• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

عيوب المنهج العلمي عند المستشرقين

عيوب المنهج العلمي عند المستشرقين
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2022 ميلادي - 11/11/1443 هجري

الزيارات: 11602

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عُيوب المَنْهج العِلْمِي عند المُسْتَشرِقين

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

إنَّ المنهج العلمي عند المستشرقين يخلو تماماً ممَّا يُمكِنُ أنْ يوصف بأنه منهج علمي، فهو يُناقض الأدوات والأساليب العِلمية التي وَضَعوها وطالبوا غيرَهم بأنْ يُطبِّقوها، ولسانُ حالِهم يقول: نحن أعلى وأرقى من المنهج، واستدلالاتنا أوثق من أنْ يُشكَّ فيها أو تُرَد.

 

وبنظرة فاحصةٍ من خلال إنتاجهم الفكري، ولا نقول العلمي؛ لأنه يُمثِّل فكرَهم هم، ولا يَمُتُّ إلى العلم بصلة، نجد أنهم خالفوا المنهجَ العلمي في قواعدَ كثيرة، ومنها[1]:

أ- الميل إلى الهوى: يعمد جمهور المستشرقين في تحرير أبحاثهم في السنة النبوية على ميزان غريبٍ بالغ الغرابة في ميدان البحث العلمي، فمن البديهي أنَّ العالِم أو الباحث المخلص يتجرَّد من كل هوىً وميل شخصي فيما يبحث عنه، ويستدل بالنصوص والمراجع الموثوق بها، ثم يقارن ويمحِّص؛ كي يصل إلى النتيجة الصحيحة[2].

 

ولقد أبى المستشرقون أن يتجرَّدوا من عواطفهم وأعرافهم ونزعاتهم المختلفة، بالرغم من أنهم يزعمون أنهم يتَّبعون الأساليب النقدية الحديثة، ويَلْتَزمون قوانين البحث العلمي الجاد، ولقد بلغ من تحريفهم لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وللسنة النبوية مبلغاً يغشى صورتهم الحقيقية من شدة التحريف في ذلك.

 

ولذا يعمد المستشرقون إلى تطبيق المقاييس النصرانية على الدين الإسلامي وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالمسيح عليه السلام – في نظر النصارى – هو أساس العقيدة؛ ولهذا تُنسب النصرانية إليه، وقد طبَّق المستشرقون ذلك على الإسلام، واعتبروا أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم يعني بالنسبة للمسلمين ما يعنيه المسيحُ بالنسبة للنصارى؛ ولهذا أطلقوا عليه "المذهب المحمدي" وأطلقوا على المسلمين "المحمديين".

 

إنَّ المستشرقين يقدمون لنا عن الإسلام والسنة النبوية صورة خيالية، هي أبعد ما تكون عن الحقيقة؛ من ذلك ادعاء المستشرق "جريم" بأن الاشتراكية الإسلامية أقلُّ النُّظم الاشتراكية كلِّها، وأنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم اشتراكي بطبعه[3].

 

يقول المستشرق "سنوك هر خرونيه" – في زعمه أنه ينتقد رأي "جريم": (إننا نرى أنَّ الأستاذ "جريم" لو اقتصر على درس السيرة النبوية القديمة، وبَحَثها في عمقٍ لكان أفضل، وإنَّ الثمار التي كان يمكن أن يجنيها من مثل هذا الدرس لهي أجدر ببلوغ الغاية التي توخَّاها، ولكنه ظنَّ أنَّ هذا عمل ليست له أهمية كبيرة، وأراد أن يُطرِف الناسَ ببناء جديد، ففشل في وضع السيرة النبوية التي حاول فيها أنْ يَطبع محمداً [صلى الله عليه وسلم] بطابع الروح الاشتراكي، وفي جَعْلِ محمدٍ اشتراكياً، وفي أن تقود الاشتراكيةُ نفسُها محمداً لأنْ يضع الدِّين الذي أتى به)[4].

 

فالرأي الذي يسوقه هذا المستشرق متهافت، لا يستند إلى دليل إلاَّ الميل إلى الهوى؛ لأنَّ المتأمل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لا يستدل بأنَّه صلى الله عليه وسلم كان رائداً من رُوَّاد الاشتراكية التي نشأت على يد "كارل ماركس"؛ بل كان صلى الله عليه وسلم في غاية التواضع في معاملته لأصحابه رضي الله عنهم والتعاون معهم على البِّر والخير، ويتجلَّى ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ؛ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)[5]. فالمستشرقون بهذا الفهم السقيم جعلوا سيدَ البشر صلى الله عليه وسلم اشتراكياً من أتباع "كارل ماركس"، فدل ذلك على عدم موضوعِيَّتِهم، وأنهم أصحاب هوىً؛ لذا لا نستغرب منهم هذه النتائج الضحلة والأحكام المتهافتة.

 

ثم، كيف يُنسب القديمُ للحديث، فإذا كان هذا المُستشرق قد وجَدَ في حياة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ملامِحَ الاشتراكية – مُجاراةً لرأيه – لكان الأَولى به وَفْقَ المنهج العلمي أنْ يصل إلى نتيجةٍ مُفادَها أنْ "ماركس" سَرَقَ أفكارَه – التي بنى عليها نظريَّته – من نبيِّ الإسلام، ولكنه الهوى الذي مال به عن الحق.

 

ب- التحيُّز العنصري: من أخطر ما يُهدِّد منهجية البحث العلمي التحيُّز العنصري، وهو عنوان بارز في كتابات المستشرقين، ومن ذلك تصريح المستشرق الفرنسي "كيمون" في كتابه "باثولوجيا الإسلام" الذي يزعم فيه قائلاً: (إنَّ الديانة المحمدية جذام تفشَّى بين الناس؛ بل هو مرض مُريع، وشلل عام، وجنون ذهولي يبعث على الخمول والكسل، ولا يوقظه منها إلاَّ لِيَسْفِكَ الدماءَ، ويُدمن على مُعاقرة الخمور، ويجمح في القبائح، وما قَبْر محمدٍ [صلى الله عليه وسلم] إلاَّ عمودٌ كهربائي يبعث الجنون في رؤوس المسلمين، ويلجئهم إلى الإتيان بمظاهرِ الصرع العامة، والذهولِ العقلي إلى ما لا نهاية... والتعود على عادات ستنقلب إلى طباع أصيلة؛ ككراهة لحم الخنزير، والنبيذ، والموسيقى)[6].

 

فصاحب هذه الكلمات حاد عن الأسلوب العلمي، وما دفعه لذلك إلاَّ التحيز العنصري، وما تُخفي صدور هؤلاء المستشرقين أكبر.

 

ومن نماذج التحيز الأعمى الشنيع، والتخبُّط الشنيع الذي توَصَّل إليه المستشرقون في أبحاثهم ضد نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم - ما قاله المستشرق الهولندي "دوزي" – حينما تساءل: (كيف كان خُلُق محمد؟ وما هو السر في تأثيره العظيم على أبناء وطنه؟ وما هي ميوله قبل البعثة؟).

 

ثم أجاب، فقال: (لعلَّ رسولَ الله – كما كان يُلقِّب نفسَه – لم يكن أسمى من مواطنيه، ولكن من المؤكد أنه لم يكن يُشبههم، كان من أصحاب الخيال، في حين أنَّ العرب مُجرَّدون عن الخيال، وكان ذا طبيعة دينية، ولم يكن العرب كذلك، وكان سوداوي المزاج، يلتزم الصمت ويميل إلى الترهات الطويلة فريداً، وإلى التأملات المستغرقة في شعاب مكة الموحشة)[7].

 

فانظر كيف حَكَمَ على العرب عامَّة، وكيف أصدر أحكامَه بصورةٍ نهائية، ونحن نعلم أنَّ الوصول إلى العموميات في مجال الأبحاث الاجتماعية والنفسية على مستوى الأمم والجماعات مستحيل عقلاً وواقعاً، ولكن دفَعَه إلى إصدار حُكْمِه العام عُنصريَّةٌ بغيضة.

 

وحين نستقرئ آراء المستشرقين نجزم أنهم كانوا واقعين تحت تأثير أفكار عنصرية مسبقة، تُضمر الكُرْهَ والاحتقارَ للعرب والمسلمين، يقول "روبرت ثاوليس": (من الأمور التي تجعلنا ميَّالين إلى التفكير الأعوج؛ تحيُّزاتنا التي هي: طرق في التفكير تقررها سلفاً قوى ودوافع انفعالية شديدة؛ كالتي يكون مصدرها منافعنا الخاصة أو ارتباطاتنا الاجتماعية)[8].

 

ويقول آخَر: (إذا وقع الباحث في أسر التعصُّب؛ كان من السهل وَصْمُه بالذاتية التي هي نقيض الموضوعية والعلم)[9].

 

وعن موقف الأوروبيين عامة والمستشرقين خاصة – من الإسلام والمسلمين – يقول الأستاذ "محمد أسد" – الذي كان يهودياً نمساوياً ثم اعتنق الإسلام: (يعتقد الأوربيون أنَّ تفوُّقهم العنصري على سائر البشر أمر واقع، ثم إنَّ احتقارهم إلى حدٍّ بعيد أو قريب لكلِّ ما ليس أوروبياً من أجناس الناس وشعوبهم؛ قد أصبح إحدى الميزات البارزة في المدنية الغربية)[10].

 

ويقول الباحث الغربي "جيمس وولتز": (إنَّ المترسِّخ في أذهان الأوروبيين عن الإسلام هو صورة قاتمة؛ وذلك بسبب العداء الذي ذكَّاه موقف الباباوات من الإسلام منذ اندلاع الحروب الصليبية وإلى أيام استعمار الغرب للعالم الإسلامي الذي لم ينتهِ إلاَّ منذ بضعة عقود)[11].

 

ج- الانتقائية في اختيار النصوص والمصادر: المصادر التي يعتمد عليها الباحث مِرآةٌ تنعكس عليها موضوعيَّتُه، وتَظهَر قيمة الباحث في قُدرته على الاستفادة منها، وعدم الانتقائية في النصوص والمصادر، وإنما يكون الاستشهاد من مصادر مُتخصِّصة؛ بل يُعدُّ من أخطر العيوب المنهجية – في البحث العلمي – أنْ يتوصَّل الباحثُ إلى نتائج مُحدَّدة عامة تكون مبنيَّةً على أقوال وأدلة مُستقاة من مصادر غير مُتخصِّصة في موضوع بحثه، وهذا ما وقع فيه المستشرقون من أمثال البلجيكي "لامنس" – وهو قِسيِّس شديد التعصُّب ضد الإسلام – فقد توصَّل إلى نتائج في "السنة النبوية" وأحكام بعيدة كلَّ البعد عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم، عندما اعتصر خياله وخرج برأي يشفي من غليله ضد الإسلام، ضارباً بالمعقول وبالتاريخ وبالحقيقة عرض الحائط، فيقول: (كان لمحمدٍ [صلى الله عليه وسلم] شهوةٌ قوية جامحة، وقد كتَّفت جسمَه الملذَّات، وخدَّرت أعضاءه فأصبح مُهدَّداً بداء السَّكتة)[12].

 

ويدَّعي المستشرق "كليمان هيار" بأنه قد ظهرت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أعراض التهاب رئوي فخارت قُواه بسرعة عظيمة توفِّي على إثرها[13]. وأمَّا القسيس "باردو" فإنه يرى أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مات مسموماً بيد امرأة يهودية[14]. فهل نستطيع أن نعتمد على آراء هؤلاء المستشرقين مع شدة اختلافهم في الآراء؟ فأيُّ مصادرٍ قد اعتمدوها؛ حتى تكون نتائجهم مُتنافرة؟

 

ومثال آخر لانتقائية المستشرقين "للنصوص والمصادر" وهو المستشرق الفرنسي "أندريه ميكال" الذي يُقرِّر بأنَّ "العقل العربي" عقل شفاهي بدوي بدائي مخالف "للعقل الكتابي" العملي الواقعي، واستشهد بالمثال التالي: (إنَّ الله قسم المعارف والعلوم على الشعوب... جعل الصينيين أرباب الصناعات اليدوية، والهنود أمَّة علم الفلك والطب، والبيزنطيين أمَّة الكيمياء والميكانيكا، والأتراك أمَّة الفروسية والحروب، وأما العرب فهم أمَّة الفصاحة)[15].

 

فقد جعل الشعوبَ العربية كلها منذ القِدم؛ وإلى وقتنا المعاصر شعوباً شفاهية ليست عقلانية؛ كعقلانية أهل الكتاب، ولا ريب أنَّ التفسير المُتعسِّف للنصوص هو الذي حمل هذا المستشرقَ وغيرَه على إصدار هذه الأحكام التعسُّفية، والتجنِّي على التاريخ، فأيُّ مصادر اعتمد عليها في رأيه هذا عن العرب؟ وهذا ما حمل كثيراً من المستشرقين على القول بأن الحديث النبوي نُقِل بالمشافهة؛ لأنَّ المسلمين لم يعرفوا الإسناد إلاَّ في فتراتٍ لاحقة، بدءًا من القرن الثاني الهجري[16].

 

وهذه الانتقائية في المصادر هي التي دفعتهم إلى اعتماد كتب الأدب واللُّغة؛ لتكون مصدراً من مصادر بحث الإسلام والتاريخ الإسلامي؛ مثل كتاب "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني، و"ألف ليلة وليلة"، و"الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيان، وغيرها، التي لا تُمثِّل قيمةً عِلميةً يَستند عليها أهلُ العلم بالدِّين في شيءٍ، وقد جعلوها مصادرَ أصيلة، رجعوا إليها وأخذوا عنها؛ ناهيك عن كتب التاريخ وما بها من روايات ضعيفة؛ ضعَّفها مؤلِّفوها، ولكنهم تركوا رأيَ مؤلِّفيها، وأخذوها وعَوَّلوا عليها، وبنوا النتائج.

 

د- التعميم الغاشم: من بديهيات "المنهج العلمي" أنَّ التعميم بغير استقراءٍ تام يُعدُّ نقيصةً من نقائص البحث العلمي، وفي ذلك يقول "لاتسون": (إنَّ اليقين يأخذ في التناقص كلما أخذ التَّعميم في التَّزايد، وهذه حقيقة تصدق على كلِّ العلوم)[17].

 

وعندما ظهرت "الطبعة الأُولى" من "الموسوعة الإسلامية" كانت حملة المستشرقين على الحديث النبوي في أوجها، وهذا ما دعا المستشرق الفرنسي "كاراديفو" إلى أن يحكم بأنَّ الأحاديث التي تضمَّنتها كتب التفسير كلها "موضوعة".

 

يقول "كاراديفو" : (وعلم التفسير قديم، قد يرجع تاريخه إلى صدر الإسلام، وتساءل المستشرقون؛ مثل "جولد تسيهر" عن قيمة الأحاديث الواردة في هذه الكتب الجامعة، والظاهر أنَّ أغلب هذه الأحاديث "موضوع"؛ إما لتقرير مسألة شرعية، وإما لأغراض كلامية، وإما لمجرد التوضيح، بل قد يكون لمحض اللهو والتسلية.

 

ويذهب المستشرقون إلى أنه لا أمل في العثور في هذه التفاسير على أخبار صحيحة عن أسباب نزول القرآن وإذاعته في الناس)[18].

 

وأكثر كتب التفسير تعرُّضاً لنقد المستشرقين هو "تفسير الطبري"، ولمَّا نشر "بيار" ترجمةً فرنسية "لمختصر تفسير الطبري" عام 1983م؛ ألحَّت الدوائر الاستشراقية الفرنسية في المطالبة بإعادة دراسة تفسير الطبري دراسةً "علمية عصرية" ومن أهم اقتراحاتهم تحديد وضبط دور "تفسير الطبري" في تشكيل أرثوذكسية أهل السنة[19]، فكيف يجوز – بعد ذلك – الحكم على كل أحاديث كتب التفسير بالوضع؟ خاصةً وأنَّ المشتغلين بكتب "التفسير بالمأثور" قد أعملوا قواعد علم الجرح والتعديل ودققوا في الأسانيد، فكان عملهم عملاً منهجياً صادقاً لا يعتريه الشك[20].

 

ولكن تجدر الإشارة إلى أنَّ هؤلاء المستشرقين قد خَدَموا قضيَّتَهم التي يُدافعون عنها، وخَدَموا أُمَّتَهم التي ينتمون إليها، وخَدَموا دِينَهم الذي يعتقدونه، وقد رَوَّجوا لأفكارهم في الغرب، حتى ترسَّخت صورةُ الإسلام عند الغربيين كما صَوَّرُوها، وكما أرادوها، وهذا هو المُتَوَقَّع من عدوٍ يتربَّص بنا الدَّوائر.

 

والعجيب أنَّ هناك من المسلمين مَنْ ساهم معهم في رسم هذه الصورة؛ من خلال التناقض بين النصوص الإسلامية، وبين ما عليه حال المسلمين من الشعائر والتَّعبُّد، ولقد كان التَّصوُّفُ مَثَلاً وما به من تخاريفَ ومظاهِرَ شِركية باباً كبيراً من أبواب نقد المستشرقين للإسلام والمسلمين.

 

هـ- الهجوم الظالم على السُّنة النبوية: وعلى هذا، فإنَّ منهج المستشرقين في التَّعامل مع السُّنة يتَّسم بالظلم والتعدِّي وتجاوز الحد في الكُرْه، ومن أبرز مظاهر هذا الظلمِ السَّافرِ للسُّنة النبوية ما يلي[21]:

1- محاولة تفسير السُّنة في ضوء المعتقدات النصرانية واليهودية، والفلسفات اليونانية، والنِّحل والديانات القديمة؛ كالفارسية، والهندية والبوذية.

 

2- الكذب والتدليس والانتقاء غير الموضوعي من المصادر التي تؤيِّد فكرة المستشرق.

 

3- الطعن والاتهام والتشكيك في النبي صلى الله عليه وسلم ثم في الصحابة الكرام رضي الله عنهم، واتِّهامهم المحدِّثين والفقهاء بوضع الأحاديث، والتَّشكيك في السنة بصفة عامة.

 

4- المغالطات والكذب والجهل في عرض المزاعم، وفي الاستدلال على تلك المزاعم.

 

5- إيراد المزاعم والدعاوى من غير أدلة، أو مخالفة الأدلة الثابتة في التاريخ أو مناقضتها.

 

6- الاعتماد على أسلوب التعميم في إيراد الدعوى، وعدم تحديد المقصود بالقول تحديداً علميًّا.

 

7- الاعتماد على ما توصَّل إليه بعضُهم من نتائج، واستشهاد بعضهم ببعض في إيراد الدعاوي.

 

8- الاعتماد على الأسلوب التقريري الإخباري، فيورد المستشرق زعمه وكأنه حقيقة علمية يريد إيصالها للقارئ، لا أنها مسألة يريد دراستها دراسة علمية.

 

9- بناء أحكامهم على الافتراضات التي يفترضونها في أنفسهم، وَفق معاييرهم وتصوراتهم.

 

10- من أوسع ثغرات المنهج الاستشراقي اعتماد المستشرقين على وجهات نظهرهم في النقد، وإقرارهم بأنها مغايرة لوجهات نظر المسلمين؛ لأنهم يريدون دراسة السنة من خلال استباحة إخضاعها للمعايير والمقاييس الغربية الجديدة، وكأنَّ السُّنة النبوية حقل تجارب عندهم.

 

11- تبيَّن خطأ المستشرقين في فهم بعض الاستدلالات الحديثية التي يوردونها للاستدلال على رأيهم، وتفسير أقوال الصحابة والعلماء تفسيراً مخطئاً.

 

12- من أساليبهم المكشوفة تهيئة القارئ نفسيًّا وذهنيًّا للاقتناع بما سيأتي من قوله، وقبوله على أنه حق، وربما حقيقة لا تقبل الشك.

 

13- عدم معرفة المستشرقين للغة العربية بالقدر الكافي، وضحالة الفهم للثقافة الإسلامية وتاريخ صدر الإسلام، والتَّعسُّف في تفسير النصوص بسبب الأهواء الدينية والقومية.

 

14- تأثرهم بالتيار المادي – الذي يَسُود الحضارة الغربية – وبُعدُهم عن الجانب الروحي كان له أثر في إقحام عقولهم في الأمور الغيبية التي تَخرج عن نطاق العقل.

 

15- عدم تصديقهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم كان من أكبر الدوافع لهم في بثِّ شكوكهم ومطاعنهم في بقية جوانب الإسلام.

 

16- عَرَفَ المستشرقون أهمية السُّنة فركَّزوا طعونَهم عليها؛ ليتسنَّى لهم الطعنُ في القرآن، ووجدوا في منهج المعتزلة ما يخدم أغراضَهم فدافعوا عنه وتبنوه وساروا على منواله في محاربة السُّنة، مما يُمكن أن يقال: إنَّ المستشرقين امتدادٌ للمدرسة الاعتزالية في التعامل مع الأحاديث مع تباين هدف الرَّفض.

 

17- نصَّب المستشرقون أنفسَهم قضاةً على السُّنة النبوية ووضعوها في قفص الاتهام، وانهالوا عليها وعلى صاحبها صلى الله عليه وسلم، وعلى نَقَلَة السُّنة بالاتهامات والتحليلات مدَّعين أنَّ ما يتوصَّلون إليه نتاج دراسات عِلمية وموضوعية، ومن هنا تتلقَّفها المجتمعات الغربية على أنها مُسَلَّمات يجب الأخذ بها، واعتقادها وتبنِّيها.

 

و- التشويه المُتعمَّد للإسلام والمسلمين: تنظر المجتمعات الغربية إلى الإسلام والمسلمين نظرة الدُّون؛ بسبب الدور الذي لعبه المستشرقون في تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، ومن مظاهر التَّشويه المُتعمَّد للإسلام والمسلمين ما يلي[22]:

1- النظرة العدائية للإسلام باقية ومستعرة – وإن اختلفت وسائل التعبير عن هذا العداء وأساليبه؛ بسبب التأثير السلبي للمستشرقين في المجتمعات الغربية تجاه الإسلام والمسلمين.

 

2- تنعكس صورة الإسلام والمسلمين في أذهان الغربيين وتصوُّراتهم تجاه الشرق المسلم، وهي صورة مليئة بالخيالات والحقد والعداء، الذي يُولِّد التَّحامل والجهل ورفض الحقائق الثابتة الصحيحة.

 

3- تنظر المجتمعات الغربية إلى المسلمين نظرة الاستعلاء والاحتقار والدونية، ويتعاملون معهم وكأنهم أوصياء على عاجزين أو متخلِّفين.

 

4- يرى الغرب بأنه لا بد أن يستنير المسلمون بالاحتكاك بهم؛ لأن ذلك كفيل بأن يُحسِّن الحالة الفكرية والأخلاقية لهم.

 

5- يرى الغرب أن المسلمين بحاجة إلى استعمال الأفكار الإبداعية لثقافتهم الحديثة، وهذه من ثمار النظرة الفوقية التي ينظر من خلالها الغرب إلى المسلمين.

 

6- الإسلام في نظر الغرب تهديد مَخُوفٌ، وقوَّة رجعية، ومصدر لتخلُّف المسلمين، وهي صورة انعكست من خلال سيطرة الاستعمار الأوروبي.

 

7- إسقاط الواقع الغربي المعاش، والثقافة الغربية المعاشة على حياة المجتمع الإسلامي الدينية والسياسية والاجتماعية وغيرها.

 

8- بناء مزاعمهم على محض التصورات العقلية والخيالات الذهنية، والتحليل النفسي والاجتماعي، وهذه المناهج يعتمد عليها المنهج الغربي الحديث في تحليل الأمور الدينية والاجتماعية وغيرها.

 

9-تدثَّر المستشرقون بثوب الاستعمار والتبشير، وإنْ لبسوا مُسوحَ العلماء، وهدفهم من وراء ذلك محو الإسلام وإذلال أهله، والاستيلاء على ثروات بلادهم.

 

10-لم يستطع المستشرقون التخلُّص من العصبية والعداء للإسلام في دراستهم له؛ ممَّا أدَّى إلى عدم النزاهة والتجرد والدقة في بحوثهم، وكثرة الأخطاء، وضحالة المعلومات.

 

11- شدة عداوة المستشرقين للإسلام دفعتهم إلى تشويهه وإظهارِه بصورة الرجعية وعدم مواكبة الحضارة، وزعزعة العقيدة في نفوس أبنائه بشتَّى السبل.

 

12-نجاح الاستشراق في استقطاب كثيرٍ من أبناء الإسلام الذين انخدعوا بأفكاره وآرائه، وتأثَّروا بثقافاته ومناهجه، وكثيرٌ منهم يُمثِّلون رموزاً بارزةً في بلدانهم، فكان لذلك أثر بالغ في نشر تلك الأفكار بين المسلمين، وانخداع السُّذَّج منهم بها، وتفلُّت كثير منهم بسببها من التمسُّك بالشرع.



[1] انظر: من افتراءات المستشرقين الفرنسيين على السنة، (ص 270-277).

[2] انظر: الاستشراق بين الموضوعية والانفعالية، قاسم السامرائي (ص 10).

[3] انظر: أزمة الاستشراق الحديث، محمد خليفة حسن (ص 220).

[4] محمد رسول الله، إتيين دينيه وسليمان بن إبراهيم، ترجمة: د. عبد الحليم محمود (ص 43).

[5] رواه البخاري، (1/ 468)، (ح 2527)؛ ومسلم، واللفظ له، (2/ 1069)، (ح 6564).

[6] الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، د. محمد البهي (ص 55).

[7] محمد رسول الله، (ص 44).

[8] التفكير المستقيم والتفكير الأعوج، روبرت ثاوليس، ترجمة: حسن سعيد الكرمي (ص 183).

[9] البحث في التاريخ: قضايا المنهج والإشكالات، عاصم الدسوقي (ص 41).

[10] الإسلام على مفترق الطرق، محمد أسد، ترجمة: عمر فروخ (ص 23).

[11] الإسلام على مفترق الطرق، (ص 23).

[12] محمد رسول الله، (ص 47).

[13] انظر: تاريخ العرب، كليمان هيار (1/ 181).

[14] انظر: علامات محمد: ما هي قيمتها، الأب باردو (ص 171).

[15] مهزلة الاستشراق وما بعد الحداثة، سليم مطر، مجلة العصور الجديدة، عدد: (17)، (يناير

2001م)، (ص 158).

[16] انظر: المستشرقون والحديث النبوي (ص 65).

[17] منهج البحث في الأدب واللغة، (ص 85).

[18] دائرة المعارف الإسلامية، مادة تفسير (5/ 347).

[19] الأرثوذكس: المعنى الاشتقاقي للفظ "أورثوذكس" هو الرأي الصحيح المستقيم، فلفظة "أورثو" تعني: مستقيم يقبله الجمهور، ولفظة "ذوكس" تعني الرأي. ومصطلح "الأرثوذكس" مصطلح ارتبط في الآداب اللاتينية بالكنيسة الشرقية، أمَّا دلالته في اللغات الغربية: فتنصرف إلى صفة الجمود والانغلاق في أمور الدين، ومعنى أرثوذكسية أهل السنة: هو امتيازهم عن الفِرق والنِّحل بأصول وقواعد وسمات هجرها غيرهم وأعرضوا عنها.

[20] انظر: مجلة البحوث الإسلامية، الرياض، عدد: (67)، (ص 12).

[21] انظر: منابع المستشرقين في دراسة السنة النبوية، (ص 578)؛ موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية، (ص 46)؛ موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية، (2/ 430-431).

[22] انظر: منابع المستشرقين في دراسة السنة النبوية، (ص 581)؛ موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية، (ص 46)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طعن المستشرقين في الوحي والرسالة
  • طعن المستشرقين في السنة النبوية
  • طعن المستشرقين في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
  • طعن المستشرقين في رواة الأحاديث
  • تصنيف المستشرقين

مختارات من الشبكة

  • عيوب نفسك.. لا عيوب غيرك(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عيوب النطق في التراث العربي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ولم أر في عيوب (الدعاة) عيبا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة مع المغالين في تقدير المستشرقين(مقالة - ملفات خاصة)
  • ادعاء المستشرقين تطبيق المنهج العلمي في دراساتهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • منزلة ستر عيوب أهل المعاصي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تذكر عيوب الناس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • معرفة عيوب النفس(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • إصلاح عيوب الشخصية(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب