اضطراب شد ونتف الشعر

ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يُسعِدنا بدايةً أن نرحِّب بانضمامكِ إلى شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يستخدمنا، ويسخرنا في تفريج كرباتكِ وكربات جميع المستشيرين.

عزيزتي، إن قيامَ بعض الفتيات بقطعِ الشعرات على هذا النحو، أو قيامهن بجرِّ إحدى خصلاتِ شعرهنَّ بتكرار - هو مِن الحالات التي تشير إلى وجود مشاعر داخلية مِن القلق أو الغضب أو الألم النفسي، لا يُعبَّر عنها بشكلٍ مناسب؛ لذا تحاول صاحبتُها تصريفَ تلك المشاعر الكامنة إلى سُلوكيات تُشعِرها بالألم الحسيِّ، الذي لا يصل إلى مرحلة صراخ يُثِير انتباه المحيطين بها، وبذلك تشعُر أنَّ الأمر بَقِيَ حبيسها وحدها.

وقد يكون هذا الأمر هو ما دفع الطبيب - الذي قمتِ بزيارته قبل سنوات – إلى وصفِ دواء مُهَدِّئ؛ سعيًا منه للتخفيف والتسكين من تلك المشاعر، لكن ما أتمنَّاه منكِ ألَّا تَقِفي عند حدِّ المهدِّئات لمواجهة هذا (العارض) النفسي، وليس المرض كما تصورتِ، بل أنصحكِ بحل أصول المشكلة وعلاج أسبابها، من خلال إجرائكِ مراجعة متأنية للمرحلة التي سبقتْ ظهور هذا السلوك لديكِ - سابقًا وحاليًّا - وكذلك المرحلة التي تُرافقه، وما استجدَّ عليك مِن مشكلات، أو ضغوطات، أو متطلبات، وغير ذلك، ثم قومي بتسجيل تلك المستجدَّات في الحقل الأول من جدولٍ ترسمينه بنفسكِ، يتضمَّن ثلاثة حقول، ثم اكتبي في الحقل الثاني شعوركِ الذي قابلتِ به كل موقف كردِّ فعل نفسيٍّ منكِ عليه، ولا تهتمي كثيرًا بأسلوبك في التعبير عمَّا تكتبين؛ فالأهمُّ هو تعبيركِ عن مشاعركِ، وقدرتك شخصيًّا على قراءة ما كتبتِ.

وبعد ذلك قومي في اليوم التالي بالاطِّلاع أولًا على الجزء العُلْوي مِن هذا الجدول، والذي يُمَثِّل المواقف الماضية الواحد تلو الآخر، مع مُراجَعة ما يقابل كلًّا منها مما وثَّقتِه من مشاعر سلبية نالتْ منك ما نالتْ، لأسبابٍ أصبحت اليوم في طيِّ الذكريات، ثم ابدئي بتسجيل المشاعر الصائبة في مواجهة تلك المواقف، وبحسب ما يناسب كلًّا منها؛ مثل: (الصبر الجميل، الاحتساب على الله تعالى واليقين بنصره - الإقدام - المواجهة والحوار - أو غير ذلك)، ثم اعمدي بعد ذلك إلى تخيُّل نفسكِ مع تلك المشاعر الصائبة في مواجهة تلك المواقف، واستشعري قوتكِ وثقتكِ بنفسكِ معها، وكرِّري استبطانَ تلك المشاعر، حتى تترسخ أهميتها وضرورتها في نفسكِ.

أمَّا الخطوة الأخيرة: فهي انتقالكِ إلى قراءة المستجدَّات الحالية التي دفعتْكِ لإعادة سلوك قطع شعراتك مجددًا، ثم قراءة مشاعركِ السلبية حاليًّا تُجَاهها؛ لتستكشفي بنفسك خطأ تجسيمِها، وما هو الردُّ السليم لمواجَهة تلك الأحداث والضغوطات الحياتية، وعندها سيتكوَّن لديك - بإذن الله تعالى - دافعٌ ذاتيٌّ لتغيير أفكاركِ ومشاعرك السلبية نحو هذه المستجدات.

كذلك أنصحكِ باستكشاف هواياتٍ تميل إليها نفسكِ، واعمدي إلى ممارستها بما يتناسَب مع وضعكِ وظروفكِ، ثم ضعي في مخيلتكِ أهدافًا لتنميتها واستثمارها في حياتكِ بشكلٍ إيجابيٍّ؛ فإن لهذا الأمر دورًا كبيرًا في تصريف المشاعر السلبية، وإدخال المسرَّة والرضا الذاتي إلى نفس صاحبها.

أما عن الآثار المظهرية التي يتركها لديكِ هذا السلوك، فلا شكَّ أني أنصحكِ بإعادة استعمال الزيوت نفسها التي استخدمتِها سابقًا، خاصة أنها أثبتتْ فاعليتها، لا سيما بعد توقفكِ عن تقطيع شعرك، على أن يترافق ذلك مع ما ذكرتُه من خطوات.

وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى: أن يصلح شأنكِ كله، وينزل عليكِ السكينة والطمأنينة، وينفع بكِ.

وسنكون سعداء بسماع أخباركِ الطيبة