• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات
علامة باركود

التكاليف الشرعية بين الرجل والمرأة

د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/7/2019 ميلادي - 8/11/1440 هجري

الزيارات: 48552

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التكاليف الشرعية بين الرجل والمرأة

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده.

 

الخطاب الشَّرعي في الإسلام جاء للنَّاس جميعاً، دون تمييز بين العرب والعجم، والبيض والسُّود، والرِّجال والنِّساء؛ لأنَّ الله تعالى أرسل نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم للنَّاس كافَّة. قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28]، وقال سبحانه: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158]، فمَنْ آمن من النَّاس كان أصل خطاب التَّكليف مُوَجَّهاً إليهم جميعاً - رجالاً ونساءً - على قدم المساواة إلاَّ ما خصَّه الشَّارع الحكِيم لحِكْمَةٍ يعلمها [1].

 

فالمساواة بين المرأة والرَّجل في التَّكاليف الشَّرعية هي الأصل، وذلك على العموم، وأمَّا ما يشذُّ عن هذه القاعدة من تخصيصٍ لأحدهما دون الآخر، أو تفصيل لإجمالٍ، فهو خاضع لمصلحةٍ يراها الشَّارع الحكيم، وذلك وفقاً لاختلاف التَّكوين بين الجنسين، واختلاف الأدوار المنوطة بكلٍّ منهما، ومراعاة الظُّروف والفروق بينهما.

 

إذاً هناك مساواة عادلة في التَّكاليف الشَّرعية بين الرِّجال والنِّساء، فما من تكليفٍ للرِّجال إلاَّ ويقابله تكليفٌ للنِّساء بجانبه، يساويه ويماثله في آيات كثيرة؛ فالمرأة كالرَّجل - تماماً - مُطالَبة بعبادة الله تعالى، وأداء فرائضه، واجتناب محارمه، والوقوف عند حدوده، وإقامة دينه، والدَّعوة إليه، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.

 

ويجب على النِّساء كذلك ما يجب على الرِّجال من القيام بأركان الإسلام، وهذا مجمع عليه، بل هو معلوم من دين الإسلام بالضَّرورة، إلاَّ أنَّ الصَّلاة تسقط عن المرأة زمن حيضها ونفاسها مطلقاً، فتتركها ولا تعيدها لكثرتها، وأمَّا الصِّيام فيسقط عنها في زمنه، وتقضي ما أفطرته من أيام رمضان، وأمَّا الحجُّ فيصحُّ منها في كلِّ حالٍ، ولكنَّها لا تطوف بالبيت الحرام إلاَّ وهي طاهرة، كلُّ ذلك رحمةٌ من الله بها، ولا يُنقص ذلك من أجرها شيئاً [2].

 

فكلٌّ من الرَّجل والمرأة مكلَّف استقلالاً بتكاليف الشَّريعة إلاَّ ما اسْتُثني فيه أحدهما، وفي ذلك يقول ابن القيِّم - رحمه الله: «فإنَّ مصلحةَ العبادات البدنيَّة ومصلحةَ العقوبات؛ الرِّجالُ والنِّساء مشتركون فيها، وحاجة أحد الصِّنفين إليها كحاجة الصِّنف الآخر، فلا يليق التَّفريق بينهما، نعم؛ فرَّقت بينهما في أليق المواضع بالتَّفريق وهو الجمعة والجماعة، فَخُصَّ وجوبُهما بالرِّجال دون النِّساء؛ لأنَّهنَّ لَسْنَ من أهل البروز ومخالطة الرِّجال، وكذلك فرَّقت بينهما في عبادة الجهاد التي ليس الإناثُ من أهلها، وسوَّت بينهما في وجوب الحجِّ؛ لاحتياج النَّوعين إلى مصلحته، وفي وجوب الزَّكاة والصِّيام والطَّهارة»[3].

 

أدلَّة المساواة في التَّكاليف الشَّرعية:

هناك دليلان يدلاَّن بجلاءٍ على أنَّ الأصل هو مساواة الرَّجل والمرأة في التَّكاليف الشَّرعية، وهما:

الدَّليل الأوَّل: مناط التَّكليف [4]:

مناط التَّكليف بأحكام الشَّريعة كون الإنسان بالغاً عاقلاً، وقد دلَّ على ذلك ما جاء عن عليٍّ - رضي الله عنه؛ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ»[5]

 

فإذا بلغ الإنسان - ذكراً أو أنثى - الحُلُمَ وكانت أقوالُه وأفعالُه جاريةً وفقاً للمألوف المعتاد بين النَّاس ممَّا يُستدلُّ به على سلامة عقله، حُكِمَ بتكليفه بأحكام الشَّريعة الإسلاميَّة؛ لتوفُّر مناطِ التَّكليف أو شرطِه وهو البلوغ والعقل، فالمكلَّف إذاً: هو البالغ العاقل دون غيره من صبيٍّ عاقل أو بالغٍ غير عاقل [6].

 

تحقُّق مناط التَّكليف في الرَّجل والمرأة:

إذا كان مناطُ التَّكليف والخطاب بأحكام الشَّريعة البلوغَ والعقلَ، فإنَّ المرأة يتحقَّق فيها هذا المعنى كما يتحقَّق في الرَّجل، وبناءً عليه: إذا بلغت الأنثى وكانت عاقلة، صارت مكلَّفة بتكاليف الشَّريعة ومخاطبة بأحكامها، وقد خاطب الشَّارع الحكيم كُلاً من الرَّجل والمرأة على حدٍّ سواء في القرآن الكريم، ومن ذلك ما يلي:

1- قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38].

 

2- قوله تعالى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2].

 

3- قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30-31].

 

4- قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36].

 

5- قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].

 

وجه الدَّلالة: دلَّت هذه الآيات على أنَّ النِّساء مخاطبات بما يُخاطَب به الرِّجال، ومكلَّفات بما كُلِّفوا به من معاني الإسلام والإيمان وأحكامهما، وكذا أحكام الشَّريعة وحدودها، لا فرق في ذلك كلِّه بينها وبين الرَّجل.

 

وفي مساواة المرأة للرَّجل في التَّكاليف الشَّرعية دليل دامغ وبيان ساطع على احترام الإسلام لعقل المرأة؛ إذ إنَّ العقل في الإسلام هو مناط التَّكليف، وهكذا أعلى الإسلامُ من قَدْر المرأة وكرَّمَها.

 

الدَّليل الثَّاني: عموم الشَّريعة [7]:

من أبرز خصائص الشَّريعة الإسلاميَّة العموم؛ بمعنى: أنها جاءت لعموم البشر؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158]، والمرأة داخلة في مفهوم لفظ «النَّاس» بلا خلافٍ بين العلماء [8].

 

قال ابن حزم - رحمه الله: «وكان رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مبعوثاً إلى الرِّجال والنِّساء بعثاً مستوياً، وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم للرِّجال والنِّساء خطاباً واحداً...»[9].

 

وقال أيضاً: «قد تيقنَّا أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مبعوث إليهنَّ - أي: إلى النِّساء - كما هو إلى الرِّجال، وأنَّ الشَّريعة التي هي شريعة الإسلام لازِمَةٌ لهنَّ كلزومها للرِّجال، وأيقنَّا أنَّ الخطاب بالعبادات والأحكام متوجِّه إليهنَّ كتوجُّهه إلى الرِّجال إلاَّ ما خَصَّهنَّ أو خَصَّ الرِّجالَ منهنَّ دليل، وكلُّ هذا يوجب ألاَّ يُفْرَدَ الرِّجالُ دونهنَّ بشيءٍ قد صحَّ اشتراك الجميع فيه، إلاَّ بنصٍ أو إجماع»[10].

 

مظاهر المساواة في التَّكاليف الشَّرعية:

لمَّا كانت النِّساء داخلات في خطاب الشَّارع الحكيم للرِّجال، اقتضى ذلك أنَّ كلَّ ما أمر الله تعالى به في كتابه العظيم وكلَّ ما ورد فيه من أحكامٍ موجَّه إلى النِّساء أيضاً ومطالبات به إلاَّ ما قام الدَّليل على عكسه؛ لذا أورد المولى سبحانه وتعالى آيات بعينها لتكون حجَّةً بالغةً ودليلاً دامغاً على اشتراك الرَّجل والمرأة في التَّكاليف الشَّرعية، ومن ذلك ما يلي:

 

أولاً: المساواة في العبادات والعمل الصَّالح:

ويتمثَّل ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].

 

فالآية الكريمة تؤكِّد على أنَّ النِّساء شقائق الرِّجال في تحمُّل المسؤوليَّة الشَّرعية، فقال سبحانه: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ أي: في المحبَّة والموالاة والانتماء والنُّصرة؛ بسبب ما جمعهم من أمرِ الدِّين وضَمَّهم من الإيمان بالله تعالى.

 

قال ابن عاشور - رحمه الله: «قوله: ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ مقابل قوله: في المنافقين: ﴿ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 67]، وعبَّر في جانب المؤمنين والمؤمنات بأنَّهم أولياء بعضٍ؛ للإشارة إلى أنَّ اللُّحمة الجامعة بينهم هي وَلاية الإسلام، فهم فيها على السَّواء، ليس واحد منهم مقلِّداً للآخَر، ولا تابعاً له على غير بصيرة، لما في معنى الوَلاية من الإشعار بالإخلاص والتَّناصر، بخلاف المنافقين فكأنَّ بعضَهم ناشئ من بعض في مذامِّهم»[11].

 

ثم ذكر الله تعالى خمسة تكاليف شرعيَّة اشترك فيها الرِّجال والنِّساء على قدم المساواة، وهي:

1- الأمر بالمعروف: وهو اسمٌ جامع لكلِّ ما عُرِفَ حُسْنُه من العقائد الحَسَنة، والأعمال الصَّالحة، والأخلاق الفاضلة.

 

2- النَّهي عن المنكر: وهو كلُّ ما خالف المعروفَ وناقضَه من العقائد الباطلة، والأعمال الخبيثة، والأخلاق الرَّذيلة.

 

3- إقامة الصَّلاة: المفروضة منها وغير المفروضة.

 

4- إيتاء الزَّكاة: وخصَّص إقامة الصَّلاة وإيتاء الزَّكاة بالذِّكر من جملة العبادات؛ لكونهما الرُّكنين العظيمين فيما يتعلَّق بالأبدان والأموال.

 

5- طاعة الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم: فهم لا يزالون ملازمين لطاعة الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم على الدَّوام، في كلِّ ما أُمروا به، ونُهوا عنه [12].

 

ثانياً: المساواة في الخطاب الشَّرعي:

فمن مظاهر المساواة في الخطاب الشَّرعي والتَّكاليف الواردة في القرآن العظيم ما يلي:

1- المساواة في غَضِّ البصر، وحفظ الفرج:

وقد اعْتُبِر ذلك صفةً إيمانيَّة مشتركة بينهما، فجاء النَّسَق القرآني للألفاظ متوازناً ومتساوياً في عباراته التي يُخاطب بها الرِّجال والنِّساء، قال سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30-31].

 

قال القرطبيُّ رحمه الله: «خَصَّ الله سبحانه وتعالى الإناث هنا بالخطاب على طريق التَّأكيد، فإنَّ قوله: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ يكفي؛ لأنَّه قولٌ عامٌّ يتناول الذَّكر والأُنثى من المؤمنين»[13].

 

وقال ابن عاشور رحمه الله: «أردفَ أمْرَ المؤمنين بأَمْرِ المؤمنات؛ لأنَّ الحِكْمَةَ في الأمرين واحدة، وتصريحاً بما تقرَّر في أوامر الشَّريعة المخاطب بها الرِّجال من أنَّها تشمل النِّساء أيضاً، ولكنَّه لمَّا كان هذا الأمر قد يُظَنُّ أنَّه خاصٌّ بالرِّجال لأنَّهم أكثر ارتكاباً لضدِّه، وقع النَّص على هذا الشُّمول بأمْرِ النِّساء بذلك أيضاً»[14].

 

2- المساواة في وجوب الانقياد لحُكْم الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم:

فيتوجَّب على كلِّ رجلٍ وامرأة أن ينقادا لحكم الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم فلا يخالفانه، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

قال الجصَّاص رحمه الله: «انتظمت الآية الدَّلالة على وجوب أوامر الله وأوامر الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم من وجهين: أحدهما: أنَّها نفت التَّخيير معهما، والثاني: أنَّ تارك الأمر عاصٍ لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم»[15].

 

وقال الشَّوكاني رحمه الله: «وجَمَعَ الضَّميرين في قوله: ﴿ لَهُمْ ﴾ و﴿ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾؛ لأنَّ ﴿ مُؤْمِن ﴾ و﴿ مُؤْمِنَة ﴾ وَقَعا في سياق النَّفي، فهما يعمَّان كلَّ مؤمنٍ ومؤمنة»[16].

 

3- المساواة في الآداب والأخلاق:

خاطب القرآنُ العظيم كُلًّا من الرَّجل والمرأة في النَّهي عن سيِّئ الأخلاق، في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11] [17]. «فنَصَّ على نهي الرِّجال، وعَطَفَ بنهي النِّساء»[18].

 

قال ابن عاشور رحمه الله: «خَصَّ النِّسَاءَ بالذِّكر مع أنَّ القوم يشملهم بطريق التَّغليب العرفي في الكلام، كما يشمل لفظُ «المؤمنات» في اصطلاح القرآن بقرينة مقام التَّشريع، فإنَّ أصلَه التَّساوي في الأحكام إلاَّ ما اقتضى الدَّليل تخصيص أحد الصِّنفين به؛ دفعاً لتوهُّم تخصيص النَّهي بسخرية الرِّجال إذ كان الاستسخار متأصِّلاً في النِّساء، فلأجل دفع التَّوهُّم النَّاشئ من هذين السَّيِّئين»[19].



[1] انظر: أثر المساواة في الفكر الإسلامي المعاصر (ص11).

[2] انظر: المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية (ص77-78).

[3] أعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 168).

[4] انظر: حقوق وواجبات المرأة في الإسلام، د. عبد الكريم زيدان (ص38).

[5] رواه أحمد في «المسند» (6/ 100)، (ح24738)؛ والدارمي في «سننه» (2/ 225)، (ح2296)؛ وأبو داود (4/ 141)، (ح4403)؛ وابن ماجه (1/ 658)، (ح2041)؛ والترمذي (4/ 32)، (ح1423)؛ وابن خزيمة في «صحيحه» (2/ 102)، (ح1003)؛ وابن حبان في «صحيحه» (1/ 355)، (ح142)؛ والحاكم في «المستدرك» (1/ 389)، (ح949)، وقال «صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي؛ وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3/ 56)، (ح4403).

[6] انظر: شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه، لمسعود بن عمر التفتازاني (2/ 156)؛ إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول، لمحمد بن علي الشوكاني (ص10).

[7] انظر: حقوق وواجبات المرأة في الإسلام (ص41).

[8] انظر: إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول (ص111).

[9]الإحكام في أصول الأحكام (3/ 337).

[10] المصدر نفسه (3/ 341-342).

[11] التحرير والتنوير (10/ 151-152).

[12] انظر: تفسير القرطبي (8/ 203)؛ تفسير الشوكاني (2/ 381)؛ تفسير السعدي (1/ 344).

[13] الجامع لأحكام القرآن (12/ 226).

[14] التحرير والتنوير (18/ 164).

[15] أحكام القرآن (5/ 230).

[16] فتح القدير (4/ 283).

[17] انظر: حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام، لمحمد الخلوف (ص58)؛ موقف القرآن الكريم من الدعوات المعاصرة لتحرير المرأة (ص51).

[18] تفسير ابن كثير (4/ 213).

[19] التحرير والتنوير (26/ 204).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية
  • الرحمة في التكاليف الشرعية
  • المرأة والرجل والتكاليف الشرعية
  • حق الرجل والمرأة في التملك والتصرفات المالية

مختارات من الشبكة

  • {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} دعاوى التفلت من التكاليف الشرعية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخروج عن التكاليف الشرعية عند الصوفية(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • رحمة الله بعباده في التكاليف الشرعية على ضوء سورة البقرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملاءمة التكاليف الشرعية للمكلف وأوجه الرحمة فيها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خطيبتي كثيرة التكاليف(استشارة - الاستشارات)
  • إشراقة الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • المساواة في الإنسانية والتكاليف الإيمانية بين الرجل والمرأة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لقد أصبحت الكماليات في العصر الحديث بلا ضوابط(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • إيجاز الكلام فيما تعلق بالتكاليف الشرعية من أحكام، وما اندرج فيها من أقسام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقليل تكاليف الزواج(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب