عرفت رجلا يستحل الجماع في الدبر

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا نبينا محمد النبي الأمين، صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فيا أيتها الكريمة الفاضلة، لاحظتُ من كلامكِ قلة خبرتكِ، وضعف تجربتكِ وفهمكِ لطبيعة الرجال، يا غاليتي، هذا الباب الذي ولجتِ فيه هو بابٌ للهاوية، أي زواج هذا الذي يتم بعد تعارف افتراضي، تُقبِل عليه النساء متلهفة آمِلَةً، ويدخل إليه الرجال لاهين عابثين؟ الزواج رباط مقدس لن نحفظ قداسته إذا ألقيناه في الطرقات، يجتمع عليه الذباب من كل جنس.

سوف أحدثكِ عن زاويتين هما عصب سؤالك؛ الأولى: تأخر زواجكِ، والثانية: هل الطريق التي سلكتِهِ يناسب أو لا؟

لقد تأخر الزواج نسبيًّا، ولن يمكننا استرجاع العمر، ولا إيقاف عجلة الزمن، فعلينا التعامل مع العمر الذي أنتِ فيه الآن، تقولين وصلتِ الثلاثين، وهذا العمر في زمننا ليس بكثير إن صححنا مفاهيمنا حول اختيار الزوج، فالثلاثون عمر مناسب لا تنزعجي منه، ولكن عليكِ باتباع الخط الذي رسمه لنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم الذي حمل لنا أمانة السماء، لا يخفى عليكِ أنه اشترط أن نختار صاحب الدين والخلق، لم يشترط التوافق الروحي الذي تبحثين عنه؛ لأن ذلك لا يُكتشَف إلا بعشرة طويلة لا تتحقق لأجنبي، ثم إن صاحب الأخلاق يجد الجميع معه التوافق الروحي أيًّا كانت شخصيته، فتخيَّلي إنسانًا لا يكذب ولا يسرق، ويبر والديه، ويحسن إلى جاره، ويرحم الصغير، ويوقِّر الكبير، ويتقي الله في الضعيفين: المرأة واليتيم، تخيلي هذه أخلاقه، ثم مع هذا يصلي ويصوم ويتحرى الحلال - كيف سيكون رد فعل كلِّ مَن يتعامل معه؟ بل كيف سيكون رد فعله هو على زوجته حال الوفاق أو الاختلاف؟

دَعْكِ من أوهام المجتمع الحالم في آماله، الظالم في واقعه، التوافق الروحي الذي تبحثين عنه هو حسن الخلق لا غيره.

فاخفضي سقف توقعاتكِ، وأخرجي من رأسكِ أوهامَ المجتمع، وتحرَّي الدين والخلق والقبول الشكلي، وأول طارق لبابكِ تتوفر فيه هذه الصفات، توكلي على الله واقْبَلِيه.

يبدو أن دائرتكِ الاجتماعية محدودة، حاولي توسيعها، وكوِّني صداقات، والتحقي بدور القرآن، وغيرها من الأنشطة النافعة، وصِلِي أرحامكِ، وتلطَّفي مع أهلكِ وأقاربكِ، فتُعرفي بين أهلكِ أو قبيلتكِ، ويَأْتِكِ نصيبُكِ بإذن الله، واعلمي أن الزوج والولد من الرزق لا حيلةَ فيهم، خذي بالأسباب التي لا تخسرين معها دينكِ ونفسكِ، ثم أوكلي الأمر لله، ليس معنى تأخر الرزق (المال) على إنسان أن يلجأ للسرقة للحصول عليه، فاجعلي معياركِ في الحكم على الناس قول ربكِ العلي: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].

الشق الثاني من السؤال: هل التعارف عبر مواقع الزواج طريقة مناسبة أو لا؟

دعيني آخذ رأيكِ أنتِ: إحدى الفتيات الأجنبيات تحدثت مع أخيكِ، دون أي رباط بينهما من قرابة، أو جوار، أو زمالة، أو أي باب ربما يجلب التقارب بينهما - ولا أبيح ذلك - تحدثت معه حتى تطرَّقا للجماع بكل تفاصيله وحلاله وحرامه، لا، بل وجدتِها تبيح لأخيكِ ما حرمه الله في هذه العلاقة، ثم تسمح به بما أترفع عن ذكره مما ورد في رسالتكِ، وهو زنًا صريح.

هل ستوافقين عليها زوجة لأخيكِ، مهما أبدت من تعلُّق به؟!

أظنكِ لن توافقي أبدًا، بل كل عاقل لن يوافق، فالمرأة العفيفة يظل الحياء يجمِّلها حتى مع زوجها، وبعد مرور عِشرة بينهما، ولهذا فلا أوافق على الارتباط بهذا الإنسان أبدًا، هذا لاهٍ عابث، فرِّي منه فرارَكِ من الأسد!

لا تجعلي لهفتكِ على الزواج أو تصوُّركِ الخاطئ في الاختيار، يدفعكِ لأن تخسري نفسكِ، نعم تخسري نفسكِ؛ لأن هذا التعارف سيعريكِ من غلالة الحياء التي تجذب الرجال للنساء، فإن رُفعت هذه الغلالة تتحول المرأة لمسخٍ، فلا هي ظلت امرأة حَيِيَّةً على فطرتها، ولا هي صارت رجلًا!!

استغفري لذنبكِ، وسارعي بإشغال نفسكِ بالحق؛ حتى لا تشغلكِ هي بالباطل، واتركي الأمر لربكِ هو الرزاق العليم الخبير!

احظري الموقع فورًا، ولا تفتحي هذا الباب أبدًا.