• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات في الصداقة / التعامل مع الأصدقاء
علامة باركود

البحث عن الذات

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/10/2011 ميلادي - 21/11/1432 هجري

الزيارات: 7920

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 إلى الدكتورة الفاضلة عائشة الحكمي:

كنتُ شخصيَّة رائعة ومميَّزة - بشهادة مَن يُخالطني أو يعرفني - ومعروفة بمرحي وجِدِّيَّتي، وقوَّة شخصيَّتي واستقلاليَّتي، لكن ما حدَث لي هو أنني تغيَّرتُ تمامًا بعد أن تعمَّدتْ إحدى صديقاتي تدميري!

هي لَم تكن صديقتي ولا حتى من المحيطين بي، لكنها كانت تمثِّل دور الداعية، كانت تُلقي دروسًا إسلاميَّة، وتَحرص على وجودي فيها؛ حتى أصبحتُ أُحرَج منها، وأحضُر الدروس التي تُقَدِّمها، ثم أصبحتْ تتقرَّب لي أكثر، حتى تعوَّدْتُ على وجودها للأسف!

هي في الواقع لَم تكن داعية، بل على العكس تمامًا، وكلُّ هذا كانت تُخفيه، كنت أَلْحَظ عليها أحيانًا حركات وتصرُّفات وكلمات أقِف عندها، لكني أشعر أني قد أكون ظَلمتُها، فهي داعية وأنا أسمع الأغاني، وهذه أكبر ذنوبي!

باختصار: كنت أعيش حالةَ تردُّدٍ وتناقُض، وكَرِهت نفسي، واكْتَشَفت بعد مدة طويلة من علاقتنا أنها تبحث وتُفَتِّش عن صديقاتي القدامى وقريباتي، تعرَّفت فعلاً على صديقتي الأقرب لي، فهي معي من الابتدائيَّة حتى التخرُّج، وتعرَّفت على إحدى بنات عمي التي لا أعرف عنها إلا اسمها؛ لأنَّ عائلتينا بينهما مقاطعة منذ زمنٍ بعيد.

كانت تُحاول خنقي وإحاطتي بخيوطها؛ لتُجَرِّدني من كلِّ شيء، وفِعلاً أصبحتْ صديقتي القديمة على اتِّصال معها دون علمي، مع العلم أنهما لا يَعْرِفان بعضهما، لكنها صادقتها من أجْل تحقيق غرضها، ولا أعلم سببًا لهذا الغرض!

والآن تركَتني تلك الداعيةُ المزيَّفة، ولكنها لَم تترك صديقتي القديمة، فهما على علاقة لا أعلم مداها، وبالنسبة لصديقتي القديمة فهي رائعة حين تتحدَّث في مجلس، ولكنها في الواقع مريضة بحبِّ الانتقام من كلِّ شيء وكلِّ شخص دون سببٍ، أحيانًا يكون سببُ استمرار علاقتي بها أنها تُعاملني باختلاف عن بقيَّة صديقاتها، فهي تتَّصل عَلَيّ كلَّ يوم حتى بعد التخرُّج، وهي ذكيَّة جدًّا؛ لأنها لا تُبَيِّن لي أنها لا تريد معي أحدًا، ولكنها تتقرَّب من بقيَّة صديقاتي؛ لتعرِفَ مدى كلِّ واحدة منهنَّ، والآن أنا مصدومة من كلِّ شيء، فَقَدتُ ابتسامتي ومَرحي، وثقتي بنفسي، ولا أستطيع تكوين علاقات جديدة، فصَدمتي لَم تكن سهلة، ولن أُخبر صديقتي القديمة بأني أعلم حقيقة ما تفعل؛ لأنها مريضة نفسيًّا، والمشكلة أنها تُعجبها نفسها، وتَشعر بأنها الأذكى والأصح والأفضل، وتَحتقر الآخرين، إلا الأشرار فهي تَحترمهم!

إنسانة كهذه كيف أصارحها وأنا لَم أعد أريدها أصلاً؟

لَم أعد أسمع الأغاني، ولكني أكره حالي الأخيرة؛ لأنها هي مَن وضعتني فيها وصدَّقْتُها، أنا كنت صادقة، وهي للأسف كانت منحرفة! وكلما أردتُ أن أعود كما كنتُ، تذكَّرت حياتي قبلها كيف كانتْ رائعة بكلِّ معاني الرَّوعة، إلاَّ أنِّي كنتُ أَسْتَمِع الأغاني، وهي كما قلت: أكبر ذنوبي، والآن أكره تَرْكي للأغاني؛ لأنه كان مِن نُصْح تلك المنحرفة، إلاَّ أني أخاف مِنْ ذنوبها!

مشكلتي هي أنَّ الداعية المُزَيَّفة تعرف جميع زميلاتي وصديقاتي الجُدد، وصديقتي القديمة تَعرف كلَّ صديقاتي القُدامى، أشعر فعلاً بفقدان الثقة، أصبَحت أخاف من العلاقات، وأشعر بأنهما قد حطَّمَتا رُوحي بلا سببٍ، إلا أنَّ كليهما قد قالت لي: أنت نادرة، وقوَّتك من داخلك.

 

أرجوك يا دكتورتي الفاضلة، فصِّلي في الردِّ وإن طالَ، أعطيني طريقةً أعود بها إلى ذاتي، لكن كيف وهما يُحيطان بي؟

 

الجواب:

بسم الله المُلْهِم للصواب

وهو المُستعان

 

أيَّتُها العزيزة، قال البحر عبدالله بن عباس - رضي الله عنه -: "أربعة لا أقدرُ على مكافأتهم: رجل بدأني بالسلام، ورجل وسَّع لي في المجلس، ورجل اغبرَّت قدَماه في المشي في حاجتي، فأمَّا الرابع فما يُكافئه عني إلاَّ الله - عزَّ وجلَّ"، قيل: ومَن هو؟ قال: "رجل نزَل به أمرٌ، فباتَ ليلته يُفكِّر فيمَن يقصده؟ ثم رآني أهلاً لحاجته، فأنزَلها بي".

فجزاكِ الله وأثابَك؛ إذ رأيتني أهلاً لحاجتكِ، وكفَى به جازيًا ومُثيبًا، وأكرمكِ الله وأدامَ لكِ الكرامة، فإنما "الدكتورة" في الألوكة هي المستشارة القديرة شروق الجبوري نفَع الله بها، فأستغفر الله مما لا تعلمون، وأسأله ألاَّ يؤاخِذَكم بما تقولون، وأن يَجعلني خيرًا مما تظنون.

 

أيَّتُها العزيزة، قد كنتِ وأحسب أنَّكِ لا تزالين:

- شخصيَّة رائعة، وقويَّة ومُميَّزة.

- مرِحة.

- جادَّة.

- مُستقِلَّة.

وهذه السمات المميزة لَم تَصطنعها "صديقتكِ القديمة"، ولا تلك "الداعية المُزيَّفة"، إنما هي ثمرةُ سنواتٍ طوال من التعلُّم والنُّمو النفسي والاجتماعي.

وأحسب أنَّ إحدى هذه السمات قد صُودِرتْ منكِ، وقد كانت تُشكِّل الأرضيَّة الخِصبة التي سَمَقَت فوقها شجرةُ شخصيَّتكِ وأثْمَرتْ؛ أعني بها: سِمة الاستقلاليَّة!

فحين كنتِ مُستقلَّةً أيَّتُها العزيزة، مُتحرِّرة من إملاءات الآخرين على قراراتكِ، غنيَّة بنفسكِ، ثريَّة بعواطفكِ، مُترَفة بأفكاركِ وأحلامكِ، لا تَعتمدين على فُلانة من الناس في صُنع أفراحكِ، مُستغنية بنفسكِ عن (هند) و(دعد) في مَلء فراغاتكِ - حين كنتِ كذلك أصبحتِ مميَّزة!

ثم لَمَّا سمحتِ لتلك الداعية التي تُمثِّل نمطًا من الدُّعاة الخانقين الذين يحسبون الناس جميعًا في ضلال مبين، فلا ينفكُّون يُفَتِّشون في البيوت التي يدخلونها عن كلِّ دهليزٍ وممرٍّ سريٍّ، يمكن أن يوصلهم إلى آخرين "ضالين"؛ كي يُمارسوا عليهم الدعوة كما يُمارس الساحر الشعوذة!

أقول: عندما سمحتِ لهذه المرأة بتطويق أرضيَّة استقلالكِ، والسيطرة على معظم مساحاتها، فقدتِ ساعتئذٍ ذاتَكِ وتوازنكِ النفسي، فإن أردتِ استعادة ما فُقِد فاستردِّي هذه الركيزة المُصَادَرة أوَّلاً.

 

يحتاج جدارُ الاستقلاليَّة إلى بضع لَبِنات ليستقيم:

اللَّبِنة الأولى: تغييب دور المُسيئين:

ثَمَّة الْتباسٌ يقع فيه كثيرٌ من الناس في فَهْمهم لمعنى (التسامح)، فالتسامح على الصعيد الشعوري هو: عفو القلب عمَّن أساء إليه، لكنه لا يعني بالضرورة ولا على الدوام استعادة قُدرة القلب على التعامل مع المُسيئين، كما لو أنَّهم لَم يُسيئوا قط! فهذا فوق مستوى الطبيعة البشريَّة.

حين قَدِم "وحشي" قاتل حمزة على الحبيب محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يشهد شهادة الحقِّ، عفا عنه النبي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم قال له ما يجب أن يُقال لكلِّ "القَتَلَة" الذين رَمَوا برماحهم كلَّ ما نحبُّ ونسعد، قال له ساعتئذٍ: ((غَيِّب عني وجْهَك، فلا أرَاك)).

يمثِّل "حمزة" كلَّ الأشياء العزيزة في دواخلنا، فـ"حمزة" هو السعادة والحب، "حمزة" هو الثقة بالنفس، والشعور بالأمان، هو الذات الحقيقية والشخصية القويَّة، و"قتله" في دواخلنا ليس هيِّنًا كي نتجاوزه، هكذا بمنتهى السهولة.

مَن يقتل "حمزة" في دواخلنا، نسامحه ونغفر له؛ أبًا كان أو أخًا، أو زوجًا أو صديقًا، أو حبيبًا أو مديرًا أو أستاذًا، أيًّا ما يكن! أجَل ستسامحه قلوبُنا المكلومة، وسنعفو عنه، وسنُطلِق سراحَه من تفكيرنا، لكننا لن نستطيعَ في تعامُلنا معه إلاَّ أن نقول له: "غَيِّبْ عنَّا وجْهَك"، و"إن استطعتَ أن تعيشَ بعيدًا عنَّا، فافْعَل".

ليست هذه دعوة للقسوة أو التمرُّد، ولكنها دعوة لإعادة رسْم الحدود مع نوعية من الناس، لا يَصلح معهم إلا البُعد؛ كي لا نأْثَم ولا يأثَموا، ولو أردنا الانتصار منهم والاقتصاص لأنفسنا، ما تجاوزنا الشريعة؛ فلقد قال - جل شأنه -: ﴿ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 194]، وكذلك قال: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ [النحل: 126].

وهذا وحْده كافٍ لكي يعرف المسيئُون أننا حين غفَرنا وعفونا، فإننا قد تنازَلنا عن حقوق شرعيَّة أثْبَتها الله في كتابه إلى قيام الساعة، كانوا قد تجاوَزوها من قَبلُ بالاعتداء والغدر والخيانة! ولكن: 

خَيْرُ الْخَلِيلَيْنِ مَنْ أَغْضَى لِصَاحِبِهِ
وَلَوْ أَرَادَ انْتِصَارًا مِنْهُ لانْتَصَرَا

 

وأراكِ أيتها العزيزة قد وضَعتِ قدميكِ على العتبة بطريقة لا واعية، حين قلتِ: "الآن ترَكَتني تلك الداعية المزيَّفة"، "أنا لَم أعُد أريدها أصلاً"، فلا تُحمِّلي قلبكِ ما لا يستطيع، إن كانت صداقتها تؤلِم قلبكِ إلى هذا الحدِّ، فاتركيها غير آسفة ولا نادمة. 

وَصِلِ المُواصِلَ ما صَفَا لَكَ وُدُّهُ
وَاحْذَرْ حِبَالَ الخَائِنِ المُتَبَذِّلِ

 

إنما يجب أن يتمَّ ذلك على بيِّنة، فلا تَغيبي وتَبتعدي عنها دون أن تعلمَ سبب بُعدكِ، يجب أن تعلم أن قلبكِ قد كلَّ وتَعِب، وقد آن له الأوان كي يستريحَ من تلك الأساليب المُمرِضة، اكْتبي ذلك في رسالة على الجوَّال أو البريد الإلكتروني، واذكري في رسالتكِ أمرَ ارتيابكِ من تلك الداعية، "وليس مَن نبَّه غافلاً، أو نصَح صديقًا، أو حَفِظ مسلمًا، أو حكى عن فاسق، أو حدَّث عن عدوٍّ - ما لَم يكن يكذِب ولا يُكَذِّب، ولا تَعمَّد الضغائن - منقلاً"؛ كما قال ابن حزم في "طوق الحمامة".

أخْبِريها بنفس الصورة التي أخبرتِني بها مجرَّدة من مشاعركِ، وبعيدًا عن الطَّعن والهمز واللمز، فقط ضعي تركيزها على مواطن الغرابة التي تَشغل ذِهنكِ من تعرُّف هذه الداعية بصديقتك وبابنة عمِّك، رغم استحالة المعرفة بينهما في تصوُّرك، واذكري لها خشيتكِ من أن يتكَرَّر الأمر نفسه معها، فتُفَتِّش في خلفيَّاتها على هذا النحو الذي لا يمتُّ للأدب بصِلة، ولعلَّ خيطًا يجتمع مع خيطٍ، فتتمكَّنا من فَهْم نفسيَّتها، وما الذي تريد أن تَصِل إليه، ثم لا يضرُّك بعد ذلك رَدَّة فِعْل صديقتكِ أو موقفها منكِ، فأنتِ تقومين بتنبيهها من منطلق العِشرة ليس إلاَّ، فإن أراد الله بها خيرًا، أصلحها لكِ.

كذلك اكْتُبي لتلك الداعية عن كلِّ ما تَشعرين، ولا تحرقي قلبك بالصمت، ولا تأكلي نفسكِ بالهمِّ.

وعلى أني لا أمْلِك الضمان بتأثُّر أمثال هؤلاء برسائل العَتب، إنما أضمن لكِ الشعور بالارتياح والهدوء، والتوازن النفسي بعد الفراغ من الكتابة، فلا تتردَّدي في عتاب الأحباب، وثِقي أن طيب رسالتكِ سيَعبق يومًا حين تَخطرين على البال، وقد قام بينكِ وبينهما سدٌّ وردمٌ.

 

اللَّبِنة الثانية: العُزلة الشعورية:

مفهوم رائع طرَحه المفكر الأديب سيد قطب - رحمه الله - في كتابه: "معالم في الطريق"، يقضي بعَزْل الشعور وإقصائه عند تعامُل الفرد المسلم مع المجتمعات المُحبِطة المُسيئة التي يتعيَّن عليه التفاعل معها والتعامل مع أفرادها؛ بحيث يكون معهم جسدًا ويُفارقهم فكرًا وشعورًا، "فالعزلة الشعورية شيء، والتعامل اليومي شيء آخر"؛ كما يقول سيد قطب.

وهذا المبدأ يصلح تطبيقه مع المُسيئين الذين لا فَكاك من وجودهم في حياتنا، كالأهل وبيئة العمل؛ إذ يَصعُب كثيرًا تغييبُ وجوه الأشِقَّاء الذين يعاملوننا بكلِّ قَسوة، كما يصعب جدًّا تغييب وجوه زُملاء العمل إلاَّ بقدرة الله، فتُصبح العزلة الشعورية وقتئذٍ خشبة الخلاص لاستمرار الحياة معهم.

 

اللبنة الثالثة: تقدير الذات:

وتقدير الذات مزيج من الثقة بالنفس واحترامها، والنضوج النفسي.

ثقي أيتها العزيزة أنَّكِ قد تُحرزين كلَّ صِيَغ التفضيل: "الأفضل"، "الأجمل"، "الأصدق"، "الأنفع"، "الأوْفَى"، ثم يرفعُ الزمان عليكِ مكان شخصٍ كنتِ به أحقَّ، مكان شخص لا تُصاغ نجاحاته إلاَّ في أبنية التصغير.

وقد تكونين مَصنع الفرح لكلِّ مَن حولكِ، ثم لا تُرمى متفجِّرات الألَم إلاَّ على قلبكِ وحْدكِ! ألَم تَرَي كيف سِيق المسيح عيسى - عليه السلام - من قَبلُ إلى المحاكم الرومانيَّة، وحُكِم عليه بالموت صلبًا؟! ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ﴾ [النساء: 157].

وكيف أُطلِق سراح السجينَيْن اللَّذَيْن سُجِنا مع الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب - عليهما السلام - ونُسِي يوسف؛ ﴿ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ﴾ [يوسف: 42]؟!

فلا تَجعلي هذه التقديرات الخاطئة والظالمة سببًا في رثاء الذات، وفَقْد الثقة بالنفس، وتحطيم ميزان التقدير في داخلك، فكون الناس لا يُحسنون تقدير أهل الجدارة والتقدير، فهذه منقصة في حقِّهم لا في حقِّ أهل الجدارة، وإنما يُوفَّى المُحسِنون جزاءَهم الأَوْفَى عند ربِّهم في الآخرة.

ثم حين تقولين: إنَّ سبب استمرار علاقتك بصديقتكِ: "أنها تعاملك باختلاف عن بقية صديقاتها"، فإنما تُشيرين بذلك إلى نقصان منسوب التقدير في دواخلك، فتمسُّككِ بهذه الصديقة كامنٌ في مَقدرتها على إشباع حاجتكِ إلى التقدير، في حين أنَّكِ لو قدَّرت ذاتكِ كما تستحقُّ، وعرَفتِ قيمة نفسكِ، فلن تتورَّطي أبدًا في دخول أيِّ علاقة تَستهلك من أعصابك كلَّ هذا النزيف النفسي.

 

اللبنة الرابعة:

البحث عن منابع أخرى للسعادة غير العلاقات الاجتماعيَّة، فلقد باتَ كثير من علاقات الناس اليوم سببًا في الضيق النفسي والشعور العميق بالألَم، بل أصبَحت عاملاً رئيسًا من عوامل الفشل في الدراسة والعمل والتقصير في العبادات.

فلا تقصري حياتكِ على المجالس التي كانت تَعقدها تلك الداعية، ولا على الاتصالات التي تُغرقك بها صديقتك، وليَكن لَدَيكِ من الهوايات والاهتمامات والطموحات ما يُحَقِّق لك الاكتفاء المادي والرضا المعنوي.

تحرَّكي أيتها العزيزة، ولا تَتجمَّدي في مكانكِ، فـ"نحن نعرف من مادة الفيزياء - التي تعلَّمناها على مقاعد الدراسة الثانوية - أنَّ الطاقة الحركيَّة مقرونة بالتحرُّك، والأمر نفسه يصحُّ على الطاقة البشرية، فهي تولَد بالاستعمال، ولا يسعنا أن نختزنَها"؛ كما يقول جورج لينارد، فلا تخزِّني طاقاتكِ، بل استعمليها في خدمة دينك ومجتمعك، واستعادة ذاتك المفقودة.

 

اللبنة الخامسة: الصبر والتقوى:

فلقد قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 120].

ولا تَنسي الإلحاح على الله بالدعاء أن يَجبر كسركِ، ويَربط على قلبكِ، ويَمنحكِ القوة لتجاوز هذه المرحلة بسلام.

أمَّا الأغاني، فأحمَد الله لكِ أنَّكِ تركتِها وتُبْتِ منها، إنما يجب أن تكون النيَّة خالصة لله؛ كيلا تشعري بالندم على تَرْكها، فلو أنَّكِ تَرَكتِها لله، لَم تَربطي اليوم بينها وبين تلك "المنحرفة" على حدِّ قولك، فاستعيذي بالله من الشيطان؛ فإنه متربِّص بكلِّ نعمة يُنعم الله بها على عباده؛ ﴿ قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [الإسراء: 62].

فكوني من القليل الذين لا يقوى الشيطان على الإيقاع بهم وغوايتهم، وأنا على يقين بأنَّكِ ستعودين أقوى من ذي قبل، فالمصائب القوية تقوِّينا دائمًا، وما تزالين أيتها العزيزة تَختبرين الحياة الدنيا وأخلاق الناس، "كأنَّك يا هذا تظنُّ أنَّ الفائز لا يناله هولٌ في الدَّارين، ولا رَوع ولا ألَمٌ، ولا خوف، سلْ ربَّك العافية، وأن يَحشرنا في زُمرة سعد"؛ كما يقول الإمام الذهبي في ترجمته للصحابي الجليل سعد بن معاذ - رضي الله عنه - وأرضاه.

 

فخُذي من الخبرة الأليمة ثمرات الحكمة والمعرفة، وامضي على بركة الله، يَحرسْكِ بعينه وملائكته الكرام.

والله تعالى أعلم بالصواب، لا نُحيط بشيءٍ من علمه إلاَّ بما شاء، وهو بكلِّ شيء محيط.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عدم القدرة على التعبير
  • أنت من تملك انطلاقة ذاتك
  • شخصية تجلد ذاتها
  • السعي للكمال وجلد الذات

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة مجموع فيه كتابان: شرح آداب البحث للسمرقندي وحاشية على شرح آداب البحث للسمرقندي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الجديد في عرض الباحثين لمشكلة البحث(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • الفارق بين نوع البحث ومنهج البحث في العلوم الاجتماعية(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • البحث عن الذات في ظلال الكلمات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • البحث عن الذات(استشارة - الاستشارات)
  • الجغرافيا العربية المعاصرة بين سندان الحصار ومطرقة البحث عن الذات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مراحل البحث العلمي في ميدان الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مصطلحات منهجية في كتابة البحوث والرسائل الأكاديمية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تحديات البحث التربوي العربي: أبحاث التعليم المختلط نموذجا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ابدأ بالبحث عن نفسك قبل البحث عن وظيفتك(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب