وَقَضَاهُ كِتَابَةً وَخَلْقًا وَقَدَرًا، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ فَأَقَامَ بِهِ حُجَّتَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَقَطَعَ مَعْذَرَةَ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَسْلِمُوا لِأَمْرِهِ وَأَذْعِنُوا، وَامْتَثِلُوا لِحُكْمِهِ وَانْقَادُوا، وَتَأَسَّوْا بِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبِعُوا؛ فَإِنَّ الْجَزَاءَ عَظِيمٌ: خُلْدٌ فِي النَّعِيمِ أَوْ فِي الْجَحِيمِ؛ ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا ‌وَعَمِلُوا ‌الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 173].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنَ الْخِذْلَانِ لِلْعَبْدِ أَنْ يُنَاكِفَ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ، وَيُجَادِلَ فِي شَرْعِهِ؛ فَيَحْتَجُّ عَلَى كُفْرِهِ وَمَعْصِيَتِهِ بِالْقَدَرِ، وَيَقُولُ بِلِسَانِ حَالِهِ أَوْ مَقَالِهِ: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى هِدَايَتِي لَهَدَانِي، وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَنِي أُصَلِّي وَأَمْتَنِعَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ هِدَايَتِي، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ الطَّائِعِينَ الْمُصَلِّينَ، وَتِلْكَ هِيَ حُجَّةُ الْمُشْرِكِينَ السَّابِقِينَ الَّتِي حَكَاهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، وَبَيَّنَ لِلنَّاسِ بُطْلَانَهَا؛ لِيَحَذَرَ أَهْلُ الْقُرْآنِ مِنْ وَسْوَسَةِ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ بِهَا؛ فَإِنَّ الْقُلُوبَ خَطَّافَةُ الشُّبُهَاتِ، وَإِنَّ الزَّائِغِينَ عَنِ الْحَقِّ لَنْ يَأْلُوا جُهْدًا فِي صَرْفِ النَّاسِ عَنْ دِينِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ ‌سَيَقُولُ ‌الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 148]، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُمْ سَيَحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ عَلَى شِرْكِهِمْ وَإِتْيَانِهِمُ الْمُحَرَّمَاتِ، ثُمَّ دَحَضَ حُجَّتَهُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ ‌عِنْدَكُمْ ‌مِنْ ‌عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 148]، وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ‌وَقَالَ ‌الَّذِينَ ‌أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [النَّحْلِ: 35]، فَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ مِنْهُمُ الشِّرْكَ فَأَشْرَكُوا، وَدَحَضَ زَعْمَهُمْ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النَّحْلِ: 35]، وَفِي آيَةٍ ثَالِثَةٍ: ﴿ وَقَالُوا ‌لَوْ ‌شَاءَ ‌الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 20]، «وَمُرَادُهُمْ: أَنَّ اللَّهَ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنَ الْإِشْرَاكِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْهُ، أَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِشِرْكِهِمْ»، فَرَدَّ زَعْمَهُمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ‌مَا ‌لَهُمْ ‌بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 20].

 

وَاللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْإِيمَانَ، وَلَا يَرْضَى لَهُمُ الْكُفْرَ: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا ‌يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزُّمَرِ: 7]، فَبَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ كَيْفَ يَزْعُمُ الْكَافِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَضِيَ مِنْهُ الْكُفْرَ؟ وَكَيْفَ يَزْعُمُ الْعَاصِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَبَّ مِنْهُ الْمَعْصِيَةَ وَإِلَّا لَمَا وَقَعَتْ؟ يَا لَهَا مِنَ احْتِجَاجَاتٍ سَخِيفَةٍ، وَتَعْلِيلَاتٍ عَلِيلَةٍ.

 

وَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُحِبُّ أَهْلَ الْكُفْرِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَاللَّهُ ‌لَا ‌يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 276]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ ‌لَا ‌يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 32]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ ‌لَا ‌يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [الرُّومِ: 45]، وَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ رَضِيَ الْكُفْرَ مِنَ الْكَافِرِ لَأَحَبَّ الْكَافِرَ، فَلَمَّا نَفَى مَحَبَّتَهُ لَهُ عُلِمَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ مِنْهُ، بَلْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ كُفْرَ الْكَافِرِ يَزِيدُهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بُغْضًا وَخَسَارَةً فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ ‌الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ ‌الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [فَاطِرٍ: 39].

 

وَلَوْ كَانَ الْاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ صَحِيحًا: لَمَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ، وَجَعَلَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى النَّاسِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ ‌حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النِّسَاءِ: 165]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ ‌بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النَّحْلِ: 36]، فَلِمَاذَا يُرْسِلُ الرُّسُلَ، وَيُنْزِلُ الْكُتُبَ؛ إِنْ كَانَ يَرْضَى مِنْ عِبَادِهِ الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ، أَوْ كَانَ أَجْبَرَهُمْ عَلَيْهَا؟! تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

 

وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ صَحِيحًا: لَمَا تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ ‌الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النِّسَاءِ: 140]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ ‌الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 68].

 

وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى تَرْكِ الطَّاعَاتِ صَحِيحًا: لَمَا تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ تَرَكُوهَا بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ‌فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 59]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ ‌يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 180].

 

وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى فِعْلِ الْمَعَاصِي صَحِيحًا: لَمَا تَوَعَّدَ اللَّهُ تَعَالَى الْعُصَاةَ عَلَى مَعَاصِيهِمْ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ ‌يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 93]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا ‌يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 68-69].

 

وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى فِعْلِ الْمَعَاصِي صَحِيحًا: لَمَا أَغْرَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِتَكْفِيرِ صَغَائِرِهِمْ إِذَا اجْتَنَبُوا الْكَبَائِرَ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا ‌كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 31]، وَلَمَا وَصَفَ سُبْحَانَهُ مَنِ اجْتَنَبُوهَا بِالْإِحْسَانِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى * الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ ‌كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ﴾ [النَّجْمِ: 31-32].

 

وَلَوْ كَانَ الْاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَتَرْكِ الطَّاعَاتِ صَحِيحًا: لَاحْتَجَّ بِهِ أَهْلُ النَّارِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: ﴿ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ‌نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 44]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا ‌شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 106-107]، وَفِي ثَالِثَةٍ: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا ‌فِي ‌أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الْمُلْكِ: 10-11].

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ إِلَى الْمَمَاتِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي هُوَ تَعِلَّةٌ يَتَعَلَّلُ بِهَا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ؛ لِلتَّنَصُّلِ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَإِلَّا فَهُمْ لَا يَعْمَلُونَ بِهَا فِي أُمُورِ دُنْيَاهُمْ، وَلَوْ عَمِلُوا بِهَا لَلَزِمَ الْمُحْتَجَّ بِالْقَدَرِ أَنْ يَقْعُدَ عَنِ الْعَمَلِ وَالْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الرِّزْقَ مَكْتُوبٌ كَمَا أَنَّ عَمَلَ الْعَبْدِ مَكْتُوبٌ، وَيَلْزَمُ الْمُحْتَجَّ بِالْقَدَرِ إِذَا مَرِضَ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنِ الْأَخْذِ بِأَسْبَابِ الشِّفَاءِ وَالْعِلَاجِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مَكْتُوبٌ كَمَا أَنَّ عَمَلَ الْعَبْدِ مَكْتُوبٌ؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ؛ بِكَتْبِ ‌رِزْقِهِ، ‌وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُحْتَجِّ بِالْقَدَرِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي أَلَّا يَدْرَأَ الْمَخَاطِرَ عَنْهُ، وَلَا يَرُدَّ اعْتِدَاءَ الْمُعْتَدِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّرٌ عَلَيْهِ حَسَبَ زَعْمِهِ، وَلَوْ عَمِلَ النَّاسُ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ التَّافِهَةِ لَأُلْغِيَتِ الشَّرَائِعُ وَالْأَنْظِمَةُ وَالْأَقْضِيَةُ وَالْعُقُوبَاتُ؛ وَلَتُرِكَ لِلْمُجْرِمِينَ أَنْ يَفْعَلُوا مَا يَشَاءُونَ؛ لِأَنَّ إِجْرَامَهُمْ قَدَرٌ مَكْتُوبٌ، وَلَا يَقُولُ بِذَلِكَ عَاقِلٌ، وَإِلَّا لَأَصْبَحَ النَّاسُ فَوْضَى يَأْكُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

 

وَمَنْ دَاخَلَ قَلْبَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْحُوَهَا بِالْإِيمَانِ، وَيَدْحَضَهَا بِالْيَقِينِ بِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى الْكَامِلِ، وَعَدْلِهِ التَّامِّ، وَرَحْمَتِهِ الْكَامِلَةِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ مُحْتَاجًا لِطَاعَاتِ الْعِبَادِ وَلَا تَنْفَعُهُ شَيْئًا، كَمَا أَنَّ مَعَاصِيَهُمْ لَا تَضُرُّهُ شَيْئًا، وَأَنَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَكِيمٌ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا إِلَّا لِحِكْمَةٍ، قَدْ يَعْلَمُهَا بَعْضُ الْخَلْقِ، وَقَدْ تَخْفَى عَلَى جَمِيعِهِمْ؛ لِيُعْجِزَهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيُدَلِّلَ لَهُمْ عَلَى قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ الْمُحِيطِ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ حِينَ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ ‌كُتِبَ ‌مَقْعَدُهُ ‌مِنَ ‌النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [اللَّيْلِ: 5-9]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إيطاليا: مساجد روما تجتمع في ساحة المسرح الروماني للصلاة والاحتجاج على إغلاق المساجد

مختارات من الشبكة

  • الأدب الشعبي لعصر الاحتجاج: دراسة أدبية لغوية في إنشاءات العامة من فصحاء عصر الاحتجاج (WORD) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاحتجاج في العربية: المحتج بهم – زمان الاحتجاج(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حكم الاحتجاج بالقدر على المعاصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والرد على ذلك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاحتجاج بالقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضوابط الاحتجاج بالسنة التقريرية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون العقدية: شرح حديث الاحتجاج (الجزء الاول)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مواقف أهل اللغة من الاحتجاج بالقراءة الشاذة (PDF)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • الأربعون العقدية: حديث الاحتجاج(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الاحتجاج بالأكثرية(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب