التوتر وضعف التركيز

نرحِّب بك في شبكة الألوكة، ونسأل الله أن نكونَ باب فرجٍ ومفاتح طمأنينة في حياتك.

بدايةً المشكلة التي تُعاني منها هي: التوتر وضَعف التركيز، والاكتئاب المتعلق بالوسواس القهري؛ مما أثَّر على طبيعة التفكير لديك، ونظرتك لذاتك؛ حيث سيطر عليك الوسواس القهري خلال فترة المراهقة في جانب الطهارة والعقيدة، ثم ظهر مؤخرًا على شكل وسواس وعلى نحو مختلف، يَتمثَّل في الشعور بأنك محط أنظار الناس، وأن هيئتك العامة محط انتباه؛ مما أدَّى إلى ضَعف مهارات التواصل الاجتماعي لديك بصفة عامة.

السبب في حالة القلق والتوتر والوسواس القهري يرجع إلى خللٍ في النواقل العصبية، وخاصة "السيروتونين" (5- هيدروكسي التريبتامين - 5-HT)، وهو ناقل عصبي أحادي الأمين، واضطرابات إفرازه تحدث غالبًا نتيجةً طبيعيةً لشدة الضغوط والتفكير المبالَغ فيه، أو بعض الصدمات النفسية، أو سيطرة الأفكار السلبية على مساحةٍ كبيرة مِن الدماغ؛ مما يؤدِّي إلى ذلك الاضطراب في إفراز الهرمون، وسوء الحالة النفسية العامة؛ لذا ننصحك بالجوانب العلاجية التالية:

الغذاء والتعرُّض للشمس:

• تنظيم وجبات الطعام حسب أوقات مدروسة ومُنظَّمة، ويُفضل ربطها مع أوقات الصلاة؛ مما يُساعد على تنظيم إفرازات النواقل العصبية.

• اختيار أنواع غذائية صحيَّة للمساعدة في ضبط إفراز هرمون "السيروتونين"؛ مثل: بعض أنواع الفاكهة؛ كالأناناس والموز والمكسرات؛ مثل: عين الجمل، والطماطم والجزر، والشوكولاتة الداكنة، واللحوم؛ مثل: الكبد والدجاج، والأطعمة الغنية بالأوميجا 3.

• التعرُّض للشمس يساعد كثيرًا في تحسين إفراز (السيروتونين)، ويعمل على ضبط الحالة النفسية، ويَمنحك القدرة على مقاومة أعراض التوتر والقلق كافة، ويزيد مِن نسبة التركيز، ويعالج الاكتئاب والوسواس.

• الرياضة وساعات النوم، والخلود إلى الاسترخاء والتفكر وممارسة الصمت:

• ممارسة الرياضة مثل: المشي والسباحة، وبعض الأنشطة البدنية؛ مما يُؤدي إلى ضبط إفراز (السيروتونين)، ويساعد في التخلُّص مِن الإجهاد النفسي والعضلي، ويعمل على تحسين الحالة النفسية، والتخلص مِن التوتر والقلق.

• الحرص على تنظيم ساعات النوم، ويُفضَّل أن تكونَ مِن 6 - 8 ساعات خلال فترات الليل، ما بين العاشرة مساءً إلى الفجر.

• الاسترخاء والتفكُّر وممارسة الصمت، عن طريق صُنع واحة مِن السكينة لمدة عشر دقائق يوميًّا؛ فإنَّ وقت التفكر والسكون يُعدُّ مِن مولِّدات التركيز وتحسين الحالة النفسية، واكتساب الطُّمأنينة التي تعمل بدورها على ضبط أداء النواقل العصبيَّة.

العلاج السلوكي:

يُعد العلاج السلوكيُّ المعرفي من أهم وسائل التخلص مِن أشكال القلق والتوتر كافة، ومخلفات الوسواس القهري، ويتمثل في التحرُّر مِن كل الأفكار السلبية، وننصحك بتفعيل الجوانب التالية للتخلص من تلك الأفكار، وخاصة المتعلقة بأن وسامة الهيئة العامة لديك محطُّ أنظار الناس:

• احرِصْ على السيطرة على أفكارك؛ فأنت المحرِّك الرئيس لعقلك، وبذلك فأنت المسؤول عما يُصدره عقلك من أفكار، لذلك تمسَّك بالبهجة والنجاح والفرح والحب، وردِّد العبارات الإيجابيَّة التي ستُكسبك حالة نفسية مختلفة، وقدرةً على التفاعل السوي مع المعطيات مِن حولك.

• ردِّد التأكيدات الإيجابية، وكرِّرها كتابةً وقولًا؛ مثل: أنا بخير، أشعر بالسعادة، أستطيع التواصل والتفاعل بحِرَفية مع مَن حولي، أَشْغَلُ دورًا مهمًّا في حياة الآخرين، يُمكنني مساعدة نفسي في تحقيق صورة إيجابية عن نفسي.

• ردِّد عبارات التحرر؛ مثل: أستطيع التخلُّص من الخوف والقلق والشك والتوتر، يُمكنني التخلُّص من مخلَّفات الضغوط الماضية، والأفكار السلبية، والصراع الداخلي.

أعِد بَرمجة نفسك من خلال الآتي:

• اجلِس في وضعية مريحة، وأغلِق عينيك، ثم خُذْ نفَسًا عميقًا، وأخرِجه وأنت مُسترخٍ.

• عُدَّ ببُطْءٍ تنازليًّا من 100 - 1.

• تخلَّص مِن القديم، وحدِّد هدفك، وقُمْ بإعداد قوائمَ جديدة ومنظِّمة لحياتك اليومية.

• لتحسين قدرتك على التعامل مع الآخرين وتقدير المواقف، لا تجعلْ أكبر همِّك نظرة الناس إليك، وتصرَّف على طبيعتك.

• استخدِم لغة الجسد لفَهْم مَن حولك، والتعبير عن نفسك، إلى جانب المحتوى اللفظي.

• لا تقعْ أبدًا في فخ الشك والظنون، وتعامَل مع الأحداث بيُسْرٍ، واعلَم أن آراء الناس مِن حولك تَعنيهم أكثر مما تَعنيك، فلا تجعلْها محطَّ تفكيرك!

العباداتُ والممارَسات الروحية؛ مثل: الحرص على الصلاة في مواعيدها، واستثمارها لنَيل الطُّمأنينة والسكينة.

• دَحْر الشيطان وقهره بكثرة الذكر والاستغفار.

• قراءة القرآن، والحرص على السور التي تُبطل وسوسة الشيطان وتَطرده؛ مثل: سورة (البقرة) وسورة (ق).

• الإطالة في السجود؛ مما يَبث الطمأنينة ويُبْعِد القلق، ويُخلِّص جسدَك مِن الأفكار السلبية.

• الإكثار مِن الدعاء مع حُسن الظن بالله، والتوكُّل عليه.

وأخيرًا: نَثِق كثيرًا في قدرتك على تجاوُز تلك الأفكار السلبية ذاتيًّا، والشاهد في ذلك قدرتك على التخلُّص مِن الوسواس القهري الذي لازَمك سابقًا في جانب الطهارة والعبادة.

نسأل الله لك السدادَ والطمأنينة وراحةَ البال