فشل متكرر وإحباط!

بسم الله الموفق للصواب

وهو المستعان

أهلًا وسهلًا، حياك الله ورعاك، لقد كان رأيك في تحويل دراستك مِن كلية التربية إلى كلية الحقوق - وإن لم توافِق الحقوقُ ميولك واهتماماتك - أبرَكَ رأيٍ وأصحَّهُ؛ فهذا من دفْع القدر المؤلم الذي وقع واستقرَّ بقدرٍ آخر يرفعه ويُزيله، ويعكس صائب نظرك في أمر مستقبلك، وناقد رأيك لنفسك، وشجاعة قلبك الكامنة في المواقف الصعبة، فأحسن تعاهدك لنفسك، ولا تستسلمْ لأحزان الماضي؛ فالاستسلامُ مِن العجز، وقد رُوِيَ أن الله يلوم على العجز، وعسى الله أن يجعلَ ما قدَّره لك خيرًا مما قدَّرْتَ لنفسك، وما كتبه لك في حاضرك ومستقبلك خيرًا مما أمَّلْتَ، آمين.

مَن تدبَّر سِيَر العظماء والناجحين، وجَد آثارًا كثيرةً تُبَيِّن أنهم أدركوا المجدَ، ونالوا النجاح، وكسبوا المال حين عملوا في دائرة قدراتهم واهتماماتهم ومهاراتهم وهواياتهم - وإن لم تكنْ في ضمن تخصصاتهم الجامعية - وسأضرب لك مثالًا، ثم إن شئتَ أن تقرأ مزيدًا مِن الأمثال فستجدها في كتاب: "حكايات كفاح"؛ للأستاذ كفاح فياض، ونحوها مِن الكتب التحفيزية الملهمة.

تخصَّص (تيد تيرنر) في العلوم الإنسانية، ثم ما لبث أن غيَّر تخصُّصه الجامعي، وتخصص في الاقتصاد، إلا أنه تجاوَز حدود الآداب والسلوك المنصوص عليها في لائحة تأديب الطلاب في جامعته، فتمَّ فصلُه مِن الجامعة، فعمل في وكالة الإعلان التي يملكها والدُه قبل أن يؤسِّس أخيرًا محطته الشهيرة CNN، ومن محاسن أقواله: "مِن الصعب أن تجد إنسانًا ناجحًا لم يكنْ جزءٌ من دافعه للنجاح نابعًا من شعور بعدم الأمان"، وقوله: "أنت لا تحتاج إلى دراسةٍ إذا كنتَ مؤمنًا بفكرتك، وواثقًا من نجاحها، لم أتبع أي دراسةٍ خلال إنشائي سي. إن .إن؛ لأنَّ هذه الدراسة كانت ستكلفني كل ما أملك، أنا أفعل ما تمليه عليَّ أفكاري"!

مِن هنا أدعوك إلى التفكير الإيجابي بعيدًا عن خيبة الأمل، والدرجات المنخفضة، والتخصص الحالي، فإن كنتَ تجد في نفسك نفورًا مِن العمل في سلك المحاماة، ولا تملك القوة والقدرةَ لقضاء حقوق الآخرين، ولا الدفاع عنها، فلا تثقل رأسك بالتفكير في الأمر؛ لأنك وإن التحقتَ بكلية الحقوق مضطرًّا، فلست في الحياة العملية مضطرًّا لعمل شيءٍ لا ترغب في عمله، وما دمتَ تجد نفسك في مجال صيانة المكونات المادية والبرمجية للحاسب الآلي، فابحث بعد تخرُّجك - وأنت بألف خير - عن وظيفةٍ تُلائم تطلعاتك وخبراتك لدى المؤسسات المتخصصة في بيع وصيانة الحاسوب والدعم الفني، لكن تذكَّر أنَّ أكثر أرباب العمل يُؤْثِرُون النظَر في السير الذاتية قبل الموافَقة على تحديد موعدٍ للمقابلة الشخصية، فإن لم يجدوا في سيرتك الذاتية أنك حصلتَ على دوراتٍ تدريبيةٍ وشهادات خبرة في مجال صيانة الحاسب الآلي، فعلى الأرجح أنهم لن يلتفتوا لخبرتك بالممارسة، مِن أجل ذلك أنصحك بدعم شهادة الجامعة ببعض الدورات التدريبية المتخصِّصة في مجال الحاسب وصيانته؛ ولعل من أنفع الدورات المكافئة والمعادلة لبكالوريوس الحاسب الآلي؛ شهادة: "الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي ICDL"، كما تُعد شهادة: "كامبريدج الدولية لمهارات تقنية المعلومات Cambridge IT Skills" معيارًا دوليًّا لقياس مهارات استخدام الحاسب، ولا تنسَ التزوُّد ببعض وِرَش العمل في مجال صيانة أجهزة الحاسب الآلي لإضفاء نقاط القوة في سيرتك الندية، وانظر - عُوفِيتَ - في مقالة: "القواعد الذهبية في كتابة السيرة الذاتية (CV)"، بقلم الأخت الفاضلة د. شميسة خلوي؛ لتعلم فن كتابة السيرة الذاتية، على أن تذكرَ تحت باب "الخبرات العملية" جميعَ خبراتك في مختلف المجالات؛ مثل: خبراتك في مجال صيانة الحاسوب، وخبراتك الانتخابية والسياسية، وأن تذكر تحت باب "المؤتمرات" عناوين المؤتمرات التي شاركتَ في حضورها، وبعد حصولك على الوظيفة المناسبة - بمشيئة الله تعالى وتوفيقه - واكتسابك الخبرة العملية الكافية، وادخار المال أو حتى باقتراضه - أمكنك وقتئذٍ أن تفتح محلًّا لصيانة الحواسيب كما تحلم اليوم - بمشيئة الله - فلتردِّدْ مع درويش: 

"ما زلتُ حيًّا في مكانٍ ما وأعرف ما أريد سأصير يومًا ما أريد إن شاء الله

وعسى الله - بمَنِّه وفضله - أن يوفِّقك لرشدك، ويوفقك لما يحب، ويوفِّق لك ما تحب، ويسعدك وأهلك وأحبتك بالنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

في حِفْظ الله وودائعه ورعايته، ولا تقطع أخبارك عنا، والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وهو العليم الخبير.