• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    إحباط من جميع النواحي
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات أسرية / المشكلات بين الأبناء والآباء
علامة باركود

أعدائي هم أهلي!

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2009 ميلادي - 11/5/1430 هجري

الزيارات: 22783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا طالبة في السَّنة الثانية في الجامِعة، قسم لغة إنجليزية، أنا فتاة طموحة أريد أن أتعلَّم كلَّ شيء، أهتمُّ بمستقبلي جدًّا، أريد أن أصبح فتاةً مستقِلَّة بنفسها، ولكن مُشكلتي أهلي: أمي وأبي، أنا كبرت، وأمي وأبي دائمًا متخاصمانِ، وفي مشاكل دائمة، أنا كبرت وما زال السِّلْك وسيلةً لتَصْحِيح غلطي، كبرتُ وما زال الكلامُ الجارِحُ والإهانة وسيلةً لتأديبي، لَمَّا كان عمري 9 سنوات، ضَرَبَتْني أمِّي بالسلك، لدرجة أنَّه بالخطأ جاء على عيني، ولكن - الحمد لله – لم يحدُث شيءٌ لعَيْني، أبي كان يرْحَمني ويعطِف عليَّ، لكن الآنَ لا أمي ولا أبي، فكلاهما ضِدِّي.

طبعًا في مُجتمعي عادي جدًّا الأم أو الأب يَحضن ابنته أو ولده، وأنا إنسانة أحتاج إلى أحد يُحسِّسنِي أني مَحبوبة عندهم، يعني أهلي حتَّى المجاملة لا يُجاملونني، والآن أنا كبرت، وصراحة أستحيِي لو حتَّى أسلِّم عليْهم، الآن أنا حاسَّة أن نفسي تَغيَّرت، وهذا يُحزنني، كنتُ بنتًا حسَّاسة عطوفة، لكن الآن أحس أن داخلي بنتًا شريرة تكْره أمها وأباها كرهًا شديدًا، لساني دائمًا طويلٌ عليْهم؛ لأنَّهما كانا ولا زالا هكذا معي.

والله العظيم، حتَّى ما أعرف أنا أحبُّهما أم لا؟

أحيانًا أحاول أن أتذكر أيامًا حلوة معهُم، لكن ما أتذكر إلا الضَّرب وكلامهم، المشكلة أنَّ كلَّ واحدٍ فيهما يرى نفسه الأحسن، أنا صرت قليلة الأدب معهما، لكن – والله - ليس مني، والله أنا أندم، وخائفة أنَّ ربِّي يُعاقبني على كل شيء، لكن - والله - هما لا يعطونني فرصة أتقرَّب منهم.

أنا أعرف السبب: أنَّ أمي وأبي يكرهان بعضهما بعضًا، وهذا انعكس عليْنا، لكن هذا الوَضْع ما أقدر أتحمَّله، أنا صِرْت إنسانةً عصبيَّة ما تَحتمل أيَّ شيء، حتَّى لمَّا أكون تعبانة لا أقدر أعبِّر عن شعوري عندهم؛ لأنَّهما ينفجران فيَّ بعدُ.

صرت ما أعطيهما وجهًا، ما أكلِّمهما، أكرههما، أحيانا أفكِّر بيْنِي وبين نفسي أني في المستقبَل سوف أدخلهما دار العجزة، وأحيانًا أقول: سوف أتركهما ولن أنظر في وجوههما.

الله يبارك لك، لا تغضب مني، هذا - والله – ما مني، هذا منهما، هُما السَّبب، والله ما أنسى ضرْبَهما وتعذيبَهُما لي، ما أنسى كلامَهُما الجارح لي.

الجواب:

عزيزتي،

وعليكم السَّلام ورحْمة الله وبركاتُه،
لقدِ استوْقفتْنِي عبارتُك: "أعرف السبب الذي جعل أمي وأبي يكرهان بعضهما البعض، فقد انعكس ذلك علينا"، فهنا في الحقيقة مربط الفرس، وهنا سبب المشكلة التي تعانين منها.

كم هو مُحزِن بِحقٍّ أن يتحوَّل الأبناء إلى أصابعِ ندم، يعَضُّ عليْها الوالدان بعُنفٍ، كلَّما راوَدَهُما شعور بِخطأ تلك الزيجة!

وكم هو مؤلم أن تستمرَّ هذا المعاناة لسنواتٍ وسنوات طويلة!

كبشر نتمسَّك دائمًا بالكرامة، لا نقبل بالخنوع أو الاستِسْلام، أو الذُّلِّ أو البقاء ضحايا لبشَرٍ مثلِنا، فلو أنَّ مَن تشْكِين جَوْرَه هو زوجُك مثلاً، لقُلتُ لك: اطلبي الطلاق أو اخلعي.

ولو كانت صديقةً خائنة أو كنتِ تحتَ سلطة مدير متسلِّط، لقلت لكِ: اقطعي العلاقة أو غادري المكان.

لكنَّ شكواكِ - يا عزيزتي - ضدّ مَن نَهانا الله أن نقول لهما: {أُفٍّ لَكُمَا} [الأحقاف: 16].

في مقام الوالدين ترتَبِكُ حروفي فلا أستطيع أن أُعْطِي صوتي لأحد، ولا حتَّى بصوتٍ عليل، فالوصيَّة بالوالدين وصيَّة إلهيَّة، وصَّى الله – تعالى - بِها الأنبِياء - عليْهِم السَّلام - من قبل.

يقول الله – تعالى - على لسان عيسى بْن مريم: {وَبَراًّ بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِياًّ} [مريم: 32]، ويمتدح القُرآن يَحيى بن زكريا - عليْهما السلام - ببرِّ والديْه: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيَّا} [مريم: 14].

كما وصَّى بِها بني إسرائيل ضِمْنَ الوصايا العشْر؛ قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151].

ورغْم التحريف الذي طال كتبهم السماوية إلا أنَّنا لا نزال نقرأ عندهم تلك الوصية، جاء في العهد القديم: "أكرِمْ أباك وأمَّك؛ لكي تطول أيَّامُك على الأرض التي يعطيك الرَّبُّ إلَهك" (الخروج: 20:12).

لعلَّك تتساءلين الآن: وهل نبرُّهما وهما قاسيان كلَّ هذه القسوة؟! ظالمان كل هذا الظلم؟!
أجل؛ روى البيهقي في شعب الإيمان، والبخاري في الأدب المفرد، عن ابن عباس - رضِي الله عنْهُما - قال: "ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح الله له بابين يعني من الجنة، وإن كان واحد فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرْضَ الله عنه حتَّى يرضى عنه"، قيل: وإن ظلماه؟ قال: "وإن ظلماه".

الوالدان القاسيان - يا عزيزتي - كالأرض التي نتمسَّك بالبقاء فيها، رغم الزلازل التي تصدع قشرتها تحت أقدامنا، ورغم البراكين التي تقذف بِحممِها على القرى الوادعة بدواخلنا.

مهْما حاولنا الابتعاد عنها، يشدّنا دائمًا الحنين إليها، فنعود ونرمِّم بيوتنا المهدَّمة، وننتَشِل أشياءَنا العزيزة من تَحت الأنقاض، هكذا مرَّةً بعد مرَّة، رغْم يقينِنا العميق بأنَّ الزَّلازل حتمًا ستعاود رعْدتها، والبراكين بلا شك ستعاود غضبتها، لكنها رغم ذلك تبقى لنا الأرض، والوطن، والانتماء!

أخبريني: لو أن لكِ عزيزًا هو كلُّ شيء في حياتك، ثم مضى وترك لكِ وصية، وإذا المكتوب فيها شيء يفوق قدرتك على الاحتمال، ويفوق طاقتك على الصبر، أكنتِ تنفِّذينها؟

ربَّما قلتِ في نفسك وأنت تقرئينها: "سامحك الله على هذه الوصيَّة!"، ومع هذا أنا موقنة بأنكِ ستنفِّذينها، فقط من أجْل هذا العزيز على قلبِك، أليس كذلك؟

فكيف إذَنْ لو أنَّ هذه الوصيَّة هي من ربِّ البشر، ولله المثل الأعلى؟!

إنَّ وصية الله لنا هي أن نُحْسِن إلى والدينا، وهاكِ – اقرئي - الوصية:
قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت: 8]، وقال: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14- 15]، وقال: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً} [الأحقاف: 15].

ولهذا ضرب الأنبِياء - عليْهِم السَّلام - أرْوع المثل في برِّ الوالدين، وسأكتفي هنا بأبي الأنبياء إبراهيم - عليْه السلام - كمِثال في البِرِّ رغْم قسوة الأب.

تأمَّلي هذا الحوار بيْن إبراهيم وأبيه المشرك، تأمَّلي النِّداءات الحانية المتكرِّرة ببرٍّ وودٍّ من إبراهيم لأبيه، المتمثِّلة بقوله: "يا أبتِ"، وكيف جاء ردُّ والده عليه؟

قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِياًّ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِياًّ * يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِياًّ * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِياًّ * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِياًّ * قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِياًّ} [مريم: 41 – 46].

يجب أن تعْلمي أنَّ ما يَحدث معك أسهلُ بكثيرٍ مِمَّا عاناه الخليل - عليْه السَّلام - لأنَّ الألَم مع إبراهيم لم يُصِبْه من والده بِمفرده؛ بلْ من قومِه بأكْملهم حتى اجتمعوا عليه ليُحرِّقوه، والقصَّة ونِهايتها تعْرِفينها بلا شكٍّ.


أُخْتي العزيزة،

كلُّ ما قلته لكِ لا يُلْغي إطلاقًا شعوري بكِ، وبألمك الكبير الذي لا يُحتمل، فالعقاب البدني وعلى مدار عشْر سنوات وربَّما أكثر - هو أمر لا يُطيقه جبل، فكيْف بفتاة هي في مَجموعها كتلة من المشاعر والعواطف والأحاسيس؟!

هذا امتهان لا يقبله مَخلوق، ولا يرضاه مَن في قلبه ذرَّة من إنسانية، ولكن يبدو أنَّ والدتَك قد اكتسبتْ مهارة الجلد كأسْلوب تربوي من والديْها، أو ربَّما لتفرِّغ فيكم ما لو كانت تتمنَّى لو أن تعامل به زوجها، لو كان الأمر مسموحًا به عُرفا أوْ شرعًا!

كان عليها أن تدرك أنَّها لا تجلد أجسادًا وحسْب؛ بل تجلد ما بداخِل هذه الأجساد من عواطفَ نبيلةٍ وسامية؛ كالحبِّ والرَّحْمة والحنان، والحبُّ والرحمة والحنان من الشَّفافية بِمكان بِحيثُ يُمكن أن تَموت سريعًا سريعًا، وفي عمرٍ مبكِّر.

منذ متى كانت التَّربية بالجَلد تولِّد أناسًا أسوياء أو شخصيات سويَّة؟! الدين الإسلامي لا يقْبلُها للحيوانات؛ لأنَّها مخلوقات تُحسُّ وتتألَّم، فكيف مع البشَر المكرَّمين عند الله؟! وأي بشر؟ إنَّهم أبناؤنا وفلذات أكبادِنا التي تَسْري دماؤُنا في عروقهم!

هذا الكلام هو تسلية لكِ، لكنَّه لن يُصلِح أبدًا حالَ والديْك، ما يُمكن أن يصلِحَهُما بعد هداية الله والدُّعاء لهما بالهداية - هو المواجهة والحوار بهدوء، وأنتِ الآن في سنٍّ يفترض بكِ أن تتحاوري بتعقُّل وأدب وحبٍّ أيضًا، وكم ستسْدين إلى نفسك جميلاً عظيمًا، إذا أحْكَمْت رقابتَك على انفِعالاتِك في خطابِك مع والدَيْك، والمهمُّ هنا هو اختِيار الوقْت المناسب الذي تَصْفو فيه النُّفوس لتخرُجِي بنتيجةٍ مُرْضية، ووحْدَكِ مَن يعرِفُ متَى يكون الوقْت مناسبًا لفتح الحوار.

ربَّما تَجِدين صعوبةً بالغةً في الحديث بودِّيَّة مع والديْك؛ نتيجةً للتَّراكُمات المؤْلِمة بداخِلك، والجدْران المتعدِّدة التي بُنِيَتْ جِدارًا جدارًا مع مرور السِّنين، لكن عليْك أن تتذكَّري أنَّ هؤلاء ليسوا غُرباء أو أباعِدَ، هؤلاء أهلك، هذا أبوك وتِلْك أمُّك، ومن خلالِهما ستدخُلين الجنَّة، فلا تتلكَّئي أو تَختلقي الأعذار - مهْما كانتْ وجيهة - عنْ فتْح الأبْواب النفسيَّة المغلَّقة بينك وبينَهما؛ لأنَّكِ في الآخرة ستجدين نفسك وقد وصلت أخيرًا إلى فتْح الباب، الذي تلِجين من خلاله إلى جنَّة عرضُها السَّموات والأرض.

حاولي وتوقَّعي أسوأ الاحتِمالات؛ إنَّما لا تيأسي، أخبريهِما بأنكِ قد كبرتِ على توْجيهات "السلك واللي"، وأنَّكِ من الإنسانيَّة بِحيثُ لا يمكن لكِ أن تَحتملي الوجع أكثر من هذا، ومن العقلانيَّة بحيثُ يُمكِنُك تصحيح أخطائِك بأساليب تربويَّة أُخْرى غير الضَّرب والجَلد والعنف البدني.

أمَّا إن عجزْتِ عن إقناعِهما بالعقل والمنطق والدين والأدب، فالجئي إلى طرف مؤثِّر له علاقة جيِّدة بك وبهما أو بأحدِهِما، كأن يكون هذا الطَّرف المصْلِح هو خالة قريبة من قلْبِ أمِّك، أو عمًّا قريبًا من قلبِ أبيك، أو حتَّى أحد أصدقاء أو صديقات العائلة المُقرَّبين جدًّا، والذين يُمكِنُك التحدُّث إليْهِم دون خوف من إفشاء أسرار البيت.

قدِّمي الخير وادْفعي بالتي هي أحسن، وستَجْنين ثَمرة ذلك خيرًا بإذن الله؛ قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 34 – 35].

اشتري هديَّة لوالدَيْك من مُكافأة الجامعة، لِتَكُن لعيدِ الأضحى مثلاً إن كُنْتِ تعتبِرين الإهْداء مرتبطًا بِمناسبة أو لسبب، واقْتربي من أُمِّك كصديقة، لا تنتظري - يا عزيزتي - أن تصغي هي إلى مشْكلاتِك الآن، بل أَصْغي أنت إلى مشكلاتها، والتمِسي لها العذْرَ دائمًا.

إنْ كان عمر والدتِك يقع في المرحلة العمرية ما بين 47 : 57 سنة، فأرجوكِ أرجوك، اصبري على عصبيَّتها، فهي إضافة إلى شخصيَّتها التي تتَّسم بسرعة الانفِعال والعصبية، فسيكون العمر المرحلي عبئًا أكْبر عليْها لأسباب هرمونيَّة، فهذه المرحلة من أصعَبِ المراحل التي تمرُّ بِها المرأة، بسبَبِ نقْص الهرمون الأنثوي "الإستروجين"، الأمر الذي يؤثِّر سلبًا على نفسيَّة المرأة وطاقتِها، بِما يسبِّبُه هذا النَّقْص من تغْييرات جسديَّة وحتَّى جنسيَّة، قد تؤثِّر سلبًا على العلاقة الحميمة بين الزَّوجيْن، والذي قد يفسره تغيُّر والدك عليكِ، من دون أن أنسى فترة التَّقاعُد التي كثيرًا ما تقصِم ظهْرَ الرَّجُل.

إنَّ فهم سيكولوجيَّة وفسيولوجيَّة كلِّ مرحلة عمريَّة، يسهِّل عليْنا فهْم المشكلات، أو على الأقل يساعدنا على التِماس الأعْذار، وهذا ما أريدُكِ أن تصلي إليه؛ لتتمكَّني من تقبُّل حياتِك معهما، حتَّى يكتب اللهُ لك مستقبلاً أفضل مع زوْجٍ صالح يُعوِّضُك عن كلِّ ذلك الألَم.


عزيزتي،

من المعاناة يتمخَّض الإبداع والتفوُّق والعظمة، حتَّى وإن تَمَّ ذلك بولادة متعسِّرة، فاللؤلؤة البيضاء الجميلة، غالية الثَّمن، هي في الأصْل حبَّة رمل صغيرة اخْترقت المحارة فحاربتْها المحارة لسنوات عديدة، بإفراز طبقات وطبقات من الكونكلين وكربونات الكالسيوم حولَ حبَّة الرَّمْل هذه، لكن حبَّة الرمل ظلَّت صامدة وقاومتْ بشجاعة إلى أن أصبحتْ في نِهاية الأمر لؤلؤة بداخل تلك المحارة.

وأنت تمامًا كهذه اللؤلؤة، رغْم المعاناة الكبيرة التي عِشْتِها، نَجحتِ وتفوَّقتِ ووصلتِ إلى الجامعة، والتحقْتِ بقِسْمٍ جَميل لا يُقبل فيه إلا النَّخبة، فبارك الله فيك وفي عِلْمك.

نَحن لا ننتظِر منك إلا الإبداع والنَّجاح، وأنت أهلٌ لذلك، فحافِظِي على تفوُّقك وتفوَّقي على ألمِك، وبإذن الله تَجدين نفسَك ذات يومٍ تتربَّعين على عرْشِ مكانةٍ عِلْميَّة، يفخر بِها كلُّ مَن يعرفك، وتكونين أيضًا قد تربَّعتِ على عرْشِ قلْبِ رجُلٍ صالح، يثمِّن اللؤلؤة بِداخِلِك، ويَمنَحُها الحبَّ والإعْجاب الذي تستحقُّه.

المهم في القضيَّة ألا نكرِّر أخطاء والدينا مع أبنائِنا، سأعتَبِر أنَّكِ وعدتِني بتنفيذ الوصيَّة ببرِّ الوالدين، والوصيَّة بتربية أبنائك تربية إسلاميَّة رحيمة مستقبلاً بإذن الله.

أمَّا دار العجزة، فسأعتبرها خطأً مطبعيًّا فظيعًا؛ لهذا لن أعلِّق عليه!

دعائي لوالديْك بالهداية وصلاح الحال، ولكِ بالسَّعادة وهدوء البال، وبشِّريني إن حصل معك أي تقدُّم ملموس في علاقتك بوالديْك، وفَّقك الله ورَعاك، ولا تَنْسَيْني من صالِح دُعائك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كثرة التفكير في مشكلات أهلي
  • لماذا أنا رخيصة عند أهلي؟
  • أهلي وحياتي الخاصة!
  • لا أطيق العيش مع أهلي
  • أهلي يريدون أن أعمل في الريف
  • عدم الثقة في الأهل والوالدين
  • أسرتي لا تحبني
  • الزوجة الثانية وضغوط المجتمع
  • لا أجد اهتماما من أهلي
  • زوجي يمنعني من زيارة أختي
  • أهلي ينتقدونني
  • مختلفة مع أهلي
  • مشكلة بيني وبين زوجي أدت إلى مقاطعة أهلي
  • أهلي يؤذونني

مختارات من الشبكة

  • مشكلة بين زوجي وأهلي(استشارة - الاستشارات)
  • الحيرة بين أهلي وأهله(استشارة - الاستشارات)
  • خطبتي بين أهلي وأهلها(استشارة - الاستشارات)
  • حديث زوجة لزوجها: أهلي وأهلك!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهلا أهلا فيمن حضروا (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • تغيرت معاملتي مع زوجتي بسبب مشكلة الكذب(استشارة - الاستشارات)
  • "كلمة سواء" من أهل سنة الحبيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أهل التشيع (مطوية)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهلي يفضحونني(استشارة - الاستشارات)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة الثامنة: أسماء وصفات وخصائص أهل السنة والجماعة(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهل السنة والجماعة - المحاضرة السابعة: (تعريف مصطلح أهل السنة والجماعة)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب