حركات ابنتي الغريبة

السَّلامُ عليكم، وجزاكم الله خيرًا على الفوائدِ التي تقدمونها في الشبكة، أمَّا عن استشارتي، فهي:

ابنتي عمرها سنتان ونصف، والمشكلة أنَّي لاحظت منذ الشهرِ الرَّابع من عمرِها ظاهرةً غريبة؛ وهي أنها تقومُ بمسكِ كلتا يدَيْها بإحكامٍ، وتمدهما نحو الأمام، وتشدُّهما بقوةٍ شديدة وهما ممتدَّتان، وترفعُ رجليها نحو الأمامِ، واضعةً رجلاً على أخرى وتمدّهُما نحو الأمامِ، وتشدهما بقوةٍ شديدة حتى تتقلَّصَ عضلاتُها، وأرى وجهَها يحمرُّ، ويعرقُ جبينُها ورأسُها وكاملُ جسمِها، وأسمعُ تنهيداتِها وأنينَها، وتستمرُّ هكذا لمدةٍ ولا تتوقف، حتى أقوم أنا بإيقافها.

استمرَّت هكذا عدة شهور، فتفعل هذه الحركةَ في مختلفِ الأوقاتِ حتى أوقات لعبها أو قبل نومها، ونسيت ذلك لما بدأت بالمشي، وتوقفت عن فعلِ ذلك لمدةٍ قصيرة، ثم عادت لتعاود الكرَّةَ لمدةٍ أطول، ثم توقفتْ عن ذلك مدة ثلاثة شهور، بعد تلك المدة عاودتِ الكرَّةَ بشدة وبطريقةٍ أقوى من السَّابق، فهي لا تتوقَّفُ بالرَّغم من محاولاتي المتكرِّرة لمنعِها أنا ومَن معي بالبيت، مع العلم أنَّنا عائلةٌ كبيرة؛ مكوَّنة من الجدِّ والجدَّة وعمتيها وأعمامِها وأزواجهم وأولادهم.

قد تمسكُ بأبيها أو أيِّ شخصٍ من البيت، وتشدُّه بقوةٍ، وتبدأُ بعصرِ نفسها والشدِّ على يدَيْها ورجليها، أو تتمدَّدُ على السَّريرِ وتقوم بمسكِه، أو تمسكُ بالوسادةِ، تفعلُ ذلك مرات عديدة دون توقف حتى عندما ترضع، عمومًا هي تفعلُ ذلك دون سابق إنذار، وفي مختلف الأوقاتِ والأمكنة؛ لذلك لما بلغت السنتين أخذناها إلى طبيبِ أعصاب، وعرضنا عليه الحالةَ، فاعتقدَ أنَّها مصابةٌ بالصَّرعِ، فأظهرَ اختبارُ الدِّماغِ أنها طبيعية ولا تعاني من أيِّ شيء، أخذناها إلى طبيبِ أطفالٍ، الذي أخبرنا بدورِه أنَّها لا تعاني من شيء، واحتياطًا طلبَ منَّا إجراءَ اختبارٍ للمخِّ وهي نائمة، ولم نقم بهذا الاختبارِ؛ لأنَّه غير متوفر في مستشفياتِ ولايتنا، ثم هدأت لمدةٍ عندما دخل الرَّبيع، فأصبح بإمكانِها اللعب مع أبناءِ عمِّها في البيت، وبعد شهرين من الهدوءِ انتقلنا للسَّكنِ في ولايةٍ أخرى أنا وزوجي وابنتي، فعادت إلى عادتِها القديمة بصورةٍ أقوى من السَّابقِ، وبشكلٍ جديد؛ فإنَّها الآن لا تفعلُ تلك الحركةَ وهي واقفة أو مستلقية فقط، بل تضعُ يديها ورجليها على الأرضِ كوضعيةِ الحبو، ثم ترفع رجلاً إلى الخلفِ نحو الأعلى، فتضعها فوق الرِّجلِ الأخرى، ثم تقومُ بالضَّغطِ على نفسِها فتكاد تعصرها، فتحمر وتتصبَّبُ عرقًا، وتفعل ذلك تقريبًا طول الوقتِ إن لم أقم أنا بإشغالِها أو إلهائها أو اللَّعب أو الجلوس معها، وبمجردِ انصرافي للقيامِ بالأعمالِ المنزلية؛ من طبخٍ وغسلٍ وتنظيفٍ، تبدأ بفعلِ ذلك، علمًا أني معها تقريبًا طول الوقت، وأرافقها دائمًا إن كان والدُها غائبًا.

علاقتها بوالدِها جيدة، ومعي أيضًا، باستثناءِ أني عندما أعاتبها، أو أنزعج منها، أو لا ألبِّي طلبًا لها - تنصرف إلى مكانٍ آخر، فتقوم بتلك الحركاتِ الغريبة، في البدايةِ كانت تقوم بتلك الحركات سرًّا، وما أن يراها أحد تتوقَّف، والآن هي تقوم بها علنًا وأمامنا، فإذا عاتبتُها أو صرختُ، تنصرف لتقوم بذلك في غرفةٍ أخرى، ماذا أفعل معها؟

هي طفلةٌ ذكية، وتتكلَّمُ بفصاحةٍ وتستطيع التعبيرَ عمَّا تريد، فعندما أسالُها: لِمَ تفعلين ذلك؟ تجيبني بأنَّ ذلك يعجبُها، أو أنها تحسُّ بألمٍ في قُبُلِها أو دُبرها، وأحيانًا تراوغُ فتقول: لكي أكون جميلةً، وهذه هي الإجابةُ التي استقرَّتْ عليها مؤخرًا، لأنني في البدايةِ كنتُ أتبعُ معها أسلوبَ الإلهاء، وأقوم بصرفِ انتباهِها إلى أشياء أخرى، فاكتشفَتِ الحيلة، فأصبحت لا تعيرني اهتمامًا، وحتى وأنا أطلبُ منها التوقُّفَ، أو أناديها، أو أمسكها من يدِها، تبقى مصرة على فعلها، فلجأتُ إلى أسلوبِ المكافأة والإغراءِ بأشياء تحبُّها كي تمتنع، فلم ينفع هذا الأسلوب، فاضطررتُ هذه الأيامَ إلى تهديدِها واتباع أسلوبِ العقاب بالحرمانِ، أو حبسها في الكرسي، أو بجانبِ الحائطِ لمدةٍ، وأحيانًا كثيرة أغضُّ الطَّرفَ وأتركها وشأنها، فهل هذه الحالةُ مرَضِيَّة أم لا؟ هل هناك علاجٌ أو حل لمشكلتِها أم لا؟ أم هي مجرد عادة قد تتركُها في يومٍ من الأيام؟

إن كانت عادة، فأنا خائفة أن ترافقَها دائمًا، يا إلهي! حتى وأنا أكتبُ الرِّسالةَ تقومُ بذلك، فأرشدوني من فضلِكم؛ ما هو التصرفُ اللاَّئقُ الذي أقوم به معها؟ ماذا أفعلُ؛ فأنا قلقة عليها؟

أفيدوني من فضلِكم وأجركم على اللهِ، وأعتذرُ على الإطالةِ لتقريبِ الصورة إليكم أكثر، والسَّلامُ عليكم.