اكتشفت أن خطيبتي كانت على علاقة بشاب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أيها الكريم، حياك الله.

تُريد سلامة الصدر، وتبحث عن شفاء نفسك، وأنت الذي أوغرتَ الصدر، وأَدْمَيْتَ القلب، وأشعلت نار الغيرة في نفسك، وفتَّشْتَ عمَّا لا ينبغي لك أن تفتشَ عنه؟!

لِماذا تبحث في خصوصيات أهلك؟ لِماذا تُنقب فيما مضى؟

أوَيعجز المرءُ أن يُحْسِن الظن بأهله ويسترَ عليهم ويُعاملهم بما يظهر له، دون التنقيب عن أمورٍ إن بَدَتْ له ساءته وحوَّلَتْ حياته إلى جحيم وحيرة وتردُّد؟!

هل صار مِن التقارب والمحبة أن يعرفَ كل زوج كلمة السر لزوجه، ويذهبَ ليفتش عن أخطائها ويتتبع عوراتها؟! أبهذا أمرَك الله، أو أمرك أن توجهها وتُرشدها وتُعلمها ما لا تعلم مِن أمور دينها؟!

يا أخي، لقد نكأتَ جرحك ونبشتَه بفعلتِك تلك، وما كان لك البحث في خصوصيات غيرك وقراءة حوار بينها وبين صديقتها لتتجسَّس عليهما وأنت زوج إحداهما، فأين حقُّ الأخرى، ومَن منَحك تصريحًا بالاطلاع على أسرارها التي باحتْ بها لصديقتها وخصتها بها دون أحد؟!

قبل أن تفكرَ في ذنبها ومدى أحقيتها في أن تكونَ زوجة لك وأمًّا لأبنائك، عليك أن تفكرَ في توبتك مِن تعدي الحدود، وتخطي ما ليس لك أن تتخطاه، بتجاوز ما حذَّرك الله منه في قوله: ﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾ [الحجرات: 12].

والتجسُّس: أن تتبعَ عورة غيرك، وتُفتش في شؤونه الخاصة، حتى تقع على زلة أو تقف على ذنب، وهذا تحديدًا ما فعلتَه أنت!

عليك الآن أن تُعيد التفكير بعدما تبيَّن لك أنها كانتْ تتعامل مع ذلك الشاب، وفي رأيي أنك لن تسلمَ مِن سوء الظن ولو كانتْ صادقة في عدم الخلوة، ولن تهنأَ معها بعيشٍ ولو تيقَّنْتَ من براءتها!

واعلم يا أخي أنه ليس فينا معصوم، ولا مِنا مَن يخلو من الخطأ؛ فـ((كل بني آدم خطاء))، فقد يستقبح أحدُنا ذنب غيره ويراه كبيرةً ومصيبةً، في حين لو تعرَّض لمثله لفَعَل أكثر مما استعظم!

امنحْ نفسك الوقت الكافي من التفكير، وأعط قلبك وعقلك الفرصة الكاملة، واستعرض ما رأيت منها من عدة جهات، ثم استجمع ما رأيت فيها مِن ميزات وعيوب، وأعِد الاستخارة وتوكَّل على ربك.

لكن تذكر أنه لن ينجوَ أحدٌ مِن العصمة، ولو قدَّر الله لك أن تستبدلَ بها غيرها من الفتيات الصالحات، واستيقنتَ عدم اختلاطها بالشباب - فقد تقع في ذنب آخر، وقد تقترف ما يكدر عيشكما، ويُنغِّص حياتكما، ألا تتعلم أنت كيف تسامح وتعذر، وتَحمِل أهلك على الخير؟!

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل