• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير قوله تعالى: {فلما آتاهما صالحا جعلا له ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    الإمام الشوكاني مترجما لنفسه في: "البدر الطالع ...
    بشار بن صادق آل صلاح الحبيشي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    مهمة تتطلب من الإنسان مواجهة شده وأزمات الحياة ...
    الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع
  •  
    الرحمة في الحدود (بطاقة دعوية)
    د. منال محمد أبو العزائم
  •  
    الأربعون الملائكية في ذكر بعض ما ورد عن الملائكة ...
    وليد بن أمين الرفاعي
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    بين رمضان والحج
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد
علامة باركود

ماذا يحدث عولمة أم بلطجة أمريكيَّة؟! (2)

د. وليد قزيها

المصدر: كتاب "الحضارة في مهب الريح"
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2008 ميلادي - 26/2/1429 هجري

الزيارات: 9219

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ماذا يحدث عولمة أم بلطجة أمريكيَّة؟!

الجرائد والمقالات دائمًا تتحدَّث عنِ النّظام العالمي الجديد، وأحيانًا تتحدَّثُ عنِ العولمة، وفي رأيي أنَّ النّظام العالَمي الجديد في طور التكوين ولَم يَكْتَمِل حتَّى الآن، فما زالتِ القواعد التي يقوم عليها في مرحلة الصنع وفي مرحلة يحدث فيها كثير من الصعود والهبوط والنزاعات.

أمَّا النّظام العالمي القديم فَملامِحُه معظمُنا يعلمها، فهو نظام القطبين الذي كان يقوم على التَّوازُن بين قطبين أساسيَّيْنِ، وقدِ استمرَّ إلى عام 1991 عندما حدث الانهيارُ الكبير للاتّحاد السوفيتي، فبرز إلى الوجود ما يمكن أن يسمى بالنظام القطبي الواحد أو الأحادي. ونحن نشير إلى هذا القطب الأحادي دائمًا بأنَّه (الولايات المتحدة)، وبعضُ المفكّرين والكتّاب يتحدَّثون عن الحضارة الغربية التي تقودُها الولايات المتَّحدة، والَّتِي تَشملُ فيما تَشمَلُ أوروبا الغربيَّة وأستراليا وحتَّى اليابان؛ أيِ الدّول المُتقدّمة صِناعيًّا واقتصاديًّا والتي تسيطر على الاقتصاد العالمي.

هذا هو ما نعتبره النظام الأحادي أو القطب الأحادي الجديد، ونحن نرى أنَّ كثيرًا من الكتاب خلال العشر سنوات الماضية اعتبروا أن هذا النظام موجود بالفعل، وأنه سيبقى معنا إلى أواخر القرن الحادي والعشرين، دون أن يحدث فيه أي تغيير، بينما أرى أنا أن هذا النظام لم يكتمل؛ وإنَّما ما زال في طور الصنع، وهناك إمكانيات للتحول والتغير في هذا النظام؛ بحيث لا يصبح نظامًا أحاديًّا؛ وإنما يصبح نظامًا لأقطاب متعددة.

وما يبدو لنا بالتحليل المبدئي – أو في المرحلة الأولى من التحليل، وحكمنا على النظام الجديد – أننا ننطلق عمليًّا من نظرة أنَّ القُوَّة العسكرية هي القوة المقررة، وبالفعل لو اتخذنا هذا المقياس للنظام العالمي لوجدنا أن هنالك قوة عسكرية متقدمة بمراحل عن أي قوة أخرى، فالولايات المتحدة في تقدّمها العسكريّ متفوّقة بمراحلَ عن أيّ دولة أوروبية في أوروبا، وعن أي دولة أخرى في العالم، ويجري الحديث عادة في التقدم العسكري عن أن الولايات المتحدة تتقدَّم بِنَحْوِ ثلاثة أجيال من القُدرة العسكريَّة الأمريكيَّة على أيّ دولة أخرى أوروبية.

ولكن هذا ليس هو المقياس الوحيد، فما نشهده اليوم هو محاولة من دول أخرى لأن تقول: إن هذا المقياس ليس هو المقياس الوحيد لِلْهَيْمَنَة العالمية، وإنَّما هُناكَ مَقايِيس أُخرى، فهنالك مَقاييس أخلاقيَّة واقْتِصاديَّة وسياسيَّة، أي إنَّ عناصر القُوَّة لِكَيْ يَنْشَأ نظام عالَمِيّ أُحاديّ يَجِبُ أن تكون مجتَمِعة، وألاَّ تَنْحَسِر، وتتركَّز في عنصر واحد، ومن هنا نجد الموقف الأوروبي القوي، وبِخاصَّة موقف (شيراك)، وهذا الموقف الأوروبيّ ليس نابعًا من النظر إلى عدالة قضايانا فَحَسْب، وإنَّما نابع أيضًا من مصلحة وطنيَّة لهذه القوى الأوروبيَّة، فهي تشعر بأنَّ هذا البعبع الأمريكي إذا سُمِحَ له بأن (يبلطج) فسيصيب الأضعف ثم الضعيف ثم الأقل ضعفًا، أي سيصل إلى أوروبا نفسها، وبالتَّالي فإنَّ هذا الشَّدَّ الذي نشهده اليوم بين أوروبا وأمريكا هو شد على مصالح ومحاولات من الأوروبيين؛ لكي يقولوا نحن هنا، ولنا قدرات فائقة توازي القدرات العسكرية الموجودة في أمريكا، وقد تتمكَّن من التفوّق عليها إذا لم تكن أمريكا منتبهة إلى هذا الشأن.

هذا الصراع لم ينتهِ حتَّى الآن، والحضارة الغربية اليومَ تُواجِهُ مأزقًا وتواجه شرخًا، فهناك شرخ موجود في الحضارة الغربية، وهذا طبعًا بالنسبة لنا نقطة مُهِمَّة جِدًّا؛ لِكَيْ نصنع سياساتنا؛ لأنه لو أخذنا بموقف أنَّ هناك قطبًا واحدًا قويًّا جِدًّا، ولا أحد يقدر عليه، ففي النهاية سيتحتَّم علينا أن نخضعَ لإرادة هذا القُطْبِ، وهذا ما يحدث وحادث في بعض الدول العربية، إنما لو نظرنا إلى النظام العالمي على أنَّه نظام في طور التكوين، ولم ينته بعد يمكن أن تكون لنا سياسة مختلفة بحيث نستفيد من مثل هذا الوضع.
هذا على مستوى دول الغرب - أي على مستوى أوروبا وأمريكا - أمَّا ما يحدث لنا في المنطقة العربية اليوم فينتج عن مشكلة أُخرى مختلفة ليس لها علاقة كبيرة بهذا النظام الدولي الذي ما زال في طور التكوين، إذْ بالنسبة للمجتمعات العربية وللدول العربية نحن نعيش حالة ضعف مؤسَّسات، وحالة ضعف دول؛ لأنه لو رجعنا إلى مُبَرّر وجود الدّول بشكل عام؛ كما يعرفه علماء السياسة والفلاسفة، لوجدنا أنَّ الدولة في النهاية من وظائفها الأولى أن تحمي حياة المواطن، أي أن تكون حياة المواطن ضِمْن هذه الدولة محمية؛ لأن هذا المواطن - وبخاصة في الدول العربية - استغنى عن حُرّيَّاته وأعطاها للدولة، فهو يقدم للدولة نتائج تعبه ويقدم كل أسباب الطاعة، وذلك في سبيل أن يكون لديه - كمواطن عربي على الأقل – حق الحماية.

ولوْ نظرْنا إلى الثلاثين أوِ الأربعين سنة الأخيرة لوجدنا أنَّ المواطن العربي هو أكثر مواطني العالم عُرْضة للتدخّلات الخارجيَّة: مدن عربيَّة تُحْتَلّ، وعواصم عربيَّة تُحْتَلّ، فقد احتلت بيروت في عام 1982 وهي عاصمة عربية، فضلاً عن قرى عربية تدخلها جيوش لها أول وليس لها آخر، ومن ثَمَّ أصبحتِ الدول العربية مشاعًا لكل من له يد طولى، ولكل من يريد أن يبلطج، وهو ما يعيدني إلى السؤال: إذًا ما مُبَرّر وجود الدولة إذا لم تتمكَّن من حماية الفرد أو المواطن فيها؟

نأتي إلى القيادات العربيَّة، وهي أيضًا في حالة ضعف، فنحن نَذْكُر قيادات عربية نشأت في القرن التاسع عشر، وبعضُها نشأ بعد الحرب العالمية الأولى، ولبعض هذه القيادات إنجازات نفخر بها حتى العقد الثالث من القرن العشرين، أمَّا اليوم فلو غابتْ أيٌّ مِنَ القِيادات العربيَّة عن المسرح – وهي قيادات تبوَّأت مواقعها في أكثر الدول العربية لعقود من الزمن، وبعضها تجاوز ثلاثة عقود – وجئنا نؤبّنها وحاولنا أن نَجِدَ لها انجازًا واحدًا أو حتَّى نِصف إنجاز، لوجدنا أنَّنا سنقع في حيص بيص، إذًا هُنالِك ضعفٌ أساسيّ في تكوين هذه الدّول والمؤسَّسات أو في قيادات هذه الدول.

وخلاصة القَوْلِ أنَّه على صعيد المستوى العالَمِيّ هُنالك قدرات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وأخلاقية في أوروبا، وهنالك في أمريكا إنجازاتٌ عسكرية هائلة، بينما على المستوى العربي غاب أي نوع من الإنجازات، وأصبح المواطن العربِيّ عرضة للضرب من اليسار ومن اليمين ومن الشمال ومن الجنوب. وفي مثل هذا الوضع ليس مُستغربًا أن ينطلق الإسرائيليون في فلسطين يقتلون ويدمرون ويدخلون القرى والمدن بدون رادع، وليس مستغربًا أن يقوم الأمريكيون بالهجوم على العراق[1]، وقد يتبع العراق سوريا، وقد يتبع سوريا إيران، وهو ما تضمَّنه تصريحٌ لأَحَدِ القادة الأمريكيين بأنه بعد العراق عندنا سوريا وعندنا إيران، وهكذا فإن الدور يلف على جميع من هم موجودون فعلاً.

في مثل هذا الوضع – حيث القدرات والإمكانيات مركزة في مكان والضعف في مكان آخر – نصبح عرضة لمن يريد أن يعترضنا، وأنا هنا سأعطي فقط مثالين، فمثلاً كوريا الشمالية لديها قدرة ردع، وهي قدرة ردع بِمقاييس القدرات العسكريَّة الأوروبية والأمريكية والصينية بسيطة جدًّا، ولكنها في النهاية تمثل قدرة ردع، فقدرة الردع التي تمتلكها كوريا الشمالية تحدد حسب التحليل العسكري الأمريكي بأنَّه لو حدث اشتباك مع كوريا الشمالية، فإنها ستكون قادرة على قتل ما لا يقلّ عن 6000 جنديّ أمريكي في كوريا الجنوبية 100.000 عسكري في أمريكا الجنوبية، وقادرة على ضرب معظم المدن اليابانية وصولاً إلى ولاية هاواي في المحيط الأستيكي. وهنا تقف أمريكا وتقول إنَّ هذا الموضوع سأحلّه دبلوماسيًّا وليس وحدي، فأنا أريد مشاركة اليابان معي، وكلّ المهتمين بهذا الموضوع.

ولو أخذنا دولة إسلامية مثل باكستان، فمن المعروف أن باكستان خاضت حتى عام 1971 ثلاثة حروب مع الهند، وفي كل حرب مع الهند كانت تخترق باكستان بغاية السهولة، وفي آخِر حرب – كما هو معلوم للجميع – قسمت باكستان إلى باكستان الغربية، وإلى بنجلاديش، فقد قسمتها ودخلتها وكأنها في نزهة؛ لكن ماذا حدث مُنْذُ أشهُرٍ مَضَتْ؟ جَمَعتِ الهند ما يقرُب من مليون جندي على الحدود مع باكستان لِحَسْمِ موضوع كشمير، ثُمَّ اضطرَّت لأن تَتَراجع عن هذا الموقف الآن؛ لأنَّ باكستان أنجزت قوة ردع، وأصبحت عندها قوة ردع.

ولا شكَّ أنَّ الضعف العربي ناتج في النهاية – سواء كنَّا مثقَّفين أو حكَّامًا أو قيادات – عن إهمالنا، بل عن فقر مدقع لعنصر القوة، وعنصر الردع فنحن لدينا قضايا عادلة وأخلاقية على مستوى يفوق أي قضايا أخرى في العالم، ومن ثَم فنحن يمكن أن ندافع في أي مجتمع أمريكي أو أوروبي عن قضية فلسطين ونفحمهم؛ لأنَّ الموقف الأخلاقي والموقف السياسي موقف عادل وموقف ممتاز، فلا أحد يستطيع أن يقول شيئًا عليه.

وفي الوقت الَّذي نملك فيه القدرة على أن نتحدَّث شعرًا، ونتحدَّث نثرًا من أجمل ما يكون، فإننا لم نخترع ولم نقف لحظة واحدة لتطوير قدرة ردع واحدة، فنحن نعلم أنَّ إسرائيل تَمْتَلِك مُنْذُ أواخِر الستينيَّات قنابل نووية تكتيكية يُمْكِنها الوصول إلى أية قرية عربية، وإلى أي مدينة عربية، بينما نحن حتَّى هذه اللحظة ليست لدينا قدرة ردع.
إننا ضيَّعنا وَقْتَنَا وضيَّعنا عقودًا كثيرة من الزمن نتحاوَرُ ونتجادل ونتصارع بين ثلاثة اتجاهات أو أربعة اتجاهات أساسية، فالقوميون العرب والناصريّون اختلفوا مع الإخوان المسلمين وحدث صراع، وهناك أيضًا الصّراع مع الشّيوعيّين، والصراع مع الليبراليين، أي إنَّ هناك أربع تجارب أو أربعة مشاريع في المنطقة تتصارع مع بعضها البعض؛ لكن نختلف على ماذا؟ نختلف على هل المرجعيَّة للكتب السماويَّة، أم المرجعيَّة للقوانين الوضعيَّة؟ هل المرجعية هي أنَّ هناك أمَّة عربية واحدة، أم أنَّنا جزء من أمة إسلامية؟ وهو اختلاف يصل إلى حد الصراع الدموي، وتسألهم: هل أنتم اختلفتم على أن تتَّحدوا؛ لأن اتحادنا قوة؟ هل اختلفتم على موضوع إسرائيل والصهيونية؟ هل اختلفتم على سيطرة الغرب علينا أو عدم سيطرة الغرب علينا؟ هل يحكمنا الغرب أو لا يحكمنا؟ في القضايا الأساسيَّة هذه المشاريع كلها متَّفقة، وإنما على صعيد السياسة العملية تتصارع مع بعضها وأنْهكت بعضها، ومن ثم فنحن اليوم لا نملك مشروعًا.

والحقيقة أنني كلما أنظر إلى الخطاب الثقافي والسياسي – أي خطاب سياسي أو ثقافي في المنطقة العربية – أجد أنه يمكن أن يوضع تحت باب من الأبواب التالية: فإما أن يكون خطابًا يساريًّا، أو خطابًا ليبراليًّا، أو خطابا دينيًّا، وضمن الخطاب اليساري يمكن أيضًا أن يدخل الخطاب القومي، لكن المشكلة تواجِهُك في كل واحد من هذه الخطابات عندما ترجع إلى الأصول، إذ عندما ترجع إلى الأصول يبدأ الخلاف، وفي رأيي أن هذا وضعنا في مأزق سياسي وثقافي طوال عدة عقود من الزمن، بينما إذا وجَّهنا أنظارنا إلى المشاكل التي يتناولها أي خطاب من هذه الخطابات لوجدنا أنَّ نِقاطَ الالتقاء أكثر بكثير من نقاط الخلاف، حينما تعود إلى أصول الخطاب، أو إلى الفلسفة الخلقية للخطاب، فكلّ الخطابات والمشاريع تلتقي أولاً على ضرورة إيجاد نوع من الوحدة – سواء الوحدة السياسية أو الوحدة الاقتصادية – فالإسلاميون يركزون على وحدة الدول الإسلامية، والقوميّون العرب يركّزون على وحدة الدول العربية، واليسار يركز على الدول التقدميّة؛ أي إنَّ هذه الخطابات دائمًا ما تركز على نوع من الوحدة، بينما على أرض الواقع لم تتحقق أية وحدة، وحتى عندما تحقَّق جزء من الخطاب القومي لم يدم سوى ثلاث سنوات، لأنَّ هناك مشكلة في الحقيقة اسمها كيف يكون هناك اتّحاد بين قوى متفرقة في هذا الوطن؟

أيضًا هُناك الاتّفاق على موضوع فلسطين، فالجميع متَّفقون على موضوع فلسطين، وداخل الساحة الفلسطينية هم متفقون على أنه يجب تحرير هذا البلد، ولكنَّهم مختلفون عند العودة إلى المرجعية، فعندما تعود فتح إلى المرجعيَّة تقول: "ما يمكن تحصيله الآن خلينا نحصّله"، بينما عندما تعود حماس للمرجعيَّة تقول "لا، هذا وقف إسلامي كله أوَّلاً" إذًا هناك اتفاق على أنه يجب أن يتحرَّر هذا الشعب، ولكن عندما تعود إلى المرجعيَّة تقف على المشاكل كلها.

نفس الأمر ينطبق على سؤال: هل يجوز أن يكون في مجتمعاتنا العربية هذا الفرق الشاسع بين الفقير والغني؟ المسلمون يقولون إنه يجب أن يكون هناك تكافل في المجتمع، ويعملون على إقامة جمعيَّات خيرية، والشيوعيون يقولون إنَّه يجب أن تكون هناك ثورة بروليتارية عمالية، والناصريون يرون أن هذا يجب أن يتم بالتدريج؛ أي إنه لا يوجد خلاف على المشكلة؛ وإنما هناك خلاف على المرجعية، وبالتالي فحينما تبدأ فإن الماركسي يتَّجه اتجاهه، والاشتراكي يتجه في اتجاهه، وهكذا. أيضًا هل هناك اختلاف على قبولنا أو عدم قبولنا للاستعمار بين أي من هذه المشاريع؟ بالطبع لا، إذًا لتطرح القضايا ويركز الحديث حول حل القضايا، إذ لا يهم إذا كان هذا البلد العربي قد حصل على قوانينه من قوانين وضعية، أو من خلال قوانين من الشريعة؛ لكن المهم هو: هل أنتجنا قانونًا يصلح للناس، ويسير أمور الناس، ويرفع من شأن الناس أم لا؟ لو ذهبنا إلى المرجعيَّة سنخْتَلِفُ: بينما يجب أن يكون ما يفيد الناس هو القانون، وأن نَمْشِي عليه دون أن نتخوَّف من مواجهة القضايا، ودون أن نذهب إلى المرجعية والفلسفة.

الآن ما هي المُشكلة الأساسية التي تؤرقنا؟ المشكلة الأساسية هي عدم وجود الأمن والحماية للمواطن، فأنا ليس لديَّ أيّ ضمان لحماية التراب العربي أو أي من المدن العربية أو القرى العربية، وبالتالي يجب أن يتركز النقاش حول ذلك، وأن نأخذ هذا كمعيار لموضوع وجود حاكم أو عدم وجوده، لأنَّ هذه مشكلة حياة أو موت بِالنّسبة للمواطن العربي، والعودة إلى المرجعيَّة لن تُفِيدَنِي في هذا، ومن ثَمَّ يجب أن أركز النقاش على هذا الموضوع.

وهناك كثيرون يتحدَّثون عن الديمقراطيَّة باعتبارها الحلَّ، وكأنَّها هي المفتاح بحيثُ لو تَحقَّقتِ الدّيمقراطية لتحقَّق كُلّ شيء، وأنا أقول إنَّه في المجتمعات العربيَّة اليوم الديمقراطية ليس لها الأولوية في ذهن المواطن العربي، ولكنَّها في ذهن المثقف لأنه يريد أن يتكلم، أما عندما تنزل إلى الشارع وتقول ديمقراطية فلن يمشي وراءك أحد، لأن ذلك في تكوين العقل العربي ليس قضية لها أولوية، بينما حين تقول فلسطين سيجرون خلفك، وحين تقول "ملعون أبو الاستعمار" فإنهم سيسيرون من ورائك. إذًا الأولوية الآن للقضايا الوطنية والقومية؛ لأنها متعلقة بالوجود في إحساس رجل الشارع، وهو إحساس عميق بما يواجه المجتمع، وبالتالي فإن الأولوية عندنا للقضايا القومية والوطنية، وليس لموضوع الديمقراطية.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما العمل؟ أنا أرى أننا عشنا للأسف في الدول العربية؛ كمواطنين في غياب المشاركة السياسية، بمعنى الغياب عن المشاركة في العمل السياسي، وأن نكون فاعلين في العمل السياسي، وبالتالي فلم يعد هناك حزب يجمعنا ولا تنظيم يجمعنا سويًّا، لأن الأحزاب الموجودة جاءت من فوق ولا تأخذ الأمور مأخذ الجد، وبالتالي فإن ما تبقى لك فاعلا هو فقط المحيط الذي تعمل فيه، فإطار الأسرة وإطار التكوين الاجتماعي لا يزال يحتفظ ببعض وجوده في المنطقة ضمن إطار العائلة، وضمن إطار العمل، ومن ثم فإنه في ظل تلك الأطر من الممكن أن توجه الأنظار للقضايا والمشاكل التي تحدثنا عنها، فمثلاً أنا نطاق عملي هو المثقفون والطلاب، وبالتَّالي يجب أن أكرس حياتي في هذا الاجتهاد بأن أوجه أنظار الذين أعمل معهم ليفكروا ويناقشوا، وأن أعمل معهم لتطوير خطة وطريق لإيجاد ما سميته ردعًا، لأنه في الحقيقة لم يعد هناك حزب سياسي ناشئ من جذور المجتمع، بحيث يصبح من الممكن أن أنتمي إليه وأسلم نفسي لقياداته.

إذًا كل منا في إطار عمله وعائلته من الممكن أن يربّي أجيالاً تواجه هذه القضايا وهذه المشاكل وتفكّر فيها، ولكنَّنا للأسف الشديد نغرق أنفسنا في الغيبيات وفي قضايا أصولية، في حين أن كل شخص له مرجعيته الفلسفية والدينية والأخلاقية، ومن ثم فيجب أن تحدثني عن نقطة محددة ألتقي معك فيها، أو مشكلة محددة نلتقي جميعًا حولها، ومن المؤكد أن نقاشًا من هذا النوع ومساهمات من هذا النوع تصبح مفيدة جدًّا، لأنه مرة تلو أخرى ستتبلور الأمور وتفيد المجتمع بأكمله.


[1]   أقيمت الندوة قبل سقوط بغداد في 16/ 3 / 2003.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلاقات الاسرائيلية – الأمريكية 1948 – 1982 (المسار، ومنطق التطور)
  • ماذا يحدث عولمة أم بلطجة أمريكية؟! (1)
  • ماذا يحدث عولمة أم بلطجة أمريكية؟! (3)
  • العولمة: رؤية إسلامية
  • البيان المعتبر لما في قصة "موسى وفرعون" من العظات والعبر
  • الثقافة الإسلامية وإسقاطات العولمة

مختارات من الشبكة

  • العولمة: المفهوم المضطرب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • العولمة الخضراء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحت شعار العولمة ماذا يبيتون للمرأة المسلمة؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • ماذا يعني انسياقُ الشباب وراء العولمة الأخلاقية؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التأقلم مع العولمة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (العولمة - عولمة الدين)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • المجال الاقتصادي للعولمة (العولمة الاقتصادية)(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • عرض كتاب: العولمة .. مقاومة واستثمار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العربية والعولمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ماذا لو سكت من لا يعلم؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/11/1446هـ - الساعة: 18:47
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب