• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

أهداف الاستشراق

أهداف الاستشراق
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2022 ميلادي - 1/11/1443 هجري

الزيارات: 16097

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهداف الاستشراق


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

اختلف الباحثون في وضع تعريفٍ محدَّدٍ للاستشراق؛ فَوُجِدَت عدَّة تعريفات له، ولكنها تدور جميعُها في فلك واحد، فهو مجموع الدراسات التي تُعْنَى بالحياة الشرقية؛ سواء الشرق الأقصى أو الشرق الأدنى، التي تهتم بدراسة أديانهم وتاريخهم وحياتهم الاجتماعية والعلمية، وغير ذلك من مجالات وأوجه الدراسات الاستشراقية.

 

ولكن نال العرب المسلمون القدرَ الأكبر من جانب الدراسات الاستشراقية، وقد اختلف الباحثون كذلك في تاريخ بداية الدراسات الاستشراقية المتعلِّقة بمنطقتنا وهي المنطقة العربية الإسلامية، ومما لا شك فيه أننا لابد أنْ نُفرِّق عند التأريخ لها بين حالين:

الأُولى: جهود فردية وصلات طبيعية بين الشرق والغرب، فهذه بدأت منذ فترة مُبكِّرة، تكاد تتوازن مع بداية ظهور الإسلام وظهور دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وإرسال البعوث إلى أقطار الغرب، واستقبالهم في الشرق للسؤال عن الإسلام ومعرفته.

 

الثانية: جهود مُنظَّمة ومدعومة من قِبَل حكومات وكنائس الغرب، فهذه بدأت مع نهاية الحروب الصليبية على الشرق الإسلامي؛ إذ تيقَّنوا عدم قدرتهم على الانتصار المادي على المسلمين، فأرادوا وسيلةً أُخرى يَدخلون بها بلادَهم ويغزونهم من داخلها، فكانت الدراسات الاستشراقية.

 

تحديد مصطلح الاستشراق:

أول ما يتبادر إلى الذهن أنَّ كلمة "الاستشراق" مشتقَّة من كلمة "شرق" وقد أُضيف إليها الألف والسين والتاء؛ لتفيد طلب الشيء. فيصبح المعنى: طلب لغات الشرق وعلومه وآدابه وتاريخه أو التعرف على العالم الشرقي من خلال الدراسات اللغوية والدينية والتاريخية والاجتماعية وغيرها[1].

 

ويُعرَّف الاستشراق – في صورته العامة بأنه: (اتجاه فكري غربي يقوم بدراسة حضارة الأمم من جوانبها الثقافية والفكرية والدينية والاقتصادية والسياسية كافة، لغرض التأثير فيها)[2].

 

ومن أبرز التعريفات الاصطلاحية للاستشراق:

1-تعريف "إدوارد سعيد" في كتابه "الاستشراق": (بأنه أسلوب غربي للهيمنة على الشرق، وإعادة صياغته وتشكيله وممارسة السلطة عليه)[3].

 

2-تعريف "أحمد عبد الحميد غراب": (إنَّ الاستشراق دراسات "أكاديمية" يقوم بها غربيون من أهل الكتاب للإسلام والمسلمين من شتى الجوانب: عقيدةً، وثقافةً، وشريعةً، وتاريخًا، ونظمًا، وثروات، وإمكانيات... بهدف تشويه الإسلام، ومحاولة تشكيك المسلمين فيه، وتضليلهم عنه، وفرض التبعية للغرب عليهم، ومحاولة تبرير هذه التبعية بدراسات ونظريات تدَّعي العلمية والموضوعية، وتزعم التفوق العنصري والثقافي للغرب المسيحي على الشرق الإسلامي)[4].

 

3- وقد أضاف "د. مازن مطبقاني" تعريفاً أوسع مما سبق؛ ليشمل نطاقاً واسعاً له واقع ملموس في واقعنا المعاصر، فقال: (إنَّ الاستشراق هو كلُّ ما يصدر عن الغربيين من أوروبيين "شرقيين وغربيين بما في ذلك السوفيت" وأمريكيين، من دراسات أكاديمية "جامعية" تتناول قضايا الإسلام والمسلمين في العقيدة، وفي الشريعة، وفي الاجتماع، وفي السياسة، أو الفكر أو الفن.

 

كما يُلحق بالاستشراق كلُّ ما تبثه وسائل الإعلام الغربية سواء بلغاتهم أو باللغة العربية من إذاعات أو تلفاز أو أفلام سينمائية أو رسوم متحركة أو قنوات فضائية، أو ما تنشره صحفهم من كتاباتٍ تتناول المسلمين وقضاياهم.

 

ولا بد أنْ نُلحِق بالاستشراق ما ينشره الباحثون المسلمون الذين تتلمذوا على أيدي المستشرقين، وتبنَّوا كثيرًا من أفكار المستشرقين؛ حتى إن بعض هؤلاء التلاميذ تفوَّق على أساتذته في الأساليب والمناهج الاستشراقية، ويدل على ذلك احتفال دور النشر الاستشراقية بإنتاج هؤلاء ونشره باللغات الأوروبية على أنها بحوث علمية رصينة، أو ما يترجمونه من كتابات بعض العرب والمسلمين إلى اللغات الأوروبية)[5].

 

عداوة الاستشراق للإسلام:

من أهم ما ينبغي على المسلم إدراكه في الحياة، العدوُّ الذي يتربص به وبدينه من كل جانب، ويحاول أن ينقضَّ عليه لاستئصاله، وانتزاع عقيدته من واقع حياته. وهذا العدو يظهر بأشكالٍ كثيرة ومتنوعة، فأحياناً يكون بصورة استعمار عسكري يغزو البلاد وينهب الخيرات، وأحياناً يكون تحت شعارات إنسانية وحقوق الإنسان، ويأتي أحيانًا أخرى بهدف الحوار الحضاري أو المعرفي، وكلها صور مختلفة ولكن الهدف واحد؛ هو استعمار البلاد، واستعمار العقول حسب ما تُملي عليهم مبادئهم ومصالحهم.

 

وأخطر هذه الأنواع ذلك الذي يتغلغل داخل الأمة عبر الثقافة والمعرفة، ومنه ما يُسمَّى بالاستشراق، فإنه عدو خطير بكل أدواته ووسائله؛ لأنه يحارب بالشبهة من خلال بعض ما يتوافر لديه من أحداثٍ تاريخية، أو روايات غير صحيحة، ولكنه يضعها في ثوبٍ يُثير الانتباه، ويشكك الضعفاء من أبناء الأمة في أمر دينهم وتاريخهم، مستفيدًا من بعض الصراعات التي حدثت في التاريخ الإسلامي في القرون الأُولى لهذا الدين.

 

وهذا العدو خطير؛ لأنه مدعوم بأشياء كثيرة ومن أطراف متعددة، فتدعمه بعض الدول الكبرى والمؤسسات العلمية في الغرب والشرق، التي لها شهرة معرفية لدى معظم دول العالم، هذا فضلاً عن القيادات التي ترأس هذه المؤسسات وعلاقاتهم مع الساسة الكبار في دولهم الاستعمارية.

 

وقد فرض المستشرقون دراساتهم وأبحاثهم المتعلِّقة بالإسلام حتى على الهيئات الدولية للاعتماد عليها في بحثها عن الإسلام والمسلمين - على الرغم من وجود دول إسلامية منتسبة إلى هذه الهيئات الدولية، وفي ذلك يقول د. محمود حمدي زقزوق: (الغريب أنَّ الهيئات العالمية؛ مثل اليونسكو هي هيئة دولية – فيها الدول الإسلامية – تستكتب المستشرقين بوصفهم متخصِّصين في الإسلاميات، وللكتابة عن الإسلام والمسلمين في الشاملة التي تُصدِرها اليونسكو عن "تاريخ الجنس البشري وتطوره الثقافي والعلمي")[6].

 

كما أنه (مرَّت على العرب والمسلمين – بل الشرقيين بوجه عام – فترة من الزمن كان كل ما يصدر عن الغرب عنهم قضايا مُسلَّمة لا مجال فيها للنقاش، واعتُبرت بحوث المستشرقين والمُستعربين وعلماء الدراسات الإسلامية من الغربيين نموذجاً يُحتذى ومثلاً أعلى، وصارت الاقتباسات المأخوذة عنهم زينة كتابات الشرقيين والعرب والمسلمين، وغدت النتائج التي انتهى إليها الأوَّلون منطلقات ومرتكزاً للآخَرين)[7].

 

وفي الوقت المعاصر لا يكاد يجد المرء مجلةً أو صحيفة أو وسيلة من الوسائل الإعلامية مرئية أو مسموعة إلاَّ وفيها ذِكر أو إشارة إلى شيء عن الاستشراق أو يمتُّ إليه بصلة قريبة أو بعيدة[8].

 

أهم أهداف الاستشراق:

وضع هذا العدو المُتمثِّل في الاستشراق والمستشرقين أمامهم عدَّة أهدافٍ من أجل الوصول إلى تحقيقها، وهذه الأهداف كثيرة ومتفاوتة من حيث الأهمية بالنسبة لهم؛ فمن أهمها: منع انتشار الإسلام في أوروبا وغيرها، والحقد ضد المسلمين، وتأييد الغزو الاستعماري لبلاد المسلمين والعمل على تحطيم المقاومة الإسلامية، وتشكيك المسلمين في صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنكار كون الإسلام ديناً من عند الله تعالى، والتشكيك في صحة الحديث النبوي، والتشكيك في قيمة الفقه الإسلامي، والتشكيك في قدرة اللغة العربية، وإضعاف ثقة المسلمين بتراثهم وهكذا.

 

والغاية الأخيرة لهم هي جعل الدين الإسلامي مجرد أسطورةٍ ليس له حقيقة ربانية، وإنما هو مزيج من الآراء والأفكار التي اقتُبِست من بعض الأشخاص؛ مثل "بَحِيرا الراهب" وغيره، ومن الأديان الأخرى؛ كاليهودية والنصرانية، لذلك بادر هؤلاء المستشرقون إلى الطعن في أركان هذا الدين ومصادره الأصلية التي هي مصدر الأحكام والتشريعات، إذ أعلنوا حربًا فكرية شعواء على القرآن الكريم، وعدّ الوحي ضرباً من الصرع أو الجنون.

 

المستشرقون جنودٌ للاستعمار:

أفاد الاستعمار من التراث الاستشراقي؛ حيث استطاع تجنيد طائفة من المستشرقين لخدمة أغراضه وتحقيق أهدافه، وتمكين سلطانه في بلاد المسلمين، فنشأت رابطة قوية بين الاستعمار والاستشراق، فكان الاستعمار يستعين بما يُقدِّمه المستشرقون من خبرات ومعلومات عن طبيعة البلاد الشرقية عموماً والإسلامية خصوصاً حول مختلف الجوانب الاجتماعية والدينية والسياسية والاقتصادية؛ وليس أدل على ذلك من أنَّ "نابليون" كان متسلِّحاً بفريق من المستشرقين في حملته على مصر سنة 1798م معتمداً دراساتهم في التعرُّف على طبيعتها وطبيعة أهلها[9].

 

كما أنَّ خبراء "الشرق الأوسط" الذين يقدِّمون المشورة لصانعي السياسة في أمريكا – صاحبة الاستثمارات الضخمة في الشرق الأوسط – مفعمون بالاستشراق عن بكرة أبيهم[10].

 

وبعد أن التقت مصالح الكنيسة، والصهيونية، والدول الاستعمارية؛ على إضعاف المسلمين وعلموا أنَّ سَرَّ وحدتهم وقُوَّتِهم ومَنَعتِهم يكمن في تمسكهم بالكتاب والسنة؛ ولمَّا كان من الصعب عليهم أن ينالوا من القرآن الكريم، وجَّهوا سهام مطاعنهم نحو السنة النبوية؛ لكونها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، ويقوم تفصيل التشريع عليها، مستغلِّين بعض الأحاديث الموضوعة، والخلافات التاريخية بين المسلمين، ولم تسلم الأحاديث الثابتة من طعنهم فيها سنداً ومتناً، وتشكيكاً في صحة نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق ادِّعاء الوضع فيها، وبث الشبهات حولها، والطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وشخصه الكريم، لكنَّ آمالهم قد خابت وجهودهم ضاعت وباءت بالفشل الذريع؛ بفضل الله تعالى الذي قيَّض للسنة النبوية رجالاً يذودون عنها ويزيلون ما يحاك حولها من شبهات وافتراءات، على أسس علمية ومنهجية نزيهة، وقواعد وضوابط لم يشهد تاريخ البحث العلمي لها نظيراً، فظلت السنة النبوية صافيةً كما تركها صاحبها صلى الله عليه وسلم وستظل كذلك ما دام هناك إسلام ومسلمون، ولله الحمد من قبل ومن بعد[11].

 

إحصاءات مخيفة عن الاستشراق:

الاستشراق ليس مشروعاً فرديًّا، وإنما هو مؤسسة متضامنة متعاونة على اختلاف البلدان التي ينتسب إليها المستشرقون، وعلى اختلاف اللغات التي ينطقها المستشرقون، وعلى اختلاف سياسات الدول التي ينتمون إليها.

 

ومنذ أكثر من "مائة وخمسين" سنة حتى الوقت الحاضر يصدر في أوروبا بلغاتها المختلفة كتاب "كلَّ يوم" عن الإسلام، وتقول الإحصاءات: بأنَّ "ستين ألف" كتاب قد صدر بين 1800-1950 م أي: عبر قرن ونصف، ويوجد في أمريكا حوالي "خمسين" مركزاً مختصًّا بالعالم الإسلامي، والمستشرقون يصدرون الآن أكثر من "ثلاثمائة" مجلة متنوِّعة بمختلف اللغات، وتم عقد أكثر من "ثلاثين" مؤتمراً دورياً خلال المائة سنة الأخيرة، سوى المؤتمرات الإقليمية، والندوات، ويكفي أنَّ بعض المؤتمرات؛ مثل "مؤتمر أوكسفورد" ضمَّ قرابة "تسعمائة" عالم ومختص، فلماذا كل هذا الاهتمام بالإسلام، وبالشرق، وبالعرب، وبالقضايا التي تتَّصل بمنطقة بعيدة عنهم؟

 

ما يُستنبطُ من الاستشراق والمستشرقين:

ومِمَّا سبق يتبيَّن لنا، ما يلي:

1- أنَّ الاستشراق هو حركة علمية (أكاديمية) من أهل الكتاب؛ من شرقيين وغربيين وأمريكيين وغيرهم ممن ينظر إلى الإسلام بالمنظار الغربي.

 

2- تشويه الإسلام وتشكيك المسلمين في دينهم، وذلك بالطعن في أهم مصادر التشريع: القرآن، والسنة، وتاريخ المسلمين.

 

3- إنشاء مجتمعات تابعة للغرب في الفكر والاقتصاد والسياسة والاجتماع؛ ليسهل استغلالهم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.

 

4- أن الاستشراق ذو علاقة وطيدة مع الاستعمار، فلا استعمار بدون استشراق، ولا استشراق من غير دول استعمارية.

 

5- أن الاستشراق له علاقة بالتنصير؛ لأنَّ معظم المستشرقين من أهل الكتاب، يبذلون قصارى جهدهم في سبيل أن يُحوِّل المسلمون دينَهم إلى النصرانية، وهذا ما أكدته البعثات التنصيرية التي كانت تُرافق الاستعمار في البلاد الإسلامية.

 

6- أن كثيراً من المستشرقين يفتقدون المنهجية العلمية في طرح شبهاتهم وأباطيلهم، فهم يحتجون ببعض الموضوعات من الآثار والروايات الموضوعة التي لا أصل لها في الواقع، وأحيانًا كثيرةً لا يعتمدون على شيء، وإنما يعتمدون على وساوس شياطينهم لتشكيك الأمة في دينها[12].

 

"العرب والمسلمون" محور دراسات الاستشراق:

ويُعَدُّ العرب والمسلمون هم المركز الذي تدور حوله دراسات الاستشراق أكثر من بقية الأمم والشعوب، ومن المُلفَت للنظر: أنَّ نوعية الدراسات التي تناولت الإسلام والمسلمين تختلف عن بقية أرجاء الشرق، فقد اتَّسمت الدارسات المُتعلِّقة بالإسلام والمسلمين بالتحيُّز والتعصُّب، والانفعالات المختلفة، ولماذا لا تتَّسم بذلك الدراسات عن البوذية أو الهندوسية أو الثقافات الأخرى؛ كالصين مثلاً؟

 

والجواب على ذلك يتَّضح في مراجعتنا للاستشراق في بداية نشاطه الذي يرتبط بقصة الصراع بين المسلمين والغرب من خلال فتح الأندلس، ومن خلال الحروب الصليبية، ومن خلال الصراع في صقلية وجنوب أوروبا، فأوروبا تخشى من غزوٍ إسلامي فكري في تلك الفترة، ومن هنا أُنشئت مراكز الدراسات الاستشراقية المختلفة في أوروبا بإذن من "البابوات" وبتنسيق "المجالس الكنسية".

 

واستمر هذا الصراع الفكري الديني إلى أنْ ظهرت "المرحلة الجديدة" المقترنة "بالتوسع الاستعماري"، عندئذ صار من مهام الحكومات أنْ تُسخِّر عدداً كبيراً من الباحثين؛ ليكتبوا في الإسلام والمسلمين باللغات الأوروبية، ولسان حال هذه الحكومات الاستعمارية يقول: إذا كانت هذه هي صورة المسلمين فلا تلومونا إذا اقتحمنا ديارهم، واستنزفنا خيراتهم، وتعصَّبنا ضدَّهم؛ لأن القوم يتَّسمون بخصائص عقلية وجنسية وثقافية لا تمكِّنهم من النهوض بأنفسهم، وهم بحاجة إلى عوننا، ونحن نعمل لصالح الحضارة الإنسانية! واستمر هذا الخطاب عبر "قرن" من الزمان، وهو القرن "التاسع عشر" الذي اشتدَّ فيه الاستشراق، واشتدت فيه مؤسساته بمساندة من الحكومات الأوروبية.

 

ومنذ مطلع "القرن العشرين" حتى وقتنا الحاضر نعلم كيف برزت منطقة "الشرق الأوسط" وأهمية هذه المنطقة استراتيجيًّا واقتصاديًّا، وبالتالي فإن الدراسات الاستشراقية استمرَّت واتَّصلت، كما أنَّ مؤتمرات المستشرقين واصلت طريقها بدعم من الحكومات ومن المؤسسات ومن الأفراد الأغنياء في أمريكا وأوروبا.

 

وظهرت دراسات "تحليلية" كثيرة في القرن "العشرين" عن الإسلام والمسلمين، والقرآن الكريم، والسنة النبوية، والسيرة النبوية، والثقافة الإسلامية، والشريعة الإسلامية، وجل هذه الدراسات تستهدف شيئاً أساسياً: هو تصوير النبي صلى الله عليه وسلم على أنه "مصلح اجتماعي" وليس نبيًّا مرسلاً[13].

 

وهم في سبيل هذا أنفقوا أمولاً طائلة على البحث وعلى المشاريع الفكرية التي تُمكِّنهم من ذلك، ويكفينا أن نذكر في هذا الصدد قيام المستشرقين بوضع "المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي"، الذي اشترك في إعداده عدد كبير من المستشرقين بقيادة "فنيسنيك"، وأنفقت عليه خمس دول، فخرج معجماً رائعاً وعملاً مميَّزاً، كما وضع "فنيسنيك" كتاب: "مفتاح كنوز السُّنة" للتسهيل على الباحثين من المستشرقين البحث في مواضيع السُّنة؛ بغية التشكيك فيها.

 

إذاً، لم يكن الهدف من وراء وضعهم لهذين العملين هو خدمة السنة النبوية، وإنما أرادوا أنْ يُفتِّشوا فيها فيجمعوا الشُّبه، وبالتالي يُشكِّكون في صدقها وصدق رواتها، فينقضونها ويقضون عليها.

 

ولكن ولله الحمد والمنة، لم يتمكَّنوا، ففشلوا إلاَّ في الترويج لأفكارهم الضالة التي تلقفتها عُصابةٌ من أهل الإسلام مِمَّن لاحظَّ لهم في علم الحديث والسُّنة، ولا حتى في علم الشريعة الغَرَّاء فردَّدوا أقوالهم بغير علم، وانطلت عليهم شُبَهُهم بغير فهم.

 

والعجيب أن يستفيد المسلمون من هذين الكتابين أيما إفادة، رغم ما وُضِعَا له؛ فبدلاً من أنْ يكونا عوناً على هدم السُّنة، صارا سبباً في التسهيل على علماء المسلمين في تخريج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعَزْوِهِ إلى مصادره، وهذا من إعجاز الله تعالى، إذ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]؛ وقال سبحانه: ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 8-9].

 


[1] انظر: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، (ص 24، 25)؛ من افتراءات المستشرقين الفرنسيين على السنة، د. بلقاسم محمد الغالي (ص 251) ضمن بحوث المؤتمر الدولي الثاني (المستشرقون والدراسات العربية والإسلامية) مصر 1427هـ-2006م.

[2] الاستشراق وموقفه من السنة النبوية، (ص 4).

[3] انظر: رؤية إسلامية للاستشراق، أحمد عبد الحميد غراب (ص 7، 8).

[4] رؤية إسلامية للاستشراق، (ص 9).

[5] الاستشراق، د. مازن بن صلاح مطبقاني (ص 6) باختصار.

[6] الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، محمود حمدي زقزوق (ص 15)

[7] مجلة العربي، الكويت، عدد: (202) سنة (1979م)، (ص 34).

[8] انظر: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري، (ص 13)؛ الاستشراق، إدوارد سعيد (ص 319).

[9] انظر: الاستشراق، إدوارد سعيد، ترجمة: كمال أبو ديب (ص 107)؛ المستشرقون والسنة، د. سعد المرصفي (ص 18).

[10] انظر: الاستشراق، (ص 318).

[11] انظر: الاستشراق وموقفه من السنة النبوية، أ. د. فالح بن محمد الصغيِّر (ص 1، 2) ضمن بحوث ندوة (عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية) المدينة النبوية؛ المستشرقون والحديث النبوي، د. محمد بهاء الدين (ص 9، 10).

[12] انظر: الاستشراق وموقفه من السنة النبوية، (ص 6، 7).

[13] انظر: موقف الاستشراق من السيرة والسنة النبوية، د. أكرم ضياء العمري (ص 6-13).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهداف الاستشراق
  • الاستشراق وحروب الفرنجة
  • الاستشراق وأثره في علاقة الإسلام بالغرب
  • الاستشراق والقرآن الكريم
  • في فهم الاستشراق
  • الاستشراق السياسي وصناعة الكراهية بين الشرق والغرب (الخلاصة والنتيجة)
  • تاريخ الاستشراق وتطوره
  • الثقة بالاستشراق
  • تفيئة الاستشراق

مختارات من الشبكة

  • الاستشراق والتنصير مدى العلاقة بين ظاهرتين(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • المنهج في نقد الاستشراق (2)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الاستشراق والرسول صلى الله عليه وسلم (الاستشراق والسيرة)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الاستشراق- الاستشراق والتنصير)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الاستشراق- الاستشراق الصحفي)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الاستشراق بين الحقيقة والتضليل: مدخل علمي لدراسة الاستشراق (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • الاستشراق(مقالة - ملفات خاصة)
  • الاستشراق وأهدافه(مقالة - ملفات خاصة)
  • كنه الاستشراق: المفهوم - الأهداف - الارتباطات (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • مفهوم الاستشراق(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب