• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات دعوية / الدعوة والعبادة
علامة باركود

مَن فرَّج كربة عن مسلم فرج الله عنه كرب يوم القيامة

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/2/2011 ميلادي - 15/3/1432 هجري

الزيارات: 25834

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

دكتورة عائشة، أرسلتُ لك رسالة قبلَ قليل، وأنا لم أكمل لكِ، ولم أرتِّب الكلام، وإذا احتجتِ أن أُعيدَ صياغتَها فعلتُ لك ذلك، لكن أنا أكمل ذلك.


استفساري يا غالية، أنِّي لم أستطعْ نسيانَ المشكلة، صحيح أنِّي نسيتُها خلال فترة العلاج الأولى قرابة 9 أشهر، ونسيت المشكلة تمامًا، ودائمة التفكير فيها بشكل غير طبيعي، لدرجة أنِّي أتخيَّل مواقف معها لم أنسها، وأخرى من الخيال.


واسولف معها ومعي في كلِّ لحظة في حياتي، وخصوصًا عند مدارسة العِلم الشرعي والقرآن، والصلاة، وأريد التخلصَ من الروابط، وحتى نسيانها، لا بدَّ لي من ترْك الصلاة والعلم الشرعي والقرآن، حتى يخفَّ عني تخيُّلها.


لكن لا أستطيع، فأنا ما زلتُ أدرس، يا دكتورة، لا أدري لماذا أنا كثيرة التعلُّق بالأشخاص، وخصوصًا الشخصيات اللاَّمعة؛ أي: أذوب في حُبِّها، وأموت فيها؟ مع العِلم أني إنسانة ملتزمة، وأعرف ربِّي، لكن أنصهر في شخصيتها، وأيُّ كلمة تُقال منها أُطبِّقها، وأؤمن بها وأتخيَّل أنَّ شخصيتَها شخصيتي؛ أي: أتقمص شخصيتها، وأنا والله لا أحبُّ ذلك، وأعلم أنَّه غلط، وأنَّ الإنسان مميَّزٌ بشخصيته، وأنا عمري 24 عامًا - لماذا هذا الحبُّ المفرط؟!

 

لذلك أنا أعيش صراعًا مع نفسي، لا أحبُّ العلاقات الشخصية مع الناس المميَّزة؛ لأني أظل أفكِّر فيهنَّ طوال الوقت، وأحلِّل كلامَهنَّ وكلَّ شيء.


تعبت جدًّا، وإلى الآن ما زال ذكراها في خاطري، والذي أقلق منه: كيف إذا تزوَّجتُ، لا أريد أن أغرَق في حبِّ زوجي.


الحب، الحب، تعبت، تعبت! وأنا إنسانة لي هدف، ورسالة واضحة في الحياة، وأنا مُدرِّسة قرآن، ولديَّ ما يشغلني، إلاَّ أنَّ التفكيرَ يستحوذ عليَّ طوال الوقت وأنا أنجز مهامي؛ لذلك قلَّ التركيز والانتباه، وكثُر السرحان.


يا لله، والله لا أدري ما العمل للتخلُّص من هذه الحالة؟

 

أريد أن يكون قلبي أسيرًا لله، لا للناس ولا للدنيا.


مع العلم أنَّ لديَّ من العلم الشرعي ما يُبهر مَن حولي، ويرَوْن أنِّي إنسانة واعية ومثقَّفة، وأني سأصبح من الداعيات الكبريات في الأمَّة.

 

والله، أكثرُ مَن رآني وتكلَّم معي يقول: أسلوبك محبّب وجذَّاب، ويأسِر القلوبَ، خاصَّة أنَّنا نشعر أنَّه خارجٌ من القلب، فلك مستقبل كبير في الدَّعْوة إلى الله - تعالى.


هذا ما يجعل مَن يعرف مشكلتي يحتار؛ كيف وأنا عندي من الحلول، ومن العلم، ولكن لا أستفيدُ منه، وغيري يفرح بعِلمي؟!



يا دكتورة، أرجوكِ أرجوك، ادعي الله لي، والله إذا قلتُ لأصحابي ذلك، قالوا: طبيعي كلُّنا نقع في الإعجاب والحب، هذا شيء طبيعي جدًّا، وأكثر البنات عندهنَّ فراغ عاطفي، ستكبرين وتنسين.


دكتورة، أنا عمري 24 سَنة، تجاوزتُ الحدَّ للتعلُّق والإعجاب، والناس يستطيعون إخراجَ أنفسِهم من العلاقات العاطفيَّة، أما أنا فلا!

 

أُصبت بحالتَين نفسيتين، فأيُّ شيءٍ أكثر مِن هذا الحد؟! والله إنهنَّ لا يشعرنَ بمعاناتي، إلاَّ مَن جرَّب المرض النفسي، وأنا لا أجعل المرض النفسيَّ سببًا لكلِّ هذا، لا، فكما قلت: إنَّ له أسبابًا كثيرة: العين والضغط،...إلخ.

 

أنا لا يَهمُّني ذلك، الذي يهمني أني لا أستطيع ممارسةَ حياتي بهذا الشيء، وأتضايق مِن ضياع وقتي الثمين في تفاهات كهذه، فغيري ينجز ويعمل ويحفظ، وأنا ما زلتُ في هذه المشكلة.

 

 

 

ساعديني بربِّك، ما هي الطُّرُق العملية للتخلُّص من هذا؟ وهل هذا يُسمَّى فراغًا عاطفيًّا؟ وكيف يتمُّ إشباعُه، والتجاوز عنه؟

 

 

 

 

ولقد خطر في بالي حلولٌ لنفسي، أعرضها عليك:
أولاً: التقرُّب من الأهل وحبُّهم، لكن أقول لك: أهلي جافون، صحيح أنَّهم يُحبونني، وصرَّحوا لي بذلك، ولكن لا أشعر بلذَّة الحبِّ والحنان، ونحن عائلة غير متماسكة، وصحيح نحن في بيت واحد، لكن لا أحد يفهم الثاني، أو يحب الجلوسَ معه كثيرًا، مع العلم يا دكتورة أني والله لمدة 6 سنين وأنا أحاول لَمَّ شمل العائلة؛ لأني على يقين أنَّها اللبنة الأولى لحلِّ ثلاثة أرباع مشاكلِ الأسرة، وأنها علاجٌ ناجعٌ لي.

 

  

بماذا تنصحينني؟

ثاينًا: القُرْب من الله، والتعرُّف عليه، ولقد فعلتُ ذلك، لكن تعلمين أنَّ لذَّة القرْب لا تأتي بسهولة.

 

الجواب:

عزيزتي، حيَّاكِ الله، وأهلاً وسهلاً بكِ.

خاطبتِني بدكتورة كثيرًا، حتى شككتُ بأنَّني لستُ المقصودة في خطابكِ؛ فأنا لستُ بطبيبة أولاً، ولا أحمل شهادةَ الدكتوراه ثانيًا، فمِن أين أتيتِ لي بهذا المسمَّى؟! تستطيعين أن تكتبي عائشة هكذا، دون أي مسميات تسبقها، فهذا أحبُّ إليَّ، صدِّقيني.

 

إنَّما أشكركِ من صميم قلبي على ثقتكِ الغالية التي أعتزُّ بها، راجية من الله - تعالى - أن تجدي بين سطوري ما يُريحكِ نفسيًّا وفكريًّا، ويطوركِ للأفضل - إن شاء الله.

 

لم أفهم مقصودكِ في الفقرة الأولى من استشارتكِ: "أنِّي لم أستطعْ نسيانَ المشكلة، صحيح أنِّي نسيتها خلال فترة العلاج الأولى قرابة 9 أشهر، ونسيت المشكلة تمامًا، ودائمة التفكير فيها بشكل غير طبيعي، لدرجة أنِّي أتخيَّل مواقف معها لم أنسها، وأخرى من الخيال، واسولف معها ومعي في كلِّ لحظة في حياتي، وخصوصًا عند مدارسة العلم الشرعي والقرآن، والصلاة، وأريد التخلصَ من الروابط، وحتى نسيانها، لا بدَّ لي من ترْك الصلاة والعلم الشرعي والقرآن، حتى يخفَّ عني تخيُّلها".

 

عن أيِّ مشكلة تتحدَّثين؟ ومع مَن تتحدَّثين؟ وما علاقة الصلاةِ والعِلم بمشكلتكِ؟ حقيقة لم أفهم شيئًا ممَّا كتبتِ يا أمل، فأرجو أن تشرحي لي هذه الجزئية؛ لأتمكنَ من مساعدتكِ على نحوٍ أفضلَ.

 

بصفة عامَّة، يمكننا فكُّ الارتباط الشرطي بين ذكريات الماضي والحاضر، مِن خلال قطْع التفكير فيها حالاً، وبإرادةٍ كاملة، فبمجرَّد أن تخطر الذِّكرى المؤلِمة على خاطركِ اقْطعي التفكيرَ فيها، وانشغلي بأيِّ شيء بين يديكِ، ويا حبَّذا لو كان الشاغل فكريًّا؛ ليستحوذَ على تفكيركِ بالكامل، ويبعدكِ عن الذِّكرى المؤلِمة.

 

أنت شخصيَّة عاطفية، والشخص العاطفي يستغرق طويلاً في التفكير، وهذا الأمر متعِبٌ كثيرًا، حاولي تجرِبةَ هذه الطريقة، وبإذن الله يخفُّ الارتباط تدريجيًّا.

 

مِن أكثر الارتباطات الشرطية الْتصاقًا بالذاكرة: تلك المرتبطة بحاستي الشمِّ والسَّمْع، كالروائح من عطور وبخور، والأصوات كالتِّلاوات القرآنية، وصوت الأذان، هنا نحتاج إلى استبدال الروابط بموضوعات مختلفة لمحوِ الذِّكرى الأليمة من الذاكرة الشَّميَّة أو السمعيَّة.

 

على سبيل المثال لو كنتِ تضعين عطرًا معيَّنًا، وارتبطتْ رائحته بذِكرَى معيَّنة كعرس مثلاً، أو رحلة سفر، أو أي مناسبة أخرى، حزينةً كانتْ أم سعيدة، وأردتِ فكَّ ارتباطها، فالأفضل هنا أن تحوِّلي موضوعَ الارتباط إلى موضوعٍ آخَرَ، بمعنى أن تضعي العطر نفسه لمناسبة مختلفة، كحضور الجامعة مثلاً، بعد مدَّة حين تشمِّين رائحة هذا العطر لن تتذكري الموضوعَ الأول (رحلة السفر مثلاً)، بل ستتذكرين الموضوع الثاني (الجامعة)، وهكذا.

 

جرِّبي ذلك بنفسكِ، فالأمرُ ينجح كثيرًا مع الارتباطات المتعلِّقة بالروائح والأصوات، إنَّما أَعطِي الزمن حقَّه الطبيعي؛ لعلاج المشكلة، اصْبري قليلاً أرجوكِ!

 

بالنسبة لمشكلة التعلُّق، فالنقص العاطفي في البيت هو المتهم الرئيس في حدوث المشكلة، وقلَّة الثقة بالنفس تُسهِم في تضخيمها، لكن تذكَّري بأنَّه من طبيعة الإنسان - أيّ إنسان - أن يُعجب بمَن هو أفضل، أو أجمل، أو أرقى منه فكرًا ونسبًا، وخُلقًا وعلمًا؛ يقول تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [البقرة: 204]، ويقول - تعالى - في المنافقين: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ﴾ [المنافقون: 4].

 

حين نقرأ سيرةَ امرأة فرعون مثلاً، أو السيِّدة مريم بنت عمران - عليها السلام - فمِن الطبيعي أن نعجب بهما، وكيف لا نعجب بهما إن كان الله - تعالى - قد امتدحهما في مُحكم كتابه؟!

 

﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 11 - 12].

 

أمَّا الذوبانُ والانصهار في شخصية الآخَر والتعلُّق العاطفي به، فهو السُّلوك الذي نرفضه؛ لكونِه يمحو شخصيةَ الإنسان بما فيها من حسنات ومزايا خاصَّة.

 

أتساءل: لماذا لا تعملين أنتِ على أن تكوني موضعَ إعجاب الآخرين، بدلاً من أن تُفرِطي في الإعجاب بهم، خصوصًا وأنَّكِ تذكرين عن نفسكِ الكثيرَ من الإيجابيات والحسنات؟!

 

لقد أعجبتِ بالكثيرات مِن حولكِ عدَا شخصًا واحدًا، أتدرين من؟ إنَّه أنتِ؛ لذا أطلب منكِ أن تنظري إلى نفسكِ قليلاً بمِنظار مُنصِف وعادل، فهذه النظرة ستُسهم في تطويركِ لنفسكِ، وصقْل مواهبكِ، وتنمية مهاراتكِ بما يُفيدكِ ويُفيد مجتمعكِ، ويُكسبكِ الثقةَ بنفسكِ، وثِقة الآخرين بكِ، وبالتالي إعجابهم بالخطِّ الخاصِّ الذي رسمتِه لنفسكِ، وسرتِ عليه بشجاعة وثقة.

 

مفهوم الذات مفهومٌ واسعٌ وعميق، وبحر خضمٌّ سنغرق معًا لو تباحثْنا فيه، ففيه أقوالٌ كثيرة يطول شرْحُها؛ لهذا سأقتصر على جانبٍ مهمٍّ من مفهوم الذات - وهو ما يَهمُّنا الآنَ - ألاَ وهو: احترام الذات.

 

على المؤمِن أن يظن بنفسه خيرًا، وما كنتُ لأتوصلَ لذلك، أو أقتنع بهذه الفرضية، لولا أنِّي قرأتها هنا في سورة النور؛ قال - تعالى -: ﴿ لوْلآ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُواْ هَـَذَا إِفْكٌ مّبِينٌ ﴾ [النور: 12].

 

وأظنُّ أنَّ هذا من تكريم الإسلام للذات المؤمِنة، مع العِلْم أنَّ هذا المفهوم حول إحسان الظنِّ بالنفس لا يَتنافى إطلاقًا مع المفهوم العام للتواضُع، ومع ما يجب أن يكون عليه الفردُ المسلِم مِن خُلق.

 

احترامنا لذواتنا يحول بيننا وبين انتهاج أيِّ مسلك خاطئ يُفقِدنا احترامَ الناس لنا، ولا عَلاقةَ لهذا المفهوم بسِنٍّ معيَّنة، فأنا أستطيع أن أزرعه في أبنائي منذ النشأة الأولى؛ لهذا أُحمِّل الأهلَ دائمًا وأبدًا مسؤوليةَ المشكلات التي تنضح بها مجتمعاتُنا اليوم.

 

كررتِ كلمةَ الحب كثيرًا "الحب، الحب، الحب":

الحبُّ دواءٌ ناجع لكثيرٍ من الأمراض النفسيَّة والجسديَّة والاجتماعيَّة، وبودي أن يتمَّ صرفُه في الصيدليات، مثله مثل أيِّ دواء نفسي مصرَّح به! لكنِّي أتفق معكِ على أنَّه قد يصعب - أحيانًا - التحكُّم في جُرعات الحبِّ التي نسقي بها مَن نحب، فالحبُّ كحقن الأنسولين لمرضَى السُّكر، يحتاج إلى يدٍ متمرِّسة لضبطه، وأي زيادة أو نقص في الجرْعة المحدَّدة قد تضرُّ بالشخص المعالَج، لكن بالتأكيد لن يتمَّ العلاجُ واستقرارُ الحالة بدونه.

 

أما حبُّ الزَّوج الذي تخشينه مستقبلاً، فهو مطلب رئيس لنجاح العَلاقة الزوجية؛ ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، والحب بهذا المفهوم هو عبادةٌ ممتعة، نتعبَّد بها لربِّ العِزَّة والجلال.

 

ذكر ابن قيم الجوزية في "روضة المحبين ونزهة المشتاقين": أنَّ "أوَّل حبٍّ كان في هذا العالَم: حب آدم لحواء، وصار ذلك سُنَّة في ولده في المحبَّة بين الزوجين"، وفي كتابه "الجواب الكافي" يقول: "قال الزهري: أوَّل حبٍّ كان في الإسلام حبُّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعائشة - رضي الله عنها - وكان مسروق يُسمِّيها: حبيبةَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم".

 

غَيْرة السيدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها - والتي لا يمكن بحال إخفاؤها وإنكارها - ((غارتْ أُمُّكم))؛ رواه البخاري - هي أولى علامات هذا الحب.

 

تقولين: "والناس يستطيعون إخراجَ أنفسِهم من العلاقات العاطفيَّة، أما أنا فلا ":

فيجب أن تعلمي أنَّ الذين يتمكَّنون من إخراج أنفسِهم بسهولة من العلاقات العاطفية هم ببساطة شديدة لم يُحبُّوا بصِدق، بل لم يتذوَّقوا طعمَ الحبِّ أصلاً.

 

مِن الممكن تسميةُ ما يمرُّون به بنزوات أو مغامرات، أو قلَّة نضج عاطفي، وقلَّة وازع دِيني، أمَّا حب، فلا؛ لأنَّه يصعب نسيانُ الحب الحقيقي، كما يصعب إنكارُه ووضْع البديل عنه، وأحيانًا يصعب العيش بعدَه.

 

لقد اختلفت الرِّوايات في سببِ وفاة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه - ومِن أعجب ما قرأتُ وأكثر ما تأثرتُ به: ما رُوي عن ابن عمر مِن أنَّ سبب موت الصِّدِّيق - رضي الله عنه - هو الكمد على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّ ذلك قد أعقبه سُلاًّ فمَرِض!

 

حين نقرأ سيرة الصِّدِّيق الصَّدِيق الوفي للنبي، ومدى حبِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – لصاحبه، ستميل قلوبُنا إلى الأخْذ بهذا السبب العاطفي جدًّا.

 

روى البخاريُّ في "صحيحه" عن أبي عثمان: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيتُه فقلت: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: ((عائشة))، قلت: مِن الرجال؟ قال: ((أبوها))، ثم مَن؟ قال: ((عمر)) فعدَّ رجالاً، فسكتُّ مخافةَ أن يجعلني في آخرهم.

 

أذكر لكِ ذلك كي لا تظنِّي أنَّ الحبَّ الحقيقيَّ مقصور فقط على الأزواج، أو بين الرِّجال والنِّساء، لا، إطلاقًا، أنا أتكلَّم عن الحبِّ الذي يخلو كليًّا من الشهوات، ويخلو تمامًا من الانحرافات الفاسدة، الحب الصافي النبيل بين الناس من جنس واحد، ذلك النوع الذي يجعلنا نتقدَّم ولا نتقهقر، نعلو ولا نسفل، نفوز ولا نخسر.

 

روى الحاكم في مستدرَكِه عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((ما تحابَّ رجلان في الله - تعالى - إلاَّ كان أفضلَهما أشدُّهما حبًّا لصاحبه))، يقول ابن القيم معلِّقا على الحديث: "هذه المحبَّة من لوازم محبَّة الله وموجباتها، وكلَّما كانت أقوى، كان أصلها كذلك".

 

إنني والله لأشفق على الناس الذين تمتلئ قلوبُهم كراهيةً وحسدًا وغِلاًّ، الذين يعيشون لأنفسهم ويكرهون غيرهم، فتكرههم حتى أنفسُهم، ما دروا أنَّ مقياس حب الله وبغضه للناس إنَّما يُقاس بحبِّ الناس وبغضهم لبعضهم بعضًا؛ فعن أبي هريرة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - إذا أحبَّ عبدًا دَعَا جبريل - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا جبريلُ، إني أحب فلانًا فأحبَّه، قال: فيحبُّه جبريل - عليه السلام - قال: ثم ينادِي في أهل السماء: إنَّ الله يحب فلانًا، قال: فيحبه أهل السماء، ثم يُوضَع له القَبولُ في الأرض، وإنَّ الله - عز وجل - إذا أبغض عبدًا دَعَا جبريل فقال: يا جبريل، إني أبغض فلانًا فأبغضْه، قال: فيُبغضه جبريل، قال: ثم ينادِي في أهل السماء: إنَّ الله يبغض فلانًا فأبغضوه، قال: فيبغضه أهلُ السماء، ثم تُوضَع له البغضاء في الأرض))؛ رواه أحمد. [متفق عليه].

 

فلا تتذمَّري بعدَ اليوم مِن الحبِّ، بل اعملي على ضبطه وَفْقَ ما يُرضي الله - تعالى - ولا أظنُّ أنَّ رضَا الله - يا عزيزتي - يحتاج إلى كيفيات، بل إلى إرادات صادقة من القَلْب، "فالحب والإرادة - كما يقول ابن قيم الجوزية في "الجواب الكافي"، وهو كتاب رائع أنصحكِ بقراءته - أصلُ كلِّ فعْل ومبدؤه، والبغض والكراهة أصل كلِّ ترْك ومبدؤه، وهاتان القوَّتان في القلْب أصل سعادته وشقاوته، ووجود الفعل الاختياري لا يكون إلاَّ بوجود سببه من الحبِّ والإرادة".

 

عزيزتي، كيف يستطيع قلبُكِ أن يحبَّ الناس - كل الناس – ويرضيهم، ثم يعجز أن يُرضِيَ خالِقَ الناس، ومصرِّف قلوبهم؟!

 

الحل الثاني الذي وضعتِه: "القرب من الله والتعرف عليه" هو الحلُّ الأمثل لعلاج مثل هذه المشكلات، إنَّما يبقى التطبيق العملي، وهو ما ينقصنا جميعًا.

 

كيف يكون القربُ من الله؟ بالصلاة والصوم والصدقة؟ نعم، هذه سُبل، لكنَّها ليستِ السُّبلَ الوحيدة، فالحياة الدنيا بأكملها خُلِقت لنا لنتعبدَ للهِ فيها، ونتقرَّبَ إليه بالتفكير في مخلوقاته المعجزة؛ ﴿ قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 101].

 

كونُكِ معلِّمةَ قرآن، فبُشراكِ يا أمل، إنَّكِ تُعلِّمين الناس الكتابَ الأعظم، وتقبسين لهم من النور الذي نزل على محمد؛ ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِيَ أُنْزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

 

المشكلة أنَّنا أصبحْنا نقرأ القرآن كعادة لا كعبادة، ونُعلِّم الناسَ أحكامَ التجويد والتفسير بالمعنى الذي يُفقِد القرآن جماليتَه، وإعجازَه وعظمتَه، ولهذا أدعوكِ لتعلُّم القرآن من جديد بالنظر إليه مِن زوايا وأبعاد تختلف كليًّا عمَّا اعتدتِ عليه، وستندهشين من روعة القرآن وعظمته، كما ستلومين نفسَكِ على هذا التقصير في حقِّ هذا الكتاب العظيم؛ إذ هو بين يديكِ وفي مجال تخصُّصك.

 

سأعطيكِ خمسةَ أبعاد لتعلُّم القرآن ومدارسته، وأوصيكِ يا أمل، بالتزامها لتغيير أسلوب حياتكِ، وطريقة تفكيركِ، إنكِ ستتقرَّبين من الله بكلام الله، فالقرآن الكريم ما نَزَل علينا لِيُشقيَنا، بل ليسعدَنا ويغيِّرَنا نحوَ الأفضل؛ ﴿ طه* مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [طه: 1 - 3].

 

أولاً: البعد البياني:

للوقوف على هذا البُعد أنصحك بمتابعة برنامج رائع جدًّا على قناة الشارقة، اسمه (لمسات بيانية) يُبَثُّ على الهواء مباشرة يومي الاثنين والخميس، لا أدري إن كان لا يزال يُعرض حتى اليوم، فقد شغلتْني الألوكة عن متابعته، يقدمه الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي، وقد قدَّم البرنامجَ من قبل الأستاذ الدكتور حسام سعيد النعيمي، والاثنان من علماء العراق الأفذاذ - حفظهما الله، ونفع بعلمهما الماتع النادر - فإن كان البرنامج قد توقَّف الآن - وأرجو ألاَّ يكون كذلك - فلا تتوقَّفي أنتِ عن البحث عن حلقاته القديمة، لقد وجدتُ هذه الحلقات على اليوتيوب، استمتعي بمشاهدتها وسماعها، وابحثي عن غيرها:

http: //www.youtube.com/user/llamast#p/a

 

ثانيًا: البعد العلمي:

وهو البُعد المتمثِّل في الإعجاز العلمي في القرآن، والذي يدعونا إلى التفكُّر والتأمُّل، واليقين بوجود ربٍّ حكيم خبير، يمكنك الاطلاعُ على موقع الدكتور عبد الدائم الكحيل، فهو موقع جميل ومقنع، ومدهش بحق: http: //www.kaheel7.com

 

ثالثًا: البعد النفسي والاجتماعي:

اقرئي تفسير (في ظلال القرآن) لسيد قطب؛ إذ يحتوي على العديد من اللفتات النفسية، كما يقف على كثيرٍ من الموضوعات الاجتماعيَّة بصورة مشوِّقة.

 

رابعًا: البعد القصصي:

اقرئي كتاب "قصص القرآن" المنسوب لابن كثير.

 

خامسًا: البعد الصوتي:

روى البيهقي في سُننه عن عبدالرحمن بن السائب قال: قَدِم علينا سعدُ بن مالك، فأتيتُه مسلِّمًا فنسبني فانتسبت، فقال: مرحبًا بابن أخي، بلغني أنَّك حسن الصوت بالقرآن؛ سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإنْ لم تبكوا فتباكوا))؛ لفظ حديث السلمي، وفي رواية أبي عبدالله قال: قَدِم علينا سعد بن أبي وقاص، وقد كُفَّ بصرُه، فأتيته مسلِّمًا فقال: مَن أنت؟ فأخبرتُه فقال: يا ابن أخي، فذَكَره، وزاد في آخره ((وتغنُّوا به، فمَن لم يتغنَّ به فليس منَّا))، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لا تهجوا القرآن هجي الشِّعر، ولا تنثروه نثْر الدَّقل، وقِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب".

 

ارسمي لنفسكِ برنامجًا يوميًّا خاصًّا لاحتواء كلِّ هذه الأبعاد، وعيشي مع القرآن الحياةَ التي تمنيتِها، ثم خبِّريني عن التغيير الذي طرأ على حياتكِ بعد ذلك، وسأبقى بانتظاركِ.

 

بالنسبة للحلِّ الثاني لهذه المشكلة، والمتعلِّق بالتقرُّب من الأهل، فهذه خُطوة مباركة، أسأل الله لكِ الثباتَ في السير عليها، كوني على يقين بأنَّ ما تفعلينه هو الصواب، وإن لم تجني ثمراتِ هذا العمل الصالح، فالعِبرة ليستْ بالنتيجة، بل بإخلاص العمل؛ لأنَّ الثواب المرجوَّ مما نعمله ليس فيما نلقاه في الدنيا من جوائزَ ومدائحَ، بل فيما ينتظرنا في الآخِرة من ثواب ونعيم.

 

والحمد لله، الحمد لله أنَّ لنا ربًّا في السموات العلى، لا يُضيع أجْرَ مَن أحسن عملاً، وإن ضيَّع الناسُ لنا أعمالنا؛ قال – تعالى -: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُم مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 195]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، والنقير قدْر نُقْرة النواة، ثقي أنَّ هذا القدر الضئيل لن يضيع أبدًا عند الله؛ ﴿ وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً ﴾ [النساء: 122].

 

ما هي الخطوات العملية لبناء علاقات جيِّدة مع الأهل؟

 

1. اقترحي على أهلكِ تحديدَ يوم في الأسبوع؛ للاجتماع بهم، ومدارسة العِلم معهم، وإذا كان في العائلة أكثرُ من فَرْد متعلِّم، فيمكنكم تبادلُ الأدوار في ترؤس حلقة العِلم؛ لكَسْر الملل والروتين، وتشجيع بقية العائلة لعملِ شيءٍ مفيد.

 

2. تبادلي الهدايا معهم، واصنعي المفاجآتِ السعيدةَ في كلِّ وقت، ومن دون انتظار وقت طويل لقدوم المناسبات السعيدة؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تهادَوْا، فإنَّ الهدية تُذهِب وَحَرَ الصَّدر))؛ رواه أحمد.

 

وتذكَّرِي أنَّ الهدية المفرحة لا تحتاج إلى مبالَغَ باهظة، فأحيانًا تكون رسالةٌ مفاجئة من الجوَّال كافيةً لخلق شعور بالفرح.

 

3. ليكنْ لديكِ رادارٌ عاطفيٌّ يترصَّد أيَّ شعور بالاحتياج عندَ أحدِ أفراد العائلة، وقدِّمي له يدَ العون، أحيانًا تبدي نظرةٌ حزينة الكثيرَ من الحاجات التي لا يفهمها إلاَّ مَن وهَبَه الله قلبًا رحيمًا؛ عن ابن شهاب: أنَّ سالِمًا أخبره: أنَّ عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما – أخبره: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((المسلِم أخو المسلِم، لا يظلمه ولا يُسْلِمه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجتِه، ومَن فرَّج عن مسلِم كُربةً فرَّج الله عنه كربة مِن كُرُبات يومِ القيامة، ومَن سَتَر مُسلِمًا سَتَره الله يومَ القيامة))؛ رواه البخاري. [متفق عليه].

 

4. الإخوة والأخوات أكثرُ الناس شِجارًا في العالَم! هذا يحدث في كلِّ بيت، المهم أن نجعلَ العفو والتسامُح أساسًا نسير عليه، وأن يتمَّ الصلح خلال 24 ساعة على الأكثر، وقد ضَرَب لنا الكريمُ ابنُ الكريمِ يوسف - عليه السلام - مثالاً رائعًا في التسامح بين الإخوان؛ ﴿ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92].

 

5. الالْتفاف معًا، والحفاظ على أسرار البيت، وحلّ مشكلاته بخصوصية تامَّة، وعدم إدخال أطرافٍ أخرى، فللبيوت أسرارها.

 

وَإِنْ ضَيَّعَ الْأَقْوَامُ سِرِّي فَإِنَّنِي
كَتُومٌ لِأَسْرَارِ الْعَشِيرِ أَمِينُ

 

6. الخروج معًا في رحلات ترويحيَّة من وقت لآخَرَ، بعيدًا عن نية إخوة يوسف إذ قالوا لأبيهم: ﴿ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [يوسف: 12]، وما أرادوا إلاَّ خيانته، ﴿ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ ﴾ [يوسف: 15]، وفي حال تعذُّر أحدهم عن الخروج لأيِّ سبب، فمِن الأفضل تأجيلُ الرحلة؛ حفاظًا على المحَّبة، وتشجيعًا على الاجتماع، وبُعدًا عن أسباب الفُرْقة.

 

7. الكف عن تتبُّع العثرات، وفرْض الأوامر، وافتعال المشكلات، ومراعاة الحقوق والواجبات بين الكِبار والصِّغار؛ جاء شيخٌ يريد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس منَّا مَن لم يرحمْ صغيرَنا، ولم يوقِّرْ كبيرَنا))؛ رواه الترمذي.

 

8. طلاقة الوجه والتبسم؛ فعن أبي ذرٍّ قال: قال لي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تَحقِرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقَى أخاك بوجهٍ طلق))؛ رواه مسلِم، والحِرْص على النصح، بعيدًا عن المجاهرة والإساءة، والتجريح والتخويف.

 

9. ترْك الضغينة والتحاسُد، والاعتراف بالفضل، والمدح في الغَيْب والشهادة؛ كما امتدح موسى أخاه هارون - عليهما السلام - أمامَ ربِّه: ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا ﴾ [القصص: 34].

 

10. الدُّعاء بالصلاح لبعضِكم البعض، ولنا في موسى - عليه السلام - قدوةٌ حسنة؛ ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151]، ﴿ سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الصافات: 120].

 

تلك حلولكِ الحكيمة، وهذا جوابي عليها.

 

أمَّا عن سؤالكِ: "هل هذا يُسمَّى فراغًا عاطفيًّا؟"، فأَجَلْ يا أمل، هذا اسمه فراغ عاطفيٌّ.

 

ولا علاقةَ لعمركِ بذلك؛ لأنَّها حاجة ملحَّة وثائرة، لن تهدأَ حتى تشبع، ولو بلغت الستِّين؛ لكنَّها ستخف عمَّا قريب - بإذن الله - بإعادة توجيه هذه العواطف إلى ما هو أسمى وأجمل، وستنتهي تمامًا بعد زواجكِ -إن شاء الله - من رجل صالِح، تنجبين منه الولدَ الصالح، يقول الدكتور عادل صادق: "إنَّ الذات الحقيقية للمرأة تتحقَّق وتتأكَّد مرتين: مرة وهي تجلس في قلْب رجل، ومرَّة وطفلها يجلس في قلبها"، فعسى اللهُ أن يُحقِّق لكِ المرَّتين في سَنَة واحدة.

 

رَبَط الله على قلبكِ يا أمل، كما رَبَط على قلْب أمِّ موسى؛ لتكون من المؤمنين، ورزقَكِ من عنده، كما رَزَق مريمَ ابنةَ عمران؛ ﴿ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾، وأقرَّ عينكِ بالزوج الصالح، والولد الصالح، والعمل الصالح، إنَّه سميعٌ قريب مجيب، آمين.

 

ومرحبًا بكِ أختًا عزيزة وغالية.

 

دُمتِ بألف خير، ولا تنسيني من صالِح دعائك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل يمكن أن تتبدل الأجناس يوم القيامة ؟!
  • هل يُحشر الناس يوم القيامة وهم عُراة ؟

مختارات من الشبكة

  • نحن والإسلام .. مَن بحاجة مَن؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لكل زمان عباقرته ( قصيدة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني(مقالة - ملفات خاصة)
  • أبيات لزهير بن أبي سلمى(مقالة - حضارة الكلمة)
  • البذل والتناصح والتفقد والإكرام والإيثار(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليسوا سواء (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قضاء حوائج المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعشق مَن يريدني في الحرام(استشارة - الاستشارات)
  • المجلس الثالث عشر من مجالس شهر رمضان 1437 هـ (حُكم مَن مات وعليه صوم)(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب