• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    إحباط من جميع النواحي
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    أكل الحقوق بين الإخوة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات دعوية / الدعوة والعبادة
علامة باركود

ينتابني خوف شديد من يوم القيامة والموت!

أ. ديالا يوسف عاشور

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/1/2014 ميلادي - 28/3/1435 هجري

الزيارات: 229061

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


بدايةً أودُّ أن أشكركم على جهودكم الرائعة في هذا الصَّرْح المبارَك, أعانكم الله، وتقبَّل منكم، وبارك فيكم.


أنا أعيش حالة نفسيةً صعبة جدًّا، وسببُها الوحيد هو الخوف, فأنا - بفضل الله - أُحافِظ على الصلاة، وألتزم الحجاب، وأحرص ما استطعتُ على فِعْل الخير.


لكن ينتابني خوفٌ عظيم مِن يوم القيامة والموت، وما يتبعه من حساب، ومن البعث والنشور, وتطايُر الصُّحُف والصراط، وأخيرًا الوقوف بين يدي الله للحساب.


هذا الخوفُ يُنَغِّص عليَّ أسعد لحظات الحياة، حتى إنني إذا ضحكتُ تتبدَّل فورًا ضحكتي إلى عبوس، وفرحي إلى حزنٍ وذهول، ويتردَّد بداخلي صوت يهتف: لم الضَّحِك؟ هل نسيتِ كل ما ينتظرك من حسابٍ وأهوال؟ هل ضمنتِ الجنة؟ هل ربك راضٍ عنك؟


وأسئلة كثيرة مِن هذا النوع، فيتبدَّل حالي فورًا، تعبتُ جدًّا مِن تلك الحال، فلا شيء يُفرحني.


حينما أستَمِع إلى آيات وصْفِ القيامة، أو آيات الوعيد، أصرخ، ويكاد فؤادي ينْخَلِع مِن هَوْل المشهد الذي يبدو وكأنني أراه رأي العين، أنا أثق تمامًا في رحمة الله، ولديَّ إحساسٌ مؤكَّد أنه سيرحمني، ولن يُعذبني، وأسأله سبحانه أن يعاملني بظني، هذا فهو الرحمن الرحيم.


لكن هذا الخوف يشلُّ حياتي تمامًا، وأبدو شاردةً وذاهلةً، وكأنني في عالمٍ آخر.


أسألكم بالله ألا تهملوا رسالتي، أريد ردًّا شافيًا يريحني، كما أرجو أن تجيب المستشارة الفاضلة الأستاذة/ مروة عاشور عن استشارتي.


ولها مني جزيل الشكر والدعاء, بارك الله فيكم، ولا حرمكم الأجر.


الجواب:

 

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.


لا يُمكن أن نهملَ استشارةً ترد إلينا، ولا أنْ نُؤَخِّر الإجابة، إلا في حالة تراكُم بعض الأسئلة التي وردتْ قبلها, فالأولويةُ - في غالب الأحوال - لمن سبق بالمراسَلة, ولا نخالف هذه القاعدة إلا في بعض الاستثناءات اليسيرة, فثقي - أيتها العزيزة وكل مستشير - أنَّ أسئلتكم واستفساراتكم وبث همومكم ستجد منَّا آذانًا صاغية، وقلوبًا واعية، وجهدًا كبيرًا في بذْلِ كلِّ ما نستطيع, وأسعد بثقتكِ الغالية، وأعتز بها حقًّا, والله أسأل أن يجعلنا دائمًا عند حُسن ظنِّكم, وأن يزيلَ عنكم همومكم، ويُفَرِّج كروبكم, إنه وليُّ ذلك، والقادر عليه.

 

تسألين عن الخشية، وتتعجبين من الخوف؟! كدَّر عليكِ عيشكِ، وأزال صفوها، وأطاح بهنائها، وذهب بسعادتها.

 

فأبشري إذًا، واحمدي الله، وتجنبي مجالسة البطالين الذين يُضحكونكِ في الدنيا ليُحزنوكِ في الآخرة, عافاكِ الله، ورزقكِ سعادة الدارين.

 

عن وهب بن مُنبِّه قال: "أقبلتُ مع عكرمة أقود ابن عباس - رضي الله عنهما - بعدما ذهب بصره, حتى دخل المسجد الحرام, فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة, فقال: مل بي إلى حلقة المِراء، فانطلقتُ به حتى أتاهم, فسلم عليهم, فأرادوه على الجلوس فأبى عليهم، وقال: انتسبوا إلي أعرفكم فانتسبوا إليه, فقال: أما علمتم أن لله عبادًا أسكتتهم خشيته مِن غير عِي ولا بكم؟ إنهم لهم الفصحاء, النطقاء, النبلاء, العلماء بأيام الله, غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله طاشتْ عقولهم من ذلك, وانكسرتْ قلوبهم، وانقطعتْ ألسنتهم, حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية، فأين أنتم منهم؟ ثم تولى عنهم فلم ير بعد ذلك" ا.هـ (الدر المنثور).

 

تطيش عقولهم، وتنكسر قلوبهم، وتتقطع ألسنتهم, لكن بعد ذلك ماذا يفعلون؟

 

قال - رضي الله عنه -: "سارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية"؛ فالخوفُ إن لمْ يُثمر أعمالًا نتوجه بها إلى الله، وإن لم تزِد الطاعة بسببه؛ سواء كانت الطاعات قلبية أو عملية أو تَرْك أعمال أو أقوال لا يكون ترْكُها إلا لله تعالى، إن لم يُحدث الخوف ذلك, فهو خوفٌ سلبيٌّ لا إيجابي, ولا أشجعكِ عليه, وأما إن أثمر قربًا مِن الله من أي وجه كان, فهنيئًا لكِ ذلك القلب الخاشع وهذه النعمة الجليلة.

 

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57، 61].

 

عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾، قالتْ عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: ((لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات))؛ رواه الترمذي, وصححه الألباني.

 

فالخوفُ من الله، واستحضار عظمته، والتفكير في عذابه - منجاةٌ للعبد في الدنيا والآخرة, وقد بشَّر الله أهل خشيته وامتدحهم في أكثرَ مِن موضع، ووعدهم النعيم الدائم متى استقاموا على ما هم عليه، وقدموا من صالح الأعمال وطيِّبها ما يكون لهم زخرًا في الآخرة؛ ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 21 - 24].

 

فهل يتوقف خوفكِ عند تلك اللحظات؟ وهل تكتفي نفسكِ بهذه التخيلات وتقف أمامها؟ أو إنها تحملكِ على بذْلِ الطاعة وتجنب المعصية؟

 

إن كانتْ الثانية، فأُكَرِّر تهنئتكِ، وأدعو الله أن يثبَّتكِ ويحفظكِ، ويصرف عنكِ الشيطان, وإن كانت الأولى فأنت بحاجة لمراجعة حساباتكِ مع نفسكِ، وإعادة برمجة وضعكِ؛ لتتواءَمَ أعمال القلب مع الجوارح، فتُنتِج أفضل ما يمكن لها أن تُنتج من صالح القول والعمل.

 

الخوفُ في حالته الطبيعية لا يُثمر إلا خيرًا؛ لأن الخوف في حدِّ ذاته دافعٌ قويٌّ لتجنُّب المعصية، وتجنُّب سخط الله, وفي المثل: "من خاف سلم", وفي الحديث: ((مَن خاف أدلج, ومن أدلج بلغ المنزل, ألا إن سِلعة الله غالية, ألا إن سلعة الله الجنَّة))؛ رواه السيوطي, وصححه الألباني في صحيح الجامع.

 

والخوفُ مِن الله دليلٌ حقيقيٌّ على الإيمان به واليقين بوعده الصادق, فلا يتعظ بآيات الله إلا مَن يخافه؛ ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ﴾ [الأنعام: 51], ومن تُرتجى منه التقوى والهداية, وينتفع بالنذر ويتعظ بالوعظ؛ ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 51], ﴿ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [الذاريات: 37], وهو من صفات المؤمنين الصالحين الطائعين؛ ﴿ وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 51], وهو دافعٌ للمرء على طاعة الله وفعل ما يأمره به خالقه ومولاه مِن صلاة وذِكْر وتعبد؛ ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 50], ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37]، ومن لا يجد في قلبه ذلك القدر الكبير مِن الخوف, لن يجد داعيًا ولا دافعًا على فعل الخيرات واجتناب الموبقات, وحَرِيٌّ بالمسلم أن يستعيذَ بالله مِن قلب لا يخشع له, وكان مِن دعائه - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بك مِن علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يُستجاب لها))؛ رواه مسلم.

 

لكنه نغَّص عيشكِ، وكدَّر صفوها، وذهب ببريقها؛ فقلت: "لكن هذا الخوف يشلُّ حياتي تمامًا، وأبدو شاردةً وذاهلةً، وكأنني في عالمٍ آخر.

 

وأقول لكِ - أيتها الغالية -: إنَّ خير القرون وأفضل الناس شكوا مثلما شكوتِ ووجدوا ما وجدتِ؛ فعن أبي عثمان النهدي عن حنظلة الأسيدى، قال - وكان من كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكِّرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين, فإذا خرجنا مِن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات؛ فنسينا كثيرًا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقتُ أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وما ذاك؟))، قلت: يا رسول الله، نكون عندك تُذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفى الذكر؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة))، ثلاث مرات.

 

فعليكِ أولًا: ألا تفصلي بين واقعكِ ومشاعركِ؛ فالخوفُ من الله لا يستلزم بالضرورة ألا تتبسمي في وجه أختكِ, أو ألا تمازحيها، أو ألا تلعبي كما يلعب الصغار, فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم، ويُلاعب أهله، ويمازح أصحابه, وهو أتقى خلق الله، وأشدهم ورعًا، وأحرصهم على الطاعة؛ وسيرته مليئة بهذه الأخبار, فهذه الحياة كلها لله, فلِمَ تخشين مخالطة الأهل ما دامت لله؟ ولِمَ تخافين التبسم أو التندر إن لم يكن فيه ما يغضب الله؟

 

هذا ما عليكِ تذكره أثناء ممارسة كل حياتكِ بما فيها من الطاعات والعادات؛ حتى لا يصور لكِ الشيطان أن هناك ما ينتظركِ إن أنتِ خرجتِ للتنزُّه مع الأهل، أو حادثتِ صديقتكِ، أو قمت بإعداد الطعام؛ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]، ولتذكري الفارق الكبير بين الإسلام والمسيحية التي تدعو إلى الرهبنة, وترك الحياة بما فيها مِن مُباحات، والرهبنة داخل الأديرة وحبس النفس عن كل جميل وصدها عن كل مُباح بدعوى التعبد!

 

ثانيًا: أن تستغلي نوبات الخوف على نحوٍ إيجابيٍّ يطمئن قلبكِ الوَجِل، ويهدئ نفسكِ الحائرة, ألستِ تخشين الله؟ ألم يخطر ببالك الصراط والميزان ويوم الحشر بأهواله؟ فاذكري ذلك لمن تخاطبينه أو تحادثينه, واستغلي الموقف لإلقاء تذكرة ولو بكلمة يسيرة؛ كأمرٍ بمعروفٍ، أو نهيٍ عن مُنكر، أو تذكير بالله, أو مسامحة مَن أخطأ في حقكِ؛ تفرِّج عنكِ كربكِ، وتهوِّن الخوف في نفسكِ، وتكون لكِ معذرة عند الله.

 

ثالثًا: من يغلب عليه حال الخوف، وتعظم في نفسه رهبة الله، والخوف من عقابه، يُنصح بكثرة الاطلاع على آيات الرحمة، وتأمُّل معانيها وتدبرها مِن كتب التفسير بعناية, وتكرار ذلك على نفسه, وتذكر كل ما ورد في الشريعة مِن أحاديث الرحمة والمغفرة؛ فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبي، فإذا امرأة مِن السبي تبتغي، إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أترون هذه المرأة طارحةً ولدَها في النار؟))، قلنا: لا والله، وهى تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((للهُ أرحم بعباده مِن هذه بولدها))!

 

رابعًا: كثرة الذِّكْر بوجه عام، وتلاوة القرآن بوجه خاص، حاولي أن تجعلي لكِ منه وردًا ولو يسيرًا, فتلاوته وترطيب اللسان به مِن أكثر ما يطمئن النفس ويريح القلب؛ يقول ربنا - تبارك وتعالى -: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].

 

خامسًا: الاندماج مع الناس ومخالطتهم، والتعامل معهم، وتجنب الانطواء والعزلة, ولو وجدتِ فيهم مِن اللهو والغفلة ما يزيد خوفكِ ويثير في نفسكِ شجونها؛ وفي الحديث: ((المسلم إذا كان مخالطًا الناس، ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم))؛ رواه الترمذي وصححه الألباني.

 

فلا يحملنكِ الخوف على تَرْك من حولكِ، والانعزال بنفسكِ، والتقوقع في عالم الوحدة, ففي التعامل مع مَن حولنا علاجٌ لكثير من حالات التوتر والأرَق، وما نشكوه من عِلل غير عضوية.

أخيرًا:

عن خالد بن أبي عمران، أنَّ ابن عمران قال: قلَّما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم مِن مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: ((اللهم اقسِم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنَّتك، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصيبات الدنيا, ومتِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا, واجعل ثأرنا على مَن ظَلَمنا، وانصرنا على مَن عادانا, ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تُسَلِّط علينا مَن لا يرحمنا)). رواه الترمذي وحسَّنه الألباني.

 

اللهم آمين

 

والله المُوَفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل






 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل يمكن أن تتبدل الأجناس يوم القيامة ؟!
  • هل يُحشر الناس يوم القيامة وهم عُراة ؟
  • كثرة التفكير بالموت

مختارات من الشبكة

  • الخوف من الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبودية الخوف والرجاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الله تعالى في الخوف والرجاء: مسائل عقدية وأحكام في عبادة الخوف والرجاء (كتاب تفاعلي)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لماذا الخوف من الله؟ الخوف من التقصير(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الخوف كل الخوف على من لا تعرف التوبة إليه سبيلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخوف من الناس والخوف من الله(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخوف من علاج الخوف(استشارة - الاستشارات)
  • وقفات مع القدوم إلى الله (9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرجاء والخوف عند أهل السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صميم القوة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب