هل أتزوج رجلا أصغر مني بسنتين؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أهلاً بكِ عزيزتي في شبكة الألوكة.

قبل أن نُناقشَ أيًّا مِن تفاصيل رسالتك، دعيني أسألك: لماذا تريدين أن تتزوَّجي؟ وما هدفك من الزواج؟ وما الأمر الذي ستُحَقِّقينه على المستوى الشخصي والنفسي والأسري بزواجك؟

وما شكْلُ الحياة التي تريدين أن تعيشيها مع زوجك؟ وكيف هي العلاقة التي تتمنين أن تجمعكما؟

ما تعيشينه مِن عقدة نقص وشعور بالخوف أن فُرَص الزواج تقِلُّ وأنتِ ما زلتِ في السادسة والعشرين من العمر - هو هَمٌّ تعيشه معكِ نصفُ فتيات الوطن العربي، فعاداتُنا وتقاليدُنا قيَّدتْنا بضرورات وواجبات علينا أن نتبعَها ولا نخالفها بدون تفكير أو دراسة للأمر: علينا أن نتزوَّجَ قبل أن يفوتنا القطار، ولا يهم إلى أين سيأخذنا هذا القطار، المهم أن نركبه سريعًا، وبعد الزواج يجب أن تُنجبي مباشرة حتى لا يتكلم الناس، ويقولوا: عقيم، أو: زوجها لا يريدها، أو بينهما مشاكل، بغضِّ النظر عما إذا كان الزوجان جاهزين للإنجاب وتربية الأبناء أو لا!...

هذه الأفكارُ كانتْ سببًا غير مباشر في أن كثيرًا من الزواجات فشلتْ، وانتهت بالطلاق؛ لأن الاختيار كان قائمًا على الخوف من فوات القطار، وليس المواصفات والرغبات الشخصية!

عدم ارتياحك للخطاب الذين تقدموا لكِ أمرٌ طبيعي؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام حين أمر المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه أن ينظُرَ إلى مَن خطبها قال له: ((اذْهَب فانظُر إليها، فإنَّهُ أحْرَى أن يُؤْدَمَ بينَكُما، ففعلَ فتزوَّجَها))؛ حديث صحيح.

ومِنْ ثَمَّ إن تمت النظرةُ الشرعيةُ، ولم تشعري بالراحة، فهذا دليلٌ قلبي على أنَّ الشخص لا يَصْلُح لكِ وروحه لم تتواءَمْ مع روحك، وقد يقولُ لكِ مَن حولكِ: إنكِ خائفة وما إلى ذلك، لكن هناك فرقٌ بين الخوف مِن الزواج وبين عدم الراحة للشخص، وهذا ما شعرتِ به مع الخطَّاب.

الآن وقبل أن نتحدَّث عن الخاطب الحالي، عليكِ أن تفرغي عقلكِ تمامًا مِن أفكار المجتمع التي تقول: إن القطار سيفوتك، وإنكِ كبرتِ على الزواج وصرتِ عانسًا، وإنكِ لن تجدي من يخطبك أو يقبلكِ؛ لأن الزواج رزق مكتوبٌ، والرزاق هو الله رب العالمين، وليس البشر الذين نسمع منهم هذا الكلام، لذا اطمئني أن الله سيرزقكِ بالزوج الذي تتمنينه وترتاحين له في الوقت المناسب تمامًا لك، وليس الوقت الذي يحددونه هم.

وهذا يقودنا للخاطب الذي تَقَدَّم لكِ الآن، وحقيقةً أثني على خلقك حين رفضتِ محادثته، ثم صارحتِ والدتك بأمره، وبالنسبة لعمره الذي يصغركِ بعامين، فالمسألة هنا مُعَقَّدةٌ قليلاً، وتحتاج منكِ قليلاً من الاختبار والتدقيق، فالعادة جرتْ أن يكون الرجل أكبر سنًّا من المرأة؛ لأنه هو الذي بيده القوامة، وفي دراسة حديثة أجرتها جامعة نيوكاسل ببريطانيا في عام 2013 وجدتْ أن مخ الأنثى يبدأ بالنضوج ما بين سن العاشرة إلى الثانية عشرة، أما الذكور فالنضجُ يبدأ لديهم بين سن الخامسة عشرة والعشرين!

وهذه الدراسة تجعلنا نعرف السببَ الذي يجعل المرأة في كل مناطق العالم تُفَضِّل الرجل الأكبرَ سنًّا منها؛ لأنه يكون ناضجًا وملائمًا لها من الناحية الفكرية والعقلية، ولكن هذه ليست قاعدة، فهناك الكثير من الرجال الذين يُظْهِرون نضجًا مميزًا في سن صغيرة، ورسولنا عليه الصلاة والسلام تزوَّج السيدة خديجة وهي أكبرُ منه بخمس عشرة سنة، وهذا يجعلنا نقول: إن الأمر وارد، ولا بأس فيه، ولكن علينا أن ندرسه جيدًا لنعرف هل سيُناسبنا أو لا، مثله مثل أي أمر يُواجهنا في الحياة؟!

• أولاً: عليكِ أن تجيبي عن الأسئلة التي سألتُك إياها في بداية كلامي، فحين تُجيبين عنها، ستتكون عندك نظرة واضحة نوعًا ما عما تريدينه في حياتك الزوجية، وبناءً على هذه النظرة ستعرفين الأمور التي تريدين أن توجدَ عنده، وتعرفين ما هي الأفكار التي تحبين أن تشاركيها معه إن تزوَّجْتُما، ومن ثم تحاورينه وتناقشينه فيها، والتي ترين هل هي موجودة عنده أو لا؟

• عليكِ أن تكوني حذرةً؛ لأنكِ بدأتِ تكلمينه من فترة، ورغم أنكما لم تتجاوزا الحدود، لكنكِ شعرتِ بالراحة تجاهه، وهذا أمرٌ جيد، لكن لا تدعيه يؤثِّر على قرارك، فقرارُ الزواج يجب أن نتخذه بمشاركة المنطق والعاطفة، بدون أن يغلبَ أحدُهما على الآخر!

• عليكِ أن تضعي قائمة بالأمور التي تودين معرفتها عنه، ولا حدود لهذه القائمة، فكلُّ الأسئلة مسموحة ومن حقكِ معرفتها؛ لأنه في المستقبل سيكون زوجك، ولن تكون هناك حدودٌ وخبايا في علاقتكما؛ لذا من حقكِ أن تعرفي كل شيء عنه الآن ومنه شخصيًّا.

• اطلبي منه أن يسألك عن كل ما يريد معرفته عنك، ما الذي جعله لا يُكْمِل دراسته الجامعية؟ هل يهتم بالقراءة والمعرفة ليعوضَ الدراسة الجامعية؟ ما الفارق الذي قد يحصُل بينكما في مستويات العمل والدخل بناءً على هذا الأمر؟ هل عدم إكماله للجامعة يؤثِّر على نظرتك واحترامك له؟

ثم ناقشيه في مسألة فرْق السن بينكما، وكيف يراها مِن وجهة نظره، وما المشاكل المحتمَلة بسببه؟ كيف سيَتَصَرَّف لو شعر يومًا بأنكِ لا تحترمين رأيه لأنه أصغر منكِ؟ كيف ستتصرفين لو شعرتِ أنتِ أنه صغير فعلاً ولا يفهمك؟ كونا واضحين وشفافين جدًّا في هذه المسألة، ولا تتحرجا منها الآن، فبقَدْر شفافيتكما الآن وتفاهمكما على كل الأمور بقَدْرِ ما ستكون الحياة بينكما مستقبلاً هادئة وواضحة!

هذا كل ما لديَّ لكِ عزيزتي، أتمنى أن أكونَ قد أجبت عن كل استفساراتك

ولا تَتَرَدَّدي في استشارتنا مُجَدَّدًا