رُهاب اجتماعي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في البداية أشكركم على ما قمتم به من استقبال الاستشارات، وأسال الله أن يوفِّق الإدارة والمجيب على ما منحتموه لنا من وقتكم.

استشارتي هي:
أنا شابٌّ أبلغ من العمر 22 سنة، عزب، في المرحلة الجامعية، أعاني من الرُّهاب الاجتماعي، وأشد ما يشغل تفكيري هو التلعثم (التاتأة)، وخجلي أن أتلعثم في الكلام أمام الناس.

والتلعثُم معي منذ المرحلة الابتدائية، ولكنَّه اشتدَّ في المرحلة الجامعية؛ والسبب أنه في بداية كلِّ فصلٍ دارسي يكون تحضير الطلاب بذكر الاسم، فأخاف من ذكر اسمي أمام الطلاب؛ خشية التلعثم، فأتجنَّب الدخول حتى ينتهي الأسبوع الأوَّل، ثم يبدأ التحضير من قِبَل مدرس المادَّة، فسبَّب لي هذا الأمر الخوفَ والقلقَ من التلعثم، حتى إنه امتدَّ خارج الجامعة؛ فبدأت أقلق وأخاف أن أتحدث أمام الناس خشية التلعثم، حتى إنه إذا تأخَّرت في الدخول إلى قاعة المحاضرات مع وجود مدرِّس المادة وتم التحضير، لا أقوم بالدُّخول خشية أن يقول لي: ما اسمك؟ وللعلم أنَّه إذا جلست وحدي لا يكون هناك تلعثم، وأقوم بالصلاة الجهرية جماعةً بدون تلعثم.

قرَّرتُ أن أقوم بزيارة أحد الأطباء المختَصِّين، وشرحتُ له حالتي، فقام بصرف (السيروكسات 20 ملم) مرة في اليوم صباحًا، و(أنديرال) عند الحاجة.

وبعد أن واظبت على العلاج ما يقارب سنةً تحسَّنت حالتي، وزادت ثقتي بنفسي، وتحسَّن تلعثمي بعضَ الشيء، وفي الأوقات عندما أكون مرتاحًا نفسيًّا، أو مع شخص مرتاح له، أو صديق لي جدًّا - يكون التلعثم تقريبًا غير موجود، ولكن الخوف والتلعثم موجود عند الذهاب إلى الجامعة.

وحدث هناك أمرٌ وهو: تمَّ تقليل ثلاث ساعات من جدول الدارسة، فكنت أحضر الساعة السابعة والنصف، والخروج ما يقارب الساعة التاسعة، فكان هذا اليوم أفضل الأيام لديَّ، فأستغلُّ الوقت المتبقِّي بقضاء الحوائج والتنزُّه.

ربَّما يتبادر سؤالٌ إلى الذهن: ما سبب هذه الفرحة بهذا اليوم؟ وهل هو حدث بمعناه؟

فأقول: نعم حدثٌ كبير لدي، وعند خروجي أكون أسعد إنسان، هل تعلم لماذا؟ لأنَّ والدي كان لا يرغب في خروجي من البيت، حتى الذهاب إلى أصحابي يكون في الشهر أو الشهرين مرة واحدة، حتى إذا كان لديَّ عملٌ أريد أن أقضيه لا أستطيع الاستئذان منه؛ لأني أخاف وأخشى والدي، فكنت لا أقضي أعمالي حتى أعلم أنه خارج البيت.

وللعلم أن سلوكي طيب، ولا أزكي نفسي؛ فلله الحمد والفضل والمنَّة.

بعد انتهاء الفصل الدراسي أتتني فكرةٌ، وهي أن أقوم بحذف الفصل القادم، ففعلتُ وانتهى الفصل، فحذفت الفصل الذي بعده، فكانت هذه السنة التي مضت أجمل سني عمري راحةً وسعادةً، لا أحدٌ يقوم بإشغالي بجهاز الجوال: أين أنت؟

قلَّ اجتماعي بالناس ومعاشرتي لهم؛ لأنني فارقت الجامعة، فعشقت الجلوس وحدي، وأكون سعيدًا بالجلوس وحدي.

في هذه السنوات التي مضت حدث أمورٌ لا أعلم من أين أتت؟

وهي نفسية ومزاج متقلِّب: فرح جدًّا أقوم فيه بالرَّقص، القفز، الضَّحِك، فرح وحزن بدون أيِّ سبب، غضبٌ شديد أتمنَّى أن يسيء إليَّ أحد حتى أقوم بضربة، أو حتى أنا أسيء إلى أحدٍ إمَّا بالقصد أو بغير قصد، تنحدر أو تنزل ثقتي بنفسي مع عبوس بالوجه وحزن وانشغال تفكير أني سوف أخطئ أو أتلعثم أمام الناس.

أتخيَّل أن جميع الناس يشاهدون ما أقوم به، وأنهم على الصحيح وأنا المخطئ، أخشى عمل بعض الأمور، خشيتُ انتقاد الناس لي، أخشى الحديث مع الناس حتى في الأمور التي أتقنها، خشيت الحديث عني يكون سلبيًّا أو يملأ قلوبهم حسدًا.

لا أستطيع عرض رأيي أمام الآخرين، أتخيَّل في بعض الأيام أني لست طبيعيًّا أو لستُ على ما يرام، أكره أيَّ شخص عندما يفعل أيَّ سلوك لا أحبه، أو لا يحترمني، وهذه السلوكيات كانت معي منذ سنوات عديدة، ولكني لم أنتبه لها، وينتابني في بعض الأوقات ثقةٌ عالية بنفسي، وأيضًا سريع الدخول مع الناس الذين لا أعرفهم والضحك معهم وكأني أعرفهم منذ فترة طويلة.

هذه حالتي عرضتها عليكم، فكلُّ ما أرجوه - وأنتم أهلٌ له - إرشادي إلى الحلِّ برأيك: هل أقوم بمشاورة المعالِج لزيادة جرعة (السيروكسات)؟

هل هناك بديلٌ لـ(أنديرال)؛ لأنه انقطع عن السوق؟

ولكنِّي وجدتُ في السوق (10 ملم)، هل آخذ أربع حبَّات حتى تكون أربعين؟ هل أخذ الجرعة بهذه الطريقة له ضرر؟ هل جرعة 40 ملم من الـ(أنديرال) عند المواقف له أضرار؟

وأريد بعض الكتب التي تنصحوني بقراءتها لتحسن حالتي.

وختامًا: أعلم أني أطلتُ وأسهبتُ؛ ولكن أردت إيصال المعلومة الكاملة، ولا أملك لكم خيرًا وأجمل وأفضل من كلمات قليلة بحروف عظيمة بإذنه - تعالى - وهي: (جزاكم الله خيرًا)، ولكم في ظهر الغيب دعوة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.