كيف أزيد من اهتمام زوجي بنا؟

الحمدُ لله رب العالمين، وبه نستعين.

بدايةً أشْكُر ثقتك في شبكة الألوكة، وأتمنى أن نكونَ عند حُسن الظن بإذن الله.

أما مشكلة زوجك العلمية وعدم رغبته في إكمال دراسته، رغم أنه ناجح دراسيًّا، ربما لأنه أكمل شغفه في طلب العلم والمعرفة مع زملائه كما ذكرت، أو لأنه وصل إلى درجة من العلم عالية لا تُحَقِّقها له الشهادات، وهذا يَحْصُل؛ حيث إن كثيرًا من الناس باطِّلاعهم وكثرة قراءتهم يحصُلون على معلوماتٍ قد تدرَّس في الماجستير أو الدكتوراه، فلا يرى أنها تزيده علمًا بل بالعكس تربطه وتُشغله، كما أنك لم تتحدثي عن عملِه؟ وهل تتطلب الترقيةُ حُصوله على الماجستير أو الدكتوراه؟

أنا لا ألومك يا أختي في أنك تتمنين أن يحسنَ زوجك من درجته العلمية، بالعكس هذا شيءٌ إيجابيٌّ فيك، ويَدُلُّ على مدى رجاحة عقلك وسلامة قلبك، ولكن عليك أن تقومي بدورك ولا تحملي نفسك فوق طاقتها.

يظهر عزيزتي أنَّ لديك فكرةً متأصلةً في ذهنك وهي تغيير الآخر، وأغلبُ الرجال لا يستجيب للتغيير عندما يأتي من المرأة، حتى وإن كان صحيحًا ويخدمه، بل حتى إن كان يَصُبُّ في مصلحته، لذلك أوصيك هنا بألا تستخدمي الأسلوب المباشر أبدًا في هذا الموضوع، ولا تُكْثِري من طرحه على زوجك، وإذا كنتِ حريصةً جدًّا على ذلك ويَصُبُّ في مصلحتكما الأسرية والاقتصادية فمِن الممكن أن تستعيني بأحد أصدقائه في ذلك.

كما أنه يظهر أنَّ زوجك لا يرفض الفكرة بقدْر أنه يُسَوِّفها، وهنا يحتاج للحوار معه حول أسباب التأجيل والتسويف، فقد تكون منطقيَّة، أو قد يكون مِن عادته التسويف أو ضعف التركيز، وعدم إدارة الوقت، والدليلُ أنه يبدأ في العمل ولكن لا يُكْمِلُه، وهنا يحتاج لإيقاظ مهارات إدارة الوقت لديه، وسوف يكون دَوْرُك مساعدته بالقيام ببعض مهامه، وتوفير وقت للدراسة له، خاصة أنه الآن مُتزوج وأبٌ لأطفال.

كوني صادقةً مع نفسك: هل ستتحملين بعض المهام عنه؟ وهل ستصبرين على انشغاله عنكم؟ لأن بعضنا للأسف يُفَكِّر في أمور لا يتحمل ما يترتب عليها على أرض الواقع، ويطلب أمورًا لا يعلم أنه من رحمة الله به تأجيلها، أو حتى عدم تحقيقها!

أما عن مشكلتِه في عدم إحساسه بك وإهماله لأطفاله وعدم تحمُّلهم، فمَن يتحمَّل مِن الرجال شقاوة الأطفال في هذا الزمان، إلا مَن رَحِم ربي؟!

عزيزتي، أنا لن أقول لك: أشْبِعي رَغَباته و... و... و...، ولكن أريد أن أسألك: هل سبَق لك أن تحاورتِ معه بهدوء حول تصرفاته هذه التي تضايقك؟ لماذا لم تسأليه: هل تحبني وتحب أبناءك؟ وإذا أجاب بنعم، فقولي له: أنا لاحظت عليك أنك لم تسأل عني هل أكلت؟ هل أنا متعبة؟ كيف حال الأبناء اليوم؟ ماذا نحتاج؟

هناك من الرجال من لا يُعَبِّرون عن حبهم لزوجاتهم بالطريقة التي تحبها المرأة، فهي تحب أن يُظهر الاهتمام بها، وهو لا يعرف أن ذلك تعبيرٌ عن الحب.

تحاوري معه، واشرحي له أن هذا يضايقك، ربما هو لا يعرف ذلك أو لم ينتبه، عوِّديه أن يهتم بك، وإذا فعل ذلك شجِّعيه بكلمةٍ طيبةٍ، أو ابتسامةٍ، أو قولي له: أريد زوجي أن يكونَ هكذا.

غاليتي، ركِّزي على الحِوار معه، اجذبيه إلى الحِوار بتوفير جوٍّ مناسبٍ له، ومع ذلك انظُري لإيجابياته الأخرى، فالبشرُ مَجْبُولون على النقْص.

اقرئي في كتب الحياة الزوجية، وأوصيك بكتاب: الرجال من المريخ والنساء من الزهرة؛ فهو يساعدك على فَهم الرجل أكثر، وأهدي له كتابًا أو رسائل تتناول مثل هذه المواضيع.

لا تكوني ممن تحصر سعادتها في رجل، بل لديك الأبناء والأهل والصديقات فلا تخسريهم، بل ابحثي عن كيف تكسبينهم وتسعدين نفسك بسعادتهم ونجاحهم، وخاصة أبناءك، فنجاحهم نجاحٌ لك.

وأخيرًا ثقي تمام الثقة بأنك كلما كانتْ علاقتُك مع الله جيدة، وكانت أعمالك كلها ابتغاء وجه الله، ثقي حينها أنَّ الله لن يُضيعك، بل سيُعينك على تحقيق ما تَصبو له نفسُك الطَّيِّبة.

وأكْثِري مِن الدُّعاء والاستغفار، فإنَّ الله على كلِّ شيءٍ قديرٌ

مع تمنياتي لك بالتوفيقِ والسَّداد