زواج بالإكراه

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

1- تقدم ابن خالتكِ للزواج منكِ، ولكنه غير مهيأ ماديًّا للزواج، ولا تدرون متى يتهيأ.

2- أنتِ خريجة أزهر، وحافظة لكتاب الله، وتمنين زوجًا مثلكِ.

3- تقدم لكِ عدد من الخُطَّاب على خُلُق ودين، وردتهما أمكِ؛ بسبب رغبتها الشديدة في زواج ابن خالتكِ منكِ.

4- يبدو واضحًا أنكِ لا ترغبين في ابن خالتكِ زوجًا لكِ، ولكنكِ لم تصرحي بذلك لوالدتكِ، وتحججتِ بأنكِ تريدين حافظًا للقرآن مثلك.

5- ومن إصرار أمكِ عليه أنكِ كلما أتيتِ بحجة لرفضه؛ مثل رغبتكِ في زوجٍ حافظ للقرآن، قالت مباشرة، فبدأ يحفظ القرآن.

6- رفض أهلكِ للخاطب الآخر؛ بسبب أنه كان عاقدًا على زوجة، ولم يتم زواجه منها، يبدو أن الرفض ليس لهذا السبب، ولكن لعله بسبب التعلق بابن الخالة.

7- عندكِ الآن خاطب جاهز تمامًا، وعلى خُلُق ودين، وترغبين فيه، لكن أهلكِ متعلقون بابن خالتكِ.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: ما دمتِ غير مرتاحة لابن خالتكِ، وأيضًا هو غير جاهز الآن للزواج، فعليكِ أن تكوني صريحة مع أهلكِ في عدم ارتياحكِ لابن خالتكِ، وعدم رغبتكِ فيه نهائيًّا، وأنكِ تخشين من عدم التوفيق معه؛ ومن ثَمَّ تكون النهاية المأساوية بالطلاق.

ثانيًا: شرعًا لا يجوز لأهلكِ إجباركِ على الزواج ممن لا ترغبين فيه، ويجب عليهم أخذ موافقتكِ على الزوج.

ثالثًا: تجب مناصحة الوالدين من عقلاء العائلة، وكذلك مناصحة ابن خالتكِ بعدم إتمام الزواج لِما يُخشى من العواقب السيئة.

رابعًا: انتظاركِ لابن خالتكِ غير الجاهز للزواج حاليًّا، وأنتِ أيضًا لا ترغبين فيه أمر محفوف بالمخاطر الكبيرة بمستقبلكِ؛ للأسباب الآتية:

1- قد يتأخر كثيرًا ثم بعد ذلك أيضًا تتغير نظرته إليكِ، فينصرف عنكِ.

2- قد يسبب فوات الخاطبين الأكْفَاء.

3- حتى لو حصل الزواج وأنتِ غير راغبة فيه بتاتًا، فقد تحصل مشاكل واختلافات، ثم الطلاق؛ بسبب عدم الألفة بينكما.

خامسًا: يُذكَّر أهلكِ بالحديث الآتي؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا خُطِب إليكم من ترضَون دينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض))؛ [رواه الترمذي].

سادسًا: وأيضًا يذكَّرون بقول الله سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، فيذكَّرون بأنهم لا يدرون أين يكون الخير لابنتهم.

سابعًا: ويذكَّرون بأن مستقبل ابنتهم وسعادتها مطلب عظيم، وأن الاستسلام للعادات والتقاليد والمجاملات قد يضر ابنتهم ضررًا عظيمًا، يندمون عليه ندمًا شديدًا.

ثامنًا: ويذكَّرون بأن ابنتهم أمانة في أعناقهم؛ فيجب عليهم الإحسان إليها، وعدم الإخلال بهذه الأمانة.

تاسعًا: لا تنسَي أهم شيء؛ وهو الإكثار من ثلاثة أمور هي: الدعاء، والاستغفار، والاسترجاع؛ فلها جميعًا أثر عظيم في تفريج الكرب.

حفظكم الله، ووفقكم جميعًا لِما فيه الخير والصلاح.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.