• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / مقالات
علامة باركود

مكارم الأخلاق

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/8/2010 ميلادي - 16/9/1431 هجري

الزيارات: 58363

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مكارِم الأخلاق مطلبٌ سامٍ، وهدف غالٍ، وأنشودة عذبة، يتغنَّى بها الناس على مرِّ القرون والعصور، وفي شتَّى الأقطار والدِّيار، وكانت العرب تتمادح بحُسن الهيئة، وطِيب الرائحة:

♦ قال الفرزدق:

بَنُو دَارِمٍ قَوْمِي تَرَى حُجُزَاتِهِمْ
عِتَاقًا حَوَاشِيهَا رِقَاقًا نِعَالُهَا
يَجُرُّونَ هُدَّابَ الْيَمَانِ كَأَنَّهُمْ
سُيُوفٌ جَلاَ الْأَطْبَاعَ عَنْهَا صِقَالُهَا

 

♦ وقال آخر:

مِنَ النَّفَرِ الشُّمِّ الَّذِينَ إِذَا اعْتَزَوْا
وَهَابَ الرِّجَالُ حَلْقَةَ الْبَابِ قَعْقَعُوا
جَلاَ الْإِذْفَرُ الْأَحْوَى مِنَ الْمِسْكِ فَرْقَهُ
وَطِيبُ الدِّهَانِ رَأْسَهُ فَهْوَ أَنْزَعُ

 

♦ وقال النابغة:

رِقَاقُ النِّعَالِ طَيِّبٌ حُجُزَاتُهُم
يُحَيَّوْنَ بِالرَّيْحَانِ يَوْمَ السَّبَاسِبِ
يُحَيِّيهُمُ بِيضُ الْوَلاَئِدِ بَيْنَهُمْ
وَأَكْسِيَةُ الْإِضْرِيجِ بَيْنَ الْمَشَاجِبِ
يَصُونُونَ أَجْسَادًا قَدِيمًا نَعِيمُهَا
بِخَالِصِةِ الْأَرْدَانِ خُضْرِ الْمَنَاكِبِ
وَلاَ عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ
بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

 

شعر وشعراء

♦ قال أبو الأسود الدؤلي:

وَمَا كُلُّ ذِي لُبٍّ بِمُؤْتِيكَ نُصْحَهُ
وَلاَ كُلُّ مُؤْتٍ نُصْحَهُ بِلَبِيبِ
وَلَكِنْ إِذَا مَا اسْتَجْمَعَا عِنْدَ صَاحِبٍ
لِحَقٍّ لَهُ مِنْ طَاعَةٍ بِنَصِيبِ

 

♦ سمع سليمان بن عبدالملك مغنيًا في عسكره، فقال: اطلبوه فجاؤوا به فقال: أعد علي ما تغنيت به، فغنى واحتفل - وكان سليمان أغير الناس - فقال لأصحابه كأنها والله جرجرة الفحل في الشول، وما أحسب أنثى تسمع هذا إلا صبت، وأمر به فخصي.

 

♦ وقال أبو تمام:

وَيَلْبَسُ أَخْلاَقًا كِرَامًا كَأَنَّهَا
عَلَى الْعِرْضِ مِنْ فَرْطِ الْحَصَانَةِ أَدْرُعُ

 

♦ قال عبدالله بن الحسن لابنه محمَّد حين أراد الاستخفاء: أي بُنيّ، إني مؤدٍّ إليك حقَّ الله في حُسن تأديبك، فأدِّ إلى حقَّ الله في حسن الاستماع، أي بنيّ، كفَّ الأذى، وارفض البذا، واستعنْ على الكلام بطول الفكر في المواطن التي تدعوك فيها نفسُك إلى القول، فإنَّ للقول ساعات يضرُّ فيها خطؤه، ولا ينفع صوابُه، احذرْ مشورة الجاهل، وإن كان ناصحًا كما تحذر مشورةَ العاقل وإن كان غاشًّا، فإنَّه يوشِك أن يورطَّاك بمشورتهما، فيسبق إليك مكرُ العاقل، وتوريط الجاهل.

 

دعاء:

اللهم ثبِّتْنا على الإيمان، واهدنا إلى سواء السبيل.

اللهمَّ انصرنا على القوم الكافرين، اللهمَّ إنا نعوذ بك من مضلاَّت الفِتن، وموجبات النِّقم، ربنا آتِنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.

 

♦ قال المتلمِّس الضبعي:

احْفَظْ نَصِيحَةَ مَنْ بَدَا لَكَ نُصْحُهُ
وَكَذَاكَ رَأْيُ الْحُرِّ جَهْدَكَ فَاقْبَلِ

 

♦ قال المتنبي:

إِذَا سَاءَ فِعْلُ الْمَرْءِ سَاءَتْ ظُنُونُهُ
وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّمِ
وَعَادَى مُحِبِّيهِ بِقَوْلِ عُدَاتِهِ
وَأَصْبَحَ فِي لَيْلٍ مِنَ الشَّكِّ مُظْلِمِ
أُصَادِقُ نَفْسَ الْمَرْءِ مِنْ قَبْلِ جِسْمِهِ
وَأَعْرِفُهَا فِي فِعْلِهِ وَالتَّكَلُّمِ
وَأَحْلُمُ عَنْ خِلِّي وَأَعْلَمُ أَنَّهُ
مَتَى أَجْزِهِ حِلْمًا عَلَى الْجَهْلِ يَنْدَمِ
فَأَحْسَنُ وَجْهٍ فِي الْوَرَى وَجْهُ مُحْسِنٍ
وَأَيْمَنُ كَفٍّ فِيهِمُ كَفُّ مُنْعِمِ
وَأَشْرَفُهُمْ مَنْ كَانَ أَشْرَفَ هِمَّةً
وَأَكْثَرَ إِقْدَامًا عَلَى كُلِّ مُعْظَمِ

 

♦ وقال الحُسين بن مطير:

أُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلاَقِ جَهْدِي
وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
وَأَصْفَحَ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا
وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السِّبَابَا
وَمَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّبُوهُ
وَمَنْ حَقَرَ الرِّجَالَ فَلَنْ يُهَابَا

 

♦ يقال: مَن كسا الحياء ثوبه، سُتِر عن العيون عيبُه.

 

♦ وقال الحسين بن مطير:

رَأَتْ رَجُلاً أَوْدَى بِوَافِرِ لَحْمِهِ
طِلاَبُ الْمَعَالِي وَاكْتِسَابُ الْمَكَارِمِ
خَفِيفَ الْحَشَا ضَرْبًا كَأَنَّ ثِيَابَهُ
عَلَى قَاطِعٍ مِنْ جَوْهَرِ الْهِنْدِ صَارِمِ
فَقُلْتُ لَهَا: لاَ تَعْجَبِينَ فَإِنَّنِي
أَرَى سِمَنَ الْفِتْيَانِ إِحْدَى الْمَشَائِمِ

 

♦ خَطَب بلالُ بن أبي بُرْدة بالبصرة، فقال: أيها الناس، لا يمنعنَّكم سوءُ ما تعلمون منَّا أن تقبلوا أحسنَ ما تسمعون منَّا.

 

♦ قال قعنب ابن أم صاحب:

صُمٌّ إِذَا سَمِعُوا خَيْرًا ذُكِرْتُ بِهِ
وَإِنْ ذُكِرْتُ بِسُوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنُوا
فَطَانَةٌ فَطِنُوهَا لَوْ تَكُونُ لَهُمْ
مُرُوءَةٌ أَوْ تُقًى لِلَّهِ مَا فَطِنُوا
إِنْ يَسْمَعُوا سَيِّئًا طَارُوا بِهِ فَرَحًا
مِنِّي وَمَا سَمِعُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا

 

♦ قيل لبعضهم: أيُّ ولدك أحبُّ إليك؟ قال: صغيرُهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يبرأ، وغائبهم حتى يَقدَم.

 

♦ قال محمَّد بن عبدالله بن طاهر - وقيل: إنها لمحمود الورَّاق:

لَعَمْرُكَ مَا بِالْعَقْلِ يُكْتَسَبُ الْغِنَى
وَلاَ بِاكْتِسَابِ الْمَالِ يُكْتَسَبُ الْعَقْلُ
وَكَمْ مِنْ قَلِيلِ الْمَالِ يُحْمَدُ فَضْلُهُ
وَآخَرُ ذُو مَالٍ وَلَيْسُ لَهُ فَضْلُ
وَمَا سَبَقَتْ مِنْ جَاهِلٍ قَطُّ نِعْمَةٌ
إِلَى أَحَدٍ إِلاَّ أَضَرَّ بِهَا الْجَهْلُ
وَذُو اللُّبِّ إِنْ لَمْ يُعْطِ أَجْمَلْتَ قَوْلَهُ
وَإِنْ هُوَ أَعْطَى زَانَهُ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ

 

♦ قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الدنيا العافية، والشباب الصِّحَّة، والمروءة الصبر، والكرم التقوى، والحَسَب المال.

 

♦ وأنشد أبو محلم لرجل من ولد طلبة بن قيس بن عاصم:

وَكُنْتُ إِذَا خَاصَمْتُ خَصْمًا كَبَبْتُهُ
عَلَى الْوَجْهِ حَتَّى خَاصَمَتْنِي الدَّرَاهِمُ
فَلَمَّا تَنَازَعْنَا الْخُصُومَةَ غَلَّبَتْ
عَلَيَّ وَقَالُوا قُمْ فَإِنَّكَ ظَالِمُ

 

♦ كان أبو ذر يقول: اللهمَّ أمتعنا بخيارنا، وأعِنَّا على شرارنا.

 

♦ مرَّ عمر بن عبدالعزيز برجل يُسبِّح بالحصى، فإذا بلغ المائة عَزَل حصاة، فقال له عمر: ألقِ الحصى، وأخْلِص الدُّعاء.

 

♦ قال محمَّد بن علي بن عبدالله بن عباس لابنه: يا بنيّ، إذا أنعم الله عليك نِعمةً فقل: الحمد لله، وإذا حَزَبك أمرٌ فقل: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بالله، وإذا أبطأ عنك رِزقٌ فقل: أستغفر الله.

♦ قال عبدالله بن محمد:

تَأَمَّلْ بِعَيْنَيْكَ هَذَا الْأَنَامَ
وَكُنْ بَعْضَ مَنْ صَانَهُ نُبْلُهُ
فَحِلْيَةُ كُلِّ فَتًى فَضْلُهُ
وَقِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ
وَلاَ تَتَّكِلْ فِي طِلاَبِ الْعُلاَ
عَلَى نَسَبٍ ثَابِتٍ أَصْلُهُ

 

♦ وقال بعض الشعراء:

فَتًى مِثْلُ صَفْوِ الْمَاءِ لَيْسَ بِبَاخِلٍ
بِشَيْءٍ وَلاَ مُهْدٍ مَلاَمًا لِبَاخِلِ
وَلاَ قَائِلٍ عَوْرَاءَ تُؤْذِي جَلِيسَهُ
وَلاَ رَافِعٍ رَأْسًا بِعَوْرَاءَ قَائِلِ
وَلاَ مُظْهِرٍ أُحْدُوثَةَ السُّوءِ مُعْجَبًا
بِإِعْلاَنِهَا فِي الْمَجْلِسِ الْمُتَقَابِلِ

 

♦ قال عبدالله بن عمرو بن العاص: أربع إن أعطيتهنَّ، فلا يضرُّك ما عَدَل به عنك من الدنيا: حُسْن خُلُق، وعفاف طُعْمة، وصِدق حديث، وحِفْظ أمانة.

 

طرائف:

♦ قال إبراهيم المَوْصلي لأسباط الشَّيْباني: صِفْ لي الإخوةَ وأوْجِز، فقال: أغصانٌ تُغرَس في القلوب، فتُثمر على قدر العقول.

 

♦ قال زيد بن ثابت: ثلاث خِصال لا تجتمع إلاَّ في كريم: حُسْن المحضر، واحتمال الزلَّة، وقلَّة الملالة.

 

♦ قال عبدالملك بن مرْوان: إني لأعرف عِزَّة الرجل في جلسته.

 

♦ قال بعضهم:

يَزِينُ الْفَتَى فِي النَّاسِ صِحَّةُ عَقْلِهِ
وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا عَلَيِهِ مَكَاسِبُهْ
وَشَيْنُ الْفَتَى فِي النَّاسِ قِلَّةُ عَقْلِهِ
وَإِنْ كَرُمَتْ آباؤُهُ وَمَنَاسِبُهْ

 

♦ قال الحسن بن وهب: كاتبْ رئيسَك بما يستحقُّه، ومَن دونك بما يستوجب، وكاتبْ صديقَك بما تكاتب به حبيبَك.

 

♦ قال لقمان لابنه: يا بنيّ، إيَّاك والكسلَ والضجر، فإنك إذا كسلتَ لم تؤدِّ حقًّا، وإذا ضجرتَ لم تصبر على حقّ.

 

♦ قيل لخالد بن يزيد بن معاوية: ما أقربُ شيء؟ قال: الأجَل، قيل له: فما أبعدُ شيء؟ قال: الأمل، قيل له: فما أوحشُ شيء؟ قال: الميِّت، قيل له: فما آنسُ شيء؟ قال: الصاحِب المواتي.

 

♦ وقدِم وفدٌ على معاوية، فقال لهم: ما تعدُّون المروءة؟ قالوا: العفاف، وإصلاح المعيشة، قال: اسمع يا يزيد.

 

♦ قيل لعبدالملك بن مرْوان: أكان مُصْعب بن الزُّبَير يشرب الطلاء؟ فقال: لو علم مصعب أنَّ الماء يُفسِد مروءتَه ما شَرِبه.

 

♦ قال سهل بن هارون: مَن ثَقُل عليك بنفسه، وغمَّك بسؤاله، فأعرْه أذنًا صمَّاء، وعينًا عمياء.

 

♦ دخل مجوسيٌّ على والٍ، فقال: ما اسمك؟ قال: يزدان اذان، قال: اسمان وجزية واحدة! لا يكون ذلك، وألْزَمه جزيتَين.

 

♦ قال هدبة العذري:

وَلَسْتُ بِمِفْرَاحٍ إِذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي
وَلاَ جَازِعٍ مِنْ صَرْفِهِ الْمُتَقَلِّبِ
وَلاَ أَتَمَنَّى الشَّرَّ وَالشَّرُّ تَارِكِي
وَلَكِنْ مَتَى أُحْمَلْ عَلَى الشَّرِّ أَرْكَبِ
وَيَعْتَدُّهُ قَوْمٌ كَثِيرٌ تِجَارَةً
وَيَمْنَعُنِي مِنْ ذَاكَ دِينِي وَمَنْصِبِي
فَإِنَّ مَسِيرِي فِي الْبِلاَدِ وَمَنْزِلِي
لِبَالْمَنْزِلِ الْأَقْصَى إِذَا لَمْ أُقَرَّبِ

 

♦ قال الحسن: الرجال ثلاثة: رجل بنفسه، ورجل بلِسانه، ورجل بماله.

 

♦ قال أبو عمرو بن العلاء: خذِ الخيرَ من أهله، ودعِ الشرَّ لأهله.

 

♦ قال أبو العتاهية:

كَمْ مِنْ مُؤَخِّرِ غَايَةٍ قَدْ أَمْكَنَتْ
لِغَدٍ وَلَيْسَ غَدٌ لَهَا بِمُوَاتِ
حَتَّى إِذَا فَاتَتْ وَفَاتَ طِلاَبُهَا
ذَهَبَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ حَسَرَاتِ
تَأْتِي الْمَكَارِهُ حِينَ تَأْتِي جُمْلَةً
وَأَرَى السُّرُورَ يَجِيءُ فِي الْفَلَتَاتِ

 

♦ قال ابن المقفَّع: لا يعجبك إكرامُ مَن يُكرمك لمنزلة أو سلطان، فإنَّ السلطة أوشكُ أمور الدنيا زوالاً، ولا يعجبنَّك إكرامهم إيَّاك للنسب، فإنَّ الأنساب أقلُّ مناقب الخير غناءً عن أهلها في الدِّين والدنيا، ولكن إذا أُكرمتَ على دِين أو مروءة فذلك، فليعجبك، فإنَّ المروءة لا تُزايلك في الدنيا، والدِّينُ لا يزايلك في الآخرة.

 

حِكمة:

لا تحقرنَّ شيئًا من الخير وإن كان صغيرًا، فإنَّك إذا رأيتَه سرَّك مكانُه، ولا تحقرنَّ شيئًا من الشرِّ وإن كان صغيرًا، فإنَّك إذا رأيتَه ساءك مكانُه.

 

♦ قال المأمون لمحمد بن عبادة المهلبي: أنت مِتْلاف، فأجاب: مَنْع الجودِ سوءُ ظنٍّ بالمعبود، يقول الله عز وجل:﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

 

♦ قال لقمان الحكيم: كَذَب مَن قال: إنَّ الشرَّ يُطفأ بالشرّ، فإن كان صادقًا فليوقدْ نارين، ولينظرْ هل تطفئ إحداهما الأخرى؟! وإنما يطفئ الخيرُ الشرَّ، كما يطفئ الماءُ النار.

 

♦ قال معاوية بن أبي سفيان لزياد حين ولاَّه العراق: ليكن حبُّك وبغضُك معتدلاً، فإنَّ العِشرة فيها كامنة، واجعلْ للنزوع والرُّجوع بقيَّةً من قلبك، واحذرْ صولةَ الانهماك، فإنَّها إلى الهلاك.

 

♦ سأل أحد الملوك وزيرَه: ما خير ما يُرزَقه الإنسان؟ قال: عقلٌ يعيش به، قال: فإن عدمه؟ قال: أدبٌ يتحلَّى به، قال: فإن عدمه؟ قال: فصاعِقة تَحْرِقه وتُريح منه العِباد والبلاد.

 

♦ قال علي - رضي الله عنه -: ما أزهدَ كثيرًا من الناس في الخير! عجبتُ لرجل يأتيه أخوه في حاجة فلا يرى نفسَه أهلاً للخير، فلو كنَّا لا نرجو جَنَّة، ولا نخاف من نار، ولا ننتظر ثوابًا، ولا نخشى عقابًا، لكان ينبغي لنا أن نطلبَ مكارِم الأخلاق.

 

♦ سُئِل بعضُ الحكماء: ما الذي لا يَحْسُن أن يقال، وإن كان حقًّا؟ قال: مَدْحُ المرء لنفسه.

 

♦ قال بعض الحكماء: مَن أظهر شكرَك فيما لم تأتِه، فاحذرْ أن يكفر نعمتَك فيما أتيتَه.

 

♦ قال المتوكِّل يومًا لأبي العيناء: إنَّ سعيد بن عبدالملك يضحك منك، فأجاب أبو العيناء: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ﴾ [المطففين: 29].

 

♦ قال شبيب بن شيبة: الأريب العاقل، هو الفَطِن المتغافِل.

 

♦ وقال الشاعر:

لَيْسَ الْغَبِيُّ بِسَيِّدٍ فِي قَوْمِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَوْمِهِ الْمُتَغَابِي

 

♦ رأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً مُقنَّعًا، فقال له: كان لقمان الحكيم يقول: القِناع رِيبة بالليل، وذلٌّ بالنهار، فقال الرجل: لقمان الحكيم لم يكن عليه دَيْن.

 

♦ وقال الحسين بن علي بن عبدالواحد النصيبيُّ النديم:

وَمُحْتَرِسٍ مِنْ نَفْسِهِ خَوْفَ زَلَّةٍ
تَكُونُ عَلَيْهِ حُجَّةً وَهْيَ مَا هِيَا
يَصُونُ عَنِ الْفَحْشَاءِ نَفْسًا كَرِيمَةً
أَبَتْ شَرَفًا إِلاَّ الْعُلَى وَالْمَعَالِيَا
صَبُورٍ عَلَى رَيْبِ الزَّمَانِ وَصَرْفِهِ
كَتُومٍ لِأَسْرَارِ الْفُؤُادِ مُدَارِيَا
لَهُ هِمَّةٌ تَعْلُو عَلَى كُلِّ هِمَّةٍ
كَمَا قَدْ عَلاَ الْبَدْرُ النُّجُومَ الدَّرَارِيَا

 

♦ قال أكثمُ بن صيفي: تباعدوا في الدِّيار، تقاربوا في المودة، وقال عمرو بن العاص: ثلاثةٌ لا أمَّلُّهم: جليسي ما فَهِم عنِّي، ودابَّتي ما حملتْ رحلي، وثوبي ما ستَرَني.

 

♦ كان يقال: كَدَر الجماعة خيرٌ من صفو الفُرْقة.

 

♦ قال الفُضَيل بن عِياض: نعمتِ الهديَّة الكلمةُ الطيِّبة، يحفظها الرجل حتى يلقيَها لأخيه.

 

♦ وقال علي - رضي الله عنه -:

أَخُوكَ الَّذِي إِنْ أَحْوَجَتْكَ مُلِمَّةٌ
مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَبْرَحْ لَهَا الدَّهْرَ وَاجِمَا
وَلَيْسَ أَخُوكَ الْحَقُّ مَنْ إِنْ تَشَعَّبَتْ
عَلَيْكَ أُمُورٌ ظَلَّ يَلْحَاكَ لاَئِمَا

 

♦ قال المغيرة بن شُعبة: كان عمر أفضلَ مِن أن يَخْدع، وأعقلَ مِن أن يُخْدَع.

 

♦ قال زيادُ بن أبيه: لا يعدمنَّك من الجاهل كثرةُ الالتفات، وسرعة الجواب.

 

♦ وقالوا: أمران لا ينفكَّان من الكَذِب: كثرة المواعيد، وشدَّة الاعتذار.

 

♦ كان عبدالملك بن الحجَّاج بن يوسف يقول: لأنَا للعاقل المدبِر أرْجى مني للأحمق المقبِل.

 

♦ قيل: ومِن أبْخلِ البخل تركُ ردِّ السلام.

 

♦ وقال عمرو بن علي:

إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ
فَخَيْرٌ مِنْ إِجَابِتِهِ السُّكُوتُ
سَكَتُّ عَنِ السَّفِيهِ فَظَنَّ أَنِّي
عَيِيتُ عَنِ الْجَوَابِ وَمَا عَيِيتُ

 

♦ وفي المثل: لا تكن حلوًا فتُزدرد، ولا مرًّا فتُلفظ.

 

♦ قال ابن عُيينة: ليس أقول لكم إلاَّ ما سمعت، قيل لابن المنكدر: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إدخالُ السرور على المؤمِن، وقيل: أيُّ الدنيا أحبُّ إليك؟ قال: الإفْضال على الإخوان.

 

♦ قال ابن عباس: ثلاثةٌ لا أُكافئهم، رجل بدأَني بالسلام، ورجل وسَّع لي في المجلس، ورجل اغبرَّتْ قدماه في المشي إلى إرادةِ التسليم عليّ، فأمَّا الرابع فلا يكافئه عني إلا الله - عز وجل - قيل: ومَن هو؟ قال: رجل نزل به أمرٌ فبَات ليلتَه يُفكِّر بمن ينزله، ثم رآني أهلاً لحاجته، فأنزلها بي.

 

♦ قال حماد عجرد:

إِنَّ الْكَرِيمَ لَيُخْفِي عَنْكَ عُسْرَتَهُ
حَتَّى تَرَاهُ غَنِيًّا وَهْوَ مَجْهُودُ
إِذَا تَكَرَّهْتَ أَنْ تُعْطِي الْقَلِيلَ وَلَمْ
تَقْدِرْ عَلَى سَعَةٍ لَمْ يَظْهَرِ الْجُودُ
وَلِلْبَخِيلِ عَلَى أَمْوَالِهِ عِلَلٌ
زُرْقُ الْعُيُونِ عَلَيْهَا أَوْجُهٌ سُودُ
أَوْرِقْ بِخَيْرٍ تُرَجَّى لِلنَّوَالِ فَمَا
تُرْجَى الثِّمَارُ إِذَا لَمْ يُورِقِ الْعُودُ
بُثَّ النَّوَالَ وَلاَ تَمْنَعْكَ قِلَّتُهُ
فَكُلُّ مَا سَدَّ فَقْرًا فَهْوَ مَحْمُودُ

 

♦ أوصى عمير بن حبيب بَنيه، فقال: يا بَنيّ، إيَّاكم ومخالطةَ السفهاء، فإنَّ مجالستهم داء، وإنه مَن يَحْلُم عن السفيه يُسرَّ بحلمه، ومَن يُجبه يندم، ومن لا يقرَّ بقليل ما يأتي به السفيه يقرَّ بالكثير، وإذا أراد أحدُكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر فليوطِّن قبل ذلك نفسَه على الأذى، وليوقنْ بالثواب من الله - عزَّ وجلَّ - إنَّه مَن يوقنْ بالثواب من الله - عز وجل - لا يجد مسَّ الأذى.

 

♦ قال سالم بن وابصة الأسدي:

أُحِبُّ الْفَتَى يَنْفِي الْفَوَاحِشَ سَمْعُهُ
كَأَنَّ بِهِ عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَقْرَا
سَلِيمَ دَوَاعِي الصَّدْرِ لاَ بَاسِطًا أَذًى
وَلاَ مَانِعًا خَيْرًا وَلاَ نَاطِقًا هُجْرَا
إِذَا مَا أَتَتْ مِنْ صَاحِبٍ لَكَ زَلَّةٌ
فَكُنْ أَنْتَ مُحْتَالاً لِزَلَّتِهِ عُذْرًا
غِنَى النَّفْسِ مَا يَكْفِيهِ مِنْ سَدِّ خَلَّةٍ
وَإِنْ زَادَ شَيْئًا عَادَ ذَاكَ الْغِنَى فَقْرًا

 

حلم عن السفاهة:

شَتَم رجل الوليد بن أبي خيرة، فقال الوليد: هي صحيفتُك فأمْلِ فيها ما شِئت.

 

♦ قال سليمان بن عبدالملك: قد ركِبْنا الفارِهَ، وتبطَنَّا الحسناء، ولبسْنا الليِّن، حتى استخشنَّاه، وأكلْنا الطيِّب حتى أجمناه، فما أنا اليوم إلى شيء أحوجُ مني إلى جليس يضع عنِّي مؤنةَ التحفُّظ.

 

♦ قال أبو الحسن المدائني: كانتْ بنو أمية لا تَقبل الراويةَ إلاَّ أن يكون راويةً للمراثي، قيل: ولِمَ ذاك؟ قيل: لأنها تدلُّ على مكارِم الأخلاق.

 

♦ قال عُتْبة بن هارون: قلت لرُؤبة بن العجَّاج: كيف خلفتَ ما وراءك؟ قال: التراب يابِس، والمرعى عابِس.

 

♦ قال الجاحظ: رأيتُ رجلاً يروح ويغدو في حوائجِ الناس، فقلت له: قد أتعبتَ بذلك بدَنَك، وأخلقتَ ثِيابك، وأعجفت بِرْذونَك، وقتلت غلامَك، فما لك راحة ولا قرار، فلو اقتصدتَ بعض الاقتصاد، فقال: سمعتُ تغريدَ الأطيار، فما طربتُ طربي لنغمةِ شاكر أوليتُه معروفًا، أو سعيتُ له في حاجة.

 

♦ قال عمر بن عبدالعزيز: ما قوم أشبه بالسلف مِن الأعراب، لولا جفاءٌ فيهم.

 

* قال الأصمعي: أبرعُ بيت قالتْه العرب بيت أبي ذؤيب الهُذلي:

وَالنَّفْسُ رَاغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَهَا
وَإِذَا تُرَدُّ إِلَى قَلِيلٍ تَقْنَعُ

 

♦ قال سليمان بن عبدالملك بن مرْوان لأبي حازم الواعظ: سلْ حوائجك، فقال: قد رفعتُها إلى مَن لا تخذل الحوائج دونه.

 

♦ قال أعشى همدان في خالد بن عتاب بن ورقاء:

فَإِنْ يَكُ عَتَّابٌ مَضَى لِسَبِيلِهِ
فَمَا مَاتَ مَنْ يَبْقَى لَهُ مِثْلُ خَالِدِ

 

♦ يقال: القَرابة محتاجة إلى المودَّة، والمودَّة أقربُ الأنساب.

 

♦ كتب عمر بن الخطَّاب إلى أبي موسى - رضي الله عنهما -: مرْ ذوي القَرابات أن يتزاوروا، ولا يتجاوروا.

 

♦ ومن الآداب الجميلة في المماشاة والمسايرة هذه الحِكاية: وجَّه هشام بن عبدالملك ابنَه في غزوة، ووجَّه معه ابن أخيه، وأوْصى كلَّ واحد منهما بصاحبه، فلمَّا قدِمَا عليه، قال لابن أخيه: كيف رأيتَ ابنَ عمِّك؟ فقال: إن شئتَ أجملتُ، وإن شئتَ فسرتُ، قال: بل أجمل، قال: عرضتْ بيننا جادة، فتركَها كلُّ واحد منَّا لصاحبه، فما ركبناها حتى رجعْنا إليك.

 

♦ قال تأبط شرًّا:

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَحْتَلْ وَقَدْ جَدَّ جِدُّهُ
أَضَاعَ وَقَاسَى أَمْرَهْ وَهْوَ مُدْبِرُ
وَلَكِنْ أَخُو الْحَزْمِ الَّذِي لَيْسَ نَازِلاً
بِهِ الْأَمْرُ إِلاَّ وَهْوَ لِلْقَصْدِ مُبْصِرُ

 

♦ وقال كُثَيِّر:

تَرَى الْقَوْمَ يُخْفُونَ التَّبَسُّمُ عِنْدَهُ
وَيُنْذِرُهُمْ عُورَ الْكَلاَمِ نَذِيرُهَا
فَلاَ هَاجِراتُ الْقَوْلِ يُؤْثِرْنَ عِنْدَهُ
وَلاَ كَلِمَاتُ النُّصْحِ مُقْصًى مُشِيرُهَا

 

السعي والحرص:

السعيُ محمود، والحِرْص مذموم، والقناعة حَسنة، والطمع ممقوت، وبَيْن الكسل والجشع، والجبن والتهوُّر، والشح والتبذير، والتردُّد والمجازفة، والصرم والتبذل، والجفاء والمداهنة، والتفريط والإفراط - منزلةٌ قويمة، وخُطَّة حكيمة، لا يكبو سالكها، ولا ينبو ضاربها، ولا يَتيه متطرِّقها.

 

ذم الحرص:

قال عمرو بن مالك الحارثي:

فَمَنْ كَانَ مِنْهُ الْحِرْصُ يَوْمًا لِحَظِّهِ
يُؤَمِّلُ أَنْ يَأْتِيهُ مِنْهُ رَغَائِبُهْ
فَإِنِّي رَأَيْتُ الْحِرْصَ أَنْكَدَ سَدَّدَتْ
عَنِ النَّجْحِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ مَذَاهِبُهْ
مَوَارِدُهُ فِيهَا الرَّدَى وَحِيَاضُهُ
وَإِنْ أَتْرَعَتْ لَمْ يَحْظَ بِالرِّيِّ شَارِبُهْ
وَإِنْ هَيَجَتْهُ الْمُطْعِمَاتُ يَجِدْنَهُ
إِلَى الْغَيِّ تُحْدَى كُلَّ يَوْمٍ رَكَائِبُهْ
فَلَمْ أَرَ حَظًّا لِامْرِئٍ كَقَنَاعَةٍ
وَلاَ مِثْلَ هَذَا الْحِرْصِ أَفْلَحَ صَاحِبُهْ

 

♦ قال الشاعر:

لاَ يَمْنَعَنَّكَ خَفْضَ الْعَيْشِ فِي دَعَةٍ
مِنْ أَنْ تُبَدِّلَ أَوْطَانًا بِأَوْطَانِ
تَلْقَى بِكُلِّ بِلاَدٍ إِنْ حَلَلْتَ بِهَا
أَهْلاً بِأَهْلٍ وَإِخْوَانًا بِإِخْوَانِ

 

♦ هل كلُّ ساعٍ يوفَّق في سعيه؟ وهل مَن رام المجدَ أو العلم، أو الجاه أو المال نالَه؟ كلاَّ، فليس كلُّ مَن رام شيئًا حصَّله، ولكن:

عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَسْعَى إِلَى الْخَيْرِ جَهْدَهُ
وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ تَتِمَّ الْمَقَاصِدُ

 

♦ قال أحد الشعراء البائسين:

وَمَا زِلْتُ أَقْطَعُ عُرْضَ الْبِلاَدِ
مِنَ الْمَشْرِقَيْنِ إِلَى الْمَغْرِبَيْنِ
وَأَدَّرِعُ الْخَوْفَ تَحْتَ الرَّجَاءِ
وَأَسْتَصْحِبُ الْجُدْيَ وَالْفَرْقَدَيْنِ
وَأَطْوِي وَأَنْشُرُ ثَوْبَ الْهُمُومِ
إِلَى أَنْ رَجَعْتُ بِخُفَّيْ حُنَيْنِ
إِلَى أَنْ أَكُونَ عَلَى حَالَةٍ
مُقِلاًّ مِنَ الْمَالِ صِفْرَ الْيَدَيْنِ
فَقِيرَ الصَّدِيقِ غَنِيَّ الْعَدُوِّ
قَلِيلَ الْجَدَاءِ عَنِ الْوَالِدَيْنِ

 

♦ وقال عمر بن الخطَّاب: لا يقعد أحدُكم عن طلب الرِّزْق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أنَّ السماء لا تُمطر ذهبًا ولا فِضَّة، وإنَّ الله - تعالى - إنما يرزق الناس بعضَهم من بعض، وتلا قول الله - جلَّ وعلا -: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].

 

♦ وقال أبو المعافى:

وَإِنَّ التَّوَانِي أَنْكَحَ الْعَجْزَ بِنْتَهُ
وَسَاقَ إِلَيْهَا حِينَ زَوَّجَهَا مَهْرَا
فِرَاشًا وَطِيئًا ثُمَّ قَالَ لَهَا اتَّكِي
قُصَارَاهُمَا لاَ بُدَّ أَنْ يَلِدَا الْفَقْرَا

 

♦ قال علي بن الحسين لابنه: يا بُنيّ، اصبر على النائبة، ولا تعرض للحقوق، ولا تُجب أخاك إلى شيء مضرَّتُه عليك أعظمُ من منفعته له.

 

طلب الرزق:

على المرْء أن يسعى ويجتهد، وألاَّ يركن للكسل والخمول، ويكتسب

المال الحلال؛ لينفقَه على نفسه وذويه، ويتصدَّق ويفعل المعروف، ويبذل الندى.

فاليَدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى، ومَن عجز فلا يكلِّف الله نفسًا إلا وُسْعَها.

 

الجد في الجد:

♦ قال عروة بن الورد:

لَحَى اللَّهُ صُعْلُوكًا إِذَا جَنَّ لَيْلُهُ
مُصَافِي الْمُشَاشِ آلِفًا كُلَّ مَجْزَرِ
يَعُدُّ الْغِنَى مِنْ دَهْرِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ
أَصَابَ قِرَاهَا مِنْ صَدِيقٍ مُيَسَّرِ
يَنَامُ عِشَاءً ثُمَّ يُصْبِحُ قَاعِدًا
يَحُتُّ الْحَصَا مِنْ جَنْبِهِ الْمُتَعَفِّرِ
يُعِينُ نِسَاءَ الْحَيِّ لاَ يَسْتَعِنُّهُ
وَيُمْسِي طَلِيحًا كَالْبَعِيرِ الْمُحَسِّرِ
وَلِلَّهِ صُعْلُوكٌ صَفِيحَةُ وَجْهِهِ
كَضَوْءِ شِهَابِ الْقَابِسِ الْمُتَنَوِّرِ
مُطِلٌّ عَلَى أَعْدَائِهِ يَزْجُرُونَهُ
بِسَاحَتِهِمْ زَجْرَ الْمُتِيحِ الْمُشَهَّرِ

 

♦ كان عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - يقول: ما مِيتةٌ بعدَ القتل في سبيل الله أحبُّ إليَّ من أن أموتَ بين شعبتي رحْلي أضرب في أرض الله، وأبْتغي من فضل الله.

 

♦ قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أعلمتُم أنَّ الطمع فقر، وأنَّ اليأس غِنى، وأنَّ المرء إذا يئس مِن شيء استغْنَى عنه.

 

♦ قال رجل لمعاوية: أقطِعني البحرين، قال: إني لا أصِلُ إلى ذلك، قال: فاستعملني على البَصْرة، قال: ما أريد عَزْلَ عاملها، قال: فتأمُرْ لي بألفين، قال: ذاك لك، فقيل له: ويحَك، أرضيتَ بعد الأوليَيْن بهذا؟! قال: اسكتوا، لولا الأوليان ما أعطيتُ هذه.

 

♦ قال الحسن البصري: يا مَن يطلب من الدنيا ما لا يلحقه، أترجو أن تلحق من الآخرةِ ما لا تطلبه؟

 

♦ قال رجلٌ لمعروف الكَرْخي: يا معروف، أَتحرَّك لطلب الرِّزق أم أجلس؟ قال: لا، بل تَحرَّكْ، فإنه أصلح، فقال: تقول هذا؟ قال: ما أنا قلتُه، ولكن الله - عز وجل - قال لمريم - عليها السلام -: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾ [مريم: 25]، ولو شاء لأنزلَه عليها بدون مؤنة وتَعب.

 

♦ كان عروة بن الزُّبَير يحثُّ على الزراعة، ويقول: أما لكَ أرض؟ أما سمعتَ قول القائل:

أَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ لَمَّا لَقِيتُهُ
يَسِيرُ بِأَعلَى الرَّقْمَتَيْنِ مُشَرِّقَا
تَتَبَّعْ خَبَايَا الْأَرْضِ وَادْعُ مَلَيكَهَا
لَعَلَّكَ يَوْمًا أَنْ تُجَابَ وَتُرْزَقَا

 

♦ وقال بعضُ السَّلف: مَن أراد أن يتوسَّع في الرِّزق، فلْيَقتنِ مع تجارة له ضَيْعةَّ، ألا ترى أنَّ الله - تعالى - قد قرن بينهما في كتابه، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 267].

 

♦ وقيل لسفيان بن عُيَينة: ما بالُ الرجل يبيع الضيعةَ، فلا يبارَكْ له في ثمنها، فقال: أمَا سمعتم قولَه - تعالى - في وصف الأرض: ﴿ وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ﴾ [فصلت: 10]، فكيف يبارك في ثمن يُزيل عن ملكه شيئًا قد بارَك الله فيه؟!


♦ ومرَّ كِسْرى بشيخ كبير يغرِس فَسِيلةً، فقال: أترى أن تأكلَ من ثمرها؟ فقال: لا، ولكنِّي وجدتُ أرض الله عامرةً، فأحببت ألاَّ تخرب على يدي.

 

♦ سُئل أحدهم: أيُّ المال أفضل؟ فقال: عَيْن خرَّارة، في أرض خوَّارة، قيل: ثم ماذا؟ قال: الرَّاسخات في الوَحْل، المطعِمات في المَحْل، الملقحات بالفحل - يعني: النخل.

 

♦ قال الخليلُ بن أحمد السِّجْزِيُّ:

إِذَا ضَاقَ بَابُ الرِّزْقِ عَنْكَ بِبَلْدَةٍ
فَثَمَّ بِلاَدٌ رِزْقُهَا غَيْرُ ضَيِّقِ
وَإِيَّاكَ وَالسُّكْنَى بِدَارِ مَذَلَّةٍ
فَتُسْقُى بِكَأْسِ الذِّلَّةِ الْمُتَدَفِّقِ
فَمَا ضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيْكَ بِرَحْبِهَا
وَلاَ بَابُ رِزْقِ اللَّهِ عَنْكَ بِمُغْلَقِ

 

♦ وقال الحُسينُ بن علي بن محمَّد الزبيديُّ اليمانيُّ:

يُقِيمُ الرِّجَالُ الْمُوسِرُونَ بِأَرْضِهِمْ
وَتُرْمَى النَّوَى بِالْمُقْتِرِينَ الْمَرَامِيَا
وَمَا تَرَكُوا أَوْطَانَهُمْ عَنْ مَلاَلَةٍ
وَلَكِنْ حَذَارًا مِنْ شَمَاتِ الْأَعَادِيَا

 

♦ وقال رزين العروضيُّ الشاعر:

كَأَنَّ بِلاَدَ اللَّهِ وَهْيَ عَرِيضَةٌ
عَلَى الْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ كِفَّةُ حَابِلِ
تُؤَدَّى إِلَيْهِ أَنَّ كُلَّ ثَنِيَّةٍ
تَيَمَّمُهَا تَرْمِي إِلَيْهِ بِقَاتِلِ

 

♦ قال أحد الشعراء:

سُبُلُ الْمَذَاهِبِ فِي الْبِلاَدِ كَثِيرَةٌ
وَالْعَجْزُ شُؤْمٌ وَالْقُعُودُ وَبَالُ
يَا مَنْ يُعَلِّلُ نَفْسَهُ بِرَجَائِهِ
مَا بِالتَّعَلُّلِ تُدْرَكُ الْآمَالُ

 

الكلمة الطيبة:

كم كلمةٍ لطيفة، ولَفْظة جميلة، كانتْ ذاتَ نفْع كبير، وعاقبة حسنة، ونتائجَ طيِّبة، وكم من كلمة سيِّئة، أعقبتْ شرًّا، طويلاً وألَمًا كثيرًا، ومشاكلَ مُعقَّدة.

 

ولقد جاء الحثُّ على القول الكريم، والكلمة الطيِّبة، والنطق الحسن في القرآن الكريم، والسُّنَّة المطهَّرة، وفي الحِكم المأثورة، والأمثال المضروبة، كما أنَّ التحذير من الكلمة الخبيثة، والقول السيِّئ، والألفاظ البذيئة شيءٌ لا يُستطاع حصرُه، ولا يمكن إحصاؤه.

 

وكلُّ عاقل يُدرِك ذلك ويفهمه، ومِن الناس مَن ركن إلى الألفاظ القبيحة، والقول الفاحش، ومرذول الكلام، يُقدِّمه لصديقه مزاحًا، ويَرْميه تحيَّة، ويظنُّ أنَّ ذلك من التظرُّف، ورفْع الكُلْفة، فما ذاك إلاَّ من إغواء الشيطان ودسائسه؛ لِمَا يجرُّه هذا من إيقاع العداوة، وبثِّ الحزازات، واشتمال القلوب على الضغائن، وللشيطان نَزَغاتٌ، وطرائقُ وحبائل.

 

♦ قَدِم رجل من أهل الشام على أبي جعفر المنصور، فتكلَّم معه كلامًا حسنًا، فقال له أبو جعفر: حاجتَك، فقال: يُبقيك الله يا أميرَ المؤمنين، قال: حاجتَك، فإنه ليس كلَّ ساعة يمكنك هذا، ولا تؤمَر به.

 

♦ أتى رجلٌ خالدَ بن عبدالله في حاجة، فقال له: أتكلَّمُ بجُرأة اليأس، أم بِهَيْبة الأمل؟ قال: بل بهيبة الأمَل، فسألَه حاجتَه فقضاها.

 

♦ قال أحدُ الشعراء:

أَبَا مَالِكٍ لاَ تَسْأَلِ النَّاسَ وَالْتَمِسْ
بِكَفَّيْكَ سَيْبَ اللَّهِ فَاللَّهُ أَوْسَعُ
فَلَوْ تَسْأَلِ النَّاسَ التُّرَابَ لَأَوْشَكُوا
إِذَا قُلْتَ هَاتُوا أَنْ يَمَلُّوا فَيَمْنَعُوا

 

♦ وقال آخر:

أَإِنْ سُمْتَنِي ذُلاًّ فَعِفْتُ حِيَاضَهُ
سَخِطْتَ وَمَنْ يَأْبَ الْمَذَلَّةَ يُعْذِرِ
فَهَا أَنَا مُسْتَرْضِيكَ لاَ مِنْ جِنَايَةٍ
جَنَيْتُ وَلَكِنْ مِنْ تَجَنِّيكَ فَاغْفِرِ

 

♦ قال بعضُ الشعراء:

عَلَيْكَ بِإِغْبَابِ الزِّيَارَةِ إِنَّهَا
إِذَا كَثُرَتْ كَانَتْ إِلَى الْهَجْرِ مَسْلَكَا
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْقَطْرَ يُسْأَمُ دَائِمًا
وَيُسْأَلُ بِالْأَيْدِي إِذَا هَوَ أَمْسَكَا

 

إحسان بلا كلفة:

أشياءُ لا تُكلِّف عناءً، ولا تحمل مشقة، ولا يَضير الإتيانُ بها، ولكنَّها ذات مفعول جيِّد، وأثر حسن، وعاقبة طيِّبة، كالبشاشة، وطلاقة الوجه، والبَدْء بالسلام، وردِّ التحية بأحسنَ منها، وتشميت العاطس، وزيارة المريض، وإكرام الجار، وإماطة الأذى عن الطريق، والدُّعاء بظَهْر الغَيْب لمسلم أهْدَى إليك هدية، أو أَسْدى إليك معروفًا، وذَبَّك عن عِرْض أخيك، وأشباه هذه الأمور، التي جاء الإسلامُ مرغِّبًا فيها، وحاثًّا على المبادرة إليها؛ تمتينًا للروابط بين المسلمين والتعاون بينهم، إنَّ ذلك من مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، فما أحرى بالمسلِم أن يَتخلَّق بالأخلاق الفاضلة؛ ليكونَ أُسوةً حسنة، وقُدوةً نبيلة.

 

كلمة مختصرة: إذا حاولتَ إرضاءَ جميع الناس، فقد رُمتَ المستحيل، ولكنِ ابذُلِ الجهد في معرفة الحقِّ والدفاع عنه، وإبداء النصح، وإن كان البعضُ لا يعجبه ذلك، فلا تيأسْ، ولا تركن للانطواء والانزواء، وكُنْ متفائلاً على كل حال.

 

مدنية الغرب:

ما بالُ بعض الشباب وهُم القوَّة في الأمَّة، والسواعِد النشيطة، وعليهم تُعلَّق آمال جِسام، وقد بَذلت لهم الدولةُ الكثيرَ من أجل أن يتعلَّموا ويتثقَّفوا، وآباؤهم يتطلَّعون بلهفة إلى اليوم الذي يَرَوْنهم فيه ناضجين، مساهمين في خدمة دِينهم وبلادهم - ما بالُ بعض الشباب يتغافَل عن ذلك، ويحسب المدنيةَ والرُّقيَّ هما في تقليد السخافات، واتباع العادات السيِّئة والانحطاط والسفالة، ويعجب بالنزوات البذيئة، التي رَوَّج لها اليهودُ في المجتمعات الغربية؛ لتحطيم تلك المجتمعات، وتَسْعى لنشرِها في بلاد المسلمين لتدميرها - كما هي أحلام الصهاينة في القضاء على الأديان، والمعتقدات والدول، حتى يتسنَّى لهم السيطرةُ على العالَم، وتسود الدِّيانة اليهودية المحرَّفة وَحْدَها - حسبما يؤملون؟!


إنَّ بعض الشباب يتجاهَل وسائلَ المخترعات، والقوَّة الصناعية والعسكرية، والطبية والزراعية، ويُقلِّد في التوافه والمباذِل، ويدَّعي أنَّه متطوِّرٌ وعصري، وأنَّه قد خَرَج عن نِطاق الرجعيَّة والتخلُّف، وما هذا إلاَّ من الوهم والوساوس، وقَلْب الحقائق.

 

فمهلاً أيُّها الغافلون، وعَوْدًا إلى الصواب قَبْل فوات الأوان!

 

قول الحق:

ما أجملَ كلمةَ الحق، تُقال انتصارًا لدِين الله، ودعوةً إلى العفو والرِّفق، ونصيحةً لأئمة المسلمين وعامَّتهم!

 

والساكتون على الباطل، الخُرْس عن الحق، يَزْعمون ذلك حذقًا ودهاءً، وطريقًا سهلاً لجرِّ المغانم، هم فِئة يَهْدِمون ويُخرِّبون، ويؤيِّدون الباطل ويُزيِّنونه، ويسكتون عن الحق ويُقبِّحونه - إذا لزم الأمر.

 

وبمثل هذه الزمر تُطمس الحقائقُ، وتعالج الأمورُ بعكس طبيعتها وواجبها، وتَحدُث شرور وفتن، وعَواقِبُ وخيمة، أمَّا قائل الحق ناصحًا ومشفقًا، منبهًا ومحذرًا - قبل أن يفوت الأوان، وحتى لا تظلّ الحقائق في طيِّ النسيان، وخلف الضباب والدُّخَان - فهذا جديرٌ بأن يُشدَّ على يده، وأن يُتقبَّل منه نُصحُه، وأن يُنظر إليه على أنه مريدٌ للحق، غيور على البلاد، وعلى الأمَّة، هدفه سامٍ، وغرضه نبيل، وإن لقي صدودًا وأذًى، أو فاتتْه مصالِحُ ومنافع، فإنَّه قد أدَّى واجبَه، وأراح ضميرَه، وقام بما يلزمه.

 

♦ قال المبارَكُ بن فضالة:

كنتُ عند أبي جعفر جالسًا في السماط، إذ أمر برجل أن يُقتل، فقلتُ يا أمير المؤمنين، قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا كان يومُ القيامة نادَى منادٍ بين يدي الله: ألاَ مَن كانتْ له عند الله يدٌ فليتقدَّم، فلا يتقدَّم إلاَّ مَن عفَا عن ذنب))، فأَمَر بإطلاقه.

 

♦ كلَّم الشعبيُّ ابنَ هبيرة في قوم حَبَسهم، فقال: إن كنتَ حبستَهم بباطل، فالحقُّ يطلقهم، وإن كنتَ حبستَهم بحقٍّ، فالعفو يسعهم.

 

آداب رفيعة:

الكلمة الطيِّبة كم لها مِن وقْع حسن، وأثَر جميل، والكلمة الخبيثة كم تُورِث من عداوة، وتُثير مِن شحناءَ، وتُمزِّق من أواصر، ولو أنَّ الكلمة الطيِّبة كانتْ هي السائدةَ في المجتمعات الإسلامية - عملاً بأمر الله تعالى وإرشاده - لوفَّروا كثيرًا من العناء والشِّقاق، وتفرُّقِ الكلمة، وتوتُّر الأعصاب، لقد ضَرَب الله مثلاً للكلمة الطيِّبة بالشجرة الطيِّبة المثمرة، الراسخة الجذور، السامقة الفروع، البهيَّة المنظر، التي تجود بأُكُلِها في كلِّ حين، وبعكسها الكلمة الخبيثة، فهي كشجرة خبيثة، مُجْتَثَّة الأصول، لا يُرجَى منها نفْع، وليس بها ثمر، ولكنَّها قد تؤذي بشوكها، وربَّما سدَّتِ الطريق، وعرقلت المارةَ في سيرهم، وكانت ضارَّةً مؤذية.

 

لقد أَمَر الإسلام أن يُسلِّم المسلِمون بعضُهم على بعض عندَ اللقاء، وأن يردُّوا التحية بأحسنَ منها، أو مثلها.

 

إنَّ في تعاليم الإسلام وإرشاداته الحِكيمة كلَّ خير وسعادة، إنَّ البعض قد أعْرَض عن هذه الآداب العظيمة، وصار يستعمل ألفاظًا غَرْبيَّة عند اللِّقاء، تاركًا سُنَّة السلام وآدابه، وربَّما استعاض بعضُ الناس عن السلام بكلماتٍ غير لائقة من باب المزاح والتظرُّف، ولا شكَّ أن هذه طريقة سيِّئة، وقد يكون من جرَّائها الاختلافُ، وتنافرُ القلوب، والخصام.

 

الشجاعة:

الشجاعة خَصْلة محمودة، وصِفة شريفة، يتطلَّع إليها كلُّ شهم، ويتحلَّى بها مَن وُهِبوا عقولاً صامدة، وأفئدةً صابرة، وجأشًا رابطًا، وفي الجاهلية والإسلام كانتِ الشجاعة رمزَ فخار، ودليلَ مضاء، وعنوان الهَيْبة والاحتماء.

 

والأمَّة التي تَفْقِد الشهامة، وتركنُ إلى الدَّعَة والخمول، وتجْبُن عن الجِهاد في سبيل الله، مرخِّصةً الأنفسَ والأموال، هي أمَّة بائِسة ذليلة، يطؤها الأعداءُ بأقدامهم، ويستبيحها الأشرار، ويُسام أفرادها وجماعاتها سوءَ العذاب، وهم في أسوأ حال، وأتْعس رَزيَّة، وإذا نفضتْ غبار المهانة، وشمَّرتْ عن سواعد الجِدّ، وأقدمت غيرَ جبانة، ولا رِعديدة، متوكلةً على الله، ناصرةً لدينه، ذائدةً عن حِمَى الإسلام وحُرماته، فإنها منصورةٌ بإذن الله، لا يستطيع الأعداءُ - مهما بلغوا من القوَّة المادية - أن يقهروهم، أو يمزِّقوهم، فسلاحُ الإيمان أمضى سلاحٍ وأفتكه، والله ناصرٌ مَن نصره.

 

♦ قال أحد الشعراء:

وَهُمُ إِذَا كَسَرُوا الْجُفُونَ أَكَارِمٌ
صُبُرٌ وَحِينَ تُحَلَّلُ الْأَزْرَارُ
يَغْشَوْنَ حَوْمَاتِ الْمَنُونِ وَإِنَّهَا
فِي اللَّهِ عِنْدَ نُفُوسِهِمْ لَصِغَارُ
يَمْشُونَ فِي الْخَطِيِّ لاَ يَثْنِيهُمُ
وَالْقَوْمُ إِذْ رَكِبُوا الرِّمَاحَ تِجَارُ

 

♦ وقال المتنبي:

إِذَا غَامَرْتَ فِي شَرَفٍ مَرُومٍ
فَلاَ تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ
فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ صَغِيرٍ
كَطَعْمِ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ
يَرَى الْجُبَنَاءُ أَنَّ الْعَجْزَ عَقْلٌ
وَتِلْكَ خَدِيعَةُ الطَّبْعِ اللَّئِيمِ
وَكُلُّ شَجَاعَةٍ فِي الْمَرْءِ تُغْنِي
وَلاَ مِثْلُ الشَّجَاعَةِ فِي الْحَكِيمِ
وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً صَحِيحًا
وَآفَتُهُ مِنَ الْفَهْمِ السَّقِيمِ

 

♦ قال أبو بكر لخالِد بن الوليد - رضي الله عنهما - حين وجَّهه: احرِصْ على الموت، توهبْ لك الحياة.

 

♦ كان حبيب بن مَسْلمة الفِهْري رجلاً غزَّاءً للترك، فخرج ذاتَ مرَّة إلى بعض غزواته، فقالتْ له امرأتُه: أين موعدك؟ قال: سرادق الطاغية، أو الجَنَّة - إن شاء الله تعالى - قالت: إني لأرجو أن أسبِقَك إلى أيِّ الموضعَين كنتَ به.

 

فجاء فوجدَها في سُرادق الطاغية تُقاتل التُّرْك.

 

♦ وقال كعب بن مالك:

نَصِلُ السُّيُوفَ إِذَا قَصُرْنَ بِخَطْوِنَا
يَوْمًا وَنُلْحِقُهَا إِذَا لَمْ تَلْحَقِ

 

♦ وقال أيضًا:

قَضَيْنَا مِنْ تِهَامَةَ كُلَّ وَتْرٍ
وَخَيْبَرَ ثُمَّ أَغْمَدْنَا السُّيُوفَا
تُخَبِّرُنَا وَلَوْ نَطَقَتْ لَقَالَتْ
قَوَاطِعُهُنَّ دَوْسًا أَوْ ثَقِيفَا

 

♦ من الوصايا النافعة: وصيةُ أبي بكر لخالِد - رضي الله عنهما - حين وجَّهه لقِتال أهل الرِّدَّة:

سِرْ على بركة الله، فإذا دخلتَ أرْض العدو، فكن بعيدًا من الجملة، فإنِّي لا آمن عليك الجَوْلة، واستظهرْ بالزاد، وسِرْ بالأدلاَّء، ولا تقاتل بمجروح، فإنَّ بعضَه ليس منه، واحترسْ من البيات، فإنَّ في العرب غِرَّة، وأقلِلْ من الكلام، فإنَّما لك ما وُعِي عنك، واقْبل من الناس علانيتَهم، وكِلْهم إلى الله في سرائرهم، وأستودِعُك الله الذي لا تَضيع ودائِعُه.

 

لَمَّا أتى يزيدُ بن عبدالملك برأس يزيدَ بن المهلَّب، نال منه بعضُ جلسائه، فقال له: مَهْ، إنَّ يزيد بن المهلب طَلَب جسيمًا، ورَكِب عظيمًا، ومات كريمًا.

 

♦ ومن وصية لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -:

"لا تَخونوا ولا تَغُلُّوا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتلوا طِفلاً صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة، ولا تَعْقِروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تَذْبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيرًا إلاَّ لمأْكَلة، وسوف تمرُّون بأقوام قد فَرَّغوا أنفسهم في الصوامع، فدَعُوهم وما فرَّغوا أنفسهم له".

 

♦ قال خالد بن الوليد - رضي الله عنه -:

لقد لقيتُ كذا وكذا زحفًا، وما في جِسْمي موضِع شِبر إلاَّ وفيه ضرْبة، أو طَعْنة، أو رمية، ثم ها أنا ذا أموتُ حَتْف نفسي كما يموت العير، فلا نامتْ أعينُ الجُبناء.

 

♦ كان زياد يقول لقوَّاده: تجنَّبوا اثنين لا تقاتلوا فيهما العدوَّ: الشتاءَ، وبطونَ الأودية.

♦ ومن أخبار الحمقى والمغفلين:

نادرة:

كتب بعض الناس: كتبتُ من طِيس، يريد "طوس"، فقيل له في ذلك فقال: لأنَّ "مِن" تخفض مَن بعدَها! فقيل له: إنما تخفض حرفًا واحدًا، لا بلدًا له خَمْسُمائة قرية.

 

♦ قيل لعبدالله بن عمر: إنَّ المختار يزعُم أنه يوحَى إليه؟ قال: صَدَق، وإنَّ الشياطين ليُوحون إلى أوليائهم.

 

♦ عضَّ ثعلبٌ أعرابيًّا فأتى راقيًا، فقال الراقي: ما عضَّك؟ فقال: كلب، واستحى أن يقولَ ثعلب، فلما ابتدأ بالرُّقية، قال: واخْلطْ بها شيئًا من رُقية الثعالِب.

 

♦ قال محمد بن وهيب:

لَئِنْ كُنْتُ مُحْتَاجًا إِلَى الْحِلْمِ إِنَّنِي
إِلَى الْجَهْلِ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ أَحْوَجُ
وَلِي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بِالْحِلْمِ مُلْجَمٌ
وَلِي فَرَسٌ لِلْجَهْلِ بِالْجَهْلِ مُسْرَجُ
فَمَنْ شَاءَ تَقْوِيمِي فَإِنِّي مُقَوَّمٌ
وَمَنْ رَامَ تَعْوِيجِي فَإِنِّي مُعَوَّجُ
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الْجَهْلَ خِدْنًا وَصَاحِبًا
وَلَكِنَّنِي أَرْضَى بِهِ حِينَ أُحْرَجُ
أَلاَ رُبَّمَا ضَاقَ الْفَضَاءُ بِأَهْلِهِ
وَأَمْكَنَ مِنْ بَيْنِ الْأَسِنَّةِ مَخْرَجُ
وَإِنْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ سَمَاجَةٌ
فَقَدْ صَدَقُوا وَالذَّلُّ بِالْحُرِّ أَسْمَجُ

 

♦ وقال عامر بن الطفيل:

وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ سَيِّدِ عَامِرٍ
وَفَارِسِهَا الْمَشْهُورِ فِي كُلِّ مَوْكِبِ
فَمَا سَوَّدَتْنِي عَامِرٌ عَنْ وِرَاثِةٍ
أَبَى اللَّهُ أَنْ أَسْمُو بِأُمٍّ وَلاَ أَبِ
وَلَكِنَّنِي أَحْمِي حِمَاهَا وَأَتَّقِي
أَذَاهَا وَأَرْمِي مَنْ رَمَاهَا بِمَنْكِبِ

 

♦ قيل لأعرابي: كيف تقول: استخذأتُ أو استخذيت؟ قال: لا أقوله، قيل: ولِمَ؟ قال: لأنَّ العرب لا تستخْذي.

 

لكل مقام مقال:

لكلِّ مقام مقال، ولكلِّ حالة لبوسُها، فللحرْب رجالُها، وللدواوين كتَّابها وحُسَّابها، واللِّين في موضعه حسن، والقَسْوة في محلِّها مناسبة، وقد وصف الله المؤمنين بأنهم:﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، فلا يضيع القياس، ولا يختلُّ الميزان، فتنقلب الأمور رأسًا على عقب.

 

♦ قال أبو دلف:

لَقَدْ عَلِمَتْ وَائِلٌ أَنَّنَا
نَخُوضُ الْحُتُوفَ غَدَاةَ الْحُتُوفْ
وَلاَ نَتَّقِيهَا بِزَحْفِ الْفِرَارِ
إِذَا مَا الصُّفُوفُ انْبَرَتْ لِلصُّفُوفْ
وَيَوْمَ أَفَاءَتْ لَنَا خَيْلُنَا
لَدَى جَبَلِ الدَّيْلَمِيِّ الْمَنِيفْ
طُوَالُ الْفَتَى بِطُوَالِ الْقَنَا
وَبِيضُ الْوُجُوهِ بِبِيضِ السُّيُوفْ
وَكُلُّ حَصَانٍ بِكُلِّ حَصَانٍ
أَمِينٍ شَظَاهُ سَلِيمِ الْوَظِيفْ
أَلاَ نَعِّمَانِي فَمَا نِعْمَتِي
بِرَادِعَتِي عَنْ رُكُوبِ الْمَخُوفْ
لِيَ الصَّبْرُ عِنْدَ حُلُولِ الْبَلاَ
إِذَا نَزَلَتْ بِيَ إِحْدَى الصُّرُوفْ
وَإِنْ تَسْأَلِي تُخْبَرِي أَنَّنِي
أَفِي حَسَبِي بِأُلُوفِ الْأُلُوفْ
وَأَحْلُمُ حَتَّى يَقُولُوا: ضَعِيفٌ
وَمَا أَنَا قَدْ عَلِمُوا بِالضَّعِيفْ
خَفِيفٌ عَلَى فَرَسِي مَا رَكِبْتُ
وَلَسْتُ عَلَى ظَالِمِي بِالْخَفِيفْ

 

♦ حاصَر مَسْلَمْةُ حصنًا، فندَب الناسَ إلى نقْب منه، فما دخله أحد، فجاء رجل من عرض الجَيْش، فدخله ففتَحه اللهُ عليهم، فنادَى مَسْلمة: أين صاحبُ النقب؟ فما جاءَه أحد، فنادَى: إنِّي قد أمرتُ الآذن بإدخاله ساعةَ يأتي، فعزمتُ عليه إلاَّ جاء، فجاء رجل، فقال: استأذِن لي على الأمير، فقال له: أنت صاحِب النقب؟ قال: أنا أُخْبركم عنه، فأتى مَسْلمة، فأخبرَه عنه، فأذِن له، فقال له: إنَّ صاحِب النقب يأخُذ عليكم ثلاثًا: ألاَّ تُسوِّدوا اسمَه في صحيفةٍ إلى الخليفة، ولا تأمروا له بشيء، ولا تسألوه ممَّن هو، قال: فذَاك له، قال: أنا هو، فكان مسلمة لا يُصلِّي بعدَها صلاةً إلا قال: اللهمَّ اجعْلني مع صاحِب النقْب.

 

أمات مشاتمة الرِّجال:

شَتَم رجلٌ عمر بن ذرّ، فقال له: يا هذا، لا تغرق في شَتْمنا، ودَعْ للصُّلح موضعًا، فإني أمتُّ مشاتمة الرِّجال صغيرًا، ولن أُحييَها كبيرًا، وإني لا أُكافئ مَن عصى الله فيَّ بأكثرَ من أن أُطيع الله فيه.

 

♦ قال عمر - رضي الله عنه -:

إنَّ الشجاعة والجُبن غرائزُ في الرِّجال، تجدُ الرجل يقاتلُ عمرَه لا يُبالي ألاَّ يؤوبَ إلى أهله، وتجدُ الرجل يفرُّ عن أبيه وأمِّه، وتجد الرجل يقاتِل ابتغاءَ وجه الله، فذلك هو الشهيد.

 

♦ قال أبو الطيب المتنبي:

أَرَى كُلَّنَا يَبْغِي الْحَيَاةَ لِنَفْسِهِ
حَرِيصًا عَلَيْهَا مُسْتَهَامًا بِهَا صَبَّا
فَحُبُّ الْجَبَانِ النَّفْسَ أَوْرَدَهُ التُّقَى
وَحُبُّ الشُّجَاعِ النَّفْسَ أَوْرَدَهُ الْحَرْبَا
وَيَخْتَلِفُ الرِّزْقَانِ وَالْفِعْلُ وَاحِدُ
إِلَى أَنْ يُرَى إِحْسَانُ هَذَا لِذَا ذَنْبَا

 

نكتة:

حدَّث جارٌ لأبي حيَّة النميري، قال: كان لأبي حيَّة سَيْف ليس بينه وبين الخشبة فرْق، وكان يُسمِّيه "لعاب المنية"، قال: فأشرفتْ عليه ليلةٌ وقد انتضاه، وهو واقفٌ على باب بيْت في داره، وقد سمع حِسًّا، وهو يقول: أيُّها المغترُّ بنا، والمجترئ علينا، بِئس والله ما اخترتَ لنفسك، خيرٌ قليل، وسَيْفٌ صقيل، "لعاب المنية" الذي سمعتَ به، مشهورةٌ ضربتُه، لا تُخاف نَبْوَتُه، اخرج بالعفو عنك، لا أدخل بالعقوبة عليك، إني والله إن أدع قيسًا تملأُ الفضاء خيلاً ورَجِلاً، يا سبحان الله، ما أكثرها وأطيبها! ثم فتح الباب، فإذا كلب قد خَرَج، فقال: الحمدُ لله الذي مَسَخَك كلبًا، وكفاني حَرْبًا.

 

♦ وقع رجلانِ على قافلة بها سِتُّون رجلاً فأخذوا مالَهم وثيابهم، فقيل لبعضهم: كيف غلَبَكم رجُلان وأنتم سِتُّون؟ فقال: أحاط بنا واحد، وسَلَبنا الآخر، فكيف نعمل؟!


ليس من شيمة المسلِم الذلُّ والخنوع، والجبن والخور، ولكنَّه عزيزُ النَّفْس، كريم الفِعال، شجاع مِقْدام، فإيمانه بالله واعتماده عليه، وعِلْمه بأنَّ كل شيء بقضاء الله وقَدَرِه، وإدراكه لفضْل الجهاد في سبيل الله، وما يُفضي إليه من نتائجَ حميدة، وأجر عظيم - يدفعه لِأَنْ يكونَ قويَّ القلب، ثابتَ الفؤاد، يدافع عن دِينه، وعن أمَّته، ويسعى لإعلاء كلمة الله في مشارِق الأرض ومغاربها.

 

القناعة:

قال سعدُ بن أبي وقَّاص لابنه عمر: يا بنيَّ، إذا طلبتَ الغِنى، فاطلبْه بالقناعة، فإن لم تكن لك قناعة، فليس يُغنيك مالٌ.

 

♦ استأذن أبو دلامة الشاعرُ المهديَّ في تقبيل يدِه، فقال: أمَّا هذه فَدَعْها، فقال: ما منعتُ عيالي شيئًا أيسر فقدًا عليهم مِن هذه.

 

♦ استأذن رجل المأمونَ في تقبيل يده، فقال له: إنَّ قُبلة اليد من المسلِم ذلَّة، ومن الذِّميِّ خديعة، ولا حاجةَ بك أن تُذلّ، ولا بنا أن نُخْدع.

 

♦ قال الوليد بن عبدالملك لوالده: يا أَبَت، ما السياسة؟ قال: هيبةُ الخاصَّة، مع صِدق مودتها، واقتياد قلوب العامَّة بالإنصاف لها، واحتمال هفوات الصنائع.

 

♦ وقال المتنبي:

وَاحْتِمَالُ الْأَذَى وَرُؤْيَةُ جَانِي
هِ غِذَاءٌ تَضْوَى بِهِ الْأَجْسَامُ
ذَلَّ مَنْ يَغْبِطُ الذَّلِيلَ بِعَيْشٍ
رُبَّ عَيْشٍ أَخَفُّ مِنْهُ الْحِمَامُ
كُلُّ حِلْمٍ أَتَى بِغَيْرِ اقْتِدَارٍ
حُجَّةٌ لاَجِئٌ إِلَيْهَا اللِّئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الْهَوَانُ عَلَيْهِ
مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيلاَمُ

 

♦صلَّى الأعمش في مسجد قوْم، فأطالَ بهم الإمام، فلمَّا فَرَغ قال له: يا هَذا لا تُطلْ صلاتك، فإنَّه يكون خلفَك ذو الحاجة، والكبيرُ والضعيف، قال الإمام: وإنها لكبيرة إلاَّ على الخاشعين، فقال له الأعمش: أنَا رسولُ الخاشعين إليك أنَّهم لا يحتاجون إلى هذا منك.

 

♦ قالوا: الأدب يَزيد العاقلَ فضلاً ونباهة، ويُفيده رِقَّة وظرفًا.

 

♦ وقالوا: حُسْن الخُلق خيرُ قرين، والأدبُ خير مِيراث، والتوفيقُ خيرُ قائد.

 

♦ قال الحسن البصريُّ: أفضلُ الجِهاد جهادُ الهوى.

 

♦ قيل في منثور الحِكم: كلُّ شيء إذا كثر رخص، إلاَّ العقل فإنَّه إذا كثر غلا.

 

♦ وقال بعض البلغاء: إنَّ العاقل مِن عقله في إرشاد، ومِن رأيه في إمداد، فقوله سديد، وفِعْله حميد، والجاهلَ من جهله في إغواء، ومِن هواه في إغراء، فقوله سقيم، وفِعْله ذميم.

 

فعل المكارم:

فِعْل المعروف مكرمة يَنال صاحبَها الثناءُ من الناس، وإن أحْسنَ النيَّة فيه أثابَه الله الجزاءَ الأوفى.

 

♦ وقد قيل:

ازْرَعْ جَمِيلاً وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ
فَلاَ يَضِيعُ جَمِيلٌ أَيْنَمَا زُرِعَا

 

ولكن المتشائِم له رأيٌ آخرُ، فهو يَعدُّ ما بذره من معروف ضائعًا هباءً، وذاهبًا سُدًى - وما أحسبه محقًّا في تخوفه، ولا مصيبًا كبدَ الحقيقة في تعميمه - ومن هؤلاء أبو العتاهية في قوله:

فَيَا رَبِّ إِنَّ النَّاسَ لاَ يُنْصِفُونَنِي
فَكَيْفَ وَإِنْ أَنْصَفْتُهُمْ ظَلَمُونِي
فَإِنْ كَانَ لِي شَيْءٌ تَصَدَّوْا لِأَخْذِهِ
وَإِنْ جِئْتُ أَبْغِي شَيْئَهُمْ مَنَعُونِي
وَإِنْ نَالَهُمْ بَذْلِي فَلاَ شُكْرَ عِنْدَهُمْ
وَإِنْ أَنَا لَمْ أَبْذُلْ لَهُمْ شَتَمُونِي
وَإِنْ طَرَقَتْنِي نَكْبَةٌ فَكِهُوا بِهَا
وَإِنْ صَحِبَتْنِي نِعْمَةٌ حَسَدُونِي
سَأَمْنَعُ قَلْبِي أَنْ يَحِنَّ إِلَيْهِمُ
وَأَغْمِضُ عَنْهُمْ نَاظِرِي وَجُفُونِي
وَأَقْطَعُ أَيَّامِي بِيَوْمِ سُهُولَةٍ
أُقَضِّي بِهَا عُمْرِي وَيَوْمَ حُزُونِ
أَلاَ إِنَّ أَصْفَى الْعَيْشِ مَا طَابَ غِبُّهُ
وَمَا نِلْتُهُ فِي لَذَّةٍ وَسُكُونِ

 

♦ قال رجلٌ لأبي الدرداء: فلانٌ يقرِئُك السلام، فقال: هديَّة حسنة، وحِمْل خفيف.

 

♦ كان خالد بن عبدالله يقول على المِنبر: أيها الناس، عليكم بالمعروف، فإنَّ فاعِلَ المعروف لا يعدم جوازيَه، وما ضعُف الناس عن أدائه، قَوِي الله على جوازيه.

 

♦ وقال الحُطيئة:

مَنْ يَفْعِلِ الْخَيْرَ لاَ يُعْدَمْ جَوَازِيَهُ
لاَ يَذْهَبُ الْعُرْفُ بَيْنَ اللَّهِ وَالنَّاسِ

 

♦ قال المغيرةُ بن شُعْبة: إنَّ المعرفة لتنفعُ عند الكلب العقور، والجمل الصؤول، فكيف بالرجُّل الكريم!

 

♦ قال الشاعر:

إِنَّ لِلْمَعْرُوفِ أَهْلاً
وَقَلِيلٌ فَاعِلُوهُ
أَهْنَأُ الْمَعْرُوفِ مَا لَمْ
تُبْتَذَلْ فِيهِ الْوُجُوهُ
أَنْتَ مَا اسْتَغْنَيْتَ عَنْ صَا
حِبِكَ الدَّهْرَ أَخُوهُ

 

♦ كان ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - يقول:

ما رأيت رجلاً أوليتُه معروفًا إلاَّ أضاء ما بيني وبينه، ولا رأيتُ رجلاً أوليتُه سوءًا إلاَّ أظْلمَ ما بيني وبينه.

 

♦ وقال ابن عيينة: ليس أقول لكم إلاَّ ما سمعتُ، قيل لابن المنكدر: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إدخالُ السُّرور على المؤمِن، وقيل: أيُّ الدنيا أحبُّ إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.

 

♦ وقال الحسن البصريُّ: لأن أقضيَ حاجةً لأخ أحبُّ إليَّ من أن أعتكف سَنَة.

 

♦ وقال ابن عبَّاس: لا يتمُّ المعروف إلاَّ بثلاث: تعجيله، وتصغيره، وستره، فإنه إذا عجَّله هناه، وإذا صغَّره عظَّمه، وإذا ستَره تمَّمه.

 

♦ قال حكيم: يا بنيّ، عزُّ السلطان يومٌ لك ويومٌ عليك، وعزُّ المال وشيكٌ ذَهابُه، جدير انقطاعه وانقلابُه، وعزُّ الحَسَب إلى خمول، ودثور وذبول، وعزُّ الأدب راتب واصب، لا يزول بزوال المال، ولا يتحوَّل بتحوُّل السلطان.

 

♦ قال بعض الحكماء: الصبر صبران: صبرٌ عمَّا تحب؛ وصبر على ما تكره، والرجل مَن جمع بينهما.

 

♦ وقال عمر بن عبدالعزيز: ما أنعمَ الله على عبدٍ نِعْمة، فنزَعها عنه، فصَبَر إلاَّ كان ما أعاضَه أفضلَ مما انتزعه عنه.

 

♦ ومما قيل في التسامُح قوْل الحسين بن الضحَّاك المعروف بالخليع:

 

أَتَانِي مِنْكَ مَا لَيْسَ
عَلَى مَكْرُوهِهِ صَبْرُ
فَأَغْضَيْتُ عَلَى عَمْدٍ
وَقَدْ يُغْضِي الْفَتَى الْحُرُّ
وَأَدَّبْتُكَ بِالْهَجْرِ
فَمَا أَدَّبَكَ الْهَجْرُ
وَلاَ رَدَّكَ عَمَّا كَا
نَ مِنْكَ الصَّفْحُ وَالزَّجْرُ
فَلَمَّا اضْطَرَّنِي الْمَكْرُو
هُ وَاشْتَدَّ بِيَ الْأَمْرُ
تَنَاوَلْتُكَ مِنْ سِرِّي
بِمَا لَيْسَ لَهْ قَدْرُ
فَحَرَّكْتُ جَنَاحَ الذُّلْ
لِ لَمَّا مَسَّكَ الضُّرُّ

 

♦ قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -: لو لم تبقَ مِن عُمري إلاَّ ليلة واحدة، لأحببتُ أن تكون لي فيها زوجة؛ خوفَ الفِتنة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحث على لزوم الآداب والأخلاق الحسنة
  • أخلاق نحتاج إليها
  • إنها أزمة أخلاقية!
  • الأخلاق طريق السعادة
  • أزمة أخلاق
  • أمة الأخلاق
  • الأخلاق في حياتنا
  • في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق
  • الأخلاق الحميدة بين الأمس واليوم!
  • حديث عن مكارم الأخلاق
  • أقسام الأخلاق
  • قواعد قرآنية في مكارم الأخلاق
  • تحلي المعلم والمتعلم بمكارم الأخلاق
  • من مكارم الأخلاق في الرسالة المحمدية (خطبة)
  • مكارم الأخلاق في الرسالة المحمدية (خطبة)
  • مكارم الصفات في كتاب التعريفات وأجمل ما قيل فيها من أبيات

مختارات من الشبكة

  • القرآن الكريم يرشدنا إلى مكارم الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون حديثا في مكارم الأخلاق (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • هداية الأحاديث النبوية إلى مكارم الأخلاق الحميدة الزكية ليوسف أسعد الحسيني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من أقوال السلف في مكارم الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: أنه خير الناس لأهل بيته، وأخلاقه هي المقياس التي بها تعرف مكارم الأخلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العذب الرقراق من فتح الخلاق في مكارم الأخلاق تأليف السيد أحمد سعيد الدجوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مكارم الأخلاق وأثرها في بناء الحضارات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منحة الخلاق في مكارم الأخلاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مكارم الأخلاق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب وبدائع الأوصاف وغرائب التشبيهات(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب