• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

الآثار السيئة للشح والبخل (خطبة)

الآثار السيئة للشح والبخل (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/10/2022 ميلادي - 16/3/1444 هجري

الزيارات: 11136

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآثارُ السَّيِّئَةُ لِلشُّحِّ والبُخْل

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد: سَبَقَ الحديثُ عن مظاهِرِ وأسبابِ الشُّحِّ والبُخْل، وفي هذه العُجالةِ سيكونُ الحديثُ عن الآثارِ السَّيِّئَةِ لِلشُّحِّ والبُخْل، وأضرارِهما وعواقبِهِما المُهْلِكَةِ على الفردِ والمُجتَمَع، ومِنْ تلك الآثارِ والعواقب:

1- النِّفَاقُ: قال تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 75-77]. والمعنى: أنَّ من المنافقين مَنْ عاهَدَ اللهَ، لَئِنْ أنعَمَ عليه ورَزَقَه؛ لَيَبْذُلَنَّ الصَّدَقةَ، ولَيُصْلِحَنَّ العملَ – وكان ذاك في وقتِ فَقْرِه وعُسرَتِه – فلمَّا استجابَ اللهُ له نَسِيَ عهدَه، وتنكَّر لوعدِه، وأدْرَكَهُ الشُّحُ والبُخْلُ فقَبَضَ يدَه، وتولَّى مُعرِضًا عن الوفاء بما عاهَدَ، فأعْقَبَهم اللهُ سبحانه نِفاقًا في قُلوبِهم.

 

2- الشَّقَاوَةُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ؛ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 5-10]» رواه البخاري.

 

والمعنى: أنَّ مَنْ تَرَكَ الإنْفاقَ الواجِبَ والمُسْتَحَبَّ، ولم تَسْمَحْ نَفْسُه بأداء ما وَجَبَ لله تعالى، واسْتَغْنَى عن اللهِ فتَرَكَ عُبودِيَّتَه، وكذَّبَ بما أوجَبَ اللهُ على العِبادِ مِنَ التَّصدِيق به؛ فسوف يُيَسِّرْ له سُلوكَ الطَّريقَةِ العُسْرَى المُؤَدِّيَةِ إلى الشَّقاءِ الأبَدِي؛ بأنْ يكون مُيَسَّرًا لِلشَّرِّ أيْنَما كان، ومُقَيَّضًا له أفعالُ المعاصي.

 

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى» رواه مسلم. وقال محمدُ بنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله: (كان يُقال: إذا أرادَ اللهُ بقومٍ شرًّا أمَّرَ اللهُ عليهم شِرارَهم، وجعلَ أرزاقَهم بأَيدِي بُخَلائِهِم).

 

3- الهَلاَكُ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ» رواه مسلم. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ؛ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا» صحيح – رواه أبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: «صَلَاحُ أَوَّلِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِالزُّهْدِ وَاليَقِينِ، وَيَهْلِكُ آخِرُهَا بِالبُخْلِ وَالأَمَلِ» حسن – رواه أحمد. قال الماوردي رحمه الله: (وَآفَةُ مَنْ بُلِيَ بِالجَمْعِ وَالِاسْتِكْثَارِ، وَمُنِيَ بِالإِمْسَاكِ وَالِادِّخَارِ: أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ حُبُّ المَالِ، وَبُعْدُ الأَمَلِ؛ فَيَبْعَثُهُ حُبُّ المَالِ عَلَى الحِرْصِ فِي طَلَبِهِ، وَيَدْعُوهُ بُعْدُ الْأَمَلِ عَلَى الشُّحِّ بِهِ. وَالحِرْصُ وَالشُّحُّ أَصْلٌ لِكُلِّ ذَمٍّ، وَسَبَبٌ لِكُلِّ لُؤْمٍ؛ لِأَنَّ الشُّحَّ يَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ الحُقُوقِ، وَيَبْعَثُ عَلَى القَطِيعَةِ، وَالعُقُوقِ).

 

وقد فَهِمَ ذلك الصَّحابِيُّ الجليلُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ رضي الله عنه؛ فعَنْ أَبِي الهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ رحمه الله قَالَ: (كُنْتُ أَطُوفُ بِالبَيْتِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ قِنِي شُحَّ نَفْسِي". لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: "إِنِّي إِذَا وُقِيتُ شُحَّ نَفْسِي؛ لَمْ أَسْرِقْ، وَلَمْ أَزْنِ، وَلَمْ أَفْعَلْ". وَإِذَا الرَّجُلُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه).

 

4- حِرْمَانُ النَّفْسِ: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ﴾ [محمد: 38]. أي: يَحْرِمُها الأَجْرَ والثَّوابَ، ويُكْسِبُها الإِثْمَ والعِقَابَ، ولَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئًا بِتَرْكِ الإنفاق. قال سلمانُ الفارِسيُّ رضي الله عنه: (إذا ماتَ السَّخِيُّ، قالتِ الأرضُ والحَفَظَةُ: رَبِّ تَجاوَزْ عن عَبْدِكَ في الدُّنيا بِسَخائِه، وإذا ماتَ البَخِيلُ قالت: اللَّهُمَّ احْجُبْ هذا العَبْدَ عن الجَنَّة، كما حَجَبَ عِبادَك عَمَّا جَعَلْتَ في يَدَيه مِنَ الدُّنيا).

 

5- البُغْضُ مِنَ اللهِ تعالى، ومَنِ النَّاس: قال ابنُ القيِّم رحمه الله: (والسَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ تعالى، ومِنْ خَلْقِه، ومِنْ أهلِه، وقريبٌ من الجَنَّة، وبعيدٌ من النار، والبَخِيلُ بعيدٌ من خلقِه، بَعيدٌ من الجنة، قَرِيبٌ من النَّار، فجُودُ الرَّجُلِ يُحَبِّبُه إلى أضْدَادِه، وبُخْلُه يُبَغِّضُه إلى أَوْلادِه). وقال الأصْمَعِيُّ رحمه الله: (سَمِعْتُ أعرابِيًّا - وقد وَصَفَ رَجُلاً فقال: لقد صَغُرَ فُلانٌ في عَينِي لِعِظَمِ الدُّنيا في عَيْنِه، وكأنَّما يرى السَّائِلَ مَلَكَ المَوتِ إذا أتاه). وَقَالَ يَحيى بنُ مٌعاذٍ رحمه الله: (ما فِي القَلْبِ لِلأَسْخِياءِ إِلاَّ حُبٌّ، ولو كانوا فُجَّارًا، ولِلبُخَلاءِ إِلاَّ بُغْضٌ ولو كانوا أَبْرارًا).

 

6- القَدْحُ فِي المُرُوءَةِ: فَلا يَكُونُ البَخِيلُ مَعْدودًا مِنَ الكُرَماءِ الفُضَلاء. قَالَ حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ الثَّقَفِيُّ: (قَعَدْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ - وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ – فَأَجْمَعُوا: أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ رَجُلًا صَالِحًا بَخِيلًا). وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ رحمه الله - فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: (كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ، وَلِسَانٍ وَبَيَانٍ، وَفَهْمٍ وَذَكَاءٍ وَحَزْمٍ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْسَبُ إلَى البُخْلِ، وَهُوَ دَاءٌ دَوِيٌّ يَقْدَحُ فِي المُرُوءَةِ).

 

7- تَرْكُ المُعَاشَرَةِ والخُلَّةِ: فالبَخِيلُ ليس له خَلِيلٌ، والنَّاسُ يَنْصَرِفون عن صُحْبَتِه ومُعامَلَتِه؛ بل كَثِيرٌ منهم يَضِيقُ بِلِقائِه، لِئَلاَّ يَتَضَرَّرَ بِخُلُقِه، أو يَتَطَبَّعَ بِخُلَّتِه. قال بِشْرُ الحَافِي رحمه الله: (النَّظَرُ إِلَى البَخِيلِ يُقَسِّي القَلْبَ، وَلِقَاءُ البُخَلَاءِ كَرْبٌ عَلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ). وقال أيضًا: (لَا تُزَوِّجْ البَخِيلَ وَلَا تُعَامِلُهُ، مَا أَقْبَحَ القَارِئَ أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا).

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... أيها المسلمون.. ومِنَ الآثارِ والعَواقِبِ السَّيِّئَةِ لِلشُّحِّ والبُخْل:

8- القَلَقُ والاِضْطِرَابُ: هذا البَخِيلُ؛ أَوْدَى به شُحُّهُ إلى الغَرَقِ في الآثامِ والرَّذائِل؛ صغيرِها وكبيرِها، ظاهِرِها وباطِنِها، فكانت عاقِبَتُه - في الدُّنيا قبل الآخِرَةِ – ضَنْكًا، قال الله سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾ [طه: 128]. قال ابنُ كثيرٍ رحمه الله: (قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (كُلُّ مَالٍ أَعْطَيْتُهُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - لَا يَتَّقِينِي فِيهِ؛ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُوَ الضَّنْكُ فِي المَعِيشَةِ). وقال القرطبيُّ رحمه الله: (وَالمُعْرِضُ عَنِ الدِّينِ، مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ الحِرْصُ، الَّذِي لَا يَزَالُ يَطْمَحُ بِهِ إِلَى الِازْدِيَادِ مِنَ الدُّنْيَا، مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ الشُّحُّ، الَّذِي يَقْبِضُ يَدَهُ عَنِ الإِنْفَاقِ، فَعَيْشُهُ ضَنْكٌ، وَحَالُهُ مُظْلِمَةٌ).

 

وقال ابنُ القَيِّم رحمه الله: (ولَمَّا كان البَخِيلُ مَحْبُوسًا عن الإِحْسان، مَمْنُوعاً عن البِرِّ والخَير، كان جَزاؤُه مِنْ جِنْسِ عَمَلِه؛ فهو ضَيِّقُ الصَّدْرِ، مَمْنوعٌ من الاِنْشِراحِ، ضَيِّقُ العَطَنِ، صَغِيرُ النَّفْسِ، قَلِيلُ الفَرَحِ، كَثِيرُ الهَمِّ والغَمِّ والحُزْنِ، لا يَكادُ تُقْضَى له حاجَةٌ، ولا يُعانُ على مَطْلُوب).

 

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ مَثَلاً لِلبَخِيلِ والمُتَصَدِّق- فشَبَّهَهُمَا بِرَجُلَين، أراد كُلُّ واحِدٍ مِنهما أنْ يَلْبَسَ دِرْعًا، يَسْتَتِرُ به مِنْ سِلاحِ عَدُوِّه -فقال: «مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنْفِقِ: كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ: فَلاَ يُنْفِقُ إِلاَّ سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ، وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ. وَأَمَّا الْبَخِيلُ: فَلاَ يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلاَّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلاَ تَتَّسِعُ» رواه البخاري ومسلم.

 

قال ابنُ القَيِّم رحمه الله: (فهو كَرَجُلٍ عليه جُبَّةٌ من حديدٍ قد جُمِعَتْ يَدَاه إلى عُنُقِه بحيث لا يَتَمَكَّنُ من إخراجِها ولا حَرَكَتِها، وكُلَّما أرادَ إخراجَها أو تَوسِيعَ تلك الجُبَّةِ لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ من حَلَقِها مَوضِعَها. وهكذا البخيلُ كُلَّمَا أرادَ أنْ يَتَصَدَّقَ مَنَعَه بُخْلُه فبَقِيَ قلبُه في سِجْنِه كما هو). وقال الخطابيُّ رحمه الله: (وَالمُرَادُ: أَنَّ الجَوَادَ إِذَا هَمَّ بِالصَّدَقَةِ؛ انْفَسَحَ لَهَا صَدْرُهُ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ، فَتَوَسَّعَتْ فِي الإِنْفَاقِ. وَالبَخِيلُ إِذَا حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالصَّدَقَةِ؛ شَحَّتْ نَفْسُهُ، فَضَاقَ صَدْرُهُ، وَانْقَبَضَتْ يَدَاهُ)؛ وما دامَتْ نَفْسُ الشَّحِيحِ كذلك، فهو في سِجْنٍ مِنْ حَدِيدٍ.

 

9- إِمْسَاكُ النِّعَمِ: فالبَخِيلُ يَمْنَعُ زَكاةَ مالِه شُحًّا وبُخْلاً، ويَبِيعُ ويَشْتَرِي بِالغِشِّ والتَّدْلِيسِ والكَذِب؛ حِرْصًا وطَمَعًا في الاسْتِكْثارِ مِنَ المال. وقد حَذَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذلك فقال: «وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ، إِلَّا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ القَطْرَ [أي: المَطَرَ]» صحيح – رواه البزار والحاكم. وقال أيضًا: «مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ [والسِّنِين: جَمْعُ سَنَةٍ؛ وهِي العَامُ المُقْحِطُ الذي لَمْ تُنْبِتِ الأرضُ فيه شيئًا، سواءٌ وَقَعَ مَطَرٌ، أو لَمْ يَقَعْ]» حسن - رواه الطبراني.

 

10- الفُرْقَةُ والتَّمَزُّقُ: الشَّحِيحُ لا يُمْكِن أنْ يُقَدِّمَ مَعُونَةً لِفَقِيرٍ أو مِسْكِين، ولا يَنْفَعُ بِجاهِه مُحْتاجًا، ولا يُسْعِفُ مَلْهُوفًا؛ تراهُ دائمًا يَهْتَمُّ بِنَفْسِه، ولا يُبالي بِغَيرِه، كأنَّ الأمرَ لا يَعْنِيه – مع أنه يَمْلِكُ المَلايين ورُبَّما أكثرَ – وما يَدْرِي أنَّ تَصَرُّفَه هذا تَتَوَلَّدُ منه الضَّغائِنُ، وتَكْثُرُ العَداواتُ، ويَنْقَطِعُ المعروفُ بينه وبين الناس، ثم لا تَسَلْ عن الشَّتَاتِ والأنَانِيَّةِ، واخْتِلاقِ المَعاذِيرِ المُخْجِلَةِ عنْ إِسْداءِ المعروف، إلاَّ لِمَصْلَحَةٍ يَرْجُوها، بِطَرِيقِ المُكافأة، ولِسانُ حالِ البَخِيل: ماذا سَأَسْتَفِيدُ إذا حَقَّقْتُ مَطْلَبَ فًلانٍ؟ إنْ هو إلاَّ رَجُلٌ بِهِ مِنَّةٌ!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشح والبخل: مظاهره وأسبابه (خطبة)
  • وأي داء أدوأ من البخل؟
  • غدا ستفرحون بالآثار (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ج18 ( شرح معاني الآثار )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الآثار: إحباط محاولة تهريب مخطوط أثري بمطار القاهرة(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الآثار الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الآثار السيئة لضعف الوازع الأخلاقي (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • موقف الإسلام من الآثار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الآثار السيئة لهجر العقلانيين للسنة (2)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الآثار السيئة لهجر العقلانيين للسنة (1)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الآثار السيئة للأحاديث الموضوعة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب