• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

روح الصلاة (3) من منافع الخشوع

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/7/2019 ميلادي - 21/11/1440 هجري

الزيارات: 20825

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

روح الصلاة (3)

من منافع الخشوع


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

الصَّلَاةُ عَمُودُ الدِّينِ، وَالْخُشُوعُ رُوحُهَا، فَصَلَاةٌ بِلَا خُشُوعٍ كَجَسَدٍ بِلَا رُوحٍ. وَلِلْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ مَنَافِعُ عَظِيمَةٌ عَلَى الْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ وَدِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ:

فَبِالْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ يَصْلُحُ الْقَلْبُ، وَيَنْشَرِحُ الصَّدْرُ، وَتَسْتَقِيمُ النَّفْسُ، ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرَّعْد: 28]، وَالصَّلَاةُ ذِكْرٌ، وَهِيَ بَوَّابَةٌ إِلَى الذِّكْرِ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ كَلَّمَهُ: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14]. وَكُلَّمَا زَادَ الْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ زَادَ الْقَلْبُ طُمَأْنِينَةً وَفَرَحًا وَسُرُورًا، وَاتَّسَعَ الصَّدْرُ انْشِرَاحًا وَحُبُورًا، وَبِقَدْرِ نَقْصِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ تَنْقُصُ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ وَفَرَحُهُ وَسُرُورُهُ، وَيَنْقُصُ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَحُبُورُهُ. وَلَا عَجَبَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ رَاحَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ النَّاسِ خُشُوعًا فِي صَلَاتِهِ، فَكَانَتِ الصَّلَاةُ رَاحَتَهُ وَقُرَّةَ عَيْنِهِ؛ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ، أَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَفِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِعَانَةِ بِالصَّلَاةِ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ ثِقَلَهَا عَلَى غَيْرِ الْخَاشِعِينَ ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 45]، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا يَجِدُهُ الْخَاشِعُونَ مِنَ اللَّذَّةِ بِالصَّلَاةِ، وَأُنْسِهِمْ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا. وَهِيَ لَذَّةٌ يَجِدُهَا الْخَاشِعُ فِي طُولِ قُنُوتِهِ وَقِرَاءَتِهِ، وَفِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ؛ حَيْثُ انْحِنَاؤُهُ ذُلًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمًا وَمَحَبَّةً وَخَوْفًا وَرَجَاءً، فَمَنْ فَاتَتْهُ لَذَّةُ الصَّلَاةِ فِي الدُّنْيَا فَاتَهُ أَعْظَمُ لَذَائِذِ الدُّنْيَا وَأَنْفَعُهَا وَأَدْوَمُهَا.

 

وَبِسَبَبِ هَذِهِ الرَّاحَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الْخَاشِعُ فِي صَلَاتِهِ يَتَطَامَنُ مِنْ كِبْرِيَائِهِ، وَيَكْسِرُ سَوْرَةَ نَفْسِهِ؛ لِعِلْمِهِ بِحَقِيقَتِهِ وَحَقِيقَةِ الدُّنْيَا؛ فَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ عَبْدٌ مَرْبُوبٌ مَأْمُورٌ مَهْمَا بَلَغَ مِنَ الْمَنَاصِبِ الْعَالِيَةِ، وَجَمَعَ مِنَ الْأَمْوَالِ الطَّائِلَةِ، فَالْخُشُوعُ يُهَذِّبُهُ وَيُطَامِنُهُ. وَحَقِيقَةُ الدُّنْيَا أَنَّهَا إِلَى زَوَالٍ، وَأَنَّهُ وَافِدٌ عَلَى دَارِ الْجَزَاءِ وَالْقَرَارِ، وَلَا يَنْفَعُهُ فِيهَا إِلَّا عَمَلُهُ الصَّالِحُ، وَالصَّلَاةُ خَيْرُ الْأَعْمَالِ، وَأَكْمَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْخَاشِعِينَ.

 

وَلِلْإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَلَامٌ نَفِيسٌ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ فِيهِ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، وَأَفْضَلُ الْأَحْوَالِ لَهُ حَالٌ يَكُونُ فِيهَا أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلِهَذَا كَانَ الدُّعَاءُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ. وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَبْدَ مِنَ الْأَرْضِ كَانَ جَدِيرًا بِأَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ أَصْلِهِ... وَأُمِرَ بِالسُّجُودِ خُضُوعًا لِعَظَمَةِ رَبِّهِ، وَخُشُوعًا لَهُ، وَتَذَلُّلًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَانْكِسَارًا لَهُ؛ فَيَكُونُ هَذَا الْخُشُوعُ وَالْخُضُوعُ وَالتَّذَلُّلُ رَدًّا لَهُ إِلَى حُكْمِ الْعُبُودِيَّةِ، وَيَتَدَارَكُ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْهَفْوَةِ وَالْغَفْلَةِ وَالْإِعْرَاضِ الَّذِي خَرَجَ بِهِ عَنْ أَصْلِهِ، فَتُمَثَّلُ لَهُ حَقِيقَةُ التُّرَابِ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ، وَهُوَ يَضَعُ أَشْرَفَ شَيْءٍ مِنْهُ وَأَعْلَاهُ وَهُوَ الْوَجْهُ، وَقَدْ صَارَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ؛ خُضُوعًا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ الْأَعْلَى، وَخُشُوعًا لَهُ، وَتَذَلُّلًا لِعَظَمَتِهِ، وَاسْتِكَانَةً لِعِزَّتِهِ» انْتَهَى كَلَامُهُ.

 

وَالصَّلَاةُ الْخَاشِعَةُ سَبَبٌ لِلْمَغْفِرَةِ وَتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاودَ.

 

وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ الْخَاشِعَةُ عِصْمَةٌ لِصَاحِبِهَا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمُنْكَرِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 45]، فَأَمَرَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ أَدَائِهَا، وَمِنْ إِقَامَتِهَا الْخُشُوعُ فِيهَا. وَبِقَدْرِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ تَكُونُ عِصْمَتُهَا لِصَاحِبِهَا. وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ قَالَ: إِنَّهُ سَيَنْهَاهُ مَا تَقُولُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: «فَمِثْلُ هَذِهِ الصَّلَاةِ لَا مَحَالَةَ تَنْهَاهُ فَيَتُوبُ عَنِ السَّرِقَةِ قَرِيبًا...؛ إِذْ لَا بُدَّ مِنْ مُزَاوَلَةِ الصَّلَاةِ زَمَنًا حَتَّى يَجِدَ مِنْهَا حَالَةً فِي قَلْبِهِ تَمْنَعُهُ مِنَ الْإِثْمِ».

 

فَالصَّلَاةُ الْخَاشِعَةُ مُهَذِّبَةٌ لِلْأَخْلَاقِ، غَسَّالَةٌ لِلْأَدْرَانِ، مُبَاعِدَةٌ عَنِ الْإِثْمِ، مُصْلِحَةٌ لِلْقَلْبِ، عَاصِمَةٌ مِنَ الْمُنْكَرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْحَجِّ: 34- 35]. وَالْمُخْبِتُونَ هُمُ الْخَاشِعُونَ، فَلْنَتَأَمَّلْ كَيْفَ أَنَّ خَشُوعَهُمْ أَصْلَحَ قُلُوبَهُمْ فَتَحَرَّكَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَوَجِلَتْ.

 

وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُصَلِّينَ يُعَانُونَ مِنَ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَدَمِ حُضُورِ الْقَلْبِ، وَالتَّفْكِيرِ فِي أَوْدِيَةِ الدُّنْيَا، حَتَّى إِنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟! وَلَا مَا قَرَأَ وَلَا مَا سَمِعَ؟! وَمَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُشُوعِ وَحُضُورِ الْقَلْبِ بِتَدَبُّرِ مَا يَسْمَعُ وَمَا يَقْرَأُ وَمَا يَقُولُ، وَاسْتَحْضَرَ أَنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ؛ أَخَذَهُ مَقَامُ الْهَيْبَةِ وَالْعَظَمَةِ كُلَّ مَأْخَذٍ، فَخَشَعَ فِي صَلَاتِهِ، وَاسْتَحْضَرَ مَا يَقُولُهُ فِيهَا، كَمَنْ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ عَظِيمٍ مِنَ الْعُظَمَاءِ فَيُرْعِي لَهُ كُلَّ حَوَاسِّهِ، وَيَحْسُبُ أَلْفَاظَهُ وَحَرَكَاتِهِ؛ لِئَلَّا يَأْتِيَ بِمَا لَا يَنْبَغِي، وَاللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ الْمَمْلُوءَةِ تَعْظِيمًا وَمَهَابَةً مِنْ أَيِّ بَشَرٍ مَهْمَا بَلَغَتْ عَظَمَتُهُ. وَمَنْ حَقَّقَ الْخُشُوعَ زَالَتْ عَنْهُ الْوَسَاوِسُ وَالْخَطَرَاتُ، كَمَا قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: «مَنْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَمْ يَقْرَبْ مِنْهُ الشَّيْطَانُ».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْخُشُوعِ، وَأَنْ يُصْلِحَ قُلُوبَنَا وَأَعْمَالَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

مِنْ مَنَافِعِ الْخُشُوعِ: حُصُولُ الْفَلَاحِ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 1- 2]. وَهُوَ فَلَاحٌ عَامٌّ فَيَعُمُّ الْفَلَاحَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَلِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ سَبَبًا لِلرِّزْقِ ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ ﴾ [طه: 132].

 

وَمِنْ مَنَافِعِ الْخُشُوعِ: دُخُولُ الَجنَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى جُمْلَةً مِنْ صِفَاتِ المُؤمِنِينَ، وَمِنْهَا الخُشُوعُ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 10- 11]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» رواه مسلم.

 

فَيَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ فِي الْخُشُوعِ سَوَاءً صَلَّى الْفَرِيضَةَ أَمِ النَّافِلَةَ، وَسَوَاءً صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ، فَقَدْ يُصَلِّي الرَّجُلُ بِجَانِبِ الرَّجُلِ وَبَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الْخُشُوعِ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّ الرَّجُلَ لِيَشِيبَ عَارِضَاهُ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا أَكْمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى صَلَاةً، قِيلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ خُشُوعَهَا وَتَوَاضُعَهَا وَإِقْبَالَهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا».

 

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَعُلُوِّ مَقَامِهِ مِنَ الدِّينِ، وَمَكَانَتِهِ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَاتَبَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى التَّقْصِيرِ فِيهِ فِي كِتَابٍ يُتْلَى إِلَى يَوْمِ الدِّينِ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الْحَدِيدِ: 16]، وَكَانَ نُزُولُ هَذَا الْعِتَابِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْأَمْرِ بِالْخُشُوعِ، وَضَرُورَتِهِ لِصَلَاحِ قَلْبِ الْعَبْدِ، وَصَلَاحِ حَالِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الْحَدِيدِ: 16] إِلَّا أَرْبَعُ سِنِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • روح الصلاة ولبها (1)
  • روح الصلاة ولبها (2)
  • روح الصلاة ولبها (3)
  • روح الصلاة ولبها (4)
  • روح الصلاة ولبها (5)
  • الخشوع ومغفرة الذنوب (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الخشوع روح الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة روح الأرواح(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مواعظ وحكم من كتاب روح الأرواح لابن الجوزي (2)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مواعظ وحكم من كتاب "روح الأرواح" لابن الجوزي (1)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • فضل الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (22)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • ما هو الخشوع في الصلاة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الرابع عشر: الخشوع في الصلاة (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • فوائد الخشوع في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منافع الحج ومقاصده (3) الإصلاح والتزكية - زيادة الإيمان - تحقيق الرابطة الإسلامية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب