• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / عروض الكتب
علامة باركود

عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز الفياض

عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز الفياض
محمود ثروت أبو الفضل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/11/2013 ميلادي - 10/1/1435 هجري

الزيارات: 29279

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب: دفاع عن معاوية

 


• اسم الكتاب: دفاع عن معاوية.

• المؤلف: زيد بن عبدالعزيز الفياض.

• سنة النشر: 1433 هـ - 2012 م.

• دار النشر: دار الألوكة للنشر.

• الطبعة: الأولى.

• صفحات الكتاب: 204.

 

 

صدَر عن دار "الألوكة" للنشر: كتاب "دفاع عن معاوية"؛ للشيخ المربي "زيد بن عبدالعزيز الفياض" - رحمه الله - وقد تولَّت الدار مبادرة طبع كتب الشيخ "زيد الفياض" كاملةً منقحةً لأول مرة، سواء ما سبق نشرُه منها من قبل، وما لم يُنشَر من مخطوطات ومسوَّدات أعماله التي تركها حتى وفاته دون أن يتمَّها، وذلك بالتعاون مع أفراد أسرته؛ مساهمةً منها في إحياء تراث الشيخ "زيد الفياض" ونتاجه العلمي والأدبي، وهذا الكتاب - في أصله - مسوَّدة تَركها المؤلِّف، ولم يتمَّ تأليفَه وتحريره، فاجتهد المحققون في ترتيب فصوله وتنقيحها وتصحيحها، وتحرير ما تناثر منها، مما كتبه الشيخ "الفياض"؛ أملاً في الخروج بشكل طيب منقح يفي بمقصود الكتاب؛ حيث يُعَد هذا الكتاب درسًا في أدب الرُّدود، وتنقيح الأخطاء، وردِّ الشُّبهات التي شاعت عن أمير المؤمنين "معاوية بن أبي سفيان" - رضي الله عنه وأرضاه - بشكل موجَز مختصر لا يتشعَّب في مباحثَ جانبية، أو ردود فرعية، كما هي أغلب كتب الردود في وقتنا الحاضر، وإنما اكتفى الشيخ "زيد الفياض" بجلب الشُّبهة مِن كلام صاحبها والرد عليها بما يناسب بيانَ خطئها وتهافتها.

 

وكانت مناسبة تأليف الكتاب أن الشيخَ "زيد الفياض" اطَّلع على كتاب مطبوع ضمن سلسلة "أعلام العرب" للأستاذ "إبراهيم الأبياري" عن سيرة سيدنا معاوية بن أبي سفيان، بعنوان "معاوية"، والذي تضمَّن ترديدًا لجملة الشُّبهات التاريخية التي أُثيرت حول الصحابي "معاوية بن أبي سفيان" وفترة حكمه، ومرويات القصَّاص حول أحداث تلك الفتنة التي وقَعت بين سيدنا معاوية وسيدنا علي بن أبي طالب وأتباعهما من الصحابة - رضي الله عن الجميع - يقول المؤلف:

"... ووجدتُ في الكتاب تحاملاً على معاوية، وخلطًا في الكلام، وتعسُّفًا في الاستنتاج، وإيراد أحاديثَ غير صحيحة، ومطاعن في الصحابة، وغمزًا لجانبهم، ممَّا حمَلني على المبادَرَة بكتابة هذه البحوث، وتفنيد الأخطاء الواردة في الكتاب، وكنت أعتزمُ نَشْرَ ذلك في إحدى الصحف أو المجلات في مقال أو مقالين، ولكن الحديث تشعَّب، والمناقشات امتدَّت؛ حتى تجمَّع منها كثيرٌ، فرأيتُ من الأجدى نشْرَه في هذا الكتاب الذي آمُل أن أكونَ بعملي فيه قد أسهمتُ في الدفاع عن صفوة البشر بعد الأنبياء، الذين لهم من السَّبْق والفضل وصُحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ملأ الدنيا أريجًا يتضوَّع، وذكرًا عاطرًا - رضي الله عنهم أجمعين".

 

ويضم هذا الكتاب - موضعُ العرض - مجموعةً من التعقيبات العلمية لِما جاء في كتاب "معاوية" من أخطاء متعمَّدة، وتشويهاتٍ للتاريخ الإسلامي، والتي أورَدها الأستاذ "إبراهيم الأبياري" في مؤلَّفه؛ اعتمادًا على المرويات الضعيفة التي استعان بها، إلى جانب نقدِه الشديد لسيدنا "معاوية بن أبي سفيان" وشخصيتِه التاريخية؛ مما جعَله يصل إلى درجة التعصُّب الواضح ضده، وإسقاط هذا التعصب على البيت الأموي ككل، وهو ما يتنافى مع وظيفة الناقد الذي يجب أن يكونَ نقدُه للشخصية موضعِ النقد بعيدًا عن أي تحيُّز أو تعصُّب أو رؤية مسبقة.. ناهيك عن عدالةِ الصحابة، وسابقِ فضلهم الذي أغفله الأستاذ "إبراهيم الأبياري" طوال روايته لسيرة "معاوية بن أبي سفيان" - رضي الله عنه - حيث قام بلمزِ بعض الصحابة الأخيار ممَّن ثبَت فضلُهم وسابقُ صحبتِهم بدون أدنى دليل على تجريحهم، أو التماس العذر لهم على اجتهاداتهم الشخصية، وهو ما اضطر الشيخ "زيد الفياض" لسرعة الرد على ما جاء في هذا الكتاب، ولبيان فضل "معاوية بن أبي سفيان".. أمير المؤمنين، وكاتبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم.

 

والشيخ "زيد بن عبدالعزيز الفياض" (1350- 1416هـ) تميميٌّ وُهَيبيٌّ، دَرَس في صباه على عددٍ من العلماء والمشايخ، منهم: سماحةُ الشَّيخ محمد بن إبراهيم آل الشَّيخ، وأخوه الشَّيخ عَبداللطيف بن إبراهيم آل الشَّيخ، والشَّيخ سعود بن رشود، والشَّيخ إبراهيم بن سليمان، والشَّيخ عَبدالرحمن بن قاسم.

 

وفي عام (1376هـ) تخرَّج في كلية العلوم الشرعيَّة (الشريعة حاليًّا) بالرياض، وكان ترتيبه الأول، وكان يكتُبُ في بعضِ الصُّحف في مواضيعَ متعدِّدة قبلَ أن يتخرَّج في الكلية، كما كان مشتغلاً وقتها بتأليف وتنقيح كتابه: "الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية" الذي طُبِع بعد تخرُّجه.

 

وقد تولَّى - رحمه الله - بعد تخرُّجه رئاسةَ تحرير صحيفة اليمامة، بترشيح من سماحة الشَّيخ العلاَّمة محمد بن إبراهيم - رحمه الله - ثم أسس صحيفة الدعوة، وكان لمقالاته التي عاصر فيها مشكلات العالم الإسلامي أثرُها البالغ داخليًّا وخارجيًّا؛ حيث سرعان ما مُنعَ من الكتابة، وفُصِل من عمله على إثر إحدى تلك المقالات في 15/ 8/ 1389هـ.

 

أما حياته العملية، فقد عمل فورَ تخرُّجه من كلية الشريعة عضوًا بدار الإفتاء، ثم رَغِب في التدريس؛ حيث انتقل إلى التدريس بالمعهد العلمي، ثم نُقِل إلى التدريس بكلية العلوم الشرعيَّة بالرياض، ثم عُيِّن عضوًا في رئاسة القضاة، فعمل مساعدًا لمدير عام المكتبات بوزارة المعارف، وفي 9/ 5/ 1401هـ انتقل من وزارة المعارِفِ إلى جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة، ثم تقاعَد من الجامعة في 1/ 3/ 1409هـ بناءً على طلبه، وتفرَّغ للبحث والتأليف؛ حيث أكملَ بعضَ مؤلَّفاته التي كان قد بدأ في تأليفها، إضافةً إلى تأليفِ عدد من المؤلَّفات الجديدة.

 

ومن أهم مؤلفاته: (الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية)، (نظرات في الشريعة)، (واجب المسلمين في نشر الإسلام)، (العلم والعلماء)، (اليهود والحركات السرية)، (صورٌ من الجهاد)، (الدعوة إلى الله)، (الوَحدة الإسلاميَّة)...، وغيرها الكثير.

 

تقسيم الكتاب:

يعد الكتاب سلسلة من الرُّدود والتعقيبات التي كتبها الشيخ "زيد الفياض" - ردًّا على بعض ما جاء في كتاب "معاوية" لإبراهيم الأبياري، وقد تصرَّف الشيخ "الفياض" فيها بقلمه، وولَّف بين مجموعها في هذه الوُرَيقات، على أمل تنقيح الكتاب بصورة كاملة تامة فيما بعد، والعمل على تبويب فصوله، وتعديل بعض ما جمعه، والإضافة إليه، بعد الرجوع إليه لاحقًا، وقد آثر الشيخ "الفياض" جمعَ كلِّ ما يتعلَّق بفضل معاوية، وما اختص به من حِلْمٍ وسَعةِ صدرٍ وسابقة صحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان الشيخ "زيد الفياض" يريدُ من هذا الكتاب أن يكون دراسةً موسَّعة لشخصية "معاوية" وأثرها في التاريخ الإسلامي، ولكنه اكتفى إلى حينٍ بتدوين هذه الملاحظات على ما جاء بكتاب الأستاذ "إبراهيم الأبياري"، ولم يعُدْ إليه مرة أخرى.

 

وهي ملاحظاتٌ لا تخلو من جملة من الفوائد والإيضاحات الطيبة التي تصحِّحُ بعضَ المطاعن التي جاء بها "الأبياري" في كتابه، وأشار الكاتبُ في تقدمتِه للكتاب أن ما أورده "الأبياري" قريبُ الشَّبَهِ بمطاعن المستشرقين والمنصِّرين، الذين تولَّوا في بدايات القرن العشرين كتابةَ التاريخ الإسلامي من وجهة نظر خاصة بهم، تهدف في المقام الأول إلى تحريف التاريخ الإسلامي وتشويهه؛ نيلاً من الإسلام ورموزه، وتلقَّفَ هذا التاريخَ بما فيه من روايات باطلة وسوء استشهاد تلامذةُ هؤلاء المستشرقين؛ ليُعيدوا تدوير هذه الأكاذيب من جديد، ويبثوها في المدارس والجامعات؛ ليخرجوا جيلاً من أبناء الأمة الإسلامية جاهلاً بتاريخه الإسلامي المشرق؛ حيث رأى هذا الجيل تاريخَه الإسلامي - من خلال هذه الروايات - بمثابة سلسلةٍ من المؤامرات والدسائس والخيانات المتوالية بصورة خبيثة تشكِّكُ في نزاهة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدالتِهم، ورفعهم رايةَ الإسلام في المقام الأول، بعيدًا عن الافتتان بزخرفِ الحياة الدنيا، ومطامع السُّلطة.

 

وقد ردَّ الشيخ "زيد الفياض" على أغلبِ تلك الشبهات بشكلٍ وافٍ، على قدرٍ من الإيجاز، في بيان كل شبهة، وما صحَّ فيها؛ حيث قد حصر أغلب تلك الشبهات والمطاعن والتي وردَتْ في كتاب "الأبياري"، والذي هدف منه الكاتبُ الانتقاص من سيرة "معاوية" في المقام الأول، لا بيان فضله وحسن بلائه في الإسلام، وقد بيَّن الشيخ "الفياض" في مقدمة الكتاب أسَفَه لوجود مثل هذا الكمِّ من الأخطاء في كتاب يصدُر عن "مؤسسة أعلام العرب" دون أي مراجعةٍ أو تنقيح لِما جاء بكتب تلك السلسلة التاريخية من تحريفٍ وتشويهٍ للتاريخ ورموزه.

 

وجاءت عناوين مباحث الكتاب على النحو التالي:

المقدمة

معاوية في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -

في عهد الخلافة الراشدة

معاوية أميرًا للشام

حكاية خرافية

تدبير الله

زعمه في سبب الخلاف الأموي الهاشمي

أبو سفيان بن حرب

طعنه في معاوية

خلط بين اسمين

حديث المؤاخاة

هل معاوية خليفةٌ أم ملك؟

هند بنت عتبة

إشادة بعتبة بن ربيعة

تشكيك في أحقية عثمان بالخلافة

تناوُله لعليٍّ

خلاف أبي ذر مع عثمان

طعنه في عائشة

طعنه في عبدالرحمن بن عوف

قدحه في طلحة والزبير

غمزه لعبدالله بن عمر

غمزه الحسن بن علي

طعنه في أبي قحافة

طعنه في عمرو بن العاص

بعض أقوال الصحابة والسلف الصالح في معاوية

 

فضل معاوية بن أبي سفيان، وصحبتُه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

قال عبدالله بن المبارك - رحمه الله -: (معاوية عندنا محنة؛ فمَن رأيناه ينظُر إليه شَزرًا، اتَّهمناه على القوم)، يعني: الصحابةَ.

 

معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - من صحابةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن كَتَبةِ الوحي له، استوثَقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القرآنِ الكريم، ودعا له - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((اللهم اجعله هاديًا مَهْديًّا))؛ رواه الترمذي، وقال: حسن غريب.

 

وهو من المجاهدين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهدِ خلفائه، ومن خير الولاة؛ ففي عهد عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - ذهب مع الجيش الإسلامي لفتح الشام من الروم تحت إمرةِ أخيه "يزيدَ بن أبي سفيان"، وجعَل عمرُ يزيدَ على الشام، فلمَّا توفَّاه الله جعل مكانه أخاه معاوية؛ لِما بلغه من دهائه وحُسن خُلقه، ورُوِي أنه ذُكر أمام عمر بن الخطاب دهاءُ كسرى وقيصرَ وحُسْن تدبيرهما، فقال: أتذكرون كسرى وقيصرَ عند معاويةَ بالشام؟!

 

وفي عهد عثمان بن عفان، كان على رأس الجيش الذاهب لفتح قبرص في أول معركة بحرية للمسلمين، وجاء في شأن هذا الجيشِ وفضلِه نبوءةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَّل جيشٍ من أمَّتي يركبون البحرَ قد وجبت لهم الجنةُ)).

 

وفي عهد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حدثت الفتنةُ بين الصحابة، وكان كلُّ فريق يتأول ما معه من حق، وكان معاويةُ يطالب بدمِ عثمان ممَّن قتَله في جيش علي - رضي الله عنهم - وأخطأ معاويةُ في اجتهاده؛ لقول الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: ((تقتتلُ طائفتانِ من أمَّتي، ثم تخرُج خارجةٌ تقتُلُها أَوْلى الطائفتين بالحقِّ))، ثم قُتلَ سيدنا علي بن أبي طالب على يد الخوارج، وبايع الحسنُ بن علي - رضي الله عنهما - بعدها معاويةَ بالخلافة، وسُمِّي ذلك العامُ بعام الجماعة؛ حيث اجتمعت جماعة المسلمين تحت إمرة أمير واحد، وهو "معاوية بن أبي سفيان".

 

وولِي معاويةُ أَمْرَ المسلمين فأصلَح فيهم، وسار بينهم بالعدل، ووافَقه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حُكمه وسيرته فيهم، وكان معاويةُ مشهورًا بسَعةِ الصَّدر والحُنْكة في إنزال الناس منازلهم، حتى شهِد له القاصي والداني بحُسن السياسة، واستؤنفت حركة الفتوحات الإسلامية في عهده، والتي كانت قد توقَّفت وقت اقتتال المسلمين فيما بينهم.

 

زعم "الأبياري" في سبب الخلاف الهاشمي - الأموي:

يُرجِع "إبراهيم الأبياري" في كتابه "معاوية" جذورَ الخلاف بين سيدنا علي ومعاوية إلى الخلاف القديم بين بني عبدشمس وبني هاشم، وكأنَّ كل هذه السنوات من الإسلام والجهاد في سبيل الله لم تُزِلْ رواسبَ الجاهلية من نفوس صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم!

 

يقول "الأبياري" في ص 10: "وكان يسيرًا ألا يحقدَ عبدشمس على أخيه هاشم غناه، وكان يسيرًا على عبدشمس ألا يحقدَ على أخيه هاشم جاهَه، فهذا وذاك كسبٌ إن لم ينَلْه عبدُشمس حينًا فقد يناله حينًا آخر، ولكن غير يسير على عبدشمس ألا يحقدَ على أخيه هاشم ما آثَره به قومه؛ فأفردوه بالرياسةِ دونه، وجعلَوه عليه وعليهم ملكًا.

 

ويموت هاشم، فلا تُرَدُّ الأمور إلى أخيه عبدشمس، بل يتلقَّفها عبدالمطلب بن هاشم، ويموت عبدشمس ويخلفه ابنُه أميَّة ليرى الجاه الذي حُرِمه أبوه، فنغَّص عليه حياته في يد عبدالمطلب بن هاشم، فينغِّص عليه هو الآخرَ حياته، ويلي عبدالمطلب أمرَ قريش فلا يني جاهدًا في أن يضيف إلى الشَّرف الموروث شرفًا مكسوبًا؛ يُطعِم الطعام فيرتضيه الناس ويحبونه، ويحفِرُ الله زمزم بيديه، فيعلو صِيتُه، ويسوق أبرهةُ جيوشه لهدم الكعبة، ويخرج إليه عبدُالمطلب يكلِّمه فيما جاء له، ويتلبَّث الناس فيرون جيوش أبرهة قد حصدها الموتُ بتدبير السماء، فيعدُّون عبدالمطلب ميمونًا، ويزدادون له حبًّا، وبه تعلقًا".

 

ويقول أيضًا ص 265: "وكما أخذ الأمويون الملك من الهاشميين، استردَّ الهاشميون الملك من الأمويين، وكما فعل الأمويون بالهاشميين من قتلٍ وتشريد، فعَل الهاشميون بالأُمويين من قتل وتشريد".

 

وهذا من أعظم تجنِّي المؤلف على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى بني أميَّة عامةً، ومعاوية خاصةً، ولا ندري أي مُلك أخَذه الأمويين من الهاشميين؟! فقد كان النزاعُ منحصرًا بين عليِّ بن أبي طالب وابنه الحسن من جهة، وبين معاويةَ من جهة أخرى، وتولى عليٌّ، وهو رابع الخلفاء الراشدين، ثم تولى الحسنُ ستة أشهر، وتنازَل الحسن عنها لمعاوية؛ رغبةً في حقن دماء المسلمين، وجمعهم على كلمة رجل واحد، ووقَع ما أخبر به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - في قوله عن الحسن: ((إن ابني هذا سيِّدٌ، ولعل الله أن يُصلحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)).

 

كما أن تعبير المؤلف عن هاشم وبنيه من بعده يوهم بأن هاشمًا وعبدالمطلب كانا ملِكين، وهو غير صحيح، فكل ما كان لهما هو رياسة وزعامة من فضلهم وسبقهم إلى الخيرات في مكة، ولا ندري ما المُلك الذي قصده الكاتبُ في التنازع بين بني هاشم وبني أمية، وعلي بن أبي طالب خليفة راشد بشورى المسلمين وإجماعهم.

 

كما أن تعبير المؤلف في حادثة جيش أبرهة تعبيرٌ غريب عجيب: "ويتلبَّث الناس فيرون جيوش أبرهة قد حصدها الموتُ بتدبير السماء"، يقول "الفياض" تعليقًا: "وهذا التعبيرُ الذي استعمله المؤلِّف لا يتمشَّى مع ما يؤمن به المسلمون من أن ذلك كان بتدبير الله، وليس بتدبير السماء؛ لأن السماء مخلوقةٌ مُدَبَّرة - بفتح الباء المشدَّدة - وليس لها تدبير"؛ ص 15.

 

كما وقَع "الأبياري" في خطأ آخر في قوله: "ويموت هاشم، فلا تُرَدُّ الأمور إلى أخيه عبدشمس، بل يتلقَّفها عبدالمطلب بن هاشم"، والصواب أن الذي تولَّى ما كان يتولاه هاشم هو المطَّلب، وهو أصغر إخوته سنًّا، وقد كان عبدالمطلب صغيرًا آنذاك.

 

وقد وقع "الأبياري" في خطأ آخر في رواية ذلك الخلاف، ذاكرًا أن سبب كفر العربِ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خوفُهم أن يعلوَ به الهاشميون عليهم، لا تنكرًا للدِّين!

 

وهذا غيرُ صحيح، بل عزَّ على قريش أن تترك دين آبائها وأجدادها، ووجَدوا لذلك ثقلاً أن يكون آباؤهم وأجدادُهم في ضلال مبين، ومن أهل النار؛ قال - تعالى -: ﴿ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ * أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ﴾ [ص: 4 - 8]، وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 170].

 

بل إن قريشًا عرَضت على محمدٍ الرياسةَ والجاهَ والمال في إحدى فترات المساومة؛ لإغرائه لتركِ دعوته الجديدة، وذهبوا إلى أبي طالب عمِّ النبي - الذي ظل مشركًا حتى وفاته - على أملِ أن يَثنيَ ابنَ أخيه عن هذه الدعوة، ولكن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بيَّنَ أن دعوتَه ليست من أجل رياسة أو سلطان، وقال لعمه: ((يا عم، والله لو وضَعوا الشمسَ في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهِرَه اللهُ أو أهلِكَ فيه، ما تركتُه)).

 

وقد بالَغ المؤلِّفُ في تضخيم الخلاف بين الأمويين والهاشميين؛ حتى إنه جعَل خلاف أبي سفيان للرسول في أوَّل أمره، وقبل أن يُسلِمَ أبو سفيان عام الفتح، منشؤُه العداءُ بين الأمويين والهاشميين، وهذا من أعجبِ التفسيرات للتاريخ الإسلامي التي أخَذها العرب من المستشرقين، بل إنه يُبالِغُ في هذا العداء حتى مع إسلام أبي سفيان؛ قال "الفياض":

"فالمؤلِّفُ يطعن عليه كثيرًا، ويتَّهمه في دِينه، ويصوِّره في مواضعَ كثيرة من الكتاب على أنه إنما أسلَم طمعًا وخوفًا، لا رغبة في الدِّين، أو حبًّا للإسلام، أو قناعةً بما جاء به الرسولُ من عند الله، وأنه استمرَّ على ذلك نفاقًا!"؛ ص 44.

 

إسلام أبي سفيانَ بن حرب:

يطعَنُ الكاتبُ في إسلام أبي سفيانَ والدِ معاوية، بل ويعتمدُ على بعضِ الروايات في مروياتِ السيرة عن بعض الألفاظ التي صدرت عن أبي سفيان حال عدم تمكُّنِ الإيمان من قلبِه، "ولا ريبَ أن حديثَ العهد بالإسلام ليس مثلَ متقدِّم الإسلام، لا في معرفة الحقِّ، ولا في رسوخِ الإيمان.

 

ولذلك كان السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصارِ لهم من الفضل والثَّوابِ والدَّرجات العُلَى، ما ليس لِمَن بعدهم، حتى لو أنفَق أحدُهم مثلَ أُحُدٍ ذهبًا ما بلَغ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه"؛ ص 46.

 

ويورد "الأبياري" خبرًا رواه البلاذري وهو ينقُلُ عن الميداني أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعكرمةَ بن أبي جهل: ((أقاتَلْتَني وأنت تعلم أني رسولُ الله؟))، قال: لا، وقال لأبي سفيان مثل ذلك، فقال: قد علمتُ أنك صدوقٌ لا تكذب، وإنما قاتلناك لأنك تعلَمُ حالي في قريش، وجئتَ أمرًا لا يبقى معه شرف، فقاتلناك حميةً وكراهة أن يذهَبَ شرفي.

 

يقول "الأبياري" بعد إيراده هذه الرواية: "وهكذا أفصح أبو سفيان عمَّا في نفسه، وعمَّا في نفس قومه، مما يحمله ويحملونه لهذا البيت الهاشمي، وما أُنسيه أبو سفيان وما أنسيه قومُه حين أسلموا، ولكنه اختفى ليَظهر بعده شيءٌ آخر".

 

ولا ندري أي شيء آخر قد أبطنه أبو سفيان؟! وقد حسُن إسلامُه فيما بعدُ، وإسلامُ بَنِيه، وأبلَوْا بلاءً حسنًا في القتال تحت راية الإسلام في عهد خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

يقول الشيخ "زيد الفياض" تعليقًا:

"ونحب أن نناقش المؤلِّفَ في نقطتين:

الأولى: في سند هذا الحديث ومقدار درجته جودة وضعفًا.

الثانية: في استنتاجه الذي يقسره قسرًا، ويحمل الكلام ما لا يحتمل.

 

وهو بذلك يوهم أن دعوةَ الرسول كانت امتدادًا للخلاف الأموي الهاشمي المبالَغ فيه، وكأن الرسولَ لم يأتِ لتبليغ رسالة الله، وإنما قام ليتحمَّل أعباءَ المُلك الذي ورِثه عن آبائِه وأجداده!"؛ ص 48.

 

بين معاويةَ وعليٍّ - رضي الله عنهما -:

يستمرُّ "الأبياري" في تصوُّره المُجحِف عن حادث الفتنة الذي حدَث بين الصحابة على عهد الخليفة الراشد "علي بن أبي طالب"؛ حيث يرى أنه امتدادٌ للخلاف الهاشمي - الأموي القديم منذ ما قبل الإسلام، وهذا المفهوم ظلَّ يدندن حوله طيلة روايتِه تفاصيلَ ذلك الصراع الذي كان لكل فريقٍ فيه اجتهادُه الخاص، يقول "الأبياري" ص 177: "ووراء المسألة شيءٌ قديم، هو هذا الخلاف الأوَّل بين الأمويين والهاشميين، وقد دخل الهاشميون الدنيا، والدِّينُ في أيديهم، منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أهلُه وحفدته، فكانوا أشدَّ حفاظًا لهذا الدِّين الذي به عزَّ قومُهم وعزَّ مع قومهم الناسُ قاطبةً، ودخل الأمويون الدنيا - أو أرادوا أن يدخلوها - وليس في أيديهم هذا الدِّينُ، لا نقول: إنهم كانوا غيرَ مؤمنين ولا غير مسلمين، إنما نعني أن هذا الدِّينَ لم يكن صاحبُه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منهم، الذي عزَّ به الهاشميون عليهم، وسلبوهم الدنيا فيما ظنُّوا به، وكانوا يريدون أن يقضوا على الدنيا التي سلبوها باسمِ هذا الدين؛ من أجل ذلك دخلوا الدنيا أو أرادوا أن يدخلوا هذه الدنيا من طريق آخر، هو طريق المُلك؛ لهذا جعَل معاويةُ الأمرَ بينه وبين عليٍّ تِرَةً ومطالبةً بدمٍ".

 

وفي ص 178 يقول: "فما من شك في أن عليًّا كان يقدِّر معاوية، ولكنه كان يجدُ عليه بهذا الذي ذاع عنه وشاع أيام عثمان، والذي كان يعلمه عنه من دَأَب وحرص على أن يهيئَ للأمويين على حساب الهاشميين".

 

ويفتري "الأبياري" على معاوية، فيرى أن نزاعه كان للدنيا وللمُلك، ولإعادة مُلك بني أميَّةَ القديم، بل ولا يتورَّع عن وصفِه بصفات تجعله أشبه برجال العصابات!، فيتهمه من غير دليل بقتل "الأشتر النخعي" والي مصر من قِبَل علي، وقد فصَّل في موضوع الفتنة بين عليٍّ ومعاوية بأفضلِ بيان شيخُ الإسلام "ابن تيمية" في مجموع فتاواه [ج 4]، وقد انتقى منها الشيخ "زيد الفياض" ما يفيدُ بنزاهة معاوية وتحرِّيه الحقَّ في نزاعه مع عليٍّ، وأنهم لم يكونوا أهل دنيا، بل كان نزاعهما مثالاً لِما يحدث بين الأقران في بعض الأحيان من نزاع وخصومة، وأن هذه من طبيعة البشر، مع حفظ مكانة الصحابة، وأنهم كلَّهم أخيار عدول، وقد أفاد هذا النزاعُ في معرفة كيفية التعامل مع هذه النوازل والفتن لمن جاء بعدهم، بما ترتب عليها من أحكام تحراها الصحابةُ - رضوان الله عليهم.

 

يقول ابن تيمية - قدس الله روحه -:

"ومَن قال عن معاوية وأمثاله ممَّن أظهر إسلامه وصلاته وحجه وصيامه: إنه لم يُسلِمْ، وإنه كان مقيمًا على الكفر، فهو بمنزلة مَن يقول ذلك في غيره، كما لو ادَّعى مُدَّعٍ ذلك في العبَّاس وجعفرٍ وعَقيل، وفي أبي بكر وعمر وعثمان، وكما لو ادَّعى أن الحسنَ والحسين ليسا ولدَيْ عليِّ بن أبي طالب، إنما هما أولادُ سلمانَ الفارسي، ولو ادعى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوجِ ابنتَيْ أبي بكر وعمر، ولم يزوِّجْ بنتيه عثمانَ، بل إنكار إسلام معاوية أقبحُ من إنكار هذه الأمور؛ فإن منها ما لا يعرفُه إلا العلماءُ.

 

وأما إسلام معاوية وولايته على المسلمين والإمارة والخلافة، فأمرٌ يعرفه جماهيرُ الخَلق، ولو أنكَر منكِرٌ إسلامَ علي أو ادَّعى بقاءه على الكفر، لم يحتجَّ عليه إلا بمثل ما يحتج به على من أنكَر إسلام أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وغيرهم، وإن كان بعضُهم أفضلَ من بعض؛ فتفاضُلُهم لا يمنع اشتراكهم في ظهور إسلامهم.

 

وأما قول القائل: إيمان معاوية كان نفاقًا، فهو أيضًا من الكذِبِ المختلَق؛ فإنه ليس في علماء المسلمين من اتهم معاويةَ بالنفاق، بل العلماء متَّفقون على حُسن إسلامه، وقد توقَّف بعضُهم في حُسن إسلام أبي سفيان أبيه.

 

وأما معاوية وأخوه يزيد، فلم يتنازعوا في حُسن إسلامهما، كما لم يتنازَعوا في حُسن إسلام عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأمثالهم من مُسْلِمة الفتح، وكيف يكون رجلاً متولِّيًا على المسلمين أربعين سنة نائبًا ومستقلاًّ، يصلي بهم الصلواتِ الخمس، ويخطُب، ويعِظُهم، ويأمُرُهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكَر، ويُقيم فيهم الحدودَ، ويقسِمُ بينهم فَيْئَهم ومغانمهم وصدقاتهم، ويحُجُّ بهم، ومع هذا يخفى نفاقُه عليهم كلِّهم؟! وفيهم من أعيان الصحابة جماعة كثيرة، بل أبلغ من هذا أنه - ولله الحمد - لم يكن من الخلفاءِ الذين لهم ولاية عامة من خلفاء بني أمية وبني العباس أحدٌ يُتَّهم بالزَّندقة والنِّفاق، وبنو أمية لم يُنْسَب أحدٌ منهم إلى الزندقة والنفاق، وإن كان قد يُنسَب الرجل منهم إلى نوعٍ من البدعة، أو نوع من الظُّلم، لكن لم يُنسب أحدٌ منهم من أهل العلم إلى زندقة ونفاق.

 

واتفق العلماءُ على أن معاويةَ أفضلُ ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاءَ نبوة، وهو أول الملوك، كان مُلكه مُلكًا ورحمة...".

 

ويقول أيضًا:

"ثم إنه بقي في الشام عشرين سنة أميرًا، وعشرين سنة خليفة، ورعيتُه من أشد الناس محبةً وموافقة له، وهو من أعظمِ الناس إحسانًا إليهم، وتأليفًا لقلوبهم، حتى قاتَلوا معه عليَّ بن أبي طالب، وصابروا عسكرَه إلى أن قاوَموهم وغلَبوهم، وعليٌّ أفضلُ منه وأعلى درجة، وهو أَوْلَى بالحقِّ منه باتِّفاق الناس، وعسكرُ معاوية يعلمون أن عليًّا أفضلُ وأحقُّ بالأمر منه، ولا ينكِرُ ذلك منهم إلا معانِد أو مَن أعمى الهوى قلبَه، ولم يكن معاويةُ قبل تحكيم الحَكَمين يدَّعي الأمر لنفسه، ولا يتسمى بأمير المؤمنين؛ وإنما ادَّعى ذلك بعد حُكم الحَكَمين، وكان غيرُ واحد من عسكر معاوية يقول له: لماذا نُقاتِلُ معك عليًّا وليس لك سابقتُه ولا فضلُه ولا صِهرُه، وهو أَوْلَى بالأمر منك؟ فيعترف لهم معاوية بذلك.

 

لكن قاتَلوا مع معاوية لظنِّهم أن عسكرَ عليٍّ فيهم ظَلَمَة يعتدون عليهم، كما اعتدوا على عثمان، وأنهم يقاتلونهم دفعًا لصيالهم عليهم، وقتال الصائل جائز؛ ولهذا لم يبدَؤُوهم بالقتال حتى بدأهم أولئك.

 

ولهذا قال الأشترُ النخعي: إنهم يُنصَرون علينا؛ لأنَّا نحن بدأناهم بالقتال، وعلي - رضي الله عنه - كان عاجزًا عن قَهْر الظَّلمة من العسكرَينِ، ولم يكن أعوانُه يوافِقونه على ما يأمُر به، وأعوان معاوية يوافِقونه، وكان يرى أن القتالَ يحصُلُ به المطلوب، فما حصَل به إلا ضدُّ المطلوب.

 

وكان في معسكر معاويةَ مَن يتَّهم عليًّا بأشياءَ من الظُّلم، هو بريءٌ منها، وطالبُ الحقِّ من عسكر معاوية يقول: لا يمكنُنا أن نُبايعَ إلا مَن يعدِلُ علينا ولا يظلِمُنا، ونحن إذا بايعنا عليًّا ظلَمَنا عسكرُه كما ظلموا عثمان، وعليٌّ إما عاجزٌ عن العدل علينا، أو غير فاعل لذلك، وليس علينا أن نبايعَ عاجزًا عن العدل علينا، ولا تاركًا له.

 

فأئمَّة السنَّة يعلَمون أنه ما كان القتال مأمورًا به، ولا واجبًا، ولا مستحبًّا، ولكن يعذِرونَ مَن اجتهد فأخطأ".

 

ويقول أيضًا:

"وكان من أحسنِ الناس سيرةً في ولايته، وهو ممَّن حسُن إسلامُه، ولولا محاربتُه لعلي - رضي الله عنه - وتولِّيه المُلْك لم يذكُرْه أحدٌ إلا بخير، كما لم يذكر أمثاله إلا بخير، وهؤلاء مسلِمةُ الفتح - معاويةُ ونحوه - قد شهِدوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عِدَّة غزوات؛ كغزوة حُنين، والطائف، وتبوكَ، فله من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله ما لأمثاله".

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته "الوصية الكبرى":

"... ونعلَم مع ذلك أن عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان أفضلَ وأقرَبَ إلى الحقِّ من معاوية وممَّن قاتَله معه؛ لِما ثبَت في الصحيحين عن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((تمرُق مارقةٌ على حين فُرقةٍ من المسلمين، تقتُلُهم أدنى الطائفتين إلى الحق)).

 

وفي هذا الحديث دليلٌ على أنه مع كل طائفةٍ حقٌّ، وأن عليًّا - رضي الله عنه - أقرَبُ إلى الحقِّ.

 

وأمَّا الذين قعَدوا عن القتال في الفتنة؛ كسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وغيرهما - رضي الله عنهم - فاتَّبعوا النصوص التي سمعوها في ذلك عن القتال في الفتنة، وعلى ذلك أكثرُ أهل الحديث".

 

هل معاوية خليفةٌ أم ملِك؟

خلط "الأبياري" في مؤلَّفه في بيان فترة حُكم معاوية، وهل كانت مُلكًا أم خلافة راشدة؟ ففي خلال كتابه نراه يصرِّح بروايتين متناقضتين تمام التناقض، فيصف معاويةَ بأنه كان ملِكًا "داهية"، وبعدها مباشرة يصِفُه بأنه أول خلفاءِ بني أمية، يقول الأبياري ص 264: "وكما نال معاويةُ مُلكَه بالدَّهاء وبالتدبير، كان الحظُّ في جانبه إلى أمدٍ كبير، ساير الحظ هذا التدبير، ومكَّن الاثنان معًا لمعاوية أن يُنشِئَ هذه الدولة الأموية، التي كان هو أوَّل خليفة فيها، بدأت خلافتُه على التحقيق بعد أن قُتِل عليٌّ - كرَّم الله وجهه - سنة أربعين، وبقي خليفةً إلى أن مات سنة ستين...".

 

وهو ما يُبرِزُ جهل "الأبياري" بطبيعة حُكم سيدنا معاوية، والحق أن معاويةَ كان من الحكَّام الصالحين الأتقياء، وكان صاحبَ رأيٍ وقضاء، ولم يُسمِّه أحد من أهل السلف الصالح خليفة، وإن تواتر عنه أنه كان من ملوك الإسلام الصالحين.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"لم يكن من ملوك الإسلام ملِكٌ خيرًا من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملِكٍ مِن الملوك خيرًا منهم في زمن معاوية، إذا نُسِبت أيامُه إلى مَن بعده".

 

وقال أيضًا:

"واتفق العلماءُ أن معاوية أفضلُ ملوك هذه الأمة؛ فإن الأربعةَ قبله كانوا خلفاءَ نبوة، وهو أول الملوك، كان مُلكه ملكًا ورحمة"؛ (الفتاوى: 4/ 47).

 

وقال الذَّهبي:

"أمير المؤمنين، مَلِك الإسلام"، وقال: "معاويةُ من خيار الملوك الذين غلَب عدلُهم على ظُلمِهم".

 

وقال ابن كثير في ترجمة معاوية:

"وأجمعت الرَّعايا على بَيْعته في سنة إحدى وأربعين.. فلم يزَلْ مستقلاًّ بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمةُ الله عالية، والغنائم ترِدُ إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحةٍ وعدل وصفحٍ وعفو"؛ (البداية والنهاية: 8/122).

 

وقال ابن أبي العز الحنفي في (شرح العقيدة الطحاوية):

"وأولُ ملوك المسلمين معاويةُ، وهو خيرُ ملوك المسلمين".

 

بعض أقوال الصحابة والسلف الصالح في معاوية:

اشتهر معاوية بحِلْمِه وكرمه، وحُسن الأناة، والصبر على الأذى والمكاره، وكان مُجلاًّ لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسُوسُ الرعية بالعدل، وعلى نهج سيرة الخلفاء الراشدين المَهديِّين من قبله "أبي بكر وعمر وعثمان وعلي"، وكانت ولايتُه رحمة للمسلمين، وجمعًا لكلمتهم، ورأمًا لهم.

 

قال الحارثُ الأعور: قال عليٌّ بعدما رجع من صِفِّين: أيها الناس، لا تكرَهوا إمارةَ معاوية؛ فإنكم لو فقدتموه لرأيتم الرؤوسَ تندر عن كواهلِها كأنها الحنظلُ؛ (البداية والنهاية: ج 8، ص 130 - 131).

 

وقال قَبيصة بن جابر: ما رأيتُ أحدًا أعظمَ حِلمًا، ولا أكثرَ سؤدُدًا، ولا أبعدَ أناةً، ولا ألينَ مزحًا، ولا أرحبَ باعًا بالمعروف - من معاوية.

 

وقال بعضُهم: أسمعَ رجلٌ معاويةَ كلامًا سيئًا شديدًا، فقيل له: لو سطَوْتَ عليه؟ فقال: إني لأستحي من اللهِ أن يضيقَ حِلْمي عن ذنبِ أحدٍ من رعيتي.

 

وعن ابن عباس أنه قال: قد علمتُ بِمَ غلَب معاويةُ الناسَ؟ كان إذا طاروا وقَع، وإذا وقَعوا طار.

 

وذكَر بعضهم: كتَب معاوية إلى نائبه زياد: إنه لا ينبغي أن نسوسَ الناسَ سياسة واحدة، لا باللِّينِ فيمرحوا، ولا بالشدةِ فيحملَ الناس على المهالك، ولكن كن أنت للشدةِ والغلاظة والغلظة، وأنا للِّينِ والألفةِ والرحمة، حتى إذا خاف خائفٌ وجَد بابًا يدخُل منه.

 

وعن ابن سيرينَ قال: كان ابنُ الزبير أصلبَ أولاد المهاجرين وأصرمَهم، فدخَل مع معاويةَ البيتَ الحرام وكان للحسين حاجةٌ، فأبى معاويةُ أن يقضيَها، فأخذ ابنُ الزبير بيَدِ معاويةَ فغمَزها، فقال معاويةُ: خلِّني، فقال: لا والله، تقضي حاجةَ حُسينٍ أو لأكسِرَنَّ يدَك، قال: فقضاها، فقال له ابنُ الزبير: يا أمير المؤمنين، أكنتَ تراني كاسرًا يدَك؟ قال: ما كنتُ آمَنُك على ذلك.

 

وقال سعيدُ بن عبدالعزيز: لَمَّا قُتلَ عثمانُ لم يكن للناس غازية تغزو، حتى كان عام الجماعة، فأغزى معاويةُ أرضَ الروم ستَّ عشْرةَ غزوةً، تذهب سرية في الصيف، وتشتو بأرض الرُّوم، ثم تقفُلُ وتعقُبُها أخرى.

 

وقال ابن خَلِّكان في كتابه "وفَيَات الأعيان": "ونقل أبو علي الغسَّانيُّ الجُبَّائي أن عبدَالله بن المبارك سُئِل: أيهما أفضل: معاويةُ بن أبي سفيان أم عمر بن عبدالعزيز؟ فقال: واللهِ إن الغبارَ الذي دخَل في أنفِ معاويةَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ مِن عمرَ بألفِ مرة؛ صلَّى معاويةُ خلف رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: سمِع الله لِمَن حَمِده، فقال معاويةُ: ربَّنا ولك الحمد".

 

• روى ابن عساكر عن أبي زُرعةَ الرازيِّ أنه قال له رجل: إني أُبغِضُ معاويةَ، فقال له: ولِمَ؟ قال: لأنه قاتَل عليًّا، فقال له أبو زرعةَ: ويحَكَ، إن ربَّ معاويةَ رحيمٌ، وخصمُ معاويةَ خصمٌ كريم، فأَيْشٍ دخولك أنت بينهما - رضي الله عنهما؟!

 

• وقال الأوزاعي: سُئِل الحسنُ عمَّا جرى بين عليٍّ وعثمان، فقال: كان لهذا سابقة ولهذا سابقة، ولهذا قرابة ولهذا قرابة، فابتُلِي هذا وعُوفِي هذا.

 

• وسُئِل عمَّا جرى بين عليٍّ ومعاوية، فقال: كانت لهذا قرابة ولهذا قرابة، ولهذا سابقة ولم يكن لهذا سابقة، فابتُلِيَا جميعًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: الجذور التاريخية لإرساليات التنصير الأجنبية في مصر (1756 : 1986)
  • عرض كتاب: الجمل ( التاريخ الطبيعي والثقافي )
  • عرض كتاب: الغراب ( التاريخ الطبيعي والثقافي )
  • عرض كتاب: الرائحة أبجدية الإغواء الغامضة
  • عرض كتاب: الجرذ التاريخ الطبيعي والثقافي
  • عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
  • عرض كتاب : المكتبة في الليل
  • عرض كتاب: الغرب يتراجع عن التعليم المختلط

مختارات من الشبكة

  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) للعلامة المصطفوي (كتاب فريد)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • دفاع عن أبي هريرة رضي الله عنه (عرض كتاب)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • عرض كتاب: صناعة الكتاب المدرسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عرض لكتاب: دفاع عن محمد صلي الله عليه وسلم، ضد المنتقصين من قدره(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب: ابن زيدون(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب: ذاتية السياسة الاقتصادية الإسلامية وأهمية الاقتصاد الإسلامي للدكتور محمد شوقي الفنجري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب: البهاء زهير، للدكتور عبد الفتاح شلبي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب "رعاية الأسرة المسلمة للأبناء: شواهد تطبيقية من تاريخ الأمة للدكتور عبدالحكيم الأنيس"(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- سؤال
محمد عثمان الشربيني - مصر 10-04-2014 03:25 PM

كنت أسأل بارك الله فيكم عن هذا الكتاب هل هو مرفوع على الشبكة أم لا

رد مدير المسابقة:

شكرا لك والكتاب منشور في الموقع على الرابط:

http://www.alukah.net/Web/fayad/10670/22984/

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب