مشكلات بداية الزواج

أهلاً بكِ عزيزتي، وشكرًا لثقتك بنا، نظرتُك الحالمة للزَّواج، ورغبتُك أن تكوني هاجسَ زوجِك الوحيد مشاعر أتفقُ معك فيها؛ فهذه الأمورُ جميلةٌ وتشعرُنا باهتمامِ الطَّرفِ الآخر وحبه لنا، ولكنَّ استمرارَها طوال الوقت سيجعلُها تنقلبُ من نعمةٍ إلى نقمة، تمامًا كما حدث معك، فالحبُّ مهما كان شديدًا وثيقًا إلا أنَّ كلا الطرفين يحتاجُ للرَّاحةِ من الآخر لبعضِ الوقت؛ ليشتاقا لبعضِهما ويجرِّبا البُعدَ ليعرفا نعمةَ اللقيا، وكما قالوا قديمًا: "زُرْ غِبًّا تزددْ حُبًّا"

من وجهةِ نظري يا عزيزتي، فإنَّ المشكلةَ ليست في إهمالِ زوجك لكِ، أو جلوسه مع أخيه، المشكلةُ الأساسية تكمنُ في عدمِ فهمِكما واستيعابكما الكاملِ والصَّحيح لمعنى الزَّواج ومفهومه، وكيفيةِ التعامل الصَّحيحِ والحكيم مع الجنسِ الآخر في مختلف نواحي الحياة التي ستجمعكما، كلُّ واحدٍ منكما عاش وتربَّى في بيئةٍ مختلفة عن الآخر لأكثر من عشرين عامًا، ومن الطَّبيعي جدًّا أن نجدَ اختلافًا في الطِّباعِ والتعامل عكس ما كنَّا نتصور ونتخيل، فالطرفُ الثاني - حتى ولو كان من الأقاربِ - سيكون مختلفًا عنَّا، فكيف بغير القريب؟!

الجلساتُ الودية وأحاديثُ المصارحة والتفاهم الموشاة بالحبِّ والوُدِّ والأُلفة مهمةٌ جدًّا؛ ليعرف كلُّ طرفٍ ما يحبُّه الآخرُ وما يضايقه، لكنَّكِ من أوَّلِ مشكلةٍ واجهتكما استخدمتِ الصُّراخَ والعصبية، صحيحٌ أنَّ ما فعله مزعجٌ جدًّا، خصوصًا في بداية زواجكما، ولكنَّه فعل ما اعتاد أنْ يفعلَه قبل الزواج؛ لأنَّه لم يستوعب بعدُ الفرقَ بين حياةِ الزَّواج وحياة العزوبة، المشكلةُ يا عزيزتي حلُّها - بإذن الله - يسيرٌ، ولكنَّه يعتمدُ عليكما أنتما الاثنين، فكلُّ واحدٍ يتحمَّلُ جزءًا من المسؤولية والخطأ، الاختلافاتُ بينكما كثيرةٌ وعديدة؛ ولتختفي المشكلات ولتنعما بحياةٍ هادئةٍ وسعيدة، عليكما أن تتفهَّما هذه الاختلافاتِ وتستوعباها، لتصبحي قادرةً على تفهم تصرفاتِ زوجِك، ويصبحَ هو قادرًا على تفهمِ انزعاجِك من تصرُّفاتِه، وكتاب "الرِّجالُ من المريخ والنساء من الزهرة" سيكون بدايةً ممتازة وجيدة لكما، أيضًا الكتاب التفاعلي للأستاذة "أريج الطباع" هنا على "الألوكة" سيثريك جدًّا، وسيساعدُكِ على فهمِ وتفسير الكثير من الأمور التي تحصلُ بينك وبين زوجِك، على أن تتبعاهما بكتبٍ أخرى ودورات تحضرانها معًا، تتحدث عن الحياةِ الزوجية ومشكلاتها، والعَلاقةِ بين الزَّوْجين، وغيرِها من الأمور التي تواجهكما في حياتكما.

مما لاحظتُه بشكلٍ واضح في رسالتك عزيزتي، وأكَّدتِه لي في آخر سطرين: تضخيمك لما يحدثُ بينكما من مشكلات، صحيح أنَّها بالنسبة لكِ مزعجةٌ، ولكنَّ بقاءَها في الذَّاكرةِ واسترجاع المشاعر المصاحِبةِ لها بنفس الشدة في كلِّ مرة، سيصعِّبُ عليك نسيانَ ما فعله، حتَّى ولو توقَّفَ عنه واعتذرَ لك، وحتَّى لو بدَّل تصرفَه أو تبدل هو كلُّه وصار كما تتمنين، فستظلِّين تذكرين كيف كان من قبل، وما يحدثُ معك الآن دليلُ ما أقول؛ فرغم أنَّه مرَّ على زواجك سنتان ولكنَّك ما زلتِ تذكرين كيف كان يتركُكِ خائفةً وحدك في البيت ليذهبَ مع أصدقائه!

هذا الأمرُ وضع على عينيك غشاءً منعك من رؤيةِ أيِّ أمرٍ جيد وممتاز وودود يقوم به من أجلك الآن، إنْ ظللتِ على ذاكرتِك الحادة والقوية هذه، فقد يأتي يومٌ يسأم فيه من هذه الذَّاكرةِ التي تسرد عليه ملخصًا لكلِّ الأخطاءِ والجرائم التي ارتكبها بحقِّك، والتي لم يمحها اعتذارُه وهداياه وكلماتُه الحلوة، سيشعر أنَّ ما يقوله ويقدمه لكِ بلا قيمة؛ لأنَّك ما زلتِ تذكرين ولم تنسي، وبالتَّالي سيتوقَّفُ عن الاعتذارِ وعن كلِّ ما يرضيك؛ لأنه بلا فائدة!

تذكَّري دائمًا يا عزيزتي أنَّ الرَّجلَ مختلفٌ عن المرأةِ في طريقة تفكيره وتكوينه، والمرأة تعتقدُ أنَّه سيفهمُها ولن يغضبَها لأنه يحبها، ولكن هذا ليس صحيحًا، فالحبُّ عاطفةٌ قوية وجياشة وُجدتْ لتساعدَنا على تحمُّلِ ما يضايقنا في الطرف الآخر، وتخفِّفَ من إحساسِنا بعيوبه وتكبِّرَ حسناتِه في عيوننا، وإلا لما تحمَّلَ أيُّ زوجين الحياةَ مع كلِّ المشاكل التي تحصلُ بينهما، ولكنَّ الحبَّ الذي أوجده اللهُ بينهما والمودة والرَّحمة جعلتِ الحياةَ جميلةً وحلوة رغم المشاكل التي تعصفُ بأيامِهما وحياتهما.

وفَّقكما الله عزيزتي، ورزقكما السَّعادةَ والوفاق وجعلكما قرة عين لبعضكما، وتابعينا بأخبارِك لنطمئنَّ عليكِ.