• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات تربوية / مشكلات الأطفال
علامة باركود

علاج ما يظهر من الأفعال السيئة من الأبناء

أ. ديالا يوسف عاشور

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/7/2010 ميلادي - 18/8/1431 هجري

الزيارات: 12647

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم، أولاً أرجو الردَّ سريعًا إنْ أمكن، فالأمر جِدُّ خطير، وإنْ أمكن الرد من الأستاذة مروة أو بقية الأخوات الفُضليات، وأعتذر عن عدم ترتيب أفكاري؛ لأني مشوشة جدًّا، وأوَّل مرة أمرُّ في حياتي بهذا الابتلاء، والله المستعان، والأمر: منذ أن ماتت أمي وأنا في سن 3 سنوات، وأنا أمر بابتلاءات لا يستطيع أعتى الرجال أن يتحملها ويَخرج منها بسلامة صدرٍ، أو لا تتغيَّر عليه نفسه، ولله المنة في الأولى والآخرة، فهو يبتلي ويَحيط الابتلاء بلطفه، حتى قيل عني: إنَّني مثل الجبل في تحمله وثباته، ولا أزكي نفسي، ولكن أحاول توضيح الأمر حتى عندما كنت أعرض على بعض العلماء أمر ما، وأريد حكم الشرع فيه يندهش ويسبح الله، كيف أتحمل ذلك؟ وكيف حفظني الله بحفظه وأنا في مثل هذا المستنقع.

وتزوجت وفي ليلة زفافي كنت خائفة جدًّا من مسؤوليَّة الزواج، ومسؤولية الأمومة، وهل سأوفَّق فيهما أم لا، ونِمْتُ على ذلك الوجل، فرأيت رؤيا للنبي ونحن في الجنة، وهو يطمئنني أنني سأرزق بمحمد الفاتح الذي سيفتح لهذه الأمة، ولم أكن أعلم من هو محمد الفاتح حتى بحثت عنه، ووجدت أنه من تحققت على يديه بشارة النبي، وتوالت الرُّؤى بذلك، سواء لي أو من الآخرين تبشر بذلك.

حين اكتشفت حملي، وعاهدت الله إن أنجبت أن أربي أولادي على ذلك، ودعوت الله أن يوفقني ويتقبل مني، ويعلم الله كم عانيت على تأسيس العقيدة عند أولادي وربطهم دائمًا بالسنة وبالصَّحابة، وزرعت فيهم أنَّهم هم قادة الأمة القادمون متأسِّيَة بأمهات الفاتحين القُدامى في تربيتهم لأولادهم، وزرع هذا الأمل، وكان الأمل يكبر في نفسي كلما أنجبت، وكان يعمق هذا الأمل برؤية النبي، أو سماع هاتف قوي من السماء بتسمية المولود باسم قائد عظيم من قادة الأمة، وأرى نوعَ المولود وشكله ولونه، حتى قبل أنْ أعلم بحمله، حتى أصبح هذا الأمل يقينًا عندي وعندهم.

فإذا رأوا صُوَر المسلمين المبتلين يعاهدون الله على أخذ حَقِّهم إنْ مَكَّن الله لهم، كما كنت أربيهم ولله الحمد في الأولى والآخرة، حتى جاء اليوم الذي هز فيه الجبل وقصم، فلقد كنت دائمًا ملاذ المبتلين الباحثين لهمومهم عن تفريج، ولمشكلاتهم عن حل.

وكان الله هو دائمًا ملاذي، ومناجاته هي الراحة لقلبي، ولكن الآن عجز لساني حتى عن هذه المناجاة، وإن كان قلبي لا يكفُّ عنها، فقد زامل ابني ولدٌ أبوه مسافر، ويُحاول أن يعوضَ غيابه بالمال والتَّرف لأولاده، والحرية المطلقة في كل شيء، والأم لا يوجد عندها أي معرفة بالشَّرع.

فنبهت ولدي أنَّ صحبةَ مَن هو دوننا أو ما يقارب وضعنا أقربُ لشكر الله والقناعة بما رزقنا، ولكنه خالفني وتفهمت مُخالفته، فهو في سن المراهقة، وقد قرأت عنها كثيرًا، وأتَّخِذ دائمًا أسلوبَ الحوار والإقناع، وليس فرض الرأي؛ إلاَّ إذا كان أمرٌ حلالُه بيِّن أو حرامه بين، فأبيِّن الأمر، ثم لا أناقش بل أحزم منذ نعومة أظْفَاره معه، ومع إخوته.

أمَّا أبوه فهو منشغل غالبًا، فهو كاتب بجانب وظيفته، ولا يَجلس معه إلاَّ القليل، وقد نبهته كثيرًا لذلك، فيجيب مقتنعًا: إنَّه مقصر، وينتبه لذلك لبعض الوقت، ثم يرجع عن الأمر الذي كان عليه، وكنت أحاول مُستعينة بالله أن أعوض ذلك، وكنت دائمًا أبرِّر له تقصيرَ أبيه، وأنَّه غدًا سيكون أبًا.

فعليه ألا يظلمه أو يحمِّله فوق طاقته؛ حتى لا يفعل أولاده معه هكذا، وأضرب له أمثلةً لآباء ظلموا أولادهم أو تركوهم بغير رعاية ممن حولنا، حتى اكتشفتْ أنه يسرق مني بعضَ النقود، فواجهته وأخذت أبحث معه السبب لذلك، فقد قرأت كثيرًا عن هذا الأمر أنَّه غالبًا يكون نفسيًّا، وليس مرضيًّا، كالبحث عن الحب والاهتمام أو غيره من بعض الإخوة، أو رغبة في فعل أشياء حُرِم منها.

فوجدت ردَّه أنَّ أباه لا يراعي سِنَّه ولا احتياجاتِه، فخوفته بالله، ثم ذكرت له أمثلة من الناس حالهم في فقر شديد، ورغم ذلك أمناء، ويقنعون بما رزقهم الله، وعاهدني ألاَّ يفعل ذلك ثانية، واستغفر وصَلَّى ركعتين توبة، وطلبت منه إنِ احتاج شيئًا، فليُصارحني، وإنْ استطعت تلبية طلبه، فبها ونعمت، وإن لم أستطع، فلندَّخر حتى نلبي له مُتطلباته إن كان في استطاعتنا، ولكنه كرَّرها 3 مَرَّات، ولكن على مدار 3 سنوات، وكل مرة يتكرَّر العهد والتوبة، ولكن آخر مرة هدَّدته أنَّني سأفضح أمره أمام أبيه وإخوته وأولاد عمه وأعمامه، فامتنع فترة كبيرة، حتى لاحظت عليه كثرة الكَذِب عندما توطدت عَلاقته بهذا الولد، وأخذ يتمرَّد على كل شيء، ويتمرَّد على أسلوب أبيه، ولكن لا يُواجهه.

حتى اكتشف أبوه على مدار شهرين أنَّ نقوده تنقص مبالغَ لا كبيرة ولا صغيرة، وشككت فيه، وسألته فكان ينكر بشدة، حتى وجد أبوه مبلغًا كبيرًا ناقصًا من أمانة كانت معه، وكان في هذه الفترة يتحدَّث عن رغبته في اقتناء كلب من الكلاب المشهورة التي يصلُ سعرُه لآلاف الجنيهات، فاختلق قصةَ أنَّ صديقَه هذا سيُعطيه كلبًا هدية، ففتحت أنا وهو (النت)، وبحثنا في حكم اقتناء الكلاب، وأنَّه غير جائز إلاَّ إذا كان كلبَ صيدٍ أو حراسة أو كلب غنم، وإن من يقتنيها ينقص من أجره كل يوم قيراطان، فقال: إنَّه سيضعه عند أولاد عمه في مكان خارج البيت، وأنَّه للحراسة، ولم أقتنعْ بالقِصَّة حتى اكتشفَ أبوه نقصَ المال، وكان نفس سعر الكلب الذي أخبرنا أنَّ صديقه أعطاه له هدية، رَغْمَ غُلُو سعره، فواجهته فأنكر، وواجهته بأبيه وأخبرت أباه ما يشتكي منه؛ أي: واجهتهم ببعضِ لتخفيف الصَّدمة على والده، عسى أن يرى في فعله أنَّه قصر في فهم نوازِعِه في هذه الفترة، وانشغاله عن سماع مُشكلاته، حتى لو كانت في نظر أبيه تافهة، وحتى يتشجَّع الولد، ويواجه خطأه، وينتهي عن عادة الكذب، فهي عنوانُ الجُبْن، ولكني انهرت لهذه الواقعة.

أعلم أنَّ هناك حالاتٍ كثيرة، ولكن هل هذا هو قائد الأمَّة المرتقب، أشعر أنَّنِي كصاحب رأسمال كبير جدًّا، وفجأة فَقَدَ رأس ماله كله، فأولادي كنت أعدهم رأس مالي في الدُّنيا والآخرة، ولم أيئس أبدًا، وكنت دائمًا أرى النور والأمل في الظَّلام وشدة المحن، أمَّا الآن فعجزتُ عن التفكير، وعن الحكمة، وحسن التصرُّف، كما كنت أطلب من الله أن يهبني إياهما، ولا أدري ما أفعل، وخاصَّة أنَّ الأمر كان أمام إخوته، فالمصيبة أكبر، وهل هناك أمل في إصلاح حاله؟ وهل ما بنيته طوال عمري منذ زواجي انهدم وضاع سُدًى؟

أعتذر لك بشدة على الإطالة، ولكن أول مرة أحتاج من البشر مَن أبثُّ له همي وغمي، وأجد نفسي عاجزة عن إيجاد حل، ولا يلهج قلبي إلا بأدعية الكرب، وخاصَّة دعاء النبي عندما رجع من الطائف، ودعاء ذي النون والبكاء.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

مرحبًا - أختي العزيزة - وأسأل الله أن يَجعل من أبنائك خير الفاتحين، وأنْ ينفعَ بِهِم الإسلام والمسلمين، وأن يسخرهم لخدمة دينه، وأن يقرَّ عينك بهم جميعًا في الدُّنيا والآخرة، إنه على كل شيء قدير، أشكر لك ثقتك الغالية التي أعتز بها حقًّا.

في الحقيقة لستِ بحاجة أبدًا للاعتذار عن الإطالة، بل أنا التي أَودُّ أن أشكرك عليها، فكل كلمة زائدة توضح لي أمورًا، وتفتح أمام عيني نوافذَ جديدة للحل والتوصُّل إلى لب المشكلة، بإذن الله.

أختي الغالية، أبشِّرك رغم كل ما استشعرت من آلام وأحزان تعتلي قلبَك، وتطفو فوق مركب عاطفتك الجيَّاشة، تلك العاطفة التي لا تضاهيها عاطفة، ولا يُقدرها إلا من جَرَّبَها.

ما أروع الأمومة وما أجملها! أبشِّرك أنَّ الأمل كبير، وأكبر مما تتوقعين - إن كان الحال كما ذكرتِ - سعدت كثيرًا بأسلوبكِ الراقي في التعامُل مع أبنائك، وطار قلبي فرحًا أن أجدَ من الأمهات ما يثلج صدري، من حسن تصرُّف وحكمة ولين وفهم عميق لمعنى الأمومة الحقيقي.

لا شكَّ أن أبناءنا هم رأس مالنا، وهم الأمل المرتقب، وهم المستقبل المنتظَر، عليهم علَّقنا آمالنا، وبهم رسمنا أحلامَنا، وما أجمل أن يرى الإنسانُ فلذاتِ أكباده يكبرون أمام عينه! وما أعظم أن يبثَّ في نفوسهم الطاهرة النقية معنى التوحيد، ويغرس في قلوبهم الحية صدق الإخلاص! لكن...

ولابد من لكن!

لمـاذا؟

لأنَّنا لا نربيهم بمفردنا، بل يُشاركنا في تربيتهم عددٌ ممن حولنا، كالبيئة، والمدرسة بما فيها من مُعلمين وطلاب، والأب، والجيران، والأهل، والأصدقاء، وكذلك التِّلْفَاز أو الحاسوب، وغيرها من الوسائل التي تشاركنا تربية أبنائنا شئنا أم أبيْنا.

قبل أن أخوض في أمر المراهقة ومُشكلاتِها، أحبُّ أن أذكرك بهذه القصة التي تبثُّ الأمل في نفس كل أم تخشى على ولدها، وتظن فوات الأوان.

كان دينار العيار يسرف على نفسه في المعاصي، وكان رجلاً بالغًا، لكنه ضعف أمام غَواية الشيطان، وأشفقت والدته الحنون عليه من عذابِ الله، فكانت تُكثر من نصحه وتدعو له، لا تفتر عن الدُّعاء، رغم ما كان يبدو من فسادِه وضلاله، لكن قلبها تعلق بالله، فأخذت على نفسها العهد بالاستمرار في الدُّعاء له، مع مناصحته مهما دام حاله، ومهما بدا لها من تراجع الأمل، هكذا حال من تعلق قلبه بالله - تعالى - ووثق في قدرته.

وفي يومٍ مرَّ دينار بمقبرة، وإذا به يُمسك عظمة فتَفتَّت في يده، فانقلب حاله لهذا المشهد المروع، وعاد إلى أمِّه بوجه غير الذي كانت تراه به، فعرفت أنَّ الله قد استجاب دعاءَها، وكان له بَعْدَ ذلك من قصص الزُّهد والورع ما لم يكن لغيره، وزاد تقربه إلى الله، وأقبل على العبادة والتوبة، وبقي على ذلك حتى مات، رحمه الله.

هذه القصة كما أذكرها، ولعل بها تفاصيل أكثر.

فهذا الشبل الصَّغير لم تعتَدْ نفسه الخبثَ، ولم يألفِ المكرَ، ولم تأسره المعاصي بعد، والأمر ما زال في يدك - بإذن الله - فإياك إياك واليأسَ - أختي الفاضلة - فهو السلاح الذي ستقضين به على ولدك، وعلى كل بادرة أمل في علاجه.

إذًا؛ لنتفق أولاً على أن نَجعل الأمل عنواننا في خُطَّة العلاج، ما رأيك؟

ثانيًا: نبذة يسيرة عن مرحلة المراهقة والحقائق التي تَم اكتشافها.

علينا أن نعرفَ أن أهم ما يُميز مرحلة المراهقة: التقلُّب والغموض.

ويعمل المراهق على عزل نفسه عن مُحيط عائلته؛ ليكسبَ نفسه الاستقلالَ الذي يسعى إليه، ويُحيط نفسه بهالة من الغموض، وكأنه يُخفي سرًّا عن الجميع، فنراه كثيرًا ما يهتم بغلق خَزَانتِه الخاصة، ووضع الأرقام السرية على جَوَّاله، أو تصغير شاشة الحاسب عند استخدامِه، حتى وإن لم يكن لديه أسرار، لكنه يُحب ذلك؛ ليستشعر القوة وتحمُّل المسؤولية، وليُشعر نفسه بنوع من الاستقلالية.

لعلَّك تعْجبين من تلك الحقائق الغريبة حول دماغ المراهق، وما أثبتته الدِّراسات حديثًا من عجائب حول سلوكهم وأنماط تفكيرهم.

على سبيل المثال: يَختلف مفهومُ التجديد بالنسبة للمُراهق كثيرًا عنه لدى البالغين، فيكون التجديد من وجهة نظره أكثر جاذبية إذا ما صاحبته الخطورة؛ مما يزيد من شعورهم بالسَّعادة والاستمتاع، لدرجة أنه قد يغوي الصالحين منهم للقيام بأعمال خطيرة أو مَحظورة، وقد شبه بعضُ علماء النفس التأثير الذي يصحب أقدامهم على المخاطر بتأثير مادة الكوكايين على شاربها.

ولعلَّ ما يزيد الأمر صُعُوبة، بل ويشعرنا بالشفقة عليهم أيضًا: أنْ نعلمَ أن مستوى مادة (السيروتونين)، وهي المادة المهدئة للأعصاب، ولها مَفعول خطير على سلوك الإنسان ومزاجه - تكون قليلة نسبيًّا عند المراهقين، الأمر الذي يفسر عدم استقرارهم ذهنيًّا، ويزيد من سلوكهم العدواني أو الاندفاعي الخطير.

وبالجملة فإنَّ هرمونات ما قبل البلوغ، إضافةً إلى عدم الانتظام الشعوري في القشرة الجبهية للدِّماغ - لهما تأثير قوي وفعال على غالب تصرفاتِهم، ومن العجيب ما يتكون لدى المراهق من شعور بأنه مُحصن ضِدَّ المخاطر، وأنه على صواب وإن حاد عنه، فبإمكانه العودة متى شاء؛ لثقته الزائدة في قُدراته، مما يزيد الرَّغبة لديه في القيام بتجريب كل شيء دون أن يدرك الآثار المترتبة على أفعاله.

وتتوالى الحقائقُ العجيبة حول كيفية تفكير المراهق، فقد أثبتت الدكتورة (ديبورا يورجيلون) في دراسة أجرتها على عددٍ من المراهقين من مُختلف الأعمار: أنَّ أغلبهم يعتمدون اعتمادًا شبهَ كلي في تفكيرهم على الأميجدالا (الجزء المسؤول عن المشاعر في المخ)، ويبقون على ذلك، حتى تكتمل الفصوص الجبهية في المخ؛ أي: إنَّهم يستجيبون للمشاعر والعواطف وينساقون وارءها أكثر من استجابتهم للعقل والمنطق، طبعًا كل هذا يَختلف من إنسان إلى آخر، ولعلَّه لا ينطبق على الجميع، لكنَّها الصفات الغالبة لديهم.

ثالثًا: مقترحات وأساليب يحسن اتِّباعها مع ولدك (سأحاول الاختصار، وجعلها مجرد نقاط وأفكار، وعليك استثمارها وتغييرها على حسب ما تعلمين من حاله):

1 - تنمية مهاراته: يبدو من حديثك أنَّه - بفضل الله - يتمتَّع بالكثير من الصِّفات الإيجابية والذَّكاء، فلو حاولت معه البحث عن بعض مهاراته، ومناقشة كيفية تطويرها، ومساعدته على ذلك بما يستطيع من أدوات أو كتب أو غيرها، وإشعاره خلال ذلك باهتمامك ووالده؛ بل ومشاركته أيضًا.

2 - ترغيبه في البيت: من المهم جدًّا أن يشعر المراهق بالانتماء للبيت والرغبة فيه، وأن يَجد فيه الراحة والأنس والأمان، ويكون ذلك بالتجاوُز عن أخطائه وغَضِّ الطرف عن هفواته، وإشعاره أنَّ الخطأ مَقبول، على أنْ تتم مُناقشته فيه بحكمة وهدوء وتعقل.

3 - تكوين صداقة من جهتين: وأعني من جهتين بالصداقة معك ومع والده من جهة أخرى، في الغالب يتعامل الولد مع والدته بأسلوب يَختلف كثيرًا عن تعامله مع أبيه، فهو يعرف جيدًا أنَّ ما يُناسب والدته قد لا يُجدي نفعًا مع والده، وعليكما هنا (أنت ووالده) الاتِّفاق على سلوك مُعين في تعاملكما معه، فتكوني أنت ملاذَه الآمن، ومَن يَحتوي آلامه وأحزانه، في حين يبقى والده الصاحب خارج البيت، والرفيق في الأمور التي تناسبه كأب.

4 - السرية التامة مهما فعل: لا تفضحيه مهما فعل، وإن احتجتِ للتحدُّث مع والده في مشكلة ما، فليكن فيما بينكما، ويتمُّ الاتِّفاق على سلوك معين تسلكانه معه، دون أن يعلم أن أباه قد علم.

5 - إشعاره بالاستقلالية: يسعد المراهق كثيرًا بذلك الشُّعور، وبإمكانك تخصيص بعض الأمور له، ومطالبة إخوانه الصِّغار بعدم العبث بها، أو تخصيص خزانة له، أو غرفة إن أمكن، هذا على سبيل المثال.

6 - المسؤولية: يَحسن إسنادُ بعض الأعمال التي لم يعتَدْ أن يفعلها سابقًا إليه، وإشعاره أنَّكما تعتمدان عليه في ذلك، وأنكما تثقان في قُدرته، كإحضار أخيه الصَّغير من المدرسة، أو ما تَرَيْنَه مُناسبًا ومُلائمًا له، ومن ذلك أيضًا بَثُّه بعض همومك، وإشراكه في البحث عن حلول لمشكلاتك الخاصة.

7 - التركيز على إيجابياته: كل إنسان له الكثير من الإيجابيَّات، كما أنَّ له سلبيات، وعليك التركيز عليها وتوضيحها والثَّناء عليها - دون مبالغة - كتفوُّقه في الدِّراسة، أو براعته في الرسم، أو قيامه ببعض المهام الحسنة، ومن الرائع هنا أنْ يبلغه والده مثلاً أنَّك تذكرينه بخير عنده، كأن يقول مُظهرًا السَّعادة: لقد أخبرتني والدتُك أنك تفعل كذا، ولا تتخيل قَدْرَ سعادتي بهذا العمل، فمثل هذه الأفعال لها على نفسه تأثير لا تتوقعينه، ولو لم يظهر سعادته.

8 - عدم التتبع والملاحقة بالأسئلة: فذلك يشعر المراهق - بل كل الناس - بالاختناق، أن يكون هناك مَن يلاحقه ويَتتبَّعه في كل خطوة، ويُحصي عليه كلَّ كلمة، وكل حركة، فالأم الذَّكية من تتابع أبناءَها من بعيد، وعلى سبيل الصَّداقة وليس التتبُّع.

9 - حقه في إبداء الرأي والعمل بما يقول أحيانًا: في اجتماعات العائلة والمجالس التي يتقرَّر فيها بعض الأمور المهمَّة بالنسبة للبيت يَحسن أن يجلس معكما، ويناقش أمور البيت الأساسية، ويُسمح له بإبداء الرَّأي، وسماع مقترحاته والعمل بها في بعض الأحيان، ولا مانعَ أن يسبق ذلك جِلسة سِرِّية مع والده، يتمُّ فيها تحديدُ بعض الأمور التي سيسمح له بعرض رأيه فيها؛ حتى لا تختلفا أمامَه.

10 - الرفض من دون مبرر غير مقبول عنده: ولا داعي للخوض في هذه المسألة كثيرًا؛ إذ تبيَّن لي حكمتك وحُسن تصرُّفك في هذه المواقف، لكنَّها مُجرد تذكرة، وليتبع والده نفس السلوك الحسن.

11 - التسلح بالعلم وعدم الاكتفاء بالوعظ: جميل أن تعظيه وتنصحيه وتُبيِّني له الحق والباطل، لكنه الآن في عمر يسمح له بتعلُّم العلوم الشرعية والتفقُّه في دينه بما يكفيه؛ للتسلح ومُواجهة الفتن ومُقاومة شهوات النفس بأنواعها كافَّة، فأحضري له الكتب المناسبة، وشجِّعيه على دراستها، وبخاصة كتب العقيدة والفقه والأصول والحديث وكذلك السيرة، فالأمرُ سيختلف كثيرًا في حالة تسلحه بالعلم.

12 - إياك ومعاملتَه بسذاجة: فهو ذكي جدًّا، وسيعلم - حتى من الثَّناء - إن كان واقعًا تستشعرينه، أم مُجرد مجاملات لا معنى لها.

13 - الاحترام والتقدير ومد يد العون: لا بد أن تشعريه بأنه شخص مُحترم، ورغباته وإن كانت مخالفة لكن لها قَدْر من الاهتمام والتَّقدير، وكرِّري على مَسامعه العبارات التي تشعره بأنه شخصٌ مرغوب؛ كقولك: لقد صار عندي رجل، أو الحمدُ لله صرتُ أعتمدُ عليكَ في الكثير من الأمور التي كانت تُرهقني سابقًا، وإياك وقولَ: أأنت الذي كنت أنتظر منه كذا وكذا؟!

14 - إيجاد البدائل عن الصحبة السيئة: إن كان ذلك الصديق له كل هذا التأثير السيئ عليه، فكان عليك العملُ بكل السُّبُل على التفريق بينهما، وعدم إهمال الأمر، فتأثير الصديق عليه في هذا العُمر أضعاف أضعاف تأثيرك أنت عليه، وقد يهدم في لحظة كل ما تبنين.

 

لهذا؛ عليك الاستمرار في البحث عن حل لتلك المشكلة، وليكن بإحضار البدائل المناسبة، فحاولي أن تعرفيه على أصدقاء آخرين دون فرض مُقاطعته، فنسِّقي مُقابلة مع مَن تعلمون من أناس صالحين، لهم أبناء في مثل عمره، وكرري الزِّيارات بينكما، مع مُحاولة إبعاده تدريجيًّا عن صديق السوء.

رابعًا: وقفات سريعة مع بعض ما ورد في رسالتك:

قولك: "فوجدت ردَّه أن أباه لا يراعي سِنَّه، ولا احتياجاته، فخَوَّفْته بالله".

 

لقد أباح لك بكل صراحة ووضوح وأزال الغُبارَ عن سبب فِعْله، فكان من الضروري جدًّا أن يتم مُناقشة ذلك مع والده، وتغيير مُعاملته له على الفَوْر، فهو يعلنُ أنه قد كبر، وأن الوالد لا يقدر ذلك.

 

وهذه صراحة رائعة منه يَحسُن بكما استغلالها.

 

قولك: "أما الآن فعجزت عن التفكير وعن الحكمة وحسن التصرُّف".

 

أقول: مستحيل.

 

والدَّليل أنَّك بحثت عن سُبُل العلاج، وطلبت النُّصح والاستشارة، وتسيرين في الطريق الصحيح للعلاج - بإذن الله - فدعي اليأس جانبًا، فهو ليس بنافعِك، كما أنه دخيلٌ على مثلك من أهل الصَّبر والثَّبات.

 

قولك: "ولا أدري ما أفعل، وخاصة أن الأمر كان أمام إخوته، فالمصيبة أكبر".

 

أعتب عليك كثيرًا أنْ حدث هذا أمام إخوته، فما يدريك أنَّهم لا يُعيِّرونه بفعلته، وهم صغار لا يحسنون التصرف؟! وقد يكون لذلك أثر غاية في الخطورة، فالسرية والمحافظة على كرامته ومكانته أمام إخوته أمرٌ لا بُدَّ منه، والنَّصيحة على الملأ فضيحة.

 

قولك: "وهل هناك أمل في إصلاح حاله؟ وهل ما بنيته طوال عمري منذ زواجي انهدم وضاع سُدًى؟".

 

الأمل كبير بفضل الله، تَعَرَّفِي فقط أكثرَ على تلك المرحلة الحَرِجَة من العمر، واقرئي عنها بشكل مُوسع، واعلمي أنَّه لا يُمكن أن يذهبَ ما فعلتِ سُدًى، فسرقة مرة في العام لا تعني أبدًا أنه قد فَسَدَ، ولكن النفس تبقى ضعيفة أمام المُغريات والفتن، وإن لم تَجد من يشد من أزرها ويقف بجانبها، فسرعان ما تلين.

 

همسة أخيرة في أذنك وفي أذن كل أم مُحبة:

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ثلاث دعوات لا تُرَد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر))؛ صححه الألباني في "صحيح الجامع".

 

فاجعلي لسانك يلهجُ بالدُّعاء لهم، بأنْ يُصلحهم الله، ويَجعل منهم خيرة عباده، وأنْ ينفع بهم وينوِّر دروبهم، وأن يعصِمَهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وثِقِي - أخَيَّتي - أن الله - عزَّ وجلَّ - لن يردَّك خائبة، وكم سمعنا من أناس صالحين، ومن أهل التُّقى عن مشكلات ومخالفات، فَعَلوها في صِغَرهم، وبداية مرحلة الشباب، فغَيَّر الله حالهم إلى أحسن حال! وفَّقَكِ الله لما يُحب ويرضى، ونسعد بالتواصُل معك في أي وقت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشكلة مع ابني المراهق
  • المحافظة على الأبناء
  • بعد الوالدين عن الأبناء
  • كيف أتعامل مع أولادي الذكور والإناث ؟
  • بلغت الشرطة عن ابني
  • إهمال والدي لي أدى إلى مرضي
  • بين أفعالي ونيتي

مختارات من الشبكة

  • العلاج الديني لعلاج الأمراض وتفريج الكربات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإصابة بالعين: ثبوتها، أدلتها، آثارها، علاجها، المبالغة في الخوف منها، وأسبابه وعلاجه(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الإصابة بالعين: ثبوتها، أدلتها، آثارها، علاجها، المبالغة في الخوف منها، وأسبابه وعلاجه(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • علاج التأخر اللغوي لدى الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية باستخدام بعض فنيات العلاج السلوكي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العلاج الجيني ونقل الخلايا الجسدية لأغراض الوقاية والعلاج(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • كيف فهم العلماء نصوص الطب النبوي؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أمراض القلوب وعلاجها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الانهزام النفسي: أسبابه وعلاجه (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دراسة علمية: القرآن الكريم علاج فعال لكل الأمراض النفسية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أحكام قرارات العلاجات المساندة للحياة لطارق طلال محسن عنقاوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب