أبي يرفض معاونتنا له في العمل

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعدُ:

بُني، أشكر لك حُسن تعامُلك مع والدك، وحرصك على برِّه وعدم عقوقه، وأسأل الله أن يجزيكم عن ذلك خيرًا، وأن تَرَوْا أثَر بركم بوالدكم في أبنائكم بإذنه سبحانه.

يبدو من كلامك أن والدك فعلاً يشْعُر بمشكلةٍ معينةٍ، بدأتُم أنتم تعيشون فُصُولها، وهو عدم قدرته على تلبية مُتطلّباتكم، وأن طبيعة عمله لا تُساعده على ذلك.

فعند التقدُّم في العمر يبدأ الإنسانُ بافتقاد وسائل وطرُق الإبداع المختلفة، لكنه يتميَّز بوجود خبرات متراكمةٍ سابقة، والذي يظهر لي - والله أعلم - أن الوالدَ لا يملك سوى خبرةٍ محدودةٍ مكررةٍ، وبسبب تقدُّمه في العمر فهو يفتقد للمهارات الأخرى؛ من التفكير الإبداعي أو الناقد، وكذلك بناء خبرات جديدة؛ لذلك لا أتوقع أن يُغَيِّر عمله، إلا أن يشاء الله.

لكن لا يعني ذلك عدم وجود حلٍّ؛ فلكل داءٍ دواءٌ، وأقترح عليكم الخطوات التالية:

• أن يكون هناك تنسيقٌ بينك وبين إخوتك في أهمية أن يعمل أحدكم في عمل آخر بغير علم والدكم، وبإمكانك استخدام مبدأ التورية مع والدكم.

• ذكرت في رسالتك أنه في إمكانك أن تقوم أنت وإخوتك بإدارة العمل بطريقةٍ تضمن لكم الأرباح - بإذن الله؛ لذلك لا يمنع أن تقوموا بتقسيم العمل بطريقتين:

الطريقة الأولى: العمل الظاهر أمام الوالد بالطريقة التي يراها.

الطريقة الثانية: أن تقوموا بطريقةٍ غير مباشرة وبتنسيقٍ بينكم بالعمل بالطريقة التي تَرَوْنَها مناسبة.

• مِن المهم التدرُّج في كل شيء، فلا تستعجلوا النتائج، فـ((ما كان الرِّفقُ في كل شيء إلا زانه)).

• استعينوا بأهل الخبرة في نفس المجال؛ مِن أجْل تطوير عملكم الحالي.

أخي الكريم، إن لم تُجْدِ الخطوات السابقةُ مع أهمية عدم استِعْجال قطف الثمرة والرِّفق مع الوالد، فلا يمنع أن يكونَ هناك اتفاقٌ واضحٌ بينكم على أن تقوموا بإصلاح العمل بالطريقة المناسبة - بعدَ مشاورتكم للوالدة ولأعمامكم وأخوالكم، وكذلك أصدقاء الوالد - ثم تعديله، ووَضْع الوالد أمام الأمرِ الواقع، لكن برِفْقٍ ولينٍ، وهو ليس من العقوق - بإذن الله؛ فالمقصدُ الإصلاحُ والمساعدةُ، وليس الاستحواذ أو نحوه، وسوف يقتنع الوالدُ مع مرور الأيام بإذن الله، لا سيما عندما يرى النتائجَ الطيبة.

أسأل الله لكم التوفيق والسداد