معالجة سلوك الزوجة، وإزالة الشكوك حول عدم خروج دم البكارة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أخي الكريم، لمستُ من كلماتِكَ أنَّك متمسك بزوجتك، وأنَّك تفضِّل الصَّبر على الطَّلاق، وتسأل عن كيفيته.

أخي الفاضل، حين تبدأ المشاكل، غالبًا ما يكون هناك سببٌ مباشر، وأسباب عديدة غير مباشرة؛ بمعنى آخر: إنَّ هناك سببًا واضحًا نعرف أنَّه أدَّى إلى هذه المشكلة، ولكن توجد أمورٌ أخرى كانت سببًا في المشكلة، ولكن لا نعرفها، أعتقد أنَّ مشكلتك من هذا النَّوع.

هناك أسباب ظاهرة؛ منها أنَّك لم ترَ دمَ البكارة، فتوجَّستَ من زوجتك، وشككت فيها، ولم تَعُدْ ترى الأمور الحسنة والجيِّدة في شخصيتها، والتي دفعتك للزَّواج منها، ثم الأوراق التي وجدتها وزادت شكوكك، ثم مواقفها وتصرُّفاتِها معك، وانزعاجك من قول أهلك لك: "أهذه التي اخترتها؟"، كلها اجتمعت عليك، وسبَّبت لك هذه الحَيْرة؛ ولكن في الواقع مُعظم مشكلاتنا تكون بسبب مشكلات قديمة ترسَّبت بداخلنا، لم نستطع حلَّها أو التكيُّف معها.

أخي الكريم، لا أنصحك بالطلاق الآن، بل أنصحُك أن تتريث وتُجرِّب حلولاً وطُرُقًا أخرى؛ حتَّى تصل أنت وزوجتك للسَّعادة التي كنتما تَحْلُمَان بها، وهذه بعضها:

• أولاً وقبل كل شيء: لا تعطِ شكوكك الفُرصة في النُّمُو أكثر، اقضِ على الشَّك والخوف، وابدأ من جديد، واعلم أنَّّ خروج الدم ليس دليلاً على عِفَّة الفتاة قبل الزَّواج، وعدم خروجه ليس دليلاً على أنَّها ليست بكرًا؛ لأنَّ 25% من النساء لا ينزفن عند الجماع الأوَّل، وذلك لاختلاف أشكال غشاء البكارة، فهناك الغشاء الهلالي، والغشاء ذو الفتحة المتعرجة؛ حيثُ لا تكون الفتحة دائرية ومنتظمة، وإنَّما متعرجة بحيث يحدث الاتِّصال الجنسي دون تَمزُّق، وهناك الغشاء ذو الفتحات الصَّغيرة المتعددة كالغربال الذي يتمزَّق بسهولة، وهناك غشاء ذو فتحتين - الغشاء المفصول - أو بفتحة واحدة ولكنها صغيرة جدًّا، وهناك أيضًا الغشاء المسدود، وهناك الغشاء المطَّاطي، وهو غشاء طبيعي عادي، يَمتاز عن غيره بكثرة الشُّقوق الموجودة على حِفَافَيْه، ويُسمَّى أيضًا "الغشاء المشرشر"، وله قُدرة على التمدُّد والتكيُّف في أيِّ وَضْع بدون أن يتمزَّق، ومن هنا كان تشبيهه بالمطاط، وفي بعض الأحيان تتمُّ إزالةُ غشاء البكارة تمامًا بعد ولادة الطفل الأوَّل، كما أنه ليس ضروريًّا نزول كَمِّية كبيرة من الدِّماء، فما ينتج عن فضِّ الغشاء نقاطٌ من الدِّماء؛ نتيجة تهتُّك الشعيرات الدموية التي تلصق الغشاء بفتحة المهبل. 

• تذكَّر - أخي الكريم - الأمورَ الجميلة التي جعلتك تَرْغَبُ في الزواج منها، واتِّخاذها شريكة لحياتك وأُمًّا لأولادك. 

• اجلس معها في جلسة وُدِّية، واشرح لها كُلَّ ما يُزعجك منها، وأنَّك تطلب منها تغييره وتعديله؛ حتَّى يبقى زواجكما ويستمر، وأعطها وقتًا لذلك، فالأمور التي استمرت لسنوات يستحيل أن تتغير تمامًا في يومين أو حتى شهرين، اسألها برفق عن سبب رفضها لما تطلبه منها، وعدم قيامها بما تريده، وتذكَّر أنَّ الهجر والقَسْوة على زوجتك دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك لن يفيدَ أو يغير شيئًا في الأمر.

• اذهبا معًا إلى المكتبة، واختارا الكتب المناسبة التي تتحدث عن الحياة الزوجيَّة ومُشكلاتها، وكيفيَّة التعامُل معها، وتناقشا فيها، فذلك رُبَّما سيزيد الودَّ، ويكسر بعض الجليد المتراكم بينكما. 

• التحقا بدورات تعليميَّة، تناقش الحياة الزوجيَّة ومُشكلاتها. 

• يبدو أن زوجتك عانت قَسْوة والديها عليها؛ مما أورث لديها شعورًا بالنَّقص، وانخفاضًا في تقديرها لذاتها، هي تحتاج لحنانك وحُبِّك ودفء قلبك، لا تحتاج مزيدًا من القسوة عليها، فهي لن تفيد شيئًا، وقد تزيد المشكلة سوءًا، أشْعِرْها بحبِّك لها، وبأنَّك تحبها وتريدها، فإذا هي شعرت بذلك ولمسته منك في بيتكم، فلن تطلبَ منك أن تُثبِتَه أمام أخواتك، كما أن ذلك سيجعلها أكثرَ تقبُّلاً لما يزعجك فيها، وتذكَّر أنَّها حين تشعر بالأمان والسكينة، ستصبح قادرة على العطاء لبيتها وزوجها بحبٍّ وعطف. 

• عزِّز ثقتها بنفسها، فبقدر ما تعطيها وتُعزِّز ثقتها بنفسها، ستُعطيك في المقابل وتُسعدك، فالإنسان أقدر ما يكون على العطاء حين يكون واثقًا بنفسه، وشاعرًا بثقة الآخرين فيه. 

• تذكر أنَّك لست ملاكًا، بل بشر تُخطيء وتصيب، اسألها عمَّا يزعجها فيك وما لا يعجبها منك، وحاول أن تعدله أو تغيره. 

• إذا تطلَّب الأمرُ أن تستعينا بمستشار في العَلاقات الزوجيَّة، فلا تتردَّد في ذلك أبدًا، وحاول أن تنقذ زواجكما. 

وأخيرًا: تذكر قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: ((لا يَفْرَكُ مُؤمِنٌ مُؤمنةً؛ إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا، رَضِيَ منها آخر))؛ رواه مسلم.

وقول الشاعر:

وفَّقك الله أخي الكريم، ويسَّر لك أمورك، ورزقك سعادة الدُّنيا والآخرة.