• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لكل مقام مقال (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
  •  
    ما لا يسع القارئ جهله في التجويد: الكتاب الثالث ...
    د. عبدالجواد أحمد السيوطي
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تمام المنة في شرح أصول السنة للإمام أحمد رواية ...
    الشيخ الدكتور سمير بن أحمد الصباغ
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: العلم والدعوة والصبر
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    إهانة المرأة في بلاد الكفر
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    التقوى مفتاح العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشرح الميسر على الآجرومية (للمبتدئين) (6)
    سامح المصري
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد
علامة باركود

الإسرائيليون في دار الإفتاء المصرية!

فهمي هويدي

المصدر: كتبت هذه المقالة يوم 15/ 2/ 1994 وحظر نشرها في الصحف المصرية حينئذ.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/3/2008 ميلادي - 18/3/1429 هجري

الزيارات: 10773

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسرائيليون في دار الإفتاء المصرية![1]

لم أصدق عيني حين رأيت صورة التقطت داخل مبنى دار الإفتاء المصرية، وقد ظهر فيها فضيلة المفتي (الدكتور محمد سيد طنطاوي) جالسًا على منصة في صدر إحدى القاعات، وقد جلس أمامه جمع من الناس بينهم بعض الإسرائيليين، ميزتهم "القلانس" التي وضعوها فوق رؤوسهم، ولم أصدق أذني حين قال لي الصحفي الشاب، والجزع بادٍ في عينيه: إن أولئك "الإسرائيليين" الذين دخلوا مقر دار الإفتاء، لأول مرة في تاريخها، بلغ عددهم خمسة عشر شخصًا، وإنهم كانوا أكبر وفد - بعد الوفد المصري - شارك في مؤتمر عنوانه: "حل الصراعات".

من جانبه، آثر زميلنا المفجوع أن يحتفظ بالصورة وألا ينشرها، قائلاً: إنها تثبت واقعة تستحق الستر، بحسبانها "ابتلاء" يحسن ألا يشيع أمره بين الناس، لكني وجدت أن الأمر أكبر من أن يعالج بهذه الصورة.
اتصلت هاتفيًّا بالمفتي، الدكتور محمد سيد طنطاوي، وسألته عن الأمر، فقال: إنه لم يكن يعرف أن هناك "إسرائيليين" بين الوفود، وإنه حضر جلسة الافتتاح لمدة نصف ساعة فقط، ثم انصرف ولم يتابع شيئًا من أمر المؤتمر بعد ذلك، وأضاف أن هذه هي المرة الثانية التي ينعقد فيها مؤتمر حل الصراعات داخل دار الإفتاء، التي يقتصر دورها على مجرد تقديم المكان، ولا شأن لها بالأمور التفصيلية والتنظيمية الأخرى.

أحالني المفتي إلى الدكتور جمال ماضي أبو العزايم، أستاذ الأمراض النفسية، ورئيس الجمعية العالمية الإسلامية للصحة النفسية، وقال: إنه هو الذي تولى تنظيم المؤتمر مع بعض معاونيه، ونبهني إلى أن دار الإفتاء شهدت في شهر فبراير الحالي مؤتمرين وليس مؤتمرًا واحدًا؛ أولهما انعقد فيما بين الثالث والخامس من الشهر، وهو المختص بحل الصراعات (عنوانه: كيف نتعايش مع اختلاف وجهات النظر؟)، وقد اشتركتْ في الدعوة إليه جهات عدة، هي: الجمعية العالمية للصحة النفسية بمصر، بالاشتراك مع الاتحاد العالمي للصحة النفسية، ومركز رعاية ضحايا العنف بواشنطن، والمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة، أما المؤتمر الثاني فقد عقد بعد الأول مباشرة، وكان موضوعه: الإسلام والسلام النفسي، وقد دعت إليه الجمعية العالمية للصحة النفسية وحدها.
عندما لاحظ المفتي أنني مهتم أكثر بموضوع المشاركة "الإسرائيلية"، قال: إنه لا يشاركني القلق أو الانزعاج في هذه النقطة، وإنه لا يهمه من دخل إلى دار الإفتاء أيًّا كانت صلته أو هُويته، لأن الأهم هو ماذا سيسمعون من دار الإفتاء.

بحثتُ عن الدكتور جمال ماضي أبو العزايم، فقيل إنه في رحلة إلى أسوان مع المشاركين في ندوة "الإسلام والسلام النفسي"، الذين حضروا جلسة الافتتاح في دار الإفتاء، ثم واصلوا مناقشاتهم في رحلتهم السياحية إلى الأقصر وأسوان، ترقبت وصوله وسألته في الموضوع، فقال: إن "الإسرائيليين" شاركوا في المؤتمرين، وإن وفدهم الكبير الذي ضم 15 عضوًا حضر كل جلسات مؤتمر حل الصراعات، وغادر مصر بعد ذلك، باستثناء واحدة، طبيبة نفسية مسؤولة عن مركز حل الصراعات في "إسرائيل"، حضرت المؤتمر الثاني حول الإسلام والسلام النفسي.

وفي إجابته عن أسئلتي، ذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها "الإسرائيليون" بالمؤتمر، وأن 150 عضوًا من 20 دولة أسهموا في الدورة الحالية (التالية ستعقد في لبنان)، وهذه الدول تراوحت بين الولايات المتحدة وأيرلندا وكشمير وباكستان، مرورًا بدول الخليج ولبنان، وكنموذج عملي على محاولة حل الصراع العربي "الإسرائيلي"، فإن المشاركين في الندوة - يتقدمهم الوفد "الإسرائيلي" بطبيعة الحال - زاروا مستشفى فلسطينيًّا بضاحية مصر الجديدة، وقضوا هناك ثلاث ساعات مع الأطباء والمرضى وطلاب الهلال الأحمر الفلسطيني، وقد اعتبر الدكتور أبو العزايم أن التجرِبة "كانت ناجحة للغاية".

حين ناقشته في موضوع المشاركة "الإسرائيلية"، قال: إنه وأعضاء المؤتمر مقتنعون بأن الصراع العربي "الإسرائيلي" ليس سوى "مشكلة نفسية!"، وأن اللجوء إلى القوة في حل ذلك الصراع كان بمثابة مضيعة للوقت باهظة التكلفة!
الخبر صحيح إذًا، بدرجة تسمح لنا بأن نقرر أن دار الإفتاء أصبحت أول مؤسسة إسلامية في مصر ينجح "الإسرائيليون" في اختراقها، وإثبات حضورهم داخلها، الأمر الذي يسوغ للتاريخ أن يسجل أن "الإسرائيليين" الذين دخلوا المسجد الأقصى "محاربين" في يونيو 1967، تسنَّى لهم أن يدخلوا دار الإفتاء المصرية بالقاهرة "محاورين" في الثالث من فبراير عام 1994، وأزعم أن مشهد الدخول الثاني أفدح، برغم أن الأقصى يظل أجل وأعظم، وهو أفدح؛ لأن "الإسرائيليين" دخلوا الأقصى غازين، بينما دخلوا دار الإفتاء مدعوِّين، والذين استقبلوهم هناك كانوا مكرهين ومقهورين، بينما الذين استقبلوهم هنا كانوا متطوعين ومرحبين.


يحتمل المشهد تعقيبًا وملاحظة من أكثر من زاوية:
• فمن ناحية، فإنني أزعم أن دعوة "الإسرائيليين" إلى مؤتمر يعقد داخل دار الإفتاء - هو خطأ جسيم ومركب، وعندما يتم ذلك بدون علم المفتي، فإن الخطأ يصبح مضاعفًا، صحيح أن افتتاح المفتي لمؤتمر لا يعرف من هم أعضاؤه، ولا ما هي موضوعات أبحاثه - أوقعه في مأزق هو في غنى عنه، وأساء إلى موقفه الذي قرأْناه له في رسالته للدكتوراه وأشهر كتبه "بنو إسرائيل في القرآن والسنة"؛ غير أن خطأه يمكن تحميله على سبيل السهو، بينما خطأ الذي دعوا الوفد "الإسرائيلي" هو عمد صراح، مقترن بسبق تدبير وإصرار.

أما كونه خطأ مركبًا، فمرجع ذلك إلى أمرين: أولهما أننا نعتبر أن ثمة خطأ في مبدأ التطبيع الحاصل حاليًّا، الذي يعد مؤتَمر "حل الصراعات" نموذجًا له، وسنفصل في هذه النقطة بعد قليل، وثانيهما أننا نعتبر أنَّ الزَّجَّ بالرموز والمؤسسات الإسلامية بوجه أخص في ذلك المسار - يَهْتِكُ جلال تلك الرموز والمؤسَّسات من ناحية، ثم إنه من ناحية أخرى يمكِّن "إسرائيل" من ورقة ثمينة، لا بد أن توظفها في مساعيها الرامية إلى اختراق العالم الإسلامي، والنفاذ إلى قلوب جماهيره المفعمة بمشاعر الرفض والكراهية لها.

ونحن لا نتردد في القول بأن موقف الرموز والمؤسسات الإسلامية من "القضية" ينبغي أن يكون متميزًا بطبيعته عن موقف المؤسسات الأخرى، ثم إنه في مصر بالذات ينبغي أن يكون أكثر تشددًا منه في أي دولة أخرى.
فـ"إسرائيل" من وجهة النظر الشرعية محتلة لأرض إسلامية، وطاردة لملايين من سكَّانها، ومغتصبة للمسجد الأقصى، ناهيك عن أنها "مشروع" يهدد أمن الأمة، وتلك كلها من "الكبائر" التي لا يستطيع العقل الإسلامي - ولا الوطني أيضًا - اغتفارَها، فضلاً عن أن الضمير الإسلامي يتعذر عليه تمريرها أو السكوت عليها، من ثم فليس بوسع أي مؤسسة إسلامية أن تغض الطرف عن تلك الجوانب، ولا عن التكاليف الشرعية المترتبة عليها، وإلا فقدت مصداقيتها وشرعيتها، وما لم تحل القضية على نَحْوٍ عادل وشريف، فإنَّ الاشتباك - وليس التطبيع - ينبغي أن يظل الموقف الأساسي لمختلف تلك الرموز والمؤسسات الإسلامية.

وإذا أضفنا إلى ذلك أن مصر لها وزنها الخاص في العالم الإسلامي، وأن هناك كثيرين يتطلعون إلى منارة الأزهر فيها، ويعتبرون موقفها نموذجًا يهتدى به ويحتذى - فإن ذلك العنصر يلقي مسؤولية خاصة على الرموز والمؤسسات الإسلامية فيها، تفرض عليها مزيدًا من الحذر والانتباه في التعامل مع هذه القضية الدقيقة؛ لأن أي خطأ في الحساب، وأي خلل في صواب الرؤية، له تأثيره الذي يتجاوز حدود الدولة إلى أرجاء الأمة.

لتلك الأسباب، فإننا نذهب إلى أن استخدام لافتة "دار الإفتاء" لعقد مؤتمر يشارك فيه "الإسرائيليون" - يمثل إساءة بالغة لوجه ووزن تلك الدار في الساحة الإسلامية، ثم إن توريط المفتي في افتتاح المؤتمر، دون إخباره بالمشاركة "الإسرائيلية" - هو مسلك غير كريم، وضع الرجل في موقف لا يتمنَّاه أحد لرمز إسلامي مقدَّر، الأمر الذي يستوجب الاعتذار له، ولنا أيضًا.

• وليس سرًّا أن "إسرائيل" سعت وبإلحاح منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد إلى اختراق المؤسسة الإسلامية في مصر بوجه أخص، واستخدمت في ذلك جميع الضغوط والحيل، وقد كان الأزهر هو الهدف الذي انصرفت إليه تلك الجهود؛ حيث يدركون أن الأزهر (الذي يهاجمه البعض الآن في مصر ويحطون من قدره!) هو قيمة كبرى، تمثل مفتاحًا أساسيًّا إلى قلب العالم الإسلامي.

وكانت وسيلة "إسرائيل" لاستدراج الأزهر للتعامل معها، هي بالدرجة الأولى ندوات ومؤتمرات الحوار غير المباشر، التي استخدمت أقنعة وعناوين شتى، ربما كان في مقدمتها الدعوة إلى الحوار بين الأديان، أو إلى إحلال السلام في العالم، والوسطاء الذين ظلوا ينقلون أمثال تلك الدعوات، تراوحوا بين دبلوماسيين كبار، وكرادلة في عدَّة عواصم أوروبية آسيوية، ورجال دين بوذيين من اليابان، وشركات سياحيَّة عَرَضَتْ تقديمَ خِدماتها مجانًا "لوجه الله!".

والقصص التي تروى في هذا الصدد بلا حصر، من بينها قصة مندوب لجنة الديانات في اليابان، الذي دعا الأزهر إلى المشاركة في مؤتَمر حوار في طوكيو ذات عام، ثم جاء في العام التالي - بمنتهى البراءة - ليدعو الأزهر للمشاركة في المؤتمر الثاني "للحوار"، الذي اتفق على عقده في "القدس"، وقيل لشخصية كبيرة في الأزهر: إنَّ مدينة القدس مؤهلة بحكم طبيعتها للحوار بن الأديان، والدعوة إلى السلام في العالم، خصوصًا بين العرب و"إسرائيل".
وكان الرد أنَّ موضوع العرب و"إسرائيل" فيه طرف معتدٍ وآخر مجني عليه، والمعتدي لا يزال يحتل الأرض، ويهدم البيوت، ويكسر عظام الفلسطينيين، الأمر الذي لا يتصور في ظله أن يقوم سلام بين الطرفين.

عند ذاك، سئل الكاهن البوذي الكبير: هل توافقون على أن الطرف "الإسرائيلي" هو المعتدي؟ فلمَّا ردَّ بالإيجاب، قال الشيخ الأزهري: أليس من الأفضل أن يوجه الجهد إلى مخاطبة المعتدي؛ ليكفَّ عن عدوانه؟ وهل يعقل أن تدعى الضحية في مثل هذه الحالة لإقامة سلام مع الجاني؟ وهل يمكن أن يقوم سلام جاء في ظل هذه الظروف؟
عندما توالت الأسئلة على ذلك النحو، قال الكاهن البوذي: إنه سيبحث الأمر مع أمانة المؤتمر، ثم سيعود بالرد بعد ذلك، وخرج ولم يعد!
ذلك نموذج واحد للمساعي اللحوحة التي بذلت لاستدراج الأزهر للتطبيع مع "إسرائيل"، ولكنها وُوجِهَت بقدر من اليقظة والوعي، أفشلها جميعًا، وحفظ للأزهر سمعته وقدره الجليليْنِ أمام الأمة، وأكثر ما أخشاه أن يكون "الإسرائيليون" قد يئسوا من اختراق الأزهر، فاتَّجهوا إلى دار الإفتاء، ودخلوها من وراء ظهر المفتي!!

• على صعيدٍ آخَر، فبوسع المراقب أن يلحظ تصعيدًا خلال الآونة الأخيرة في وتيرة هجمة التطبيع مع "إسرائيل"، عبر العديد من القنوات المباشرة وغير المباشرة؛ فمؤتمر حل الصراعات الذي انعقد في القاهرة مع بداية شهر فبراير، سبقته بأسبوعين اجتماعات - في القاهرة أيضًا - لفريق المشاركين، فيما يُسَمَّى بمبادرة "السلام والتعاون في الشرق الأوسط"، التي شارك فيها نفر من الخبراء والمثقَّفين المصريين والعرب والأمريكيين، و"الإسرائيليين" بطبيعة الحال، وعقدت الاجتماعات وسط أجواء إعلامية حفلت بالإشارات إلى ما جنته مصر من فوائد ترتبت على التطبيع في مَجالات الزراعة وغيرها، وفيما حدث ذلك في مصر، نقلت وكالات الأنباء من الرباط أخبار التحضير لمؤتمر "التجمع العالمي لليهود المنحدرين من أصول مغربية"، الذي شاركت "إسرائيل" فيه بوفد ضم عشرين عضوًا، في مقدمتهم رئيس الكنيست عزرا رفائيل، وفي مؤتمر صحفي عقده على هامش المؤتمر رئيس الكنيست، قال: إن "إسرائيل" بدأت مرحلة تطبيع اقتصادي وتجاري بطيء مع عدد من الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج.

تلاحُق تلك الأحداث خلال أسبوعين أو ثلاثة يجسد التسارع الملحوظ في عملية التطبيع، الذي تشارك فيه عناصر النخبة من المثقفين ورجال الأعمال، الأمر الذي يعد نقلة نوعية في أسلوب الاختراق والتمدد "الإسرائيليين".
اعتراضنا على ذلك النهج يكمن فيما ذكرناه من قبل، من أن ما بيننا وبين "إسرائيل" يتجاوز بكثير حدود الزراعة والتجارة والسياحة؛ فـ"إسرائيل" ليست دولة فقط، ولكنها "مشروع" له أهدافه السياسية التي لم تتوقف، والذي يراد به تحجيم الأمة العربية، والحيلولة دون نهضتها ووحدتها، وهذا الكلام الذي نقوله ثابت في الوثائق البريطانية التي سبقت وعد بلفور، والتي تحدثت عن ضرورة قطع الطريق على تطلع مصر إلى الشام، تمهيدًا لوحدة الأمة العربية، لأجل ذلك كان لا بد أن تزرع "إسرائيل" في فلسطين، وأن تطرد شعبها، وتمارس دورها التاريخي في إجهاض مختلف الأحلام العربية.

إن ثمة قضية معلقة بين العرب و"إسرائيل" لم تحل بعد على النحو العادل المنشود، وإنما يجري تناسيها وتجاهلها هذه الأيام، وإذا ظن البعض أن القضية بسبيلها إلى الحل في ضوء اتفاق إعلان المبادئ، الذي وقع في شهر سبتمبر الماضي بين القيادتين الفلسطينية و"الإسرائيلية"، فردُّنا على ذلك أن للاتفاق آجالاً ومواعيد وأهدافًا ستتبلور بعد خمس سنوات، فلماذا العجلة إذًا واستباق الأحداث والزمن، خصوصًا أن تلك المواعيد ليست مقدسة، كما قال إسحاق رابين رئيس وزراء "إسرائيل"؟! لماذا نستدرج إلى أمر واقع يحقق "لإسرائيل" مرادها، بينما كل الذي قبضه العرب إلى الآن ليس سوى كلام في كلام، خلطه البعض بالأماني والأوهام؟!

إن "إسرائيل" وأبواقها والمفتونين بها يريدون إقناعنا بأن المشكلة حلت، ولكن حقائق الواقع تقول لنا بأن كل ما جرى هو "إعلان مبادئ" قد يمهد للحل، وقد لا يؤدي إلى ذلك، وهو أمر لم تستبعده "إسرائيل" ذاتها، التي صرح رئيس وزرائها قبل أيام لمجلة "دير شبيجل" الألمانية: إنه لا يستبعد قيام حرب رابعة في المنطقة بين "إسرائيل" والعرب، خلال فترة تتراوح بين 5 و7 سنوات، إذا فشلت جهود السلام.

•• استطرادًا من هذه النقطة، فإننا نسوق إلى الذين يبيعون لنا الوهم، ويدلسون علينا زاعمين بأن المشروع "الإسرائيلي" قد انكسر، هذه العينة من الأخبار خرجت من "إسرائيل" فقط خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، التي ارتفعت أثناءها وتيرة التطبيع، وهو موجز نورده؛ لكي يقارن الجميع بين ما يحدث في الساحتين العربية و"الإسرائيلية":

• نشرت صحيفة "الفيجارو" الفرنسية في أول فبراير تقريرًا عن تجديد "إسرائيل" لسلاحها الجوي، وذكرت أنها تعاقدت مع الولايات المتحدة على شراء 20 طائرة من طراز "إف - 15 - آي"، التي يبلغ مداها ستة آلاف كيلو متر (تستطيع قذف ليبيا وإيران!)، وقيمة الطائرة الواحدة 100 مليون دولار، وهي تعد من أسلحة القرن الواحد والعشرين، التي تمنع الولايات المتحدة بيعها لأي دولة أخرى، وفيما يحدث ذلك، تحجب الأسلحة العادية عن دول "الطوق" العربية؛ سوريا مثلاً منعت عنها صفقة دبابات تشيكية كانت بصدد استلامها.

• أعلنت حكومة رابين عن إقامة شبكة طرق بتكلفة 600 مليون دولار في الأراضي المحتلة (التي يفترض أن يقوم فيها الحكم الذاتي والدولة الفلسطينية)، هدفها ربط المستوطنات بعضها ببعض وبـ"إسرائيل" بتصميم يتجنب المناطق العربية، بحيث تستكمل عملية تحويل الأراضي المحتلة إلى "كانتونات" تحت السيطرة "الإسرائيلية".

• نشرت مجلة "البيادر السياسي" الصادرة في الضفة الغربية تقريرًا عن الأراضي التي صادرتها الحكومة "الإسرائيلية" من الفلسطينيين بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ، تحت عنوان "حمى الاستيطان تتضاعف بعد الاتفاق"، وقد بيَّن التقرير أن السلطات "الإسرائيلية" صادرت منذ 13 سبتمبر عشرات الآلاف من الدونمات في الأراضي المحتلة، بينما اجتاحت المستوطنين "صرعة" لتوسيع مستوطناتهم، بمباركة حكومية، بينما فصائل العازفين والمنشدين تردد أغاني السلام، وتعزف ألحانه!

• قام المستوطنون "الإسرائيليون" بوضع حجر الأساس لثمانين مستوطنة جديدة في الضفة الغربية (لاحظ أن اتفاق إعلان المبادئ نص على بقاء المستوطنات تحت الحماية الإسرائيلية).

• أعلن أن مشروع القدس الكبرى التي يجري تهويدها بخطًا حثيثة، سيحول العاصمة "الأبدية" لـ"إسرائيل" إلى كيان ضخم، يقوم عمليًّا على مساحة تصل إلى خمس الضفة الغربية!
هذه أخبار ثلاثة أسابيع فقط، نضعها بين أيدي الجميع للعلم والنظر، خصوصًا القائلين بأن المشكلة "نفسية" في حقيقتها، والمروجين لأكذوبة "انكسار" المشروع "الإسرائيلي".
ما رأيكم في أن "ننكسر" بدورنا على الطريقة "الإسرائيلية"؟!


[1] كتبت يوم  15/ 2/ 1994. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لماذا يجب علينا أن نرفض الصلح والسلام مع اليهود؟
  • يا مثبت العقل والدين!
  • خدعوك فقالوا: "اعرف عدوك"

مختارات من الشبكة

  • الإسرائيليون عرفوا نوعين من الاسترقاق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العرب والإسرائيليون في أسفار العهد القديم ( الإسرائيليون )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أسطورة "الإسرائيليون الأوائل" تحت مجهر التأريخ الوثائقي(مقالة - المترجمات)
  • الرد على دار الإفتاء المصرية في مسألة طلب المدد من الأموات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الثقافة المصرية تقرر نقل مقتنيات دار المخطوطات إلى دار الكتب بعد انفجار مديرية الأمن(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • حوار مع فضيلة مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي عبدالكريم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة حادي الأظعان النجدية إلى الديار المصرية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تطبيق قواعد تحكيم المواد العلمية على رسالة: (الطلاق والدور الوظيفي للأسرة المصرية)(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • دور التحالفات التسويقية في تنمية القدرة التنافسية لشركات صناعة الأدوية المصرية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الزهور الوردية والهدايا المصرية السامية بإجازة الطالبين للمسلسل بالأولية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
3- رد
محمود قحطان - اليمن 01-04-2008 05:52 PM
فعلاً لا حول ولا قوة إلا بالله .

اعجبني المقال كثيراً .
2- وماذا بعد ؟!!!!!!!!
شاهيناز فواز - مصر 27-03-2008 08:22 PM
حقا سيدى الفاضل لقد اصبت بصدمة عند قرآتى لمقالتك الخطيرة
الى هذه الدرجة اصبحنا ندعو نحن المسلمون اصحاب الحق والعزة ندعو الأعداء والظلمة على مر التاريخ والى ان تقوم الساعة الى بلادنا وداخل ذلك المكان الطاهر ؟
انها حقا مهزلة
فلنتذكر قول الله تعالى (فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) صدق الله العظيم
وماذا بعد؟!!!!!!!!!
حسبى الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله
اشكرك سيدى الفاضل على هذا المقال الرائع
1- طاعة امريكية
سعيد - مصر 27-03-2008 09:44 AM
اصبح الكل يلبس الزى الامريكى ويتابع طوعا او كراهية
لاحول ولاقوة الا بالله
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب