• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

نعم أجر العاملين (خطبة)

نعم أجر العاملين (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/8/2025 ميلادي - 19/2/1447 هجري

الزيارات: 956

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نِعْمَ أجْرُ العاملين

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 73، 74].

 

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ ﴾؛ بِتَوْحِيدِهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، سَوْقَ إِكْرَامٍ وَإِعْزَازٍ، ﴿ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ﴾ يُحْشَرُونَ وَفْدًا عَلَى النَّجَائِبِ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ﴾ [مَرْيَمَ: 85]. فَيُحْشَرُونَ أَفْوَاجًا وَجَمَاعَاتٍ، فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ، كُلُّ زُمْرَةٍ مَعَ الزُّمْرَةِ، الَّتِي تُنَاسِبُ عَمَلَهَا وَتُشَاكِلُهُ[1]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (﴿ زُمَرًا ﴾ أَيْ: ‌جَمَاعَةً ‌بَعْدَ ‌جَمَاعَةٍ: الْمُقَرَّبُونَ، ثُمَّ الْأَبْرَارُ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كُلُّ طَائِفَةٍ مَعَ مَنْ يُنَاسِبُهُمُ: الْأَنْبِيَاءُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالصِّدِّيقُونَ مَعَ أَشْكَالِهِمْ، وَالشُّهَدَاءُ مَعَ أَضْرَابِهِمْ، وَالْعُلَمَاءُ مَعَ أَقْرَانِهِمْ، وَكُلُّ صِنْفٍ مَعَ صِنْفٍ، كُلُّ زُمْرَةٍ تُنَاسِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا)[2].

 

وَيَشْهَدُ لَهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ[3] فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا ﴾ أَيْ: وَصَلُوا لِتِلْكَ الرِّحَابِ الرَّحِيبَةِ، وَالْمَنَازِلِ الْأَنِيقَةِ، وَهَبَّ عَلَيْهِمْ رِيحُهَا وَنَسِيمُهَا، وَآنَ خُلُودُهَا وَنَعِيمُهَا. ﴿ وَفُتِحَتْ ﴾ لَهُمْ ﴿ أَبْوَابُهَا ﴾ فَتْحَ إِكْرَامٍ، لِكِرَامِ الْخَلْقِ؛ لِيُكَرَّمُوا فِيهَا.

 

وَالسُّؤَالُ: كَيْفَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ لِأَهْلِهَا؟

وَالْجَوَابُ: تُفْتَحُ لَهُمْ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[4] فَأَسْتَفْتِحُ[5]، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِذَا جَاؤُوهَا لَا يَجِدُونَهَا مَفْتُوحَةً، بَلْ يَجِدُونَهَا مُغْلَقَةً، ثُمَّ يَشْفَعُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُفْتَحَ الْأَبْوَابُ لِأَهْلِهَا)[6].

 

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الْأَبْوَابُ ﴾ [ص 50]. فَالْمَقْصُودُ بِهَا: الْأَبْوَابُ الدَّاخِلِيَّةُ لِلْجَنَّةِ، لَا يَحْتَاجُونَ أَنْ يَفْتَحُوهَا هُمْ؛ ‌بَلْ ‌هُمْ ‌مَخْدُومُونَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْأَمَانِ التَّامِّ فِي الْجَنَّةِ[7].

 

وَالْفَرْقُ بَيْنَ دُخُولِ أَهْلِ النَّارِ، وَدُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، يُوضِّحُهُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، بِقَوْلِهِ: (قَالَ تَعَالَى - فِي النَّارِ: ﴿ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾، وَفِي الْجَنَّةِ: ﴿ وَفُتِحَتْ ﴾ "بِالْوَاوِ"، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ أَهْلَ النَّارِ، بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ إِلَيْهَا، فُتِحَتْ لَهُمْ أَبْوَابُهَا مِنْ غَيْرِ إِنْظَارٍ وَلَا إِمْهَالٍ، وَلِيَكُونَ فَتْحُهَا فِي وُجُوهِهِمْ، وَعَلَى وُصُولِهِمْ، أَعْظَمَ لِحَرِّهَا، وَأَشَدَّ لِعَذَابِهَا.

 

وَأَمَّا الْجَنَّةُ؛ فَإِنَّهَا الدَّارُ الْعَالِيَةُ الْغَالِيَةُ، الَّتِي لَا يُوصَلُ إِلَيْهَا، وَلَا يَنَالُهَا كُلُّ أَحَدٍ، إِلَّا مَنْ أَتَى بِالْوَسَائِلِ الْمُوصِلَةِ إِلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ؛ فَيَحْتَاجُونَ لِدُخُولِهَا لِشَفَاعَةِ أَكْرَمِ الشُّفَعَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمْ تُفْتَحْ لَهُمْ بِمُجَرَّدِ مَا وَصَلُوا إِلَيْهَا، بَلْ يَسْتَشْفِعُونَ إِلَى اللَّهِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَشْفَعَ، فَيُشَفِّعَهُ اللَّهُ تَعَالَى)[8].

 

وَاللَّهُ تَعَالَى حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى مَنْ فِي قَلْبِهِ نَجَاسَةٌ وَخُبْثٌ، وَلَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بَعْدَ طِيبِهِ وَطُهْرِهِ؛ لِأَنَّهَا دَارُ الطَّيِّبِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا ﴾ تَهْنِئَةً لَهُمْ وَتَرْحِيبًا: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ﴾ أَيْ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَشَرٍّ، ﴿ طِبْتُمْ ﴾ أَيْ: لَمَّا طَابَتْ قُلُوبُكُمْ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَخَشْيَتِهِ، وَلَمَّا طَابَتْ أَلْسِنَتُكُمْ بِذِكْرِهِ، وَلَمَّا طَابَتْ جَوَارِحُكُمْ بِطَاعَتِهِ، وَلَمَّا طَابَ سَعْيُكُمْ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الدُّنْيَا؛ طَابَ جَزَاؤُكُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَصَلَحْتُمْ لِسُكْنَى الْجَنَّةِ. فَبِسَبَبِ طِيبِكُمْ ﴿ ادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾؛ لِأَنَّهَا الدَّارُ الطَّيِّبَةُ، وَلَا يَلِيقُ بِهَا إِلَّا الطَّيِّبُونَ.

 

وَلِذَا؛ عِنْدَ الْمَوْتِ تُبَشِّرُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِالْجَنَّةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 32].

 

وَأَهْلُ الْجَنَّةِ طُيِّبُوا قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَاقْتُصَّ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَلَمَّا هُذِّبُوا؛ قَالَتْ لَهُمُ الْخَزَنَةُ: ﴿ طِبْتُمْ ﴾.

 

وَيَشْهَدُ لَهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ[9]، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا[10]، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا؛ أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ؛ لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ، مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَيُؤَيِّدُهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 6]؛ أَيْ: (بَيَّنَ لَهُمْ مَسَاكِنَهُمْ فِيهَا، وَعَرَّفَهُمْ مَنَازِلَهُمْ)[11]. وَالسُّؤَالُ: كَيْفَ عَرَفُوا مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ وَجَوَابُهُ: عَرَفُوا مَنَازِلَهُمْ؛ بِتَكْرِيرِ عَرْضِهَا عَلَيْهِمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ؛ وَهُمْ فِي قُبُورِهِمْ.

 

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ؛ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا خَبِيثٌ، وَلَا مَنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْخُبْثِ؛ فَمَنْ تَطَهَّرَ فِي الدُّنْيَا، وَلَقِيَ اللَّهَ طَاهِرًا مِنْ نَجَاسَاتِهِ؛ دَخَلَهَا بِغَيْرِ مُعَوِّقٍ، وَمَنْ لَمْ يَتَطَهَّرْ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ عَيْنِيَّةً – كَالْكَافِرِ- لَمْ يَدْخُلْهَا بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ كَسْبِيَّةً عَارِضَةً دَخَلَهَا بَعْدَمَا يَتَطَهَّرُ فِي النَّارِ مِنْ تِلْكَ النَّجَاسَةِ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ إِذَا جَازُوا الصِّرَاطَ حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُهَذَّبُونَ وَيُنَقَّوْنَ مِنْ بَقَايَا بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ، قَصُرَتْ بِهِمْ عَنِ الْجَنَّةِ، وَلَمْ تُوجِبْ لَهُمْ دُخُولَ النَّارِ، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ)[12].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَعِنْدَ دُخُولِ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ، وَاسْتِقْرَارِهِمْ فِيهَا، يَحْمَدُونَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْهِمْ وَهَدَاهُمْ، فَهُنَاكَ يَقُولُونَ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ﴾؛ أَيْ: وَعَدَنَا الْجَنَّةَ - إِنْ آمَنَّا وَصَلَحْنَا، فَوَفَّى لَنَا بِمَا وَعَدَنَا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 43]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فَاطِرٍ: 34، 35].

 

﴿ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ﴾؛ أَيْ: وَمَلَّكَنَا اللَّهُ أَرْضَ الْجَنَّةِ نَسْكُنُ مِنْهَا حَيْثُ نُحِبُّ وَنَشْتَهِي، وَنَنْزِلُ فِي أَيِّ مَكَانٍ شِئْنَاهُ مِنْهَا، فَأَيْنَ شِئْنَا حَلَلْنَا[13]؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 63]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 10، 11]؛ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 72]. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا لَهُ مَنْزِلَانِ[14]: مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ، فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ[15]، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴾» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ‌فَنِعْمَ ‌أَجْرُ ‌الْعَامِلِينَ ﴾؛ أَيْ: نِعْمَ ثَوَابُ الْمُطِيعِينَ فِي الدُّنْيَا الْجَنَّةُ[16]. اجْتَهَدُوا بِطَاعَةِ رَبِّهِمْ، فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ مُنْقَطِعٍ، فَنَالُوا بِذَلِكَ خَيْرًا عَظِيمًا بَاقِيًا؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 136]؛ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 58، 59]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (نِعْمَتْ هَذِهِ الْغُرَفُ أَجْرًا عَلَى أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ)[17].

 

وَالْخُلَاصَةُ: نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الْمَغْفِرَةُ، وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ الْمَنَازِلُ الْعَالِيَةُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ[18].

 

وَيَشْهَدُ لَهُ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ؛ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ، مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ[19]». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟[20] قَالَ: «بَلَى؛ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ، وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ الْجَنَّةَ دَارٌ تَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ أَكْرَمَ اللَّهُ فِيهَا خَوَاصَّ خَلْقِهِ، وَرَضِيَهَا لَهُمْ نُزُلًا، وَبَنَى أَعْلَاهَا، وَأَحْسَنَهَا، وَغَرَسَهَا بِيَدِهِ، وَمَلَأَهَا مِنْ رَحْمَتِهِ وَكَرَامَتِهِ مَا بِبَعْضِهِ يَفْرَحُ الْحَزِينُ، وَيَزُولُ الْكَدَرُ، وَيَتِمُّ الصَّفَاءُ[21]؛ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وُجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ.



[1] انظر: تفسير السعدي، (ص730).

[2] تفسير ابن كثير، (7/ 119).

[3] (دُرِّيٍّ): أَيْ: ‌مُضِيءٍ ‌مُتَلَأْلِئٍ. انظر: إرشاد الساري، للقسطلاني (5/ 285).

[4] أي: أجِيءُ إليه من المَوقِفِ بعدَ فَصْلِ القضاء.

[5] (فَأَسْتَفْتِحُ): مِنَ الاستفتاح؛ وهو طلبُ الفتح.

[6] تفسير ابن عثيمين – سورة الزمر، (ص501).

[7] انظر: تفسير السعدي، (715).

[8] تفسير السعدي، (ص730).

[9] (فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ): هي قِطْعَةٌ أُخرى في آخِر الصراط. أي: يُحْبَسُ المؤمنون بعد أنْ يتجاوزوا الصِّراطَ، ويُنجيهم اللهُ بفضلِه ورحمته، فتُوقِفُهم الملائكة على قنطرة – وهي: مكان بين الجنة والنار. انظر: فيض الباري على صحيح البخاري، (6/ 282).

[10] (فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا): أي: يَقْتَصُّ المظلومُ من ظالمِه حَقَّه الذي اعتدى عليه في الدنيا، يَتَقاصُّون بالحسنات بعدَ خلاصِهم من النار، وما مِنْ حقٍّ إلاَّ سيرجِعُ إلى صاحبِه يوم القيامة.

[11] تفسير الواحدي، (ص1001).

[12] إِغاثة اللهفان، (1/ 56).

[13] انظر: تفسير الطبري، (20/ 270)؛ تفسير القرطبي، (15/ 287)؛ تفسير ابن كثير، (7/ 123)؛ تفسير السعدي، (ص730).

[14] أي: أعَدَّ اللهُ سبحانه هذين المنزِلين أزَلًا؛ فإذا كان المرءُ مِن أهلِ الجنَّةِ أخَذ مَكانَه فيها، وفَرَغ مكانُه في النَّارِ، وبالعكسِ في النَّارِ؛ ولذلك تَبقى أماكنُ مَن دخَل النَّارَ فارغةً في الجنَّةِ.

[15] أي: أخَذه أهلُ الجنَّةِ؛ فذلِك قولُه تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴾ لأماكنِ أهلِ النَّارِ، ويَرِثون تلك المنازِلَ بقدْرِ أعمالِهم، وبقدْرِ دَرَجاتِهم وعلُوِّ مَنازلِهم عند اللهِ.

[16] انظر: زاد المسير في علم التفسير، (4/ 28).

[17] تفسير ابن كثير، (6/ 292).

[18] انظر: التفسير الوسيط، (17/ 553).

[19] أي: يَنظُرونَ إلى أهْلِ الغُرَفِ والدَّرجاتِ العُليا فَوقَهم، ويَرَوْنَهم كما يَرَوْنَ الكَوكَبَ المُضيءَ الَّذي ذَهَبَ بعْدَ انتشارِ ضَوءِ الفَجرِ في أطرافِ السَّماءِ؛ لِتَفاضُلِ ما بيْنِهم، ولبُعدِ مَنازلِ أَهلِ الغُرَفِ العاليةِ عن باقي أهْلِ الجَنَّةِ. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (2/ 113)؛ شرح النووي على مسلم، (17/ 196).

[20] أي: لمَّا سَمِع ذلك الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم ظَنُّوا أنَّها مَنازلُ الأنبياءِ؛ لِرفْعَتِها وفضْلِها.

[21] انظر: تفسير السعدي، (ص730).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عقوبة تارك الصلاة (خطبة)
  • حي على الفلاح (خطبة)
  • عيادة المريض: أحكام وفضائل وآداب (خطبة)
  • "بسم الله" وأهميتها في حياة المسلم (خطبة)
  • آداب الدائن والمدين (خطبة)
  • آداب النكاح والزفاف (خطبة)
  • أضرار الشرك ومفاسده (خطبة)
  • مواعظ القرآن (2) (خطبة)
  • الجنة بلاد الأفراح (خطبة)
  • آداب الاستماع إلى القرآن (خطبة)
  • مواعظ القرآن (4) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • النعم الدائمة والنعم المتجددة (خطبة)‏(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • تفسير: (وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حمر النعم كفر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من النعم أن يحجب عنك بعض النعم!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • هل أتاك نبأ العلماء الذين أحرقوا كتبهم أو دفنوها...؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سبعة قوانين لفهم الكتاب المبين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آلان وعمران (شعر)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من معاني (نعم وبلى) في القرآن الكريم عند سيبويه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • زكاة بهيمة الأنعام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأنعام خير وذكرى للإنسان(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/2/1447هـ - الساعة: 19:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب