هل أتزوج المتدين أم المنفتح؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فالحمد لله، ليس لديكِ مشكلة أسرية، وإنما تطلبين الرأي في أي الخاطبين توافقين عليه:

الأول: لم يسبق له الزواج، وعلى قدر من الثقافة والجمال والمكانة الاجتماعية، ولكنه مقصر في المحافظة على الصلاة.

الثاني: متدين، وعلى خُلُق، ومحترم، وله مكانة اجتماعية وعلمية، ويحب الدين، لكنه محتاج لزوجة ثانية عاطفيًّا، ثم تقولين: إن التزامه ودينه وخُلُقه مدعاة للدهشة، ولولا أنه مُعدِّد لم تقارنيه بأحد، ثم تقولين: إنكِ ملتزمة وحافظة للقرآن، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: ما دمتِ ذكرتِ أن الأول مقصر في المحافظة على الصلاة، ومنفتح جدًّا، بينما أنتِ ملتزمة وحافظة للقرآن، فإن به آفةً عظيمة جدًّا؛ وهي تساهله في الصلاة التي هي عمود الإسلام، ومَن ضيَّعها فهو لِما سواها سيكون أكثر تضييعًا؛ فالله عز وجل يقول: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الكفر والشرك تركُ الصلاة))؛ [أخرجه مسلم في الصحيح]، وفي مسند أحمد والسنن الأربع بإسناد صحيح، عن بريدة بن حصيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها، فقد كَفَرَ))؛ قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "وهذا وعيد عظيم يدل على كفر تاركِ الصلاة - نسأل الله العافية - ولو لم يجحد وجوبها.

أما إن جَحَدَ وجوبها، كَفَرَ عند الجميع، فإن قال: إنَّ الصلاة ليست بواجبة، صار كافرًا عند الجميع نسأل الله العافية، لكن لو قال: نعم، هي واجبة، ولكنه يتخلف، ولا يصلي؛ فالصحيح: أنه يكون كافرًا بذلك؛ لهذا الحديث الصحيح، وما جاء في معناه، نعم، نسأل الله العافية".

ثانيًا: وأيضًا سيكون هناك تنافر شديد بين استقامتكِ وبين انفلاته، وبين رغباتكِ ورغباته.

ثالثًا: ومن المتوقع حصول اختلافات كثيرة بينكما، وضعف استقرار نفسي.

رابعًا: وأيضًا المرأة بطبيعتها فيها ضعفٌ فطري، وتحتاج إلى سند قوي من الناحية الدينية والنفسية، وإذا فقدت هذا السند ربما انجرفت مع التيار الذي عليه زوجها من ضعف التعظيم لشعائر الله، ومن تقديس زائد لمتع الدنيا وبهرجها، وهذا قد حصل كثيرًا بحيث ضعفت الاستقامة عند بعضهن، وأصبحت الدنيا هي أكبر هَمِّهن.

خامسًا: أما الثاني، فذكرتِ فيه صفات عظيمة جدًّا من الدين والخُلُق والمكانة، ولم ينغِّص عليكِ فيه إلا أنه متزوج حاليًّا، وأنكِ تخشين أن تكوني سببًا لألم زوجته، فأقول: ما دام هذا الخاطب مذكورًا بالخير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن أبي هريرة: ((إذا خُطِب إليكم من ترضَون دينه وخُلُقه فزوِّجوه، إلا تفعلوا، تكُنْ فتنة في الأرض، وفساد عريض))؛ [حسنه الألباني في صحيح الترمذي].

سادسًا: ثم إن التوافق الديني والفكري من الأسباب العظيمة للحياة الزوجية السعيدة، وأعظم من ذلك أنه من وسائل الإعانة على الثبات وزيادة الطاعات.

سابعًا: أما ما ذكرتِهِ من كونه متزوجًا حاليًّا، ومحتاجًا زوجة ثانية، فإن ذلك لا ينقص من قدره شيئًا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان مُعدِّدًا، وكثير من الصحابة كانوا معددين، والتعدد سنة إلهية لمن يقدر عليه ويحتاج إليه، ولا يشرع الله سبحانه شيئًا يكون سببًا لألم الناس، ولكن بعض الناس هم الذين يضخِّمون بعض الأحداث، ويصنعونها؛ منها الألم، أهم شيء هو توفيق المعدد للعدل في البيتوتة والنفقة.

ثامنًا: وعمومًا فوِّضي أمركِ لله سبحانه بالاستخارة، ثم توكلي على الله في القرار الذي تختارينه.

حفظكِ الله، ودلَّكِ على ما فيه صلاح لكِ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.