هل ينتقل المرض النفسي بالوراثة؟

بسم الله الموفق للصواب

وهو المستعان

سلام عليك، أما بعدُ:

فقد تكون بعض الأمراض النفسية والعقلية شائعة في بعض الأسر، وهذا الأمر يحتمل معه انتقال الأمراض والاضطرابات النفسية من الآباء والأمهات إلى الأبناء، عن طريق الجينات (المورثات)، إلا أن ذلك لا يعني أن يكون جميع الأبناء حاملين لاضطرابات والديهم النفسية بالضرورة.

ثمة نظرية في باب وراثة الأمراض النفسية تُعرف بنموذج الاستعداد المُسْبَق للمرض - الضغط The diathesis-stress model، تُبَيِّن أن الإصابة بالمرض النفسي ليس وراثيًّا صرفًا، بل إن هناك تأثيرات بيئية واجتماعية تُدَعِّم قابلية الفرد للإصابة بالمرض أكثر من غيره، فقد يكون في الأسرة الواحدة تَوْءَمٌ يحمل كل واحد منهما المورثات نفسها، غير أن أحدهما لديه الاستعداد المسبق للمرض، والآخر لم يرثْ هذا الاستعداد، فيكون الأول أكثر عرضة مِن أخيه للإصابة بالمرض النفسي في أي وقتٍ من حياته، خاصة في الأوقات العصيبة المشحونة بالتوتر والظروف الضاغطة.

هذه النظريةُ تجيبك أيضًا عن سؤالك عن احتمال انتقال المرض النفسي إلى أولادك - لا قدر الله - وعن انتقاله بين أفراد أسرة زوجك بمن فيهم شقيقة زوجك.

دورُك كأمٍّ يتمثَّل في توفير بيئةٍ نفسية واجتماعية صحية لأبنائك، من خلال تثقيف نفسك نفسيًّا واجتماعيًّا وتربويًّا، والإبقاء على مشكلاتك الزوجية داخل غرفة نومك، بعيدًا عن مسمع ومرأى الأبناء، وفي أسوأ الأحوال عند حدوث أي انفصالٍ جسدي أو عاطفي بينك وبين زوجك، فينبغي المحافظة على صورة "الأب" جميلة في أعين أبنائك، حتى وإن قصر والدُهم في ذلك، ينبغي دائمًا تقديم مصلحة الأبناء على الكرامة وعلى أية مصلحة شخصية.

توترك في ظل هذه الظروف المرضية طبيعي جدًّا، ولكن إذا عدنا إلى نموذج القابلية للمرض، فإننا سنخشى أن ينتهي التوتر المستمر بمضاعفات مرضية؛ لذلك احرصي قدر المستطاع على ممارسة تمارين الاسترخاء لمدة 10: 15 دقيقة، مرة إلى مرتين يوميًّا، واليوتيوب حافلٌ بالمقاطع التعليمية للتدريب على الاسترخاء، فتعلمي منه أبسط الطرق والتزمي بها، وادعمي هذه الممارسات الصحية بشرب نقيع عشبة مرخية للأعصاب؛ كاليانسون، أو النعناع، أو البابونج، وشم الروائح الطيبة المهدئة؛ مثل: زيت الخزامى (اللافندر) العطري.

فيما يخص علاقتك الزوجية، فأنصحك بترْك خط للرجعة، والتلطف في الوصول إلى مبتغاك، مِن خلال الحوار الزوجي الناجح للوصول إلى حلول وسطية ترضيكما معًا في جوٍّ هادئ وجهًا لوجه، وليس من خلال المكاتبات الإلكترونية، ولا المكالمات الهاتفية؛ لأن هذه الوسائل لا تترجم المعاني الداخلية والمشاعر الحقيقية ترجمة صحيحة.

الحوارُ الزوجي يجب أن يكون أسلوبًا للتعامل مدى الحياة الزوجية، وليس حلًّا عابرًا لمشكلةٍ ما.

أما ما يخص عملك، فلا أنصحك بترك العمل تحديًا لزوجك، بل اعملي من أجل ذاتك، وحتى لا تجدي نفسك وابنتك يومًا في حاجة أحد غير الله - عز وجل - سواء في هذا بقيت مع زوجك أو فارقته لأهلك.

وعسى الله أن ينعم البال، ويصلح الحال، ويرزقك وزوجك لذة السعادة والاستقرار، اللهم آمين.

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب