حماتي سبب تعاستي مع زوجي

الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أُرَحِّب بك عزيزتي في قسم استشارات الألوكة، وبعدُ:

في مجتمعاتنا كثيرًا ما تُعاني زوجاتٌ - لا يُستهان بعددهِنَّ - مِن ظُلْم أمهات أزواجهنَّ لهنَّ، ولو على درجاتٍ مُتفاوتةٍ، ومَرَدُّ ذلك غَيْرَةٌ وُجِدَتْ في نفسيَّة الأم مِن زوجة ابنها، وكلمَّا لاحظَتْ تقرُّبًا وحُبًّا ملحوظًا مِن ابنها لزوجته ازدادتْ غَيْرَتُها، خصوصًا إذا ما كانتْ على جانبٍ وافرٍ مِن الجمال؛ فهي تظنُّ أن زوجة ابنها أتتْ لتُقاسِمَها حبَّ ابنها واهتمامه، بعد أن كان في السابق كله لها، وما ينطبق على الأم من الغيرة من زوجة ابنها، ينطبق كذلك على أخواته، لاسِيَّما مَن هنَّ في سنِّ الزواج.

ومِن هذه المعادَلة يبدأ الصراعُ الذي ربما لا ينتهي إلا بوعي الابن لهذه المشكلة، وحُسن تعامُله معها، بحكمةٍ وتوازُنٍ دقيقٍ، وعدم التفريق في المعامَلة بين الأمِّ والزوجة، وأن يُعطي كلًّا منهما حقه كاملًا؛ لتسيرَ قافلةُ حياته الزوجية بسعادةٍ وحُبورٍ، دون مُنَغّصاتٍ، وبِرضًا من الله تعالى؛ فرِضَا الله تعالى مِن رِضَا الوالدين.

عزيزتي، الطلاقُ ليس حلًّا لمشكلتك، بل هو هُرُوب؛ لذا لا أنصحك بالطلاق، خاصة أنك ذكرتِ أن زوجك عنده من الالتزام والأخلاق الحسنة الشيء الكثير، فلا تسْعَيْ إلى هدْمِ بيتٍ تعبتُما في بنائه، وخصوصًا عندما اطَلَّتْ عليكما ثمرةُ تعبكما "هذا المولود"، التي ستجلب لكما - إن شاء الله - السعادةَ والهناءَ.

عزيزتي، لا يضيع المعروف أينما وُجِد، والكلمةُ الطيبةُ صَدَقةٌ، والله - سبحانه وتعالى - حضَّ على المعامَلة الطيبةِ حتى مع العدو؛ فقال تعالى: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، فما بالك بأمِّ زوجك وأخواته؟

عزيزتي، أنصحك أن تُعاملي أم زوجك معاملةً حسنةً، وأن تتغاضَيْ عن سيئاتها، وأن تعتبريها كأمٍّ لك؛ فأمُّ الزوجِ أُمٌّ ثانية، وتأكَّدي أنك بإكرامك لها ستملكين قلبها وقلب ابنها، وستجدِين الخير - إن شاء الله - ولا تنسَيْ أنك استقللتِ عن أهل زوجك، ولك بيتك الخاصُّ والبعيدُ، وهذا من شأنه أن يُقَلِّلَ من المشاكل.

وبهذا عزيزتي أنصحك بأن تُطيعِي زوجك، وألا تتخلي عنه أبدًا، وأن تكرمي أهله إكرامًا له، وأن تتناسي كل إساءة حصلتْ؛ فالماضي ذهَب ولن يعودَ، فلِمَ نفتح صفحاته الأليمة؟

أكثري عزيزتي مِن الاستغفار؛ ففيه جلاءٌ للأحزان، وذهابٌ للهموم، وفيه السعادةُ والهدوءُ النفسيُّ، كما أنصحك بالإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى، وطلب العون منه؛ فالله قريبٌ مجيبٌ.

وبالله التوفيق

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته