زوجتي تخيرني بين الغربة وبين الطلاق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فيُلمح من مشكلتك الآتي:

1- زوجتك حساسة جدًّا وغيورة من أهلك، وشديدة الغضب.

2- أنت كريمٌ جدًّا، وبارٌّ بوالديك، وواصلٌ لرحِمِك.

3- زوجتك اشترطت عليك أخذَها معك في الغربة، ثم تضجرت منها.

4- تُهدِّدك بطلب الطلاق إذا لم تترك الغربة، وتضغط عليك بالتخلي عن تربية الأبناء.

5- وأنت تخشى من تبِعاتِ الخضوع لطلبها، بأن تستعمله كسلاحٍ مضاد عند أي مشكلة.

6- أهلها واقفون في صفها.

7- ذكرتَ أن النساء يحسدونها على مرافقتها لك في الغربة، بينما هنَّ يتجرَّعْنَ غُصَّةَ بُعْدِ أزواجهن عنهن.

8- وأنت في حيرة من أمرك، وأمامك أمران، أحْلاهما مُرٌّ.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: عليك البدء بالحلول الشرعية لمثل مشكلتك، وهي أقوى الحلول على الإطلاق؛ وهي باختصار:

1- كثرة الدعاء.

2- كثرة التوبة والاستغفار.

3- كثرة الاسترجاع.

4- الصدقة.

5- الإكثار من الصلاة وتلاوة القرآن.

6- الرقية الشرعية لك ولها بأنفسكما؛ فالعين (الحسد) حقٌّ.

ثانيًا: لعلك تُطفئ شيئًا من تضجرها وغَيرتها بالأمرين الآتيين:

الأول: تلتزم لها بمبلغ شهري معقول؛ لأن المال مؤثر جدًّا في قرارات كثير من الناس، وبه تُستجلب القلوب، وفي سبيل تحصيله تهون الصعاب، ولكي تُشعرها بأنها مستفيدة جدًّا من غربتك ومالك، وكذلك لعلك تُغري أهلها بمبلغ معقول - كهدايا - تستجلب به قلوبهم، ويُؤثِّرون على ابنتهم بالإقناع.

الثاني: اجتهد في ألَّا تعلم أبدًا بأيِّ نفقات منك على والديك أو إخوانك.

ثالثًا: إذا ثارت بسبب كلام من أهلك، فلا تُنصِّبْ نفسك محاميًا متحمسًا للدفاع عنهم؛ لأن الخطأ وارد منهم، ولأن الحماس الزائد في الدفاع عنهم يُحرك حفيظة المرأة الحساسة؛ فيُخرجها عن طور عقلها.

رابعًا: بإمكانك إفهام أهلك وإخوانك بأدب وهدوء بحساسية زوجتك من الكلام، وما يُسبِّبه ذلك لك من المعاناة الشديدة.

خامسًا: ما دمتَ عرفتَ نفسية زوجتك، وأنها حساسة جدًّا، وسريعة الغضب - فاحرص على اجتناب كل ما قد يؤدي إلى ثوران حساسيتها وغضبها.

سادسًا: وبعد بذل كل الأسباب السابقة لإقناعها بالسفر معك، إن وافقت، فالحمد لله، وإن أبَتْ، فادرس موضوعك جيدًا: هل تبقى في بلدك حفظًا للحياة الزوجية ولتربية الأبناء أو تُصِرُّ على الذهاب، ولو بدونها؛ لِما فيه من مصلحة مالية لكم جميعًا؟ والخير ما يختاره الله سبحانه.

سابعًا: النساء - كما يُقال - عزامات ندامات، وقرارتهن تخضع لنزوات الغضب الوقتي وحب السيطرة؛ ولذا فيُتوقَّع حتى لو أصرَّت على طلب الطلاق وإهمال الأولاد أن تندم بعد زمن، وتعود لزوجها وأبنائها.

ثامنًا: لا تستجيب لطلبها الطلاق، وابحث عن طرف ثالث عاقل وقريب لها؛ ليُقنعها بعدم جواز طلبها شرعًا، وأنها تأثم بعصيانها لزوجها، وبطلبها الطلاق من غير سبب شرعي.

تاسعًا: إذا سافرت معك، فلا تجعل حياتكما رسمية باهتة؛ فقدِّر غربتها، ولطِّف هذه الغربة بالتنزهات، وكل ما قد يُدخِل السرور على قلبها، ويشغل فراغها.

عاشرًا: انتبه؛ لعلك من الأزواج الذين يُهملون الجانب العاطفي والرومانسي مع الزوجة؛ فتُحِسُّ بالملل في حياتها، وبنقصِ دفءِ الحب والعاطفة.

زوجتك في غربة فتحتاج ليدٍ حانية تقترب منها، وتشعرها بأن حياتها أُنسٌ وجنة.

حادي عشر: من الأسباب لمعالجة مشكلة الغربة والوحدة محاولة تعريف زوجتك على زوجات أصدقائك المرافقات لهم في الغربة، وتكوين علاقات ولقاءات بينهن.

حفظك الله، ووفقكما للصواب.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.