• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

أحكام استقبال الكعبة في الصلاة

أحكام استقبال الكعبة في الصلاة
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/6/2021 ميلادي - 11/11/1442 هجري

الزيارات: 22806

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام استقبال الكعبة في الصلاة

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: في هذا البحث ست مسائل:

المسألة الأولى: استقبال الكعبة في الصلاة.

المسألة الثانية: أحوال التوجه إلى الكعبة في الصلاة.

المسألة الثالثة: أحوال لا يشترط فيها استقبال القبلة.

المسألة الرابعة: موقف المأمومين عند الكعبة.

المسألة الخامسة: الصلاة على سطح الكعبة.

المسألة السادسة: الصلاة مرتفعاً أو منخفضاً عن الكعبة.

 

المسألة الأولى: استقبال الكعبة في الصلاة:

اتفق العلماء[1]: على وجوب استقبال الكعبة في الصلاة إلى قيام الساعة، واتفقوا أيضاً[2]: على أن استقبالها شرطٌ لصحة الصلاة، فلا تصحُّ صلاةُ مَنْ لم يستقبل الكعبة بدون عذر[3].

 

الأدلة:

1- قوله تعالى: ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وجه الدلالة: أمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم أن يتوجه ناحية المسجد الحرام وتلقاءه؛ لأن الكعبة في المسجد الحرام، وبمثل ذلك أَمَرَ المؤمنين.

 

2- ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قُمْتَ إلى الصَّلاَةِ، فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ، فَكَبِّرْ)[4].

 

3- ما جاء عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: (بَيْنَا الناس بِقُبَاءٍ في صَلاَةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فقال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أُنْزِلَ عليه اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وقد أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إلى الْكَعْبَةِ)[5]. وجه الدلالة: الأمر يدل على وجوب استقبال القبلة، وأن الكعبة هي القبلة.

 

4- ما جاء عن أَنَسٍ رضي الله عنه؛ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَتْ: ﴿ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: ١٤٤]. فَمَرَّ رَجُلٌ من بَنِي سَلِمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ في صَلاَةِ الْفَجْرِ، وقد صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَى: ألآ إِنَّ الْقِبْلَةَ قد حُوِّلَتْ، فَمَالُوا كما هُمْ نحو الْقِبْلَةِ)[6].

 

دليل الإجماع: أجمعت الأُمَّة: على وجوب استقبال الكعبة في الصلاة، وأجمعت أيضاً: على أن استقبالها شرط لصحة الصلاة، ولا نزاع بين العلماء في ذلك.

 

قال ابن عبد البر رحمه الله: (وأجمع العلماء: على أن القبلة التي أمر اللهُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعبادَه بالتوجه نحوها في صلاتهم، هي الكعبة، البيت الحرام بمكة)[7]. وقال الكاساني - رحمه الله - في سياق ذكر شروط صحة الصلاة: (ومنها: استقبال القبلة... وعليه إجماع الأمة)[8].

 

وقال ابن رشد رحمه الله: (اتفق المسلمون: على أن التوجه نحو البيت، شرط من شروط صحة الصلاة)[9]. وقال الشوكاني رحمه الله: (والأحاديث المتواترة مصرحة بوجوب الاستقبال، بل هو نص القرآن الكريم: ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾، وعلى ذلك أجمع المسلمون، وهو قطعي من قطعيات الشريعة)[10].

 

المسألة الثانية: أحوال التوجه إلى الكعبة في الصلاة:

المصلي إلى الكعبة لا يخلو في صلاته من حالين: الحال الأُولى: أن يشاهد الكعبة. الحال الأُخرى: أن يكون بعيداً عن الكعبة ولا يشاهدها.

 

أولاً: حُكم مَنْ كان يُشاهد الكعبة:

اتفق العلماء[11]: على اشتراط استقبال عين الكعبة لمَنْ كان ينظر إليها ويشاهدها، سواء كان قريباً منها أو بعيداً؛ كمَنْ صلَّى بالمسجد الحرام، فلو انحرف عنها يميناً أو شمالاً لا تصح صلاته.

 

♦ ما جاء عن أهل العلم في ذلك: قال الإمام الشافعي رحمه الله: (فَكُلُّ مَنْ كان يَقْدِرُ على رُؤْيَةِ الْبَيْتِ مِمَّنْ بِمَكَّةَ في مَسْجِدِهَا، أو مَنْزِلٍ منها، أو سَهْلٍ أو جَبَلٍ؛ فَلاَ تُجْزِيهِ صَلاَتُهُ حتى يُصِيبَ اسْتِقْبَالَ الْبَيْتِ؛ لأَنَّهُ يُدْرِكُ صَوَابَ اسْتِقْبَالِهِ بِمُعَايَنَتِهِ)[12].

 

وقال ابن عبد البر رحمه الله: (وحُكْم استقبال القبلة على وجهين: أحدهما أن يراها ويعاينها، فيلزمه استقبالها، وإصابتها، وقصد جهتها بجميع بدنه)[13]. وقال ابن قدامة رحمه الله: (ثم إن كان معايناً للكعبة، ففرضه الصلاة إلى عينها، لا نعلم فيها خلافاً)[14].

 

وقال القرطبي رحمه الله: (وأجمعوا: على أن مَنْ شاهدها وعاينها، فَرْضٌ عليه استقبالها، وأنه إن ترك استقبالها، وهو معاين لها، وعالِم بجهتها، فلا صلاةَ له، وعليه إعادة كلِّ ما صلَّى)[15].

 

ثانياً: حُكم مَنْ كان بعيداً عن الكعبة:

اختلف العلماء: في حُكم مَنْ كان بعيداً عن الكعبة ولا يُشاهدها: هل يتوجَّب عليه استقبال عينها، أو جهتها؟ على قولين، والراجح: أنه لا يلزمه استقبال عين الكعبة، بل يُصلِّي إلى جهتها، وهو قول الجمهور، وبه قال الحنفية[16]، وجمهور المالكية[17]، وبعض الشافعية[18]، وهو المذهب عند الحنابلة[19].

 

الأدلة:

1- قوله تعالى: ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وجه الدلالة: ظاهر الآية يدل على أن مَنْ استقبل الجانب الذي فيه المسجد الحرام، فقد ولَّى وجهه شطره، سواء أصاب عين الكعبة أم لا، وهو المأمور به شرعاً.

 

2- ما جاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ)[20].

 

3- ما جاء عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: (بَيْنَا الناس بِقُبَاءٍ في صَلاَةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فقال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد أُنْزِلَ عليه اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وقد أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إلى الْكَعْبَةِ)[21]. وجه الدلالة: أنهم استداروا في الصلاة من غير طلب دليل القبلة، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على فعلهم، ولا يمكن أن يدركوا عين الكعبة على البديهة أثناء الصلاة، فإن إدراك عينها يحتاج إلى جهود هندسية دقيقة، كل ذلك يدل على أن المطلوب استقبال جهة الكعبة لا عينها، لمن لا يشاهدها.

 

4- ما جاء عن غَيْرِ وَاحِدٍ من أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: (ما بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ) منهم: عُمَرُ بن الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ، وابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم [22].

 

5- ما جاء في (سنن الترمذي): (قال ابن عمر رضي الله عنهما: إذا جَعَلْتَ الْمَغْرِبَ عن يَمِينِكَ، وَالْمَشْرِقَ عن يَسَارِكَ؛ فما بَيْنَهُمَا قِبْلَةٌ إذا اسْتَقْبَلْتَ الْقِبْلَةَ. وقال ابن الْمُبَارَكِ رحمه الله: ما بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ؛ هذا لأِهْلِ الْمَشْرِقِ. وَاخْتَارَ عبد اللَّهِ بن الْمُبَارَكِ التَّيَاسُرَ لأِهْلِ مَرْوٍ)[23].

 

♦ ما جاء عن أهل العلم في ذلك: قال المرغياني رحمه الله: (ومَنْ كان غائباً ففرضه إصابة جهتها، وهو الصحيح)[24]. وقال ابن عبد البر رحمه الله: (أن تكون الكعبة بحيث لا يراها، فيلزمه التوجه نحوها وتلقاءها)[25]. وقال ابن قدامة رحمه الله: (والفرض في القبلة: إصابة العين لمَنْ قَرُبَ منها، وإصابة الجهة لمَنْ بَعُدَ عنها)[26].

 

المسألة الثالثة: أحوال لا يشترط فيها استقبال القبلة:

هناك أحوال لا يشترط فيها استقبال القبلة، ولكل حالة منها عذرها الخاص، وهي على النحو التالي[27]:

1- حال المرض: المريض العاجز عن استقبال القبلة، ولم يجد مَنْ يساعده على التوجه يصلي إلى أيِّ جهةٍ، وتصحُّ صلاتُه.

 

2- حال الخوف: سواء خاف من عدو أو سيل أو سبع أو حريق أو نحو ذلك.

 

3- حال السفر: المسافر له أن يصلي النافلة حيث توجه، أما الفريضة فيلزمه استقبال القبلة، إلاَّ إذا عجز عن استقبالها، وخاف فوات الوقت فيصلي على حسب حاله.

 

♦ ما جاء عن أهل العلم في ذلك: قال الشيرازي رحمه الله: (استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة، إلاَّ في حالين: في شدة الخوف، وفي النافلة في السفر)[28]. وقال أيضاً: (وأما في شدة الخوف والتحام القتال، فيجوز أن يترك القبلة إذا اضطر إلى تركها، ويصلي حيث أمكنه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ﴾ [البقرة: 239]. قال ابن عمر رضي الله عنهما: (مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، أو غير مُسْتَقْبِلِيهَا)[29]؛ ولأنه فرض اضطر إلى تركه، فصلَّى مع تركه؛ كالمريض إذا عجز عن القيام)[30].

 

وقال ابن عبد البر رحمه الله: (ولا تجوز صلاةُ فريضةٍ إلى غير القبلة، إلاَّ أن يكون في شدة الخوف والمقاتلة)[31]. وقال أيضاً: (وللمسافر أن يتنفَّل راكباً حيثما توجهت به راحلته)[32]. وقال ابن قدامة رحمه الله: (وجملة ذلك: أنه إذا اشتد الخوف بحيث لا يتمكن من الصلاة إلى القبلة، أو احتاج إلى المشي، أو عجز عن بعض أركان الصلاة، إما لهرب مباح من عدو، أو سيل، أو سَبُعٍ، أو حريق، أو نحو ذلك، مما لا يمكنه التخلص منه إلاَّ بالهرب أو المسابقة أو التحام الحرب، والحاجة إلى الكرِّ والفرِّ والطعن والضرب والمطاردة، فله أن يصلي على حسب حاله راجلاً وراكباً، إلى القبلة إِن أمكن، أو إلى غيرها إن لم يمكن)[33].

 

وهذا من تيسير الله تعالى على عباده، ومن كمال الشريعة الإسلامية التي استوعبت جميع الحالات في جميع الأحوال، وراعت فيها الطوارئ والتقلُّبات بما يُحقق الاستقرار لأصحابها، ويدفع عنها المشقة والعنت.

 

المسألة الرابعة: موقف المأمومين عند الكعبة:

للمأمومين مع الإمام عدة أحوال حال وقوفهم في الصلاة حول الكعبة، ومن هذه الأحوال:

أولاً: وقوف الإمام خلف مقام إبراهيم والمأمومين خلفه: لا خلاف بين العلماء: في استحباب وقوف الإمام خلف مقام إبراهيم، ووقوف المأمومين خلفه مستديرين بالكعبة، بحيث يكون الإمام أقرب إلى الكعبة منهم، كما فعله ابن الزبير رضي الله عنهما[34].

 

ثانياً: تقدُّم المأمومين على الإمام في غير جهته: لا خلاف بين العلماء: في صحة صلاة المأمومين حال تقدمهم على الإمام في غير الجهة التي يُصَلِّي فيها، مستديرين حول الكعبة، بحيث يكونون أقرب إليها من الإمام[35].

 

ثالثاً: تقدُّم المأمومين على الإمام في جهته: اختلف العلماء: في صحة صلاة المأمومين إذا تقدَّموا على الإمام في جهته، على ثلاثة أقوال، والراجح: بطلان صلاتهم إلاَّ من عُذرٍ[36]، وهو مذهب الجمهور: أبي حنيفة[37]، والشافعيِّ في أصح قوليه[38]، وأحمد[39].

 

الدليل: ما جاء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)[40]. وجه الدلالة: إذا تقدَّم المأمومُ على إمامه لم يأتمَّ به، فلا يصح اقتداؤه به، ولا يكون تابعاً له، فصلاته باطلة إلاَّ من عُذْر.

 

المسألة الخامسة: الصلاة على سطح الكعبة:

اختلف العلماء: في جواز الصلاة على سطح الكعبة على قولين، والراجح: جواز الصلاة على ظهر الكعبة فريضة ونافلة، وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة، على تفصيلٍ في ذلك:

1- فأجاز الحنفيةُ الصلاةَ على ظهرها مع الكراهة؛ لما فيه من ترك تعظيم الكعبة[41].

2- واشترط الشافعية وجود سترة متصلة بالبيت[42].

3- وأجاز الحنابلة صلاة النفل دون الفريضة؛ بشرط استقبال شاخص من الكعبة عند البعض[43].

 

الأدلة:

1- قوله تعالى: ﴿ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة: ١٢٥]. وجه الدلالة: أن الأمر بتطهير البيت يدل على جواز الصلاة عليه.

 

2- قوله تعالى: ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وجه الدلالة: أن المصلي على سطح الكعبة ولَّى وجهه شطر الكعبة، وهو جهتها[44]، وهناك جدار مرتفع قليلاً على سطح الكعبة محيط بها، مما يغني عن السترة التي اشترطها الشافعية.

 

3- قوله تعالى: ﴿ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: ١٤٤]. وجه الدلالة: جواز الصلاة على سطح الكعبة، أو جوفها، أو ظهرها، أو بجانبها، أو أعلى أو أسفل منها؛ بشرط أن يُوَلِّي المصلي وجهَه شطرَ الكعبة.

 

4- ما جاء عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي الله عنهما؛ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا)[45]. وجه الدلالة: سطح الكعبة مسجد كجوفها، ومَنْ فَرَّق بينهما فيطالب الدليل.

 

5- جوز الحنابلة صلاة النفل دون الفريضة على سطح الكعبة، ولا دليل لهم على هذا التفريق، بل كلُّ موضع جازت فيه الفريضة جازت فيه النافلة، إلاَّ ما دلَّ الدليل على اختصاص النافلة به[46].

 

6- اشترط الشافعية وجود سترة متصلة بالبيت؛ لأن المعتبر عندهم في جواز التوجه إلى القبلة بناء الكعبة لا محلها، ولم يشترط ذلك الحنفية؛ لأن القبلة عندهم محل البناء إلى عناء السماء، والجدار الحالي المرتفع قليلاً على سطح الكعبة ينهي هذا الخلاف.

 

المسألة السادسة: الصلاة مرتفعاً أو منخفضاً عن الكعبة:

تصحُّ الصلاة في حال الارتفاع أو الانخفاض عن الكعبة، وهو قول جمهور العلماء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة.

 

♦ ما جاء عن أهل العلم في ذلك: قال السرخسي رحمه الله: (وبالاتفاق: مَنْ صلَّى على أبي قبيس[47] جازت صلاته، وليس بين يديه شيء من بناء الكعبة، فدل أنه لا مُعتبر للبناء)[48].

 

وقال النووي رحمه الله: (قال أصحابنا: لو وقف على أبي قبيس، أو غيره من المواضع العالية على الكعبة بِقُرْبِها[49]، صحَّت صلاته بلا خلاف؛ لأنه يُعَدُّ مستقبِلاً)[50].

 

قال ابن قدامة رحمه الله: (ولو صلَّى على جبلٍ عال يخرج عن مسامتة الكعبة، صحَّت صلاته، وكذلك لو صلَّى في مكان ينزل عن مسامتتها؛ لأن الواجب استقبالها وما يُسامتها من فوقها وتحتها، بدليل ما لو زالت الكعبة - والعياذ بالله - صحَّت الصلاة إلى موضع جدرانها)[51].

 

الأدلة:

1- لم يُعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل صلاة أحدٍ؛ لأجل انخفاض الأرض عن الكعبة، أو ارتفاعها.

 

2- أن سطح الأرض مختلف، فمنه المرتفع ومنه المنخفض، وأغلب المسلمين في أقطار المعمورة يصلون إما مرتفعين أو منخفضين عن الكعبة، والله تعالى ما جعل في الدِّين من حرج.



[1] انظر: التمهيد، لابن عبد البر (17/ 54)؛ نيل الأوطار، (2/ 175).

[2] انظر: بدائع الصنائع، (1/ 314)؛ المجموع، (3/ 189)؛ مواهب الجليل، (1/ 507)؛ المغني، (2/ 92).

[3] ومن العذر: المرض، وخوف العدو، وفي حالة العجز، وصلاة النافلة في السفر.

[4] رواه البخاري، (5/ 2307)، (ح5897)؛ ومسلم، (1/ 298)، (ح397).

[5] رواه البخاري، (1/ 157)، (ح395)؛ ومسلم، (1/ 375)، (ح526).

[6] رواه مسلم، (1/ 375)، (ح527).

[7] الاستذكار، (2/ 455)؛ وانظر: التمهيد، (17/ 54).

[8] بدائع الصنائع، (1/ 308).

[9] بداية المجتهد، (1/ 80).

[10] الدراري المضية، (ص95).

[11] انظر: بدائع الصنائع، (1/ 308)؛ الأم، (1/ 193)؛ الكافي في فقه أهل المدينة، (ص38)؛ المغني، (1/ 262).

[12] الأم، (1/ 93).

[13] الكافي في فقه أهل المدينة، (ص38).

[14] المغني، (1/ 262).

[15] تفسير القرطبي، (2/ 160).

[16] انظر: فتح القدير، (1/ 269)؛ بدائع الصنائع، (1/ 340).

[17] انظر: التاج والإكليل، (1/ 508)؛ حاشية قليوبي، (1/ 132).

[18] انظر: المجموع، (3/ 207).

[19] انظر: الإنصاف، (2/ 9)؛ كشاف القناع، (1/ 305).

[20] رواه الترمذي، (2/ 173)، (ح344) وقال: (حسن صحيح). وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي)، (1/ 203)، (ح344).

[21] رواه البخاري، (1/ 157)، (ح395)؛ ومسلم، (1/ 375)، (ح526).

[22] انظر: سنن الترمذي، (2/ 174).

[23] انظر: سنن الترمذي، (2/ 174ـ175).

[24] الهداية شرح البداية، (1/ 45).

[25] الكافي في فقه أهل المدينة، (1/ 38).

[26] الشرح الكبير، لابن قدامة (1/ 485).

[27] انظر: بدائع الصنائع، (1/ 314)؛ مغني المحتاج، (1/ 142)؛ مواهب الجليل، (1/ 507)؛ كشاف القناع، (1/ 307)؛ المحلى، (3/ 292).

[28] المهذب، (1/ 67).

[29] رواه البخاري، (4/ 1649)، (ح4261).

[30] المصدر السابق، (1/ 69).

[31] الكافي في فقه أهل المدينة، (1/ 38).

[32] المصدر نفسه، (1/ 39).

[33] المغني، (1/ 258).

[34] انظر: حواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح المنهاج، (1/ 303)؛ حاشية الروض المربع، لابن قاسم (2/ 335).

[35] انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، (2/ 281)؛ فتاوى ابن تيمية (23/ 404).

[36] انظر: مجموع الفتاوى، (23/ 404ـ405).

[37] انظر: بدائع الصنائع، (1/ 346)؛ فتح القدير، (2/ 152).

[38] انظر: المجموع، (3/ 300)؛ حواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح المنهاج، (1/ 303).

[39] انظر: كشاف القناع، (1/ 486)؛ شرح منتهى الإرادات، (1/ 263).

[40] رواه البخاري، (1/ 253)، (ح689)؛ ومسلم، (1/ 311)، (ح417).

[41] انظر: فتح القدير، (2/ 150)؛ المبسوط، للسرخسي (2/ 79).

[42] انظر: المهذب، (1/ 129)؛ المجموع، (3/ 197).

[43] انظر: المغني، (3/ 476)؛ شرح منتهى الإرادات، (1/ 157).

[44] انظر: تفسير القرطبي، (2/ 159).

[45] رواه البخاري، (1/ 128)، (ح328).

[46] انظر: التمهيد، (15/ 320)؛ سنن الترمذي، (3/ 223).

[47] هو جبل أبي قبيس، وهو جبل مرتفع يُشرف على الكعبة، مقابل ركن الحجر الأسود.

[48] المبسوط، (2/ 80).

[49] ومَنْ كان بعيداً عن الكعبة فهو أَولى.

[50] المجموع، (3/ 195).

[51] المغني، (1/ 263).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الكعبة معظمة عند الله تعالى
  • حديث صلاة النبي داخل الكعبة
  • شرح حديث عائشة رضي الله عنها: يغزو جيش الكعبة
  • بناء الكعبة ومرحلة المكث في الحجاز
  • استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة
  • باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها
  • بناء الكعبة

مختارات من الشبكة

  • أحكام الكعبة (PDF)(كتاب - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوقوف بعرفة وحكم التعريف بالأمصار: أحكام وأسرار(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب